رواية أربعة ليالي - كاملة

أربعة ليالي

بقلم,

عائلية

مجانا

قاعدة في بلدة فوركس اللي كلها مطر، واللي قلبها مقلوب من التوتر عشان أختها الكبيرة بيلا راجعة تعيش معاهم بعد سنين غياب. بيلا بتيجي ومعاها هدايا غريبة زي عربية بيك أب قديمة، بس لسة بينهم مسافة وجفاء. الرواية بتورينا المحاولات الخجولة بين الأختين عشان يرجعوا يقربوا، وسط علاقة الأب تشارلي العجيبة بصاحبه بيلي بلاك. بيب لسة مش فاهمة إن الدنيا اللي حواليها—سواء في الغابة أو في العائلات الغامضة—على وشك إنها تتغير خالص، لكن في اللحظة دي، وجود عيلتها وصاحبها جيكوب كفاية.

فوبي

بنت صغيرة حيوية وعندها لسان وبتتكلم كتير، بتحب المطر. هي اللي لسة عايشة مع باباها وحاسة إن بيتها ناقص حاجة، وعندها خوف وقلق إن أختها ما تتقبلهاش زي ما هي دلوقتي.

إيزابيلا

الأخت الكبيرة، لسة راجعة فوركس بعد ما كانت عايشة في فينيكس (المدينة الكبيرة المشمسة). هادية وشكلها منعزل وحذرة، ومش بتعرف تعبر عن مشاعرها بسهولة.

تشارلي

أبو بيب وبيلا. راجل شرطة بيحاول يعمل أحسن ما عنده عشان يخلي البيت كويس لبيلا، بس هو شخص عملي وبسيط وبيقضي وقته في الصيد. بيحب بناته بس مش بيعرف يعبر عن ده أوي.
رواية أربعة ليالي - كاملة
صورة الكاتب

فوركس، واشنطن – 14 يناير
كانت الدنيا بتشتّي. تاني.

قاعدة فوبي سوان متربعة على الكنبة القديمة اللي في الصالون، بتمرر طرف صباعها على الشباك اللي عليه شبورة. برة، نور عمود الشارع كان بيرعش بالراحة كده وسط الشبورة، رامي نور دهبي على برك المية اللي قعدت كتير لدرجة إنها حاسة إنها بقت جزء من المكان. صوت التليفزيون كان شغال في الخلفية، بس هي ما كانتش مركزة معاه. كان مجرد دوشة—حاجة بتملأ البيت اللي دايماً حاسة إنه ناقص صوت واحد.

تشارلي كان في المطبخ بيعمل العشا زي ما بيعمله دايماً—بشكل أهبل، بس بعند كده وإصرار على إنه يعمل حاجته لوحده وده اللي كان بيخلي بيب تبتسم. ريحة الجبنة المشوية (الـ grilled cheese) اللي اتحرقت شوية بدأت تختلط بريحة الصنوبر المبلول بالمطر اللي داخلة من الشباك المفتوح حتة صغيرة.

هي كانت بتحب المطر. بيخلي الدنيا شكلها أهدى، وفيها أسرار أكتر. كأن الدنيا بتقولها إنه عادي لسة متكونيش فاهمة كل حاجة.

بصت بسرعة على النتيجة اللي متعلقة جنب الباب بتاع البيت. 14 يناير. أربع أيام كمان.

بيلا كانت جاية.

بيب سندت دقنها على كف إيدها، قلبها بيتقلب من توتر ما كانتش عايزة تعترف بيه. فات سنين—أكتر من اللازم عشان تحس إن الموضوع طبيعي—ورغم إن بيلا تعتبر أختها، بس ساعات كانت بتحس إنها حاجة مش حقيقية. بنت متجمدة في صور المدارس ومكالمات أعياد الميلاد. حلوة، هادية، أكبر منها. حد موجود في مكان تاني فيه شمس أكتر.

ودلوقتي هي جاية فوركس. للبيت الصغير اللي كله مطر ده. لتشارلي. ولـ بيب.

بيب ما كانتش عارفة المفروض تحس بإيه.

كانت نفسها تكون متحمسة. وهي متحمسة. نوعاً ما. بس الأكتر من كده إنها خايفة. خايفة إن بيلا ما تكونش فاكرة الهزار والنكت اللي كانوا بيعملوها سوا زمان. خايفة إنها ما تحبش بيب اللي طلعت دلوقتي. خايفة إن السنين خلتهم غريبين عن بعض.

فيه خبطة خفيفة جت على الباب بتاع البيت، وبيب اتخضت.

قامت بسرعة وفتحت الباب لقت جيكوب بلاك واقف، غرقان مية أصلاً، والابتسامة على وشه والطين على جزمه.

"قلت أجي أنقذك من قعدة البيت اللي بتخنق دي،" قال وهو رافع كيس فيه مارشميلو وكوتشينة. "اللمة حوالين نار متلغية، فقلت نعمل الـ س'مورز على البوتجاز؟"

"أنت بطل،" قالت بيب وهي بتحاول ما تبتسمش أوي كده وهي بتوسع له عشان يدخل. "تشارلي هيزعق لو شغلنا جرس إنذار الحريق تاني."

"تستاهل،" قال جيكوب وهو بيرمي الجزمة بتاعته عند الباب.

وهما بيقعدوا في المطبخ، بيتخانقوا كده بهزار مين فيهم يعرف يحمّر المارشميلو صح على العين الكهربا بتاعت البوتجاز، بيب حست إن التوتر اللي في صدرها خف. حتة صغيرة كده.

هي ما كانتش عارفة إيه اللي جاي—لا الأسرار اللي نايمة في الغابة، ولا العيلة اللي عينيها دهبي ومحدش بيتكلم معاهم خالص، ولا الطريقة اللي الجو شكله هيتغير بيها أول ما بيلا تحط رجلها في فوركس تاني. بس بيب لسة حاسة إن في حاجة ناقصة جواها.

بس دلوقتي، مفيش غيرها هي وجيكوب، وتشارلي بيحرق الجبنة المشوية، والمطر.

ويمكن ده كفاية. دلوقتي.





العربية الـ كروسر طلعت على طريق الزلط وهي بتكركر، الكاوتش بيفرك في الطوب المبلول لحد ما وقفت قدام البيت القديم اللي دورين. من شباك الدور اللي فوق، فوبي سوان—اللي الكل عارفها باسم بيب—لزقت جبهتها في الإزاز الساقع، نفسها عمل شبورة خفيفة على الإزاز. بصت برة بلهفة حذرة.

أهي: البنت اللي في الصور. شعرها غامق وطويل. وشها هادي. بيلا.

بيب ما اتحركتش لسة. فضلت بصة على أختها وهي بتنزل من ناحية الكرسي اللي جنب السواق، بتبص على البيت كإنها بتدخل ذكرى هي مش متأكدة إذا كانت وحشتها ولا لأ. مخزن الخشب القديم لسة مليان حطب. القارب الصغير مركون ومحدش مهتم بيه في الجراج، ساند على حيطة مليانة عدّة صيد وعوامة حمرا قديمة اللي غالباً كانت ممنوعة من التداول من أيام التمانينات. بس كل ده لسة هنا. البيت.

تشارلي قال حاجة—صوتها واطي لدرجة إنها ما سمعتش—وبعدين الاتنين بدأوا ينزلوا الشنط.

تمام. دلوقتي ممكن تتحرك.

بيب رجعت بسرعة من الشباك ونزلت السلم بتتنطط، الشراب بتاعها بيخبط على الخشب. اتزحلقت زحلقة خفيفة عند آخر سلمة بس لحقت نفسها بالسور وابتسمت، واقفة جوة المدخل بالظبط أول ما الباب الأمامي فتح بـ صرير.

بيلا دخلت، إيديها مليانة شنط، عينيها بتلف في الصالون بنفس النظرة البعيدة والـ مش متأكدة دي. البيت مش حاجة أوي، بيب عارفة ده. الحاجة الجديدة الوحيدة فيه كانت شاشة التليفزيون المسطحة اللي تشارلي اشتراها السنة اللي فاتت بعد ما اتخانق مع شركة الكابلات تلات شهور. أي حاجة تانية كانت... بصراحة، شغل تشارلي أوي. عصيان الصيد مصفوفة على الحيطة كإنها جوايز. صور ليه هو وبيلي بلاك بيضحكوا ومعاهم سمك لسة صايدينه. كروت هاند ميد من بيب—قلوب بالـ كرايون (ألوان شمع) وحروف مهزوزة مكتوب عليها "بابا". وحتى كام صورة باهتة لبيلا.

عين بيلا وقعت على صورة معينة، وبيب ما كانتش محتاجة تبص عشان تعرف هي إيه. صورة الباليرينا (الـ tutu). وهي عندها سبع سنين، م*كتفة إيديها وقاعدة في نص النجيلة كإنها باليرينا صغيرة متعصبة. بيب كتمت ضحكتها.

"أنا حطيت مكتب جدك القديم في أوضتك،" قال تشارلي وهو شايل شنطة في كل إيد. "وفضيتلك كام رف في الحمام."

بيلا كشرت. "صح. حمام واحد."

قبل ما تقول أي حاجة تانية، بيب نطت لقدام. "بيلا!"

حضنت أختها حضن عفوي ومكتوم زيادة عن اللزوم، وهي بتتهز شوية على كعوب رجليها. بيلا كانت واقفة ناشفة كإنها تمثال، إيديها لازقة في جنبها، واضح إنها مش عارفة تعمل إيه مع كمية المشاعر المفاجئة دي.

تشارلي ضحك من وراهم. "طب خلاص يا بيب، سيبيها تاخد نفسها."

"آه آسفة." بيب رجعت لورا وهي بتضحك بكسوف. بيلا كانت بتبص عليها كإنها مش فاكراها أوي.

"بيب؟" سألتها وهي مكشرة. "إمتى ده بدأ؟"

"مش متأكدة،" قالت بيب وهي مش مهتمة، ورايحة على المطبخ خلاص. "هي كده بدأت معايا وأنا صغيرة." مسكت عصير البرتقال من التلاجة، فتحت الغطا، وشربت على طول من الكرتونة قبل ما تفتكر إن المفروض تجيب كوباية.

تشارلي ساوى الشنط في إيده. "أنا هطلع أحط دول في أوضتك."

"أنا ممكن أعمل كده،" عرضت بيلا بسرعة.

هم الاتنين مدّوا إيدهم على نفس الشنطة في نفس الوقت، إيديهم خبطت في بعض بشكل محرج. بيلا اترددت، وبعدين سابت الشنطة. تشارلي هز كتفه كده وطلع على السلم.

بيب نطت على الرخامة، وطلعت موبايلها وكتبت رسالة سريعة لـ جيكوب: هي وصلت. لحد دلوقتي مفيش صريخ.

وبعدين—

هوُوُوُنك.

الصوت ده فزعها.

نطت من على الرخامة، جريت على الباب الأمامي وشدته فتحته بالظبط في اللحظة اللي دخلت فيها عربية بيك أب حمرا متهالكة على المَمَشَى. شكلها أثري، كإن مكانها في متحف... أو في مقبرة عربيات. بس عين بيب نورت برضه.

بيب ما كانتش محتاجة حد يقولها مين ده.

جيكوب بلاك كان واصل لنص العربية من ورا، بيساعد أبوه، بيلي، عشان يقعد على الكرسي المتحرك اللي كلهم عارفينه. شعره الأسود الطويل متدلي على كتفه، ورغم إنه أطول مما كانت فاكرة من الأسبوع اللي فات، خدوده لسة فيها التدويرة الخفيفة دي اللي بتخليه يبدو ولد صغير زيادة عن اللزوم عشان يعرف يعمل أي شكل من أشكال الترهيب. مش معنى كده إن جيكوب كان بيحاول يعمل كده أصلاً.

"جيك!" بيب ندهت، وهي نازلة السلالم بتنطط تقريباً.

"يا صغننة يا بيب!" جيكوب ابتسم، ومسك يدين الكرسي المتحرك. "خدتي وقت طويل عشان تطلعي. أنا قلقت تكوني لزقتي في كتاب ولا حاجة."

"كنت لازقة،" قالت وهي بتزقه بكوعها في دراعه وهو بيقرب بيلي منهم. "بس بعد كده ظهرت في التحفة دي وما قدرتش أفوتها."

"تحفة؟" جيكوب عمل نفسه متضايق. "أنا اللي لافف الموتور ده بنفسي!"

تشارلي جه في اللحظة دي، وعرض إيده على بيلي، اللي لوّح بإيده بمعنى "مش عايز" وهو بيتمتم.

"بيلا،" قال تشارلي وهو باصص عليها. "أكيد فاكرة بيلي بلاك."

بيلا هزت راسها بتهذيب، ولسة واقفة بعيد شوية. "أهلاً."

"مبسوط إنك وصلتي أخيراً،" قال بيلي، صوته دافئ. "تشارلي وبيب ما بطّلوش كلام عن الموضوع ده من ساعة ما قلتي إنك جاية."

بيب عملت شهقة درامية. "أنا بطلت كلام. بطلت كلام دقيقتين كاملين النهاردة الصبح!"

تشارلي ابتسم بسخرية. "كملي في المبالغة دي، وأنا هجيب الكرسي المتحرك وألف بيكي بيه على التبة."

بيلي ضيق عينيه. "بعد ما أخبطك في كعوب رجلك على طول."

بلمعة شيطانية في عينيه، بيلي زق نفسه كذا مرة بسرعة لقدام، بيحاول يخبط في كعوب تشارلي. تشارلي راوغ كإنه لاعب كرة قدم أهبل، وهو بيضحك وبيتراجع.

بيب لفّت عينيها. "هيطلعوا عضلة من مكانها وهما بيحاولوا يعملوا نفسهم لسة عندهم عشرين سنة."

جيكوب هز راسه بس. "ده بيسوء أكتر مع السن."

لف على بيلا بابتسامة محرجة. "أنا جيكوب. كنا بنعمل كيك طين مع بعض وإحنا صغيرين خالص."

بيلا مالت براسها. "آه... تقريباً فاكرة..." بصت تاني على آبائهم. "هم دايماً كده؟"

ابتسامة جيكوب وسعت. "غالباً."

تشارلي خبط بإيده على كبوت العربية الحمرا القديمة كإنه بيتباهى بـ حصان أصيل. "إيه رأيك بقى في هدية رجوعك للبيت؟"

بيلا رمشت. "مستحيل. العربية دي علشاني؟"

"لسة شاريها من بيلي ده،" تشارلي حط دراعه على بيب بهزار، وهي اتململت على طول. "دلوقتي تقدري توصلي بيب المدرسة وأنا ما اسمعش رغيها المليان طاقة الصبح."

"أه يا راجل—أنت بتحبني يا شايب!" بيب ضحكت، وهي بتطلع من إيده وبتطلع له لسانها قبل ما تنط عند جيكوب.

جيكوب ضحك، وهو بيبص عليها بتسلية. "أنا اللي لافف الموتور ده،" قال لبيلا.

بس بيلا ما كانتش بتسمع خلاص. "دي مثالية!"

ابتسمت—بجد ابتسمت—ولأول مرة، بيب شافت حاجة بتدوب من على وش أختها. الجمود ده، المسافة. دابت لحاجة شكلها شوية زي السعادة.

اندفعت ناحية العربية وطلعت فيها، جيكوب مستعجل وراها.

"لازم تدوسي على الدبرياج مرتين وأنتِ بتنقلي الغيارات،" قال وهو بيديها المفاتيح كإنه بيديها أثر مقدس.

بيلا زحفت على الكرسي. "يمكن أقدر أوصلك معايا المدرسة. أنتِ وبيب."

جيكوب هز كتفه. "أنا بروح مدرسة المنطقة بتاعة الهنود الحمر."

"يا خسارة،" قالت بيلا وهي بتظبط المراية. "كان هيبقى كويس لو كنت أعرف حد واحد على الأقل."

من برة العربية، بيب حطت إيديها حوالين بوقها وصرخت، "لو سمحتي؟! أنا إيه، شبح؟!"

جيكوب ابتسم ابتسامة واسعة. "شبح صوته عالي أوي."

بيب خبطت على راسه من ورا. وقبل ما تقدر تعمل أي رد فعل، هو نط لقدام، مسكها من وسطها، ورفعها على كتفه كإن وزنها ولا حاجة خالص.

"جيكوب!" صرخت وهي بتشوط برجليها. "نزلني، والله هعض كتفك!"

"تعضيني وأنا هحدفك في تلج الثلج،" بيهزر.

ضحكة بيب صدّت في المَمَشَى، دافئة ومافيهاش تصنع.

في الليل، الهوا كان بيخبط في الشبابيك والمطر بيطبطب بهدوء على السقف. بيب كانت نايمة مفرودة على السرير بتاعها المفرد، رجلها متدلية من الجنب وهي باصة للسقف، موبايلها محطوط على صدرها. واجب نص نص محطوط على الأرض، متنسي خالص.

من الأوضة اللي قصادها، كانت سامعة تشارلي بيشخر—بصوت عالي—كإنه دب بيموت. عملت ملاحظة في دماغها إنها تطلب شرايط الأنف دي من على الإنترنت. تاني. مش إنه هيلبسها.

كانت سامعة كمان بيلا بتتحرك في أوضتها. أبواب بتتفتح، أدراج بتتقفل. لوح الخشب بتاع الأرض كان بيزيق تحت رجليها البطيئة المترددة.

كان إحساس غريب إن بيلا تبقى هنا تاني. مش بطريقة وحشة. بس... غريب. كإنك بتفتح كتاب ما قريتوش من وأنت طفل واكتشفت إن كل الشخصيات كبرت في السن من غيرك.

بعد وقفة طويلة، بيب أخيراً اتقلبت ونزلت من على سريرها ومشت بالشراب على ممر الأوض اللي قصادها.

باب بيلا كان موارب. بيب خبطت بالراحة ودخلت راسها.

بيلا كانت قاعدة على الأرض، ضهرها ساند على السرير، شنطة سفر نص مفتوحة جنبها. رفعت راسها، عينيها تعبانة، شعرها مدسوس ورا ودنها.

"أنتِ لسة صاحية،" قالت بيب. سندت على حلق الباب، م*كتفة إيديها.

"أنتِ كمان صاحية،" ردت بيلا بجفاف.

"أقصد، آه. بس أنا بطبعي عندي أرق. أنتِ أكتر... كائن صباحي بائس ومنعزل، صح؟"

بيلا ما ابتسمتش بالظبط، بس أطراف بوقها اتحركت كإنها عايزة تبتسم. بيب حسبت دي مكسب.

"قلقانة من المدرسة بكرة؟" سألت وهي بتدخل وبترمي نفسها على طرف السرير كإنها صاحبة البيت.

بيلا اترددت. "شويه."

بيب شخرت. "أهلاً بكِ في ثانوي فوركس، حيث الحيطان لونها بيج، وبيتزا الكافيتريا مشبوهة، وكل ولد معجب بأي حاجة عندها نبض."

بيلا بصت لها بشك. "بجد؟"

"بجد. أنتِ هتدخلي المكان ده بالغموض بتاعك اللي جاي من المدينة الكبيرة في فينيكس، وهم هيتصرفوا كإنك نزلتِ من السما."

"عظمة،" تمتمت بيلا. "بالظبط اللي كنت عايزاه. انتباه."

"طب يمكن يتجاهلوكي عشان هتكوني معايا،" عرضت بيب وهي مبسوطة. "أنا عندي سمعة."

بيلا رفعت حاجبها. "سمعة إيه؟"

بيب ابتسمت. "السمعة الحلوة."

كان فيه صمت. الصمت ده كان تقيل—مش محرج بالظبط، بس مليان حاجات ولا واحدة فيهم عارفة تقولها لسة.

"أنا كنت بكتب لك جوابات، عارفة؟" قالت بيب فجأة وهي بتبص في السقف. "جوابات بجد. بستيكرات وكل حاجة. أنتِ عمرك ما رديتي."

بيلا بصت على إيديها. "ما كنتش عارفة أقول إيه. ما كنتش عارفة حتى إذا كنتِ عايزة تسمعي مني ولا لأ."

بيب هزت كتفها، بتحاول تعمل إن الموضوع مش مهم. "عادي. يعني، فاهمة. كنتِ مشغولة بإنك نكديّة في الصحرا."

"أنا آسفة،" قالت بيلا بهدوء.

بيب ما ردتش على طول. بس مدت إيدها وزقتها بالراحة برجلها. "ما تشغليش بالك. عندنا وقت دلوقتي."

بيلا بصت عليها، ابتسامة خفيفة أوي بتشد على شفايفها.

ولأول مرة من ساعة ما بيلا وصلت، بيب حست إن يمكن— مجرد يمكن—إنهم هيكونوا كويسين.

تعليقات