مملكة بلا سلام - رواية تاريخية

مملكة بلا سلام

بقلم,

تاريخيه

مجانا

حارس في قصر مملكة تاكوريا، يعيش حياة روتينية مملة بين جدران القلعة، يحلم بالمغامرة والتغيير. الأمير سيتيال، وريث العرش، شخصية قوية وغاضبة، يعيش صراع داخلي بين السلطة والعاطفة. الأحداث تبدأ تتصاعد لما الأمير يختار نيكول بشكل مفاجئ ليكون جزء من خططه الغامضة، مما يقلب حياة الحارس رأسًا على عقب. بين المؤامرات الملكية، الأسرار العائلية، والقرارات المصيرية، يجد نيكول نفسه في مواجهة أكبر من أحلامه. الرواية تكشف عن صراع بين الواجب والرغبة، وبين القوة والحرية.

نيكول

حارس القصر، شاب طموح لكنه محاصر في حياة روتينية، يبحث عن معنى لحياته.

الأمير سيتيال

وريث العرش، ذكي ودبلوماسي في السياسة، لكن عاطفي ومندفع في حياته الشخصية.

إدجال

صديق نيكول المقرّب، شخصية مرحة، يمثل الجانب الخفيف في حياة الحراس.
مملكة بلا سلام - رواية تاريخية
صورة الكاتب

نيكول كان واقف حارس جنب قاعة العرش زي ما بيلاقي نفسه بيعمل كل يوم.
ومفيش اي حاجة بتحصل.
زي كل يوم.

عنينه ثابتة على الحيطة الحجرية اللي قدامه.
نفس الحيطة اللي لازم يبص عليها كل يوم.

في الوقت ده، كان حافظ كل حجر فيها، ولو عنده أي موهبة في الرسم كان يقدر يرسمها من غير ما يبص عليها.

لو عنده موهبة يعني.
نيكول كان عارف إنه مش المفروض يشتكي. هو قضى وقته، واشتغل لحد ما وصل للراحة جوه القصر، بعيد عن الشمس اللي كانت بتلسعه سنين وهو واقف حارس بره القلعة، لكن برضه ده ما كانش بيشبع الإحساس اللي جواه بالمغامرة، بالإثارة، بالهدف. الشوق المستمر لحاجة أكتر.
كان عنده وردية كويسة كمان. اللي تقدر تخرج فيها مع صحابك بالليل وتشرب وتنبسط، ويمكن تقابل بنات ممكن يبقى ليهم حاجة أكتر. لكن نيكول برضه كان حاسس بالزهق.

الصبح كان من أوقاته المفضلة. بياخدوا كام ساعة يراجعوا فيها تقنيات القتال. مش المغامرة اللي نيكول بيدور عليها، بس حاجة أحسن من ولا حاجة.
صوت خطوات معدن رجّع نيكول من أفكاره. وردية الليل وصلت عشان تبدلهم. استنى لحد ما بديله، الحارس العجوز اسمه سينادول، وقف جنبه زي كل يوم، وبعدها نيكول مشي لوحده، ضهره مستقيم، راسه مرفوعة، وخطواته متقنة بشكل مستحيل.
المملكة بتاعتهم، تاكوريا، كانت معروفة بكثرة الناس، فطبيعي إن الحراس والجنود يكونوا كتير ومتدربين كويس، كل حركة لازم تكون مثالية.

وكل حركة كانت مثالية.
كل خطوة متساوية، غالبًا في نفس الأماكن اللي كانوا بيمشوا فيها امبارح، واليوم اللي قبله.
بعد ما غيّر هدومه في غرفة دروع الحراس، نيكول خرج في ظلمة الليل، رايح على طول على الحانة. الهوا البارد كان لطيف وهو بيعدي في هدومه الكاجوال الخفيفة وهو بيجري لقدام، متحرر من وزن المعدن السخن اللي كان لابسه طول اليوم، لكن وقفته لسه مظبوطة، وخطواته لسه محسوبة. كان سهل تعرف إنه حارس في القصر، زي أي حد تاني بيشتغل نفس الشغلانة.

الحانة كانت دافية وزحمة لما نيكول دخل، مليانة ناس خلصوا شغلهم، مسافرين، وأي حد تاني لقى نفسه هناك. في شاعر بيغني على المسرح الصغير، غير اللي بيغني عادة. مش شاطر قوي، بس أحسن من دوشة الكلام اللي مالي المكان.
نيكول بسرعة لقى إدجال، أعز صحابه، برضه حارس في القصر بس في مكان بعيد عنه شوية. إدجال دايمًا بيوصل قبله لأنه أسرع في تغيير هدومه، وكان قاعد في ترابيزتهم المعتادة، بيكلم البنت اللي بتشتغل في البار واللي دايمًا بتديله شوية مغازلة خفيفة. انتباهه ما اتحركش لما نيكول قعد.
"إدجال!" نيكول قال وهو متسلي. "يوم طويل في الشغل ومش قادر تديني متعة صحبتك."

إدجال بص عليه، والبنت استغلت لحظة شروده ومشيت تكمل شغلها. بسرعة رجع يبص عليها، عنيه فيها إحباط. "كنت هخلص معاها المرة دي." قال وهو متضايق. "دلوقتي لازم أدور على واحدة تانية."
"بلاش تعمل نفسك عيل كبير، إنت دايمًا بتلاقي واحدة."

إدجال ابتسم. "صح." وبص على صاحبه. "بس إنت لأ. شايف نفسك هتنجح النهارده؟"
نيكول اتنهد. رغم إنه صاحبه من سنين، إدجال مش فاهمه قوي. "الموضوع مش موضوع نجاح، أنا بس مش محتاج أرتبط كل ليلة. أغلب الليالي بحب الهدوء والراحة." وده مش كان حقيقي قوي. زي باقي حياته، النوم مع بنات عشوائيين كل ليلة بقى ممل. مش إنه مش بيستمتع، بس مفيش حاجة مثيرة أو مختلفة عن الليلة اللي قبلها، بقى جزء من الروتين. ما بقاش يحمسه زي زمان وهو أصغر.

"إنت بس غيران عشان البنات بتحبني أكتر منك." إدجال قال وهو بيهزر.
نيكول ضحك بسخرية. ما بين الاتنين، نيكول كان شكله أحلى. البنات كانت عايزاه وغالبًا هما اللي بييجوا عليه، وده حاجة نادرًا ما بتحصل مع إدجال.
"ما كانش لازم تبقى قاسي كده."

نيكول ضحك، واتكأ على الكرسي. ده كان أحسن جزء في يومه، قاعد في الحانة وبيتكلم مع إدجال. ساعات صحابهم التانيين بينضموا ليهم، ونيكول بيحب الأوقات دي برضه، لكن يمكن وجود إدجال هو اللي بيخلي وقته ممتع. كل كلام بينهم مختلف، ويمكن ده أحسن حاجة نيكول ممكن يطلبها.
إدجال مال على جنب الكرسي، بيبص على حاجة ورا نيكول. "في واحدة بتبص علينا! أظن إنها مهتمة بيا."


 

نيكول بص وراه، شاف بنت صغيرة شكلها حلو قاعدة مع صاحبتها. الاتنين ضحكوا لما نيكول بعت لهم غمزة في اتجاههم.

"إيه ده! مش عدل!" إدجال قال وهو متضايق لما شاف إن انتباههم اتحول له.

نيكول ضحك تاني. "متأكد إنهم لسه هيبقوا مبسوطين لو ناموا معاك."

إدجال بص له بنظرة عدم تصديق مش مسلية. "مش بعد ما شافوا وشك الغبي."

"ياااااه، عندك مميزات كتير. ليه ما تطلعش على المسرح مع الشاعر وتخليهم يقعوا في غرام صوتك الرائع؟" إدجال كان صوته في الغنا وحش جدًا.

مرة، نيكول خلاه يشرب لحد ما سكر، وفعلاً طلع مع الشاعر على المسرح، وابتدى يغني كلام مالوش أي معنى، بصوت بيطلع وينزل في النغمة وملل في نفس الوقت. مش إن نيكول أحسن، هو كمان كان صوته وحش في الغنا.

"وتسيبك تروح تكلمهم؟ أراهن إن في آخر الليل هيبقوا بيتخانقوا عشان يقعدوا في حضنك."

نيكول بص وراه تاني بسرعة. "أظن إنهم بالفعل كده." البنات كانوا بيبصوا لبعض وبيتكلموا بهدوء، وعنيهم بتيجي على ترابيزة نيكول كتير. "أنصحك تسرع قبل ما فرصتك تضيع."

"إيه، إنت مش عايز النهارده؟"

نيكول هز راسه، وأشار لإدجال يقوم.

"أرجوك؟ لو خدت واحدة منهم التانية غالبًا هتكون أكتر استعداد إنها تيجي معايا." نيكول هز راسه تاني وأشار له يقوم. إدجال تنهد وهز راسه. "أحيانًا نفسي أشوف إيه اللي بيدور في دماغك." رفع إيده وخبط بخفة على شعر نيكول قبل ما يقوم. نيكول رفع إيده بسرعة ورجع شعره زي ما كان. على عكس إدجال، هو عمره ما اهتم بشكله إلا لو عشان الشغل.

بص وراه تاني على صاحبه، اللي كان بيتكلم مع واحدة من البنات. التانية، اللي كانت أصلاً بتبص عليهم، رجعت بصت على نيكول، وقابلت عنيه بابتسامة صغيرة. خايف إنها تكون فهمت التواصل بالنظر كدعوة إنها تيجي، نيكول قام وخرج من الباب.

الهوا في الليل بقى بارد، خلا نيكول يحضن نفسه وهو ماشي في الشارع. كل الحراس كان ليهم أماكن في القلعة، لكن اللي بقالهم فترة أو عندهم عيلة ساعات بينقلوا بره. نيكول كان نفسه يبقى واحد منهم، لكن ده محتاج إذن خاص من رئيس الحرس أو لورد معروف أو حد من العيلة الملكية، وهو كان حاسس إنه محتاج سبب قوي عشان يطلب ده من حد. لكن كان نفسه يغير المشهد، يمكن ده يخفف كرهه لحياته.

رجع القلعة ودخل مكانه. كان أحسن من أماكن الخدم لكن مش بنفس جمال أماكن الفرسان. نيكول كان نفسه يبقى من أصل نبيل، ساعتها كان عنده فرصة يبقى فارس، والفرسان كانوا بيطلعوا مغامرات طول الوقت.

دخل السرير، وبص في السقف اللي بالكاد باين في الضلمة.

لو الحاجة ما اتغيرتش قريب، هو هيغيرها.

لكن كان عارف إن ده تهديد فاضي، نفس اللي بيقوله كل ليلة.

نيكول نام، مستعد إن اليوم اللي بعده يبقى زي كل يوم قبله.

---
 

صوت صراخ مكتوم ملأ المكان.

كان واضح إن فيه جلبة بتحصل جوه قاعة العرش.

يمكن حارس جديد أو حارس من مملكة تانية كان هيبقى أكتر يقظة أو قلق، لكن نيكول، ومعاه باقي الحراس، كانوا في منتهى الهدوء، أو على قد ما يقدروا وهما في الخدمة.

الصراخ كان حاجة عادية.

على الأقل لما يكون الموضوع متعلق بالأمير.

الأمير سيتيال كان شخصية غريبة، زي ما أي حد بيشتغل في القصر يقدر يشهد. كان صوته عالي وسريع الغضب، بياخد اللي عايزه وقت ما يحب، ولو حد حاول يمنعه كان بيخلي حياته جحيم. ده كان بيشمل حتى أهله، الملكة اللي ماتت والملك، اللي كانوا دايمًا في وش غضبه.

الناس اللي مش من العيلة الملكية، ونيكول منهم، كانوا شايفين الأمير مدلل ومش متحكم في نفسه، ومش المفروض يكون عنده حرية وسلطة بالشكل ده. لكن ولا حد قال له الكلام ده.

مش إنه كان أمير سيئ. في الأمور الملكية كان ممتاز. كان بيحمل نفسه زي الملوك وبيعرف يكون دبلوماسي. كان ذكي جدًا في الأمور اللي تخص الممالك التانية أو مملكته، أو زي ما نيكول سمع. المشاكل الشخصية كانت حاجة تانية. لما مشكلة زي دي تطلع، كان معروف إنه بيبقى صوته عالي وعنيف، زي ما نيكول متأكد إنه بيعمل دلوقتي.

هو حتى مش عارف المشكلة إيه النهارده. ومش فارق له يعرف. كان دايمًا كل يومين الأمير بيقتحم قاعة العرش ويزعق لأبوه. كان درامي جدًا.

ودايما كانت بتنتهي إن الأمير يفتح الباب بعنف ويجري على أوضته. نيكول كان دايمًا واقف في الناحية اللي لازم يعدي منها عشان يوصل هناك. نيكول كان مبسوط إنه بعيد كفاية عن مكتب الملك عشان ما يسمعش حاجة من هناك، لأنه متأكد إن الأمير بيعمل نفس الشيء هناك، لكن الصراخ الكتير ممكن يجيب له صداع.

دي كانت من أكتر اللحظات المثيرة في يوم نيكول لما الأمير يعدي قدامه وهو غضبان. هو مش مسموح له يحرك عنيه إلا لو فيه خطر، فبيشوفه ثانية قبل ما يختفي من نظره. كان مضحك بالنسبة له، يشوف حد قوي جدًا، غضبان، رايح أوضته عشان زعلان.

صوت الأمير علي. كان أعلى من المعتاد، وده بيبين إن اللي مزعله النهارده حاجة كبيرة بالنسبة له.

عادة، لو نيكول ركز قوي، كان ممكن يسمع الكلمات اللي بيقولها الأمير، لأنها دايمًا عالية كفاية عشان تتسمع بصعوبة، لكنه غالبًا ما كانش بيعمل كده لأنها ما كانتش حاجة مثيرة بالنسبة له، وكمان كانت بتوجع ودنه ودماغه بعد شوية، لكن مع الصوت العالي النهارده، الكلمات كانت أوضح من المعتاد.

"لمجرد إن الغريب ده حصل إنه يكون—"

"كفاية!"

نيكول قاوم رغبة قوية إنه يتحرك من مكانه. الأمير دايمًا بيزعق، لكن الملك عمره ما زعق له قبل كده. لحد دلوقتي. دلوقتي نيكول بقى مهتم جدًا. للأسف، أصواتهم هديت تاني بعد ما الملك انفجر، لدرجة إنه حتى لو حاول يسمع مش هيعرف. وحاول.

من غير أي إنذار، الباب اتفتح بعنف. من صوت الخبطة كان واضح إن اللي فتحه هو الأمير. صوت خطوات عالية في الممر، لكن مش بنفس السرعة المعتادة، كأنه مستني حاجة... أو بيدور على حاجة.

نيكول فهم ده بس لما الأمير سيتيال ظهر قدامه، عنيه بتمسح الحارس بنظرة ناقدة، والغضب لسه على وشه. نيكول كان نفسه يبص له باستغراب، لكن عنيه فضلت ثابتة، متدربة على النظر لقدام، واللي كان بالصدفة وش الأمير.

هو عمره ما شاف وشه قبل كده كويس، لكن ده ما كانش اللي بيفكر فيه، السؤال الوحيد كان ليه بيبص له، وليه بالغضب ده. هل هو عامل حاجة غلط؟ هل درعه مش مظبوط أو فيه خبطة؟

أسئلته ما اتجاوبتش، بل زادت لما الأمير اتكلم. "هتنفع." قالها بهدوء، كأنه بيكلم نفسه. وبعدين مد إيده، مسك إيده، ولف، وكمل مشيه الغاضب.

---

تعليقات