الأقسام

قصص تاريخية

... ...

قصص فانتازيا

... ...

قصص رعب

... ...

قصص رومانسية

... ...

قصص مخصصه لك

    قصص المختلط

      مملكة بلا سلام - رواية تاريخية

      مملكة بلا سلام

      بقلم,

      تاريخيه

      مجانا

      حارس في قصر مملكة تاكوريا، يعيش حياة روتينية مملة بين جدران القلعة، يحلم بالمغامرة والتغيير. الأمير سيتيال، وريث العرش، شخصية قوية وغاضبة، يعيش صراع داخلي بين السلطة والعاطفة. الأحداث تبدأ تتصاعد لما الأمير يختار نيكول بشكل مفاجئ ليكون جزء من خططه الغامضة، مما يقلب حياة الحارس رأسًا على عقب. بين المؤامرات الملكية، الأسرار العائلية، والقرارات المصيرية، يجد نيكول نفسه في مواجهة أكبر من أحلامه. الرواية تكشف عن صراع بين الواجب والرغبة، وبين القوة والحرية.

      نيكول

      حارس القصر، شاب طموح لكنه محاصر في حياة روتينية، يبحث عن معنى لحياته.

      الأمير سيتيال

      وريث العرش، ذكي ودبلوماسي في السياسة، لكن عاطفي ومندفع في حياته الشخصية.

      إدجال

      صديق نيكول المقرّب، شخصية مرحة، يمثل الجانب الخفيف في حياة الحراس.
      مملكة بلا سلام - رواية تاريخية
      صورة الكاتب

      نيكول كان واقف حارس جنب قاعة العرش زي ما بيلاقي نفسه بيعمل كل يوم.
      ومفيش اي حاجة بتحصل.
      زي كل يوم.
      
      عنينه ثابتة على الحيطة الحجرية اللي قدامه.
      نفس الحيطة اللي لازم يبص عليها كل يوم.
      
      في الوقت ده، كان حافظ كل حجر فيها، ولو عنده أي موهبة في الرسم كان يقدر يرسمها من غير ما يبص عليها.
      
      لو عنده موهبة يعني.
      نيكول كان عارف إنه مش المفروض يشتكي. هو قضى وقته، واشتغل لحد ما وصل للراحة جوه القصر، بعيد عن الشمس اللي كانت بتلسعه سنين وهو واقف حارس بره القلعة، لكن برضه ده ما كانش بيشبع الإحساس اللي جواه بالمغامرة، بالإثارة، بالهدف. الشوق المستمر لحاجة أكتر.
      كان عنده وردية كويسة كمان. اللي تقدر تخرج فيها مع صحابك بالليل وتشرب وتنبسط، ويمكن تقابل بنات ممكن يبقى ليهم حاجة أكتر. لكن نيكول برضه كان حاسس بالزهق.
      
      الصبح كان من أوقاته المفضلة. بياخدوا كام ساعة يراجعوا فيها تقنيات القتال. مش المغامرة اللي نيكول بيدور عليها، بس حاجة أحسن من ولا حاجة.
      صوت خطوات معدن رجّع نيكول من أفكاره. وردية الليل وصلت عشان تبدلهم. استنى لحد ما بديله، الحارس العجوز اسمه سينادول، وقف جنبه زي كل يوم، وبعدها نيكول مشي لوحده، ضهره مستقيم، راسه مرفوعة، وخطواته متقنة بشكل مستحيل.
      المملكة بتاعتهم، تاكوريا، كانت معروفة بكثرة الناس، فطبيعي إن الحراس والجنود يكونوا كتير ومتدربين كويس، كل حركة لازم تكون مثالية.
      
      وكل حركة كانت مثالية.
      كل خطوة متساوية، غالبًا في نفس الأماكن اللي كانوا بيمشوا فيها امبارح، واليوم اللي قبله.
      بعد ما غيّر هدومه في غرفة دروع الحراس، نيكول خرج في ظلمة الليل، رايح على طول على الحانة. الهوا البارد كان لطيف وهو بيعدي في هدومه الكاجوال الخفيفة وهو بيجري لقدام، متحرر من وزن المعدن السخن اللي كان لابسه طول اليوم، لكن وقفته لسه مظبوطة، وخطواته لسه محسوبة. كان سهل تعرف إنه حارس في القصر، زي أي حد تاني بيشتغل نفس الشغلانة.
      
      الحانة كانت دافية وزحمة لما نيكول دخل، مليانة ناس خلصوا شغلهم، مسافرين، وأي حد تاني لقى نفسه هناك. في شاعر بيغني على المسرح الصغير، غير اللي بيغني عادة. مش شاطر قوي، بس أحسن من دوشة الكلام اللي مالي المكان.
      نيكول بسرعة لقى إدجال، أعز صحابه، برضه حارس في القصر بس في مكان بعيد عنه شوية. إدجال دايمًا بيوصل قبله لأنه أسرع في تغيير هدومه، وكان قاعد في ترابيزتهم المعتادة، بيكلم البنت اللي بتشتغل في البار واللي دايمًا بتديله شوية مغازلة خفيفة. انتباهه ما اتحركش لما نيكول قعد.
      "إدجال!" نيكول قال وهو متسلي. "يوم طويل في الشغل ومش قادر تديني متعة صحبتك."
      
      إدجال بص عليه، والبنت استغلت لحظة شروده ومشيت تكمل شغلها. بسرعة رجع يبص عليها، عنيه فيها إحباط. "كنت هخلص معاها المرة دي." قال وهو متضايق. "دلوقتي لازم أدور على واحدة تانية."
      "بلاش تعمل نفسك عيل كبير، إنت دايمًا بتلاقي واحدة."
      
      إدجال ابتسم. "صح." وبص على صاحبه. "بس إنت لأ. شايف نفسك هتنجح النهارده؟"
      نيكول اتنهد. رغم إنه صاحبه من سنين، إدجال مش فاهمه قوي. "الموضوع مش موضوع نجاح، أنا بس مش محتاج أرتبط كل ليلة. أغلب الليالي بحب الهدوء والراحة." وده مش كان حقيقي قوي. زي باقي حياته، النوم مع بنات عشوائيين كل ليلة بقى ممل. مش إنه مش بيستمتع، بس مفيش حاجة مثيرة أو مختلفة عن الليلة اللي قبلها، بقى جزء من الروتين. ما بقاش يحمسه زي زمان وهو أصغر.
      
      "إنت بس غيران عشان البنات بتحبني أكتر منك." إدجال قال وهو بيهزر.
      نيكول ضحك بسخرية. ما بين الاتنين، نيكول كان شكله أحلى. البنات كانت عايزاه وغالبًا هما اللي بييجوا عليه، وده حاجة نادرًا ما بتحصل مع إدجال.
      "ما كانش لازم تبقى قاسي كده."
      
      نيكول ضحك، واتكأ على الكرسي. ده كان أحسن جزء في يومه، قاعد في الحانة وبيتكلم مع إدجال. ساعات صحابهم التانيين بينضموا ليهم، ونيكول بيحب الأوقات دي برضه، لكن يمكن وجود إدجال هو اللي بيخلي وقته ممتع. كل كلام بينهم مختلف، ويمكن ده أحسن حاجة نيكول ممكن يطلبها.
      إدجال مال على جنب الكرسي، بيبص على حاجة ورا نيكول. "في واحدة بتبص علينا! أظن إنها مهتمة بيا."
      
      
       
      
      نيكول بص وراه، شاف بنت صغيرة شكلها حلو قاعدة مع صاحبتها. الاتنين ضحكوا لما نيكول بعت لهم غمزة في اتجاههم.
      
      "إيه ده! مش عدل!" إدجال قال وهو متضايق لما شاف إن انتباههم اتحول له.
      
      نيكول ضحك تاني. "متأكد إنهم لسه هيبقوا مبسوطين لو ناموا معاك."
      
      إدجال بص له بنظرة عدم تصديق مش مسلية. "مش بعد ما شافوا وشك الغبي."
      
      "ياااااه، عندك مميزات كتير. ليه ما تطلعش على المسرح مع الشاعر وتخليهم يقعوا في غرام صوتك الرائع؟" إدجال كان صوته في الغنا وحش جدًا.
      
      مرة، نيكول خلاه يشرب لحد ما سكر، وفعلاً طلع مع الشاعر على المسرح، وابتدى يغني كلام مالوش أي معنى، بصوت بيطلع وينزل في النغمة وملل في نفس الوقت. مش إن نيكول أحسن، هو كمان كان صوته وحش في الغنا.
      
      "وتسيبك تروح تكلمهم؟ أراهن إن في آخر الليل هيبقوا بيتخانقوا عشان يقعدوا في حضنك."
      
      نيكول بص وراه تاني بسرعة. "أظن إنهم بالفعل كده." البنات كانوا بيبصوا لبعض وبيتكلموا بهدوء، وعنيهم بتيجي على ترابيزة نيكول كتير. "أنصحك تسرع قبل ما فرصتك تضيع."
      
      "إيه، إنت مش عايز النهارده؟"
      
      نيكول هز راسه، وأشار لإدجال يقوم.
      
      "أرجوك؟ لو خدت واحدة منهم التانية غالبًا هتكون أكتر استعداد إنها تيجي معايا." نيكول هز راسه تاني وأشار له يقوم. إدجال تنهد وهز راسه. "أحيانًا نفسي أشوف إيه اللي بيدور في دماغك." رفع إيده وخبط بخفة على شعر نيكول قبل ما يقوم. نيكول رفع إيده بسرعة ورجع شعره زي ما كان. على عكس إدجال، هو عمره ما اهتم بشكله إلا لو عشان الشغل.
      
      بص وراه تاني على صاحبه، اللي كان بيتكلم مع واحدة من البنات. التانية، اللي كانت أصلاً بتبص عليهم، رجعت بصت على نيكول، وقابلت عنيه بابتسامة صغيرة. خايف إنها تكون فهمت التواصل بالنظر كدعوة إنها تيجي، نيكول قام وخرج من الباب.
      
      الهوا في الليل بقى بارد، خلا نيكول يحضن نفسه وهو ماشي في الشارع. كل الحراس كان ليهم أماكن في القلعة، لكن اللي بقالهم فترة أو عندهم عيلة ساعات بينقلوا بره. نيكول كان نفسه يبقى واحد منهم، لكن ده محتاج إذن خاص من رئيس الحرس أو لورد معروف أو حد من العيلة الملكية، وهو كان حاسس إنه محتاج سبب قوي عشان يطلب ده من حد. لكن كان نفسه يغير المشهد، يمكن ده يخفف كرهه لحياته.
      
      رجع القلعة ودخل مكانه. كان أحسن من أماكن الخدم لكن مش بنفس جمال أماكن الفرسان. نيكول كان نفسه يبقى من أصل نبيل، ساعتها كان عنده فرصة يبقى فارس، والفرسان كانوا بيطلعوا مغامرات طول الوقت.
      
      دخل السرير، وبص في السقف اللي بالكاد باين في الضلمة.
      
      لو الحاجة ما اتغيرتش قريب، هو هيغيرها.
      
      لكن كان عارف إن ده تهديد فاضي، نفس اللي بيقوله كل ليلة.
      
      نيكول نام، مستعد إن اليوم اللي بعده يبقى زي كل يوم قبله.
      
      ---
       
      
      صوت صراخ مكتوم ملأ المكان.
      
      كان واضح إن فيه جلبة بتحصل جوه قاعة العرش.
      
      يمكن حارس جديد أو حارس من مملكة تانية كان هيبقى أكتر يقظة أو قلق، لكن نيكول، ومعاه باقي الحراس، كانوا في منتهى الهدوء، أو على قد ما يقدروا وهما في الخدمة.
      
      الصراخ كان حاجة عادية.
      
      على الأقل لما يكون الموضوع متعلق بالأمير.
      
      الأمير سيتيال كان شخصية غريبة، زي ما أي حد بيشتغل في القصر يقدر يشهد. كان صوته عالي وسريع الغضب، بياخد اللي عايزه وقت ما يحب، ولو حد حاول يمنعه كان بيخلي حياته جحيم. ده كان بيشمل حتى أهله، الملكة اللي ماتت والملك، اللي كانوا دايمًا في وش غضبه.
      
      الناس اللي مش من العيلة الملكية، ونيكول منهم، كانوا شايفين الأمير مدلل ومش متحكم في نفسه، ومش المفروض يكون عنده حرية وسلطة بالشكل ده. لكن ولا حد قال له الكلام ده.
      
      مش إنه كان أمير سيئ. في الأمور الملكية كان ممتاز. كان بيحمل نفسه زي الملوك وبيعرف يكون دبلوماسي. كان ذكي جدًا في الأمور اللي تخص الممالك التانية أو مملكته، أو زي ما نيكول سمع. المشاكل الشخصية كانت حاجة تانية. لما مشكلة زي دي تطلع، كان معروف إنه بيبقى صوته عالي وعنيف، زي ما نيكول متأكد إنه بيعمل دلوقتي.
      
      هو حتى مش عارف المشكلة إيه النهارده. ومش فارق له يعرف. كان دايمًا كل يومين الأمير بيقتحم قاعة العرش ويزعق لأبوه. كان درامي جدًا.
      
      ودايما كانت بتنتهي إن الأمير يفتح الباب بعنف ويجري على أوضته. نيكول كان دايمًا واقف في الناحية اللي لازم يعدي منها عشان يوصل هناك. نيكول كان مبسوط إنه بعيد كفاية عن مكتب الملك عشان ما يسمعش حاجة من هناك، لأنه متأكد إن الأمير بيعمل نفس الشيء هناك، لكن الصراخ الكتير ممكن يجيب له صداع.
      
      دي كانت من أكتر اللحظات المثيرة في يوم نيكول لما الأمير يعدي قدامه وهو غضبان. هو مش مسموح له يحرك عنيه إلا لو فيه خطر، فبيشوفه ثانية قبل ما يختفي من نظره. كان مضحك بالنسبة له، يشوف حد قوي جدًا، غضبان، رايح أوضته عشان زعلان.
      
      صوت الأمير علي. كان أعلى من المعتاد، وده بيبين إن اللي مزعله النهارده حاجة كبيرة بالنسبة له.
      
      عادة، لو نيكول ركز قوي، كان ممكن يسمع الكلمات اللي بيقولها الأمير، لأنها دايمًا عالية كفاية عشان تتسمع بصعوبة، لكنه غالبًا ما كانش بيعمل كده لأنها ما كانتش حاجة مثيرة بالنسبة له، وكمان كانت بتوجع ودنه ودماغه بعد شوية، لكن مع الصوت العالي النهارده، الكلمات كانت أوضح من المعتاد.
      
      "لمجرد إن الغريب ده حصل إنه يكون—"
      
      "كفاية!"
      
      نيكول قاوم رغبة قوية إنه يتحرك من مكانه. الأمير دايمًا بيزعق، لكن الملك عمره ما زعق له قبل كده. لحد دلوقتي. دلوقتي نيكول بقى مهتم جدًا. للأسف، أصواتهم هديت تاني بعد ما الملك انفجر، لدرجة إنه حتى لو حاول يسمع مش هيعرف. وحاول.
      
      من غير أي إنذار، الباب اتفتح بعنف. من صوت الخبطة كان واضح إن اللي فتحه هو الأمير. صوت خطوات عالية في الممر، لكن مش بنفس السرعة المعتادة، كأنه مستني حاجة... أو بيدور على حاجة.
      
      نيكول فهم ده بس لما الأمير سيتيال ظهر قدامه، عنيه بتمسح الحارس بنظرة ناقدة، والغضب لسه على وشه. نيكول كان نفسه يبص له باستغراب، لكن عنيه فضلت ثابتة، متدربة على النظر لقدام، واللي كان بالصدفة وش الأمير.
      
      هو عمره ما شاف وشه قبل كده كويس، لكن ده ما كانش اللي بيفكر فيه، السؤال الوحيد كان ليه بيبص له، وليه بالغضب ده. هل هو عامل حاجة غلط؟ هل درعه مش مظبوط أو فيه خبطة؟
      
      أسئلته ما اتجاوبتش، بل زادت لما الأمير اتكلم. "هتنفع." قالها بهدوء، كأنه بيكلم نفسه. وبعدين مد إيده، مسك إيده، ولف، وكمل مشيه الغاضب.
      
      ---
      
      

      قصه ألورا ومغامراتها

      مغامرات ألورا

      بقلم,

      تاريخيه

      مجانا

      حياة ألورا، البنت اللي عايزة تعيش حياتها على مزاجها وتستمتع بالملذات بعيد عن قيود زمانها. بتدور الأحداث في وينشستر وبين الناس اللي بيحكموا السلطة والمجتمع الصارم. ألورا قوية وذكية، بتعرف تستخدم ذكاءها وجمالها عشان تاخد اللي هي عايزاه. الرواية فيها حبكة سياسية وعاطفية، وكمان شوية مغامرات مع أوهترِد ورجاله. القارئ هيشوف صراعات بين الواجب والرغبة، وبين الحرية والقيود، وكل ده بأسلوب مشوق ومليان حياة.

      ألورا

      فتاة ذكية وجريئة بتحب المتعة وبتعيش حياتها على مزاجها، عندها ذكاء اجتماعي عالي وبتعرف تتصرف في أي موقف.

      آثلريد

      أخو ألورا، شخص محافظ، ما بيهتمش بأختو زي ما المفروض، مهتم بالسياسة أكتر من العائلة.

      ثيرا

      زميلة ألورا في البيت، مؤمنة بالآلهة الوثنية، لطيفة وهادئة، بتحب ألورا زي أختها.
      قصه ألورا ومغامراتها
      صورة الكاتب

      ✣✣✣
      
      ألورا كانت أخت آثلريد، وكانت تتمنى لو لم يكن الأمر كذلك. والدها، آثلولف من ميرسيا، لم يكن رجلاً طيباً معها. منذ اللحظة التي نزفت فيها لأول مرة، حاول بيعها مثل فرس للتربية، لكن ألورا كان لها خطط مختلفة. إذا كان هناك شيء واحد تبحث عنه في حياتها، فهو المتعة، وكانت ستحصل عليها من أي شخص يقدمها لها.
      
      كانت أول مرة لها مع صبي الإسطبل، الفتى المسكين الذي وجد نفسه غارقاً في الأمر عندما عرض عليه. ألورا كانت تبلغ من العمر ستة عشر عاماً آنذاك، وبدأت تكاد تصبح امرأة، وصبي الإسطبل كان يقترب من عيد ميلاده الثامن عشر، وهو شيء لم يكن يستطيع الانتظار له حسب ما قال لها. دفعت به إلى التبن في الإسطبل قبل أن تعاملها كفرس وركبته حتى وصلت إلى ذروتها، لم تكن تهتم كثيراً بما يحدث للفتى، وبحلول الوقت الذي ضبطت فيه فستانها، كانت قد وقعت في قبض والدها.
      
      منذ ذلك الحين، لم يرغب أي رجل فيها، ومع ذلك استمرت ألورا في التمتع بكل المتعة. كانت معروفة بإمتاع الرجال لأجل متعتها الخاصة، وبدأ الكثيرون يهمسون بأنها ساحرة أو عابدة للشيطان،
      
      وأن أي رجل ينام معها سيقابل الموت قريباً. لكن العديد من الرجال الذين ناموا معها عاشوا، مما جعل كل واحد منهم يبدو سخيفاً. لم تكن سوى امرأة خارجة عن زمانها، تستمتع بملذات الحياة.
      
      تركها والدها، الذي توفي قبل زيارة إلى ويسكس، إلى وينشستر. كانت قد ذهبت مع شقيقها بأمر من السيد الأعلى لهما، سيولوولف، لكن هذا لم يدم طويلاً عندما توفي الرجل المسكين فجأة. لم يكن لألورا مكان آخر تذهب إليه، وشقيقها لم يكن شخصاً يساعدها كثيراً، لم تهتم به كما ينبغي لأخت، وكان السبب في الغالب أن بينما كانت تبحث عن المتعة من الأشخاص المستعدين لمضاجعتها، لم يفعل آثلريد ذلك.
      
      استفادت من وضعها في وينشستر، وعملت كخادمة في بيت الخمر. كانت تساعد في التنظيف، مما أكسبها ما يكفي من النقود لتشارك بيتاً صغيراً مع ثيرا، 
      
      التي عانت من وصمة العار لدى معظم الناس في وينشستر لأنها كانت تؤمن بآلهة الوثنيين، لكن ألورا لم تكن تهتم بأي إله أو آلهة تدعو إليها، كانت تجد آلهة الدنماركيين أكثر متعة وإثارة للاهتمام، لكن اليونانيين القدماء كان لديهم بعض الآلهة الجيدة أيضاً. كانت تصلي في الغالب من أجل صحتها ولألا تحمل.
      
      
      
      كانت تريد ملذات حياتها، وليس أن تثقل نفسها بطفل لم تريده أبداً.
      
      كانت صديقة جيدة ولطيفة لثيرا، التي كانت تقضي معظم وقتها مع الأب بيكا، وكانت ألورا دائماً تمازحهما، لأن الأمر كان واضحاً أنهما يحبان بعضهما البعض، لكن لا أحد منهما تصرف بناءً على ذلك.
      
      "سمعتوا إن اللورد أوهترِد راجع؟" قال بعض الرجال الذين يزورون بيت الخمر لبعضهم البعض. "في ناس قالوا شافوه راكب إلى وينشستر، لاستقبال آثلريد والموافقة على اتحاد ميرسيا وويسكس" قال آخر، وألورا دارت عينيها. لم يكن الاتحاد أكثر من صراع للسلطة من جانب شقيقها.
      
      "رأيك إيه يا خادمة؟" قال رجل من طاولة أخرى، بلكنة أيرلندية، وهو يرفع كوبه لتملأه. "أنا مش بتقبض عشان أفكر، سيدي الطيب" قالت ألورا، وهو ابتسم لها. "طيب هل بتقبضي على المتعة اللي بتديها للرجال دول؟" سأل، فالتفتت له، مستندة يدها على الطاولة. 
      
      "عندي قاعدتي الخاصة" قالت وهي تنظر للرجل الذي نظر إلى رفاقه. الرجال كانوا أقرب للدنماركيين من الساكسونيين، لكنها لم تهتم.
      
      "لو قدر رجل يسعدني كويس، مش هيدفعلي" قالت ألورا وهي تغمز للرجل قبل أن تكمل عملها بينما رفاقه يضحكون. قرب نهاية يوم عملها، اقترب نفس الرجل مرة أخرى. "يعني لو قدرت أسعدك، مش هادفع؟" سأل إذا كان فهم مقصدها. "بالضبط" قالت ألورا وهي تنظف الطاولات. "تمام، خليني أجرب" قال، فأضحكت ألورا.
      
      "سيدي الطيب، الجملة دي بس بتوريني إنك مش قدها" قالت ألورا. "تخيل تجيب كلمة فاضية زي دي؟" قالت ألورا. "غير كده، حتى معرفش اسمك" قالت ألورا. "أنا فينان" قال. هزت ألورا رأسها وتحولت نحوه. "فنان، المتعة، أنا ألورا من ميرسيا" قالت وفنان بدا مرتبكاً أكثر. "أخت آثلريد؟" سأل، لقد أخبره أوهترِد عن زواج إيتلفلاد وآثلريد، واسم أخت آثلريد التي يُشاع أنها قتلت على يد الدنماركيين.
      
      "نعم، للأسف" قالت ألورا ونظرت إلى الرجل. "ليه ده يبدو مهم بالنسبة لك؟" سألت، مستعدة لمواجهته إذا لزم الأمر. "سيدي قال لي عنك" قال فينان، وألورا أومأت. "مين سيدك؟" سألت. "أوهترِد من بيبانبرغ" قال، وفوجئت بسرور.
      
      مهمة فينان لمحاولة النوم مع خادمة بيت الخمر نسيت تماماً وهو يتحدث معها، وكلما تبادلا الكلمات، قل اهتمامه بذلك. تحدثت ألورا بذكاء عالي لم يسمعه من معظم الناس، حتى اللوردات لم يتحدثوا بهذه الحكمة.
      
      
      
      
      "ليه شغالة هنا؟" سأل فينان أخيراً بينما كانت ألورا تغلق بيت الخمر، والشمس تكاد تشرق. "اتركت هنا من أخي، وكامرأة ليس لدي أي مهارات قد يحتاجها أحد" قالت ونظرت إلى فينان. "ده، وكمان إن أخي نشر إشاعة أني عابدة للشيطان" قالت.
      
      نظر فينان إليها. "فعلاً؟" سأل، وضحكت. "لأ، أنا أستمتع بملذات الحياة، وأرضي نفسي برفقة الرجال والنساء، ولذا يدينني كثيرون، سيدي" قالت ألورا، وبدا عليها الحزن قليلاً.
      
      "سافري معانا، لو في حد يعرف معنى الإدانة، فهو سيدنا أوهترِد" قال فينان. "ليه؟ بيحب ينام مع رجال ونساء؟" ضحكت ألورا، لكن فينان هز رأسه. "لأ، الناس شايفينه بلا دين، اتولد ساكسوني وتربى دنماركي" شرح فينان. "مش بلا دين، عنده آلهة كتير يختار منها" قالت ألورا. "كنت أحب أسافر معاكم، لكن مش عايزة أسيب زميلتي في البيت، ثيرا، لوحدها" قالت ألورا.
      
      "ثيرا؟ زميلتك في البيت؟" سأل فينان، وكأن كل حاجة في الكون بتتجه للقائهما. "أيوه، ليه؟" سألت ألورا وهي تمشي لبيتها. "ثيرا أخت أوهترِد" قال فينان، وألورا أومأت، ووجدت الصدفة مضحكة.
      
      "يمكن أشوفك أكتر الأيام الجاية" قالت قبل أن تختفي بطريقة ما، تاركة فينان مرتبكاً. ربما كانت ساحرة، لكنها كانت ألطف واحدة.
      
      عندما دخلت ألورا بيتها، كانت ثيرا مستلقية بالفعل على سريرها. "مفيش مغامرات منتصف الليل الليلة؟" سألت ثيرا، وهي شبه ناعسة وتنظر إلى ألورا التي تحمل شمعة لتضيء الطريق في البيت الصغير. "كان عندي نوع مختلف من المغامرة" قالت ألورا، تنظر لثيرا. "قابلت رجل قال إنه يعرف أخوك، أوهترِد" قالت ألورا، ونظرت ثيرا إليها. "قابلت مين؟ فينان ولا سيهترك؟" سألت ثيرا. "فنان، كان طيب، بس شوية متكبر في الأول" قالت ألورا وهي تغير ثوب النوم الخاص بها وتستلقي في سريرها قبل أن تطفئ الشمعة.
      
      "عرض عليا أسافر معاهم" قالت ألورا لها. ثيرا صمتت ولم ترغب في أن تقول لها يجب أن تأخذ العرض، لأنها كانت ستبدو أنانية. كانت تحب ألورا أن تذهب مع أوهترِد ورجاله، يعني أنها يمكن أن تعيش مع بيكا وتتزوج منه، ولن تضطر للقلق على صديقتها.
      
      "سكوتك مزعجني يا ثيرا" قالت ألورا، ملحوظة أن الشابة صمتها غريب. "بيكا طلب يتجوزني" قالت ثيرا. "سفرك مع أوهترِد هيضمنلك حماية" قالت ثيرا. "عشان تحبي تبعديني عن طريقك؟" سألت ألورا. "لأ! عشان هعيش مع بيكا ومش هاضطر أقلق على صديقتي العزيزة. ألورا، إنتي زي أختي" قالت ثيرا، وابتسمت ألورا. "ألف مبروك على جوازك يعني" قالت ألورا، ونظرت للسقف. "هفكر في الموضوع" وعدت ألورا.
      
      وفعلت، طوال الليل كانت تفكر في الخيار. السفر مع أوهترِد، اللي هو نفسه منبوذ، أو البقاء في وينشستر والسماح للناس بالكلام عنها كما كانوا يفعلون. وبالإضافة لذلك، كانت تقريباً مرت بكل متعة ممكنة هناك، لم يتبقَ متعة جديدة في وينشستر.
      
      في الصباح اتخذت قرارها، أن تسأل إذا كان بإمكانها الانضمام إلى أوهترِد في رحلاته القادمة. خرجت من البيت بحثاً عن من يُدعى بلا دين، وعندما رأت فينان جالساً مع ثلاثة آخرين، ابتسمت لاستعادة ثقتها.
      
      
      
      "لو مش كده، خادمتي" قال فينان عندما اقتربت ألورا، كانت ترتدي فستاناً فاخراً لشخص يعمل في بيت الخمر، لكنها كانت تكسب من الرجال بما يكفي، وما زال لديها بعض المال في جيبها بعد أن تركها شقيقها.
      
      "أهلاً، فينان" قالت بابتسامة للرجل الأيرلندي. "عاهراتك الجديدة، فينان؟" قال أحدهم، واختفت الابتسامة من وجه ألورا. وقف فينان للدفاع عنها، لكنها مدت يدها على كتفه ودفعته للأسفل مرة أخرى.
      
      "مش محتاجة تدافع عني، فينان، أنا عارفة أنا مين وواضح إنه عنده مشكلة مع ده" قالت ألورا وهي تنظر للرجال. ابتسم فينان لها. الرجل اللي أهانها، آثلولد، لم يعجبه ردها. "مش لازم أتحمل ده من عاهرة" قال، وهو يخطو خطوة للأمام.
      
      "أوه، أصلاً مش قادر تدفعلي، ولا لأي عاهرة تانية، عشان كده تعيس؟ عشان هتتضايق؟" سألت ألورا، وابتلع آثلولد لسانه وهو ينظر لألورا، التي أضحكت أوهترِد وفنان وسيهترك. قبل أن يتمكن آثلولد من الإهانة مرة أخرى، تكلم أوهترِد.
      
      "ايه اللي محتاجه؟" سأل. "كنت عايزة أسافر معاكم، شفت كفاية من وينشستر، دلوقتي زميلتي هتتجوز، أحب أشوف أماكن تانية.
      
      لو محتاجني أقاتل، هاعمل" قالت ألورا، واضعة يديها أمامها. نظر أوهترِد لفنان وسيهترك وأومأوا له.
      
      "تمام، بس هاتكوني مسؤولة عن نفسك" قال أوهترِد، وألورا أومأت بالموافقة، وكان هذا بداية مغامرتها الصغيرة مع أوهترِد من بيبانبرغ.
      
      ✣✣✣
      
      مقدمة صغيرة عن كيفية انضمام ألورا للمجموعة قبل لقاء الراهب الصغير
      

      روايه فتاة الغابة

      فتاة الغابة

      بقلم,

      رومانسية

      مجانا

      بيحاولوا يتأقلموا مع حياتهم الغريبة في فوركس، بعد ما باباهم تشارلي حطهم تحت الإقامة الجبرية. الأحداث بتبدأ بفوضى في المطبخ بسبب محاولة تشارلي يطبخ، وبيقرر يفك العقاب بشرط إن البنات "يوازنوا" حياتهم الاجتماعية. بيلا لازم ترجع تصاحب جايكوب تاني عشان تشارلي و بيلي قلقانين عليه، وفي نفس الوقت بايلي بتحاول تفهم مشاعرها ناحية بول بعد اعترافه بـ "الانطباع". وبتتفاجئ بايلي كمان إن إدوارد طلب إيد بيلا، والموضوع عامل قلق في البيت.

      بايلي سوان

      الأخت الصغيرة، عقلها علمي جداً ومتحفظة شوية. بتكره تجهل أي حاجة وبتفكر كتير. هي اللي بتمول وتراقب المشاريع الميكانيكية بتاعة أختها، وعندها علاقة معقدة ومحتارة مع بول.

      تشارلي

      الأب، رئيس الشرطة، راجل قليل الكلام ومزاجي. بيحب بناته بس متشدد معاهم، وبيعمل اللي يقدر عليه عشان يخليهم يعيشوا حياة "طبيعية" بعيد عن آل كولن، ومهاراته في الطبخ صفر.

      إدوارد

      حبيب بيلا (مصاص الدماء)، مش موجود في الأحداث دي بس هو محور المشكلة اللي بين بيلا و تشارلي. طلب إيد بيلا ولسه مستني الرد.
      روايه فتاة الغابة
      صورة الكاتب

      ︵‿︵‿︵‿︵
      
      كانت بايلي تحلم بنفس الحلم كل ليلة الآن. كانت تجد نفسها دائمًا مرة أخرى في تلك الغابة الغريبة ونفس الشيء يكرر نفسه. كانت تلاحظ الطحالب المضيئة حيوياً، وتُسحر لتتجه شمال شرق نحو أكبر شجرة في الغابة، وتعثر على نفس القصر. كانت هناك أوقات تستيقظ فيها بمجرد أن تجد القلعة، وأوقات أخرى تستيقظ بمجرد وصولها إلى الباب، لكنها لم تدخل أبدًا ولو لمرة واحدة. كان الصوت قويًا جدًا، يناديها للدخول، وكانت بايلي دائمًا ما تستدير وتعود. كان أغرب شيء. لم تختبر شيئًا كهذا من قبل. كانت من النوع الذي يحلم حلمًا مختلفًا كل ليلة، على الأقل هذا ما كانت تشعر به عندما تتذكر أحلامها. عادةً، كانت الأحلام تخرج من عقلها في اللحظة التي تستيقظ فيها ولا تُذكر مرة أخرى أبدًا. كان هذا شذوذًا كاملاً.
      
      لم يكن هناك دليل ملموس على أن للأحلام معنى، مجرد تكهنات ونظريات. كان اللاوعي البشري لا يزال لغزًا لمعظم المجتمع العلمي ولم تكن بايلي مختلفة. كم كرهت عدم معرفة الأشياء، وعدم فهم عقلها. كان الأمر مثيرًا للغضب. ما الذي كان يحاول اللاوعي الخاص بها إخبارها به؟ من كان هذا الصوت الذي ظل يحاول إغراءها بدخول ذلك القصر؟ كيف لعقلها حتى أن يتخيل مثل هذا المكان؟
      
      كانت بايلي ستكون أكثر انشغالاً بأفكارها لو لم تلتقط الرائحة الواضحة لموقد مدخن قادمة من المطبخ. إذا كانت تشمها من العلية، فهناك خطأ جسيم ما...
      
      ركضت بسرعة أسفل الدرج إلى الطابق الثاني، وهناك رأت بيلا قد خرجت أيضًا من غرفتها بنظرة ذعر.
      
      "استني، إنتي مش بتطبخي؟" أشارت بايلي إلى أختها الكبرى. توقفتا كلاهما للحظة بينما أدركتا الأمر. إذا لم تكن بيلا في المطبخ ولم تكن بايلي في المطبخ أيضًا، فهذا يعني أن الشخص الذي يطبخ لا بد أن يكون... اندفعتا كلاهما إلى الطابق السفلي في الوقت المناسب تمامًا.
      
      كان برطمان صلصة السباغيتي الذي وضعه تشارلي في الميكروويف يدور دورته الأولى فقط عندما فتحت بيلا الباب بعنف وسحبته للخارج.
      
      "أنا عملت إيه غلط؟" سأل تشارلي.
      
      حدقت بايلي في والدها بدهشة. "المفروض تشيل الغطا الأول يا بابا. المعدن سيء لأفران الميكروويف لأن، شايف، أفران الميكروويف هي شكل من أشكال الإشعاع الكهرومغناطيسي، زي موجات الراديو. وعلى هذا النحو، يتم إنشاؤها بواسطة صمام مغناطيسي إلكتروني ينبض ذهابًا وإيابًا بسرعة داخل الفرن بتردد مُعاير بعناية. ترتد أفران الميكروويف عن الجدران العقلية الداخلية للفرن، وتمر عبر الورق والزجاج والبلاستيك ويتم امتصاصها بواسطة الطعام - وتحديداً محتوى الماء في الطعام. هذا يجعل الجزيئات تتذبذب ذهابًا وإيابًا، مما يخلق حرارة ويطهى الطعام من الداخل إلى الخارج، أو من الخارج إلى الداخل، أو بشكل موحد، اعتمادًا على مكان وجود الماء،"
      
      سكبت بيلا نصف الصلصة في وعاء، ثم وضعت الوعاء داخل الميكروويف. ضبطت الوقت وضغطت على زر البدء.
      
      اقتربت بايلي وفحصت الغطاء المعدني عن قرب قبل أن تتابع.
      
      "الجسم المعدني داخل الفرن يحرف هذه الموجات بعيدًا عن الطعام. إنه يرسلها للقفز بشكل غير منتظم، ومن المحتمل أن يتلف الجزء الداخلي للفرن. في الواقع، المعدن جيد جدًا في عكس هذا الإشعاع لدرجة أن النافذة المدمجة في مقدمة أفران الميكروويف تحتوي على شبكة معدنية دقيقة يمكننا الرؤية من خلالها، ولكن لا يمكن لأفران الميكروويف الهروب منها. يمكن أن ينتج عن تذبذب أفران الميكروويف مجال كهربائي مركز عند زوايا أو حافة جسم معدني، مما يؤدي إلى تأين الهواء المحيط - وفي هذه الحالة، يمكنك سماعه وهو يفرقع. في بعض الأحيان، قد تتمكن حتى من رؤية شرر. لكن هذا الصوت والضوء المعروضين لا يقتصران على المعدن فقط. يمكنك حتى تقطيع النقانق، مما يخلق حواف حادة وربما تشاهد شرارات كهربائية تقفز بينها."
      
      "ماشي،" أومأ تشارلي برأسه، على الرغم من أنه لم يكن متأكدًا تمامًا مما إذا كان قد فهم كل ما قيل. "معدن في الميكروويف، وحش." زم شفتيه. "أنا ع الأقل عملت المكرونة صح؟"
      
      نظرت الفتاتان إلى المقلاة على الموقد - مصدر رائحة الحريق التي نبهتهما إلى الفوضى في المطبخ.
      
      "التقليب بيساعد،" قالت بيلا بهدوء. وجدت ملعقة وحاولت فك الكتلة الطرية التي كانت محروقة في القاع.
      
      تنهد تشارلي.
      
      "إنت بتطبخ ليه؟" سألت بايلي بفظاظة.
      
      كانت هناك حقائق قليلة عن الحياة في فوركس اعتادت عليها تمامًا. الأولى هي حقيقة أنها كانت تمطر كل يوم تقريبًا - الثانية، هي حقيقة وجود مصاصي دماء ومتحولي ذئاب يتجولون حولها وكان ذلك طبيعيًا - الثالثة، تشارلي لا يطبخ.
      
      شاهدت والدها يكتف ذراعيه على صدره ويحدق من النوافذ الخلفية في المطر المنهمر.
      
      "مش عارف بتتكلمي عن إيه،" تذمر.
      
      رمشت بايلي. نظرت إلى بيلا لتتأكد من أن ما تراه كان غريبًا بالفعل. تشارلي يطبخ؟ وبهذا المزاج العكر؟
      
      كانت بيلا بالفعل في حيرة من أمرها. لم يكن إدوارد هنا بعد؛ عادةً، كان تشارلي يحتفظ بهذا النوع من السلوك لصالح حبيبها، باذلاً قصارى جهده لتوضيح فكرة "غير مُرحب به" مع كل كلمة ووقفة. دون علم تشارلي، كانت جهوده غير ضرورية - كان إدوارد يعرف بالضبط ما كان يفكر فيه دون هذا العرض.
      
      "هو أنا فاتني حاجة؟ من امتى وانت بتعمل العشا؟" سألت بيلا تشارلي. كانت كتلة المكرونة تطفو في الماء المغلي وهي تنكشها.
      
      هز تشارلي كتفيه. "مافيش قانون بيقول إني ما أقدرش أطبخ في بيتي."
      
      "ده المفروض يتصنف على أنه إرهاب بيولوجي... أكتر من كونه طبخ،" قالت بايلي، وهي تتفحص الضرر الذي أحدثه تشارلي. نظرت إليه مرة أخرى، تفحصه بعناية. لمعت الشارة المثبتة على سترته الجلدية.
      
      "ها. نكتة حلوة." خلع السترة. يبدو أن نظرة بايلي ذكرته بأنه لا يزال يرتديها. علقها على الشماعة المخصصة لمعداته. كان حزام مسدسه معلقًا بالفعل في مكانه - لم يشعر بالحاجة إلى ارتدائه إلى المركز منذ أسابيع. لم يعد هناك المزيد من حالات الاختفاء المزعجة التي تثير قلق بلدة فوركس الصغيرة في واشنطن، ولا مزيد من مشاهد الذئاب العملاقة والغامضة في الغابات الممطرة دائمًا...
      
      قلّبت بيلا المكرونة في صمت، بينما انتظرت بايلي حتى تنتهي الصلصة وفحصت الميكروويف للتأكد من عدم حدوث أي ضرر. سيتحدث تشارلي عما يزعجه في وقته الخاص؛ لم يكن رجلاً كثير الكلام.
      
      مر الوقت وألقت بايلي نظرة على الساعة، كان الوقت يقترب من فترة ما بعد الظهر الآن.
      
      في هذه الأيام كان لديها روتين جديد تمامًا في فترة ما بعد الظهر. منذ رحلتهم الصغيرة إلى إيطاليا تلاها إخبار جايكوب بلاك - الصديق ومتحول الذئب - لتشارلي عن الدراجة النارية التي كانت بيلا تركبها في الخفاء (مشروع ممول تم دفع ثمنه والإشراف عليه من قبل بايلي) كانت الأختان سوان ممنوعتين من الخروج. كان هذا يعني أن بيلا لم يعد بإمكانها قضاء الوقت مع حبيبها - ومصاص الدماء - إدوارد كولن. حسنًا، كانا لا يزالان يريان بعضهما البعض من السابعة حتى التاسعة والنصف مساءً في حدود منزلهما وتحت إشراف نظرة تشارلي الغاضبة دائمًا.
      
      وبالمثل، لم يُسمح لبايلي بالذهاب إلى أي مكان آخر غير المدرسة. وهو ما يعني عدم وجود مكتبات، ولا مختبر في قبو آل كولن،... ولا بول. كان الجزء الأخير مريحًا نوعًا ما. كان يعني أن لديها وقتًا لجمع أفكارها حول ديناميكيتهما المتطورة. هل افتقدته في أوقات كهذه؟ نعم، بلا شك. لكن بايلي لم تستطع مواجهته، شعرت بالتوتر الشديد من فكرة رؤيته مرة أخرى كل ذلك بسبب اعترافه.
      
      لقد انطبع عليها. في العادة، لم يكن هذا ليزعجها على الإطلاق. لو أنه فقط لم يتعمق في الأمر - لو أنه تركه للتفسير. فربما لم تكن لتشعر بهذه الطريقة، كان بإمكانها فقط اختلاق تعريفها الخاص للكلمة والمضي قدمًا في يومها. لكن كل هذا الهراء حول التواصل البصري، وتغير الجاذبية، وأن يصبح كل ما تحتاجه هي - حاميًا، صديقًا... أو... أو - احمر وجه بايلي - أو حبيبًا.
      
      كانت تشعر بمعدل ضربات قلبها يتسارع لمجرد ذكر الكلمة.
      
      جلس تشارلي على الطاولة بتململ وفتح الجريدة الرطبة هناك؛ في غضون ثوانٍ كان يطقطق بلسانه معبرًا عن استيائه.
      
      "أنا مش عارفة إنت بتقرا الأخبار ليه يا بابا. هي بس بتعصبك،" قالت بيلا.
      
      تجاهلها، وهو يتذمر من الجريدة في يديه. "عشان كده كل الناس عايزة تعيش في بلدة صغيرة! سخافة!"
      
      عندما هدأ قلب بايلي، انضمت إلى المحادثة، "المدن الكبيرة عملت إيه المرة دي؟"
      
      "سياتل في طريقها لتكون عاصمة القتل في البلاد. خمس جرايم قتل غير محلولة في آخر أسبوعين. تقدري تتخيلي العيشة دي؟"
      
      "أعتقد إن فينيكس في الواقع أعلى في قايمة جرائم القتل يا بابا. إحنا عيشنا كده." لوت بايلي أصابعها. ربما كان من الأفضل عدم إضافة أنها اقتربت بالفعل من أن تكون ضحية قتل، مرتين حتى الآن... منذ أن انتقلت إلى بلدته الصغيرة الآمنة هذه.
      
      "ماشي، مش ممكن حد يدفعلي فلوس كفاية عشان أعمل كده،" قال تشارلي.
      
      
      
      
      
      تخلت بيلا عن إنقاذ العشاء واكتفت بتقديمه؛ اضطرت لاستخدام سكين شرائح اللحم لتقطع حصة من السباغيتي لتشارلي، وبايلي، ثم لنفسها. راقبها بتعبير خجول، وغطى حصته بالصلصة وبدأ في الأكل. أخفت بيلا كتلتها الخاصة بها قدر استطاعتها وقلدته دون حماس كبير.
      
      نكشت بايلي الكتلة، وفحصت فردي عائلتها، ثم استقرت على أكل الصلصة فقط كما لو كانت حساءً؛ لم تكن ستضع هذا الشيء الذي يُفترض أنه "مكرونة" في فمها.
      
      أكلوا في صمت للحظة. كان تشارلي لا يزال يتصفح الأخبار. التقطت بيلا نسختها المنهكة من "مرتفعات ويذرينغ" من حيث تركتها هذا الصباح على الإفطار. قلّبت بايلي في بعض البريد غير المفتوح الذي تُرك على الطاولة منذ هذا الصباح.
      
      إعلانات، إعلانات، إعلانات، فاتورة، قسائم، فاتورة—أوه، خطاب قبول آخر من الكلية. مزقت بايلي الظرف. تصفحته بسرعة قبل أن تضعه جانبًا وتواصل الأكل. لقد تم قبولها للتو في جامعة ستانفورد. ولكن لم تكن هناك حاجة للاحتفالات أو الصراخ والبكاء، أو حتى الحاجة لتنبيه تشارلي وبيلا. كان هذا هو الخطاب العاشر هذا الأسبوع وحده، وعند هذه النقطة أصبحوا غير مبالين بعض الشيء.
      
      نضّف تشارلي حلقه وألقى بالجريدة على الأرض.
      
      "عندك حق،" قال. "أنا فعلاً كان عندي سبب لده." لوّح بشوكته ناحية الكتلة الملزقة. "كنت عايز أتكلم معاكم."
      
      "كنت ممكن تسأل علطول،" ردت بيلا، وهي تضع الكتاب جانبًا.
      
      أومأ برأسه، حاجبيه مقطبين. "أيوة. هبقى أفتكر المرة الجاية. افتكرت إني لما أشيل من عليكم العشا هعرف ألين دماغكم."
      
      ضحكت بيلا. "نجحت—مهاراتك في الطبخ خلتني طرية زي المارشميلو. محتاج إيه يا بابا؟"
      
      "بصي، الموضوع بخصوص جايكوب."
      
      ارتشفت بايلي ملعقة من الصلصة بينما تصلبت ملامح وجه بيلا.
      
      "ماله؟" سألت من بين شفتين متيبستين.
      
      "واحدة واحدة يا بيلز. أنا عارف إنك لسه متضايقة إنه فتّن عليكي، بس ده كان الصح يتعمل. هو كان بيتصرف بمسؤولية."
      
      "بمسؤولية،" كررت بيلا باستهزاء، وهي تدير عينيها. "تمام. فـ، ماله جايكوب؟"
      
      أصبح وجه تشارلي حذرًا فجأة. "متتعصبيش عليا، ماشي؟"
      
      "أتعصب؟"
      
      "أصل... الموضوع عن إدوارد كمان."
      
      بايلي، التي كانت لا تزال ترتشف، راقبت عيني بيلا وهما تضيقان.
      
      أصبح صوت تشارلي أكثر خشونة. "أنا بدخّله البيت، مش كده؟"
      
      "بتعمل كده،" اعترفت بيلا. "لفترات قصيرة. طبعًا، إنت ممكن تخليني أخرج من البيت لفترات قصيرة بين وقت والتاني برضه،" تابعت—على سبيل المزاح فقط؛ كانت تعلم أنها وبايلي قيد الإقامة الجبرية طوال مدة العام الدراسي. "أنا كنت كويسة أوي مؤخرًا."
      
      "بصي، ده تقريبًا اللي كنت بحاول أوصله..." ثم امتد وجه تشارلي في ابتسامة غير متوقعة جعلت عينيه تتجعدان؛ للحظة بدا أصغر بعشرين عامًا.
      
      تابعت بيلا ببطء. "أنا متلخبطة يا بابا. إحنا بنتكلم عن جايكوب ولا إدوارد، ولا عن إني معاقبة؟"
      
      لمعت الابتسامة مرة أخرى. "التلاتة مع بعض، نوعًا ما."
      
      "وإيه علاقتهم ببعض؟" سألت بيلا بحذر.
      
      "ماشي." تنهد، رافعًا يديه كالمستسلم. "أنا بفكر إنكم يمكن تستاهلوا إفراج مشروط لحسن السير والسلوك. بالنسبة لمراهقين، إنتو مش زنانين بشكل مدهش."
      
      توقفت بايلي عن الارتشاف. "استنى، بجد؟" على عكس بيلا، لم تبدُ متحمسة لاحتمال حريتها. بالكاد توصلت إلى أي استنتاج بشأن الوضع مع بول. والآن، تشارلي يلغي عقابهما بشكل أساسي؟ لم يعد لديها أي عذر الآن!
      
      رفع تشارلي إصبعًا واحدًا. "بشروط."
      
      اختفى الحماس من وجه بيلا.
      
      "هايل،" تأوهت.
      
      رائع، أطلقت بايلي تنهيدة ارتياح في نفس اللحظة.
      
      "يا بنات، ده طلب أكتر منه أمر، ماشي؟ إنتو أحرار. بس أنا بتمنى إنكم تستخدموا الحرية دي... بحكمة."
      
      "يعني إيه الكلام ده؟" سألت بيلا.
      
      قبل أن يتاح لبايلي الوقت للشرح، تنهد تشارلي وأجاب، "أنا عارف إنك مبسوطة بقضاء كل وقتك مع إدوارد—"
      
      "أنا بقضي وقت مع أليس كمان،" قاطعته بيلا.
      
      لم يكن لدى أليس ساعات زيارة محددة؛ كانت تأتي وتذهب كما يحلو لها. كان تشارلي كالعجين في يديها القديرتين.
      
      "ده حقيقي،" قال. "بس إنتي عندك أصحاب تانيين غير آل كولن يا بيلا. أو كان عندك يعني."
      
      حدقا في بعضهما البعض للحظة طويلة.
      
      "آخر مرة اتكلمتي مع أنجيلا ويبر كانت امتى؟" ألقى بالسؤال عليها.
      
      "يوم الجمعة ع الغدا،" أجابت على الفور.
      
      "بره المدرسة؟" سأل تشارلي.
      
      "أنا مشفتش حد بره المدرسة يا بابا. معاقبة، فاكر. وأنجيلا عندها حبيب هي كمان. هي دايماً مع بين. لو أنا حرة بجد،" أضافت بيلا، بنبرة تشكيك واضحة، "يمكن نخرج خروجة مزدوجة."
      
      "ماشي. بس برضه..." تردد. "إنتي وجايك كنتوا لازقين في بعض، ودلوقتي—"
      
      قاطعته بيلا. "ممكن تدخل في الموضوع علطول يا بابا؟ إيه هو شرطك—بالظبط؟"
      
      "أنا مش شايف إنك المفروض تسيبي كل أصحابك عشان حبيبك يا بيلا،" قال بصوت حازم.
      
      "ده مش لطيف، وأعتقد حياتك هتكون متوازنة أكتر لو خليتي ناس تانية فيها. اللي حصل في سبتمبر اللي فات..."
      
      انتفضت بيلا.
      
      "طيب،" قال في موقف دفاعي. "لو كان عندك حياة أكتر بره إدوارد كولن، يمكن مكنش ده حصل."
      
      "كان هيحصل بالظبط زي ما حصل،" تمتمت بيلا.
      
      "يمكن، ويمكن لأ."
      
      "النقطة؟" ذكرته بيلا.
      
      "استخدمي حريتك الجديدة عشان تشوفي أصحابك التانيين كمان. خليكي متوازنة."
      
      أومأت بيلا ببطء. "متوازنة ده كويس. بس هل أنا عندي حصص وقت معينة لازم أملاها؟"
      
      كشّر عن وجهه لكنه هز رأسه. "أنا مش عايز أعقدها. بس متنسيش أصحابك..." توقف. "... خصوصاً جايكوب،" أضاف.
      
      "جايكوب يمكن يكون... صعب،" أجابت.
      
      "آل بلاك يعتبروا عيلة يا بيلا،" قال، بحزم وأبوة مرة أخرى. "وجايكوب كان صاحب كويس جدًا جدًا ليكي."
      
      "أنا عارفة ده."
      
      "هو مواحشكيش خالص؟" سأل تشارلي، محبطًا.
      
      شعرت بيلا فجأة أن حلقها منتفخ؛ اضطرت لتنظيفه مرتين قبل أن تقول، "أيوة، هو واحشني." اعترفت، وهي تنظر لأسفل. "واحشني جدًا."
      
      "أمال ليه صعب؟"
      
      "مع جايكوب، فيه... صراع،" قالت ببطء. "صراع بخصوص موضوع الصداقة، قصدي. الصداقة مش دايماً بتبان كفاية لجايك."
      
      الصداقة مش دايماً بتبان كفاية... كررت بايلي، متسائلة لماذا علقت هذه العبارة في ذهنها كثيرًا.
      
      "هو إدوارد مش قد شوية منافسة شريفة؟" كان صوت تشارلي ساخرًا الآن.
      
      وجهت إليه بيلا نظرة قاتمة. "مافيش منافسة."
      
      
      
      
      
      
      
      "إنتي كده بتجرحي مشاعر **جايك**، وبتتجنبيه بالطريقة دي. هو يفضل إنه يبقى أصحاب أحسن من إنه ميبقاش أي حاجة خالص."
      
      "أنا متأكدة إن **جايك** مش عايز يكون أصحاب خالص." الكلمات حرقت فم **بيلا**. "جابلك الفكرة دي منين أساساً؟"
      
      بدا **تشارلي** محرجاً الآن. "الموضوع يمكن يكون جه في الكلام مع **بيلي** النهاردة..."
      
      "إنت و **بيلي** بتنموا زي الستات العواجيز،" اشتكت **بيلا**، وهي تغرز شوكتها بعنف في السباغيتي المتجمدة في طبقها.
      
      "**بيلي** قلقان على **جايكوب**،" قال **تشارلي**. "**جايك** بيمر بوقت صعب دلوقتي... هو مكتئب."
      
      تأوّهت **بيلا** لكنها أبقت عينيها على الكتلة.
      
      "وبعدين، إنتي كنتي دايماً سعيدة أوي بعد ما تقضي وقت مع **جايك**." تنهد **تشارلي**.
      
      "أنا سعيدة دلوقتي،" زمجرت **بيلا** بشدة من بين أسنانها.
      
      التباين بين كلماتها ونبرة صوتها كسر التوتر. انفجر **تشارلي** في الضحك وانضمت إليه **بيلا**. نظرت إليهما **بايلي** في حيرة.
      
      "ماشي، ماشي،" وافقت **بيلا**. "**توازن**."
      
      بافتراض أن المحادثة انتهت، استعدت **بايلي** للانسحاب إلى غرفتها ولكن لسوء الحظ—"إنتي فاكرة رايحة فين يا ست البنات؟"
      
      استدارت وهي حائرة. لقد كانوا جميعًا مبتهجين للتو. **تشارلي** وضع القواعد الأساسية. **بيلا** أساساً محتاجة تخدم حياتها خارج **إدوارد** وتُحيي صداقتها مع **جايكوب**، وانتهى الموضوع. **بايلي** لم يكن لديها تلك المشاكل. هي مش غاضبة من **جايكوب** عشان فتن عليهم—المشروع كله اتقفل تماماً عشان كده هي ارتاحت. وكمان، هي مش مهووسة بمصاصي الدماء. لذا، افترضت إنها في أمان. إيه اللي ممكن يكون عايز يقوله؟
      
      "أوضتي،" أجابت **بايلي** بكل بساطة.
      
      "**بيلا** مش الوحيدة اللي ليها شرط."
      
      رمشت **بايلي**. لو كان شرط، إيه الفايدة؟ هي مش عايزة حريتها... مش دلوقتي على الأقل.
      
      "بس—"
      
      "إنتي محتاجة **أصحاب**،" قال **تشارلي**.
      
      "لأ، أنا مش محتاجة،" ردت **بايلي** بتحدي. هي عندها أصحاب—**جاسبر**، **جايكوب**... و **بول**—دول تلاتة، وده أكتر من كفاية.
      
      "لو إنتي متوقعة إني هسمحلك إنك ممكن تسافري للكلية وإنتي عندك ستة عشر سنة، أنا محتاج أعرف إنك قادرة على **التواصل الاجتماعي**."
      
      شردت نظرة **بايلي** حولها قبل أن تعود إلى طاولة العشاء.
      
      "التواصل الاجتماعي ده **مبالغ فيه**،" تمتمت.
      
      "التشبيك مهم أوي في المرحلة دي وأنا مش عايزك تبقي من الناس اللي بتروح الكلية وترجع على سكن الكلية على طول زي الناسك،" قال **تشارلي**. "بصراحة، ده اللي إنتي بتعمليه دلوقتي."
      
      كانت **بايلي** منزعجة جداً لدرجة إنها متضايقتش.
      
      "يعني إنت بتقول... إنت عايزني أروح حفلات بدل المذاكرة؟"
      
      عبس **تشارلي**. "مش ده اللي بقوله وإنتي عارفة إني مش بقول كده. أنا بس عايزك تتعودي على الأقل تقابلي ناس جديدة وممكن تعملي **روابط**. مش هتقدري تتجنبي باقي العالم للأبد."
      
      نظرت إليه **بايلي** بتعبير لا يمكن وصفه إلا بأنه يقول: "تراهن؟"
      
      "ده شرطي ليكي يا **بايلي**. اعملي **صديق جديد واحد على الأقل قبل التخرج**."
      
      كتّفت **بايلي** ذراعيها. "شرط **بيلا** أسهل بكتير..."
      
      ---
      
      "لازم نعمل **انقلاب**، هو اتحول لديكتاتور كامل،" تذمرت **بايلي** وهي و **بيلا** صاعدتان الدرج بعد أن انتهيتا من الأكل.
      
      قطبت **بيلا** حاجبيها. "مش هقول كده."
      
      "إيه اللي ممكن تقوليه غير كده؟" هزت **بايلي** رأسها. "ممكن أرفع قضية معاملة قاسية وغير إنسانية؟ أو الأفضل، أنا مش هعمل كده وخلاص. العقاب مش وحش خالص."
      
      وصلتا إلى الطابق الثاني وفحصت **بيلا** **بايلي** عن قرب. شاهدت أختها تفرك دوائر في ظهر يدها بإبهامها وبدأت تتمايل للأمام والخلف بعد أن توقفتا.
      
      "فيه حاجة مش بتقوليها لي،" قالت **بيلا**. فجأة، أمسكت **بايلي** من قميصها وسحبتها إلى غرفتها، وأغلقت الباب خلفها حتى يتمتعا ببعض الخصوصية. "إيه هو؟ إيه اللي مضايقك؟"
      
      نظرت **بايلي** بعيداً في صمت.
      
      "يلا يا **بايلي**، ممكن تتكلمي معايا. يمكن أقدر أساعد؟"
      
      لعقت **بايلي** شفتيها وزفرت. ثم شرعت في شرح ما كان يدور في ذهنها. أخبرت **بيلا** عن **بول** و **انطباعه** عنها وعن تفاصيل ما ينطوي عليه **الانطباع** مما استطاعت فهمه. كشفت كيف أن هذا الاعتراف كان يضغط عليها لأنها لم تكن تعرف كيف تتصرف. هل ستبقى الأمور كما هي؟ هل من المفترض أن تتغير الأمور؟ هل هي تريد أن تتغير الأمور؟ إذا كان الأمر كذلك، فبأي طريقة؟
      
      للحظة، صُدمت **بيلا**. كانت لديها شكوك حول علاقة **بايلي** و **بول**—صداقة، ربما أصحاب بمزايا. لم يكن هذا ما تخيلته، والحمد لله على ذلك. كان الأمر أكثر براءة مما كانت تظن، وأكثر **نقاءً**.
      
      حاولت ألا تبتسم وهي تنظر إلى **بايلي**. كانت الفتاة الجميلة ذات الستة عشر عامًا تضغط يديها معًا وخدودها حمراء قانئة. لم تبدو وكأنها تلاحظ أنه على الرغم من "**المأزق**" الذي تمر به، كانت عيناها تلمعان بوضوح بمجرد ذكر **بول**.
      
      "أها،" أومأت **بيلا**. "طيب، يبقى أنا كده أظن إنك لازم تعملي **تجربة**."
      
      نظرت إليها **بايلي**. "قصدك إيه؟"
      
      "إنتي قولتي إنك مش متأكدة من طريقة التصرف، صح؟ يبقى **اختبري الموقف** معاه. إحنا بالفعل عندنا السؤال: **هل تريدين أن تتغير علاقتك بـ بول؟** انطلقي من هنا وخلاص."
      
      رمشت **بايلي** ثم نظرت بعيداً عن أختها وهي غارقة في التفكير. أيوة، طبعاً! ليه مفكرتش في كده قبل كده؟ ده منطقي جداً. مش هتحصل على أي إجابات عن طريق الاختباء منه، واستخدام عقوبتها كذريعة لتجنب الموضوع بالكامل. دي مش الطريقة اللي المفروض عقلها العلمي يشتغل بيها. هي محتاجة إجابات، محتاجة **تختبر** الأمور عشان توصل لاستنتاج ملموس. **بول** هيكون موافق كمان، هي متأكدة من ده.
      
      "عندك حق تماماً. أنا مش مصدقة إني مفكرتش في كده قبل كده، شكراً ليكي." كانت **بايلي** أكثر فرحاً الآن. لقد سمحت لعواطفها إنها **تغيم على حكمها**، يا للأسف، يا للإحراج.
      
      خفتت ابتسامة **بيلا** قليلاً ومضغت الجزء الداخلي من خديها.
      
      حديث العلاقات، والشباب تحديدًا، أثار ذكرى حديثة إلى حد ما. ذكرى كانت هي تتجنبها بنفسها، مثل أختها—لا بد أن هذا يسري في العائلة. قبل أن تدرك، كانت قد انزلقت الكلمات للتو من فمها.
      
      "**إدوارد** طلب إيدي،" همست، لكنها كانت عالية بما يكفي لتسمعها **بايلي**.
      
      "طلب إيه؟" سألت **بايلي** وهي شاردة الذهن، كانت مركزة أكثر على نوع التجربة التي يجب أن تنشئها لفهم مشاعرها تجاه **بول** وظروف علاقتهما.
      
      "طلب **يتجوزني**،" حاولت **بيلا** أن توضح.
      
      "طلب إيه يتجوزك؟"
      
      "يا **بايلي**!" رفعت **بيلا** صوتها بضع درجات؛ لم تكن تصرخ ولكن أعلى قليلاً من صوتها العادي.
      
      نظرت إليها **بايلي**. تدريجياً، جمع عقلها القطع معًا. **إدوارد** طلب إيدها... اتسعت عيناها على الفور.
      
      "بس إنتي عندك **تمنتاشر سنة**!" صاحت.
      
      تجولت **بيلا** نحو سريرها وجلست. سقطت على ظهرها وحدقت في السقف.
      
      "الناس زمان كانوا بيتجوزوا أصغر من كده. حتى دلوقتي، ناس اتجوزت في سني." لم تستطع **بايلي** التأكد مما إذا كانت **بيلا** تحاول إقناعها هي أم تقنع نفسها.
      
      "أيوة، المورمون اللي معندهمش حاجة أحسن يعملوها غير التكاثر،" انفجرت **بايلي**. "وكمان، أنا متأكدة إنك مش هتقدري تعملي ده! إنتي مقولتيش **موافقة** صح؟"
      
      "تقنياً، أنا مقولتش أي حاجة. أنا بتجنب الموضوع."
      
      "كان لازم ترفضيه. وتقضي على أي أمل في اقتراحه السخيف ده."
      
      انقلبت **بيلا** على جانبها حتى تتمكن من رؤية **بايلي**. "مش عارفة أقولك إيه. قصدي الفكرة دي مش ممكن تكون—"
      
      "إوعي تفكري حتى. الفكرة **فظيعة**. ماما وبابا اتجوزوا صغيرين، فاكرة؟ بصي عليهم دلوقتي، مطلقين، وبالكاد بيتكلموا مع بعض... اتفاق حضانة فظيع. ده **غبي**."
      
      عبثت **بيلا** بأطراف شعرها البني. "ماشي، بس علاقتي بـ **إدوارد** مختلفة نوعاً ما عن **رينيه** و **تشارلي**، مش كده؟ غير كده، زي ما قولتي... أنا تمنتاشر سنة وإدوارد سبعتاشر. لو استنينا أكتر—"
      
      "إدوارد عنده **مية وأربع سنين**،" قالت **بايلي** بجمود. "هو اتولد قبل الحرب العالمية الأولى. الولد ده جثة بتمشي. مش رايح في أي حته."
      
      حدقت **بيلا** في **بايلي** وهي غير مستمتعة.
      
      هزت **بايلي** كتفيها. "أنا بس بقول. هو اتولد في وقت كان فيه '**الخِطبة**' لسه حاجة. وقت مكنش فيه للستات الحق القانوني في التصويت. دلوقتي إنتي عايزة تتجوزي واحد متجمد للأبد عنده سبعتاشر سنة، اللي اتربى واتأثر بعصر كانت فيه الستات تقريباً **ممتلكات** لأزواجهم؟ يمكن تفكري في القرار ده شوية أطول."
      
      "إدوارد مش هيعمل كده."
      
      "إدوارد سابك في الغابة وتقريباً سابك للموت،" انفجرت **بايلي**.
      
      "كنت فاكراك بتحبي **إدوارد**،" جلست **بيلا** بسرعة.
      
      ضمت **بايلي** شفتيها، ولوّحت بيدها وهي تتحدث، "أنا يا دوب بتحمله كشخص. لكن كحبيبك، بصي، خلينا نقول إن رأيي فيه بقى أسوأ بكتير مؤخراً. مش هدخل في تفاصيل أكتر بالرغم من كده عشان مش عايزك تعيطي."
      
      "كم أنتِ **مراعية**،" قالت **بيلا** بسخرية.
      
      "بحاول،" ردت **بايلي**، آخذة كلماتها حرفيًا.
      

      مغامرات راي

      مغامرات راي

      بقلم,

      اجتماعيه

      مجانا

      راي بتروح تقعد مع صاحبتها الانتيم "بيلا" اللي أبوها شايف إنها بقت "زي الزومبي" بعد ما حبيبها سابها. مهمة راي إنها تحاول ترجع بيلا للحياة تاني، بس بتكتشف إن بيلا بقت بتدور على الخطر عشان تحس بأي حاجة. بيلا بتتهور وبتشتري تلات موتوسيكلات خربانة عشان هي وراي وجيك (أخو راي) يصلحوهم. ده بيورط راي وأخوها في سر كبير لازم يخبوه عن أبوهم (بيلي) وعن أبو بيلا (تشارلي). الرواية بتمشي في سكة محاولة بيلا إنها "تتغير" عن طريق الأدرينالين والخطر، وصاحبتها اللي بتحاول تحميها.

      راي

      سابت كل حاجة عشان تقف جنب صاحبتها في أزمتها. لسانها طويل شوية، خصوصًا مع أخوها "جيك"، بس قلبها أبيض وبتحب بيلا جدًا.

      بيلا

      البنت اللي في الأزمة. حبيبها (إدوارد) سابها و"كسرها"، وبقت عايشة في عالم تاني. بدأت تدور على أي إحساس بالأدرينالين والخطر (زي الموتوسيكلات) عشان تهرب من وجعها أو تحس إنها عايشة.

      جيك

      شاب بيعرف في الميكانيكا وشاطر. بيحب يتخانق وينكش في أخته (راي)، وباين إن فيه "جو" أو علاقة خاصة بينه وبين بيلا.
      مغامرات راي
      صورة الكاتب

      "بجد شكراً تاني إنك عملتي كده يا راي. وقولي لبيلي إني بشكره هو كمان."
      
      الارتياح والتعب اللي كانوا على وش تشارلي المسكين خلوني قربت أعيط وأنا بدخل البيت اللي من دورين، والجدران المألوفة بتبصلي.
      
      أنا جيت هنا مرات كتير قبل كده، لإن بيلا كانت زي أقرب صاحبة ليا، بس المرة دي، أنا هنا عشان أفضَل. على الأقل هفضل شوية، لحد ما بيلا تلم نفسها.
      
      بصوا، بيلي، أبويا، وتشارلي، أبو بيلا، هما اللي رتبوا الموضوع ده. كان المفروض إني أقعد في المنطقة بتاعتنا الصيف ده زي ما بعمل كل مرة، بس من ساعة ما إدوارد كولين ساب صاحبتي وهي متدمرة خالص.
      
      تشارلي بيقولي إنها يا دوب بتاكل ومبقتش بترد على مكالماتي خالص. أنا مش عارفة بالظبط هو عملها إيه، بس اطمنوا، لما ألاقيه، ليا معاه كلام تاني خالص.
      
      "مفيش مشكلة يا تشارلي،" قلتله وأنا بحط شنطتي وبتنهد. "أي حاجة أقدر أساعد بيها."
      
      "أنا بس... أنا عمري ما شفت حاجة زي دي يا راي. بيلا... دي طول عمرها قوية. بس هو كسرها. لما مشي، هو بس..."
      
      تشارلي بلع ريقه بصعوبة وأنا حسيت بالدموع بتلمع في عينيا.
      
      "أنا آسفة،" همست بصوت واطي، وزوري كان واجعني. "زي ما قلت، أي حاجة أقدر أساعد بيها، هعملها."
      
      "هي في أوضتها،" تشارلي نضف زوره وهز راسه. "أنا... أنا هسيبك ليها."
      
      بوش مكشر وقلبي واجعني على بيلا، طلعت السلم على مضض وأنا بتنهد.
      
      كرهت إن الدنيا توصل لكده. كرهت إني مضطرة أعيش هنا بنفسي لإن تشارلي كان مُرهق لدرجة إنه مبقاش قادر يتعامل لوحده خلاص. الهالات اللي تحت عينيه وجعت قلبي؛ أنا بس كنت بحاول أتخيل بيلا عاملة إزاي.
      
      بتردد، وقفت ورا الباب الأبيض وخبطت بالراحة. هو كان مفتوح، بس مسمعتش أي حركة حد جاي يشوف مين.
      
      "بيلا؟" دخلت ببطء، ولاحظت على طول الفوضى اللي مش شبه بيلا خالص. هي مش مهووسة نظافة أوي يعني، بس كانت دايمًا مرتبة. "بيلز، إنتي هنا؟"
      
      مفيش رد.
      
      دخلت جوه خالص وشهقت لما شفتها أخيرًا.
      
      كانت قاعدة على كرسيها، من غير أي حركة. كان شكلها زي الشبح، مجرد هيكل للبنت اللي كانت أقرب صاحبة ليا.
      
      "يا بيلا،" رميت كل حاجة وجريت على طول جنبها، وأنا شايفة تعابير وشها الغايرة وبشرتها الباهتة.
      
      "راي؟"
      
      أخيرًا، رد فعل. عين بيلا وسعت وهي بتلف بكرسيها، ومشاعر قليلة ظهرت في عينيها البنية. "إنتي إيه... قصدي إنتي إزاي-"
      
      وبيلا بتتلعثم في كلامها، أنا ضحكت ضحكة خفيفة.
      
      "تشارلي بعتني، يعني زي ما تقولي 'فرقة حماية بيلا'، عشان أتأكد إنك كويسة. هو وبيلي هيخلوني أعيش هنا شوية لحد ما إنتي... أمم..."
      
      صمت محرج سيطر علينا وبيلا بصت في الأرض بكسوف.
      
      "هو بعتك تعيشي معانا هنا؟ معرفش هو قالك إيه بس يا راي أنا بجد مش للدرجة دي-"
      
      "بيلا،" قاطعتها قبل ما تكمل. "هو كان هيرجعك جاكسونفيل، إنتي فاهمة طبعًا؟ هو قال إن الوضع سيء للدرجة دي."
      
      كل الناس كانت عارفة إن بيلا هي فرحة تشارلي وكل حاجة ليه. هو عمره ما كان هيحب يشوفها بتمشي، بس عشان يوصل إنه يبعتها بإرادته، يبقى أكيد فيه حاجة غلط.
      
      "جاكسونفيل؟" عين بيلا وسعت. "إيه؟! هو ميعرفش يبعتني جاكسونفيل! ده مش-! هو مينفعش-!"
      
      "بيلا، بيلا!" مسكتها وهي بتبدأ تقوم بهياج، والهلع في عينيها. "بيلا اهدي! محدش هيبعت حد لجاكسونفيل! على الأقل مش دلوقتي..."
      
      تشارلي بس قال إن ده هيكون آخر حل ليه، لو أنا معرفتش أساعد. فيعني لو فشلت...
      
      "راي أنا مينفعش أمشي،" عين بيلا كانت لسه واسعة. "قصدي إنتي مش فاهمة، إدوارد-"
      
      إحنا الاتنين أخدنا نفسنا بصعوبة.
      
      "أ-أنا قصدي... حياتي هنا. أنا بس أمشي. مينفعش أمشي،" بيلا همست. أنا كشرت.
      
      "بيلز، إنتي حتى مبقتيش بتقومي من السرير،" همست بحزن. "مبتتكلميش، يا دوب بتاكلي. تشارلي هيموت من القلق. بيقول إنك مبقتيش بتعملي أي خطط معايا أو مع أي حد من صحابك التانيين. إنتي مينفعش تعيشي كده على طول."
      
      "أنا عارفة،" بيلا قالت. "بس أنا... أنا كنت بعمل خطط. أنا وجيسيكا صاحبتي... إحنا كنا هنروح نـ-نعمل شوبينج."
      
      بيلا بصت بعيد في الفراغ وأنا رفعت حاجب.
      
      "شوبينج؟" أنا قربت أضحك بسخرية من كتر ما الموضوع كان سخيف. "بيلا، إنتي بتكرهي الشوبينج!"
      
      "مبقتش أكرهه!" دافعت عن نفسها، وإحنا الاتنين كنا عارفين إنها كدبة. "أ-أنا عايزة أروح. في الحقيقة، هي قالت إننا ممكن نروح النهاردة. الليلة. و-ونتفرج على فيلم، لو إنتي عايزة تيجي معانا."
      
      درست وشها. أنا أعرف بيلا من زمان و كان واضح إنها بتكدب. مع ذلك، كان شكلها يائس. وبيلا عمرها ما كانت يائسة.
      
      بصتلي بعينين بتترجاني وعدت إيدها في شعرها.
      
      "أرجوكي متخليهوش يبعتني. ساعديني أوريله... أ-أنا ممكن أتغير. أرجوكي؟"
      
      شكيت في ده، على الأقل بالطريقة اللي هي بتوصفها، بس مع ذلك، هي كانت صاحبتي وأنا كنت هنا عشان أساعدها.
      
      "ماشي،" قلت، وأنا بخرج نفس. "يلا نروح نعمل شوبينج وحاجات. بس مين جيسيكا دي، لو تسمحيلي أسأل؟"
      
      \* \* \*
      
      "هما كانوا بيحاولوا يتريقوا على الجذام؟ لإن ده ميضحكش. ابن عمي كان عنده جذام وأنا..."
      
      مسكت نفسي بالعافية من التأفف وبيلا كانت كاتمة ضحكتها، وجيسيكا داخلة في نوبة رغي تانية عن نفسها.
      
      لو كنت أعرف مين جيسيكا دي، عمري ما كنت جيت الليلة. أوكيه، سيبك من ده، أنا كنت هاجي برضه، بس يا إلهي كنت أتمنى لو جبت معايا سدادات ودان.
      
      "ويعني، هو ده كان المفروض يبقى استعارة للنزعة الاستهلاكية؟ لإن يعني، متكونيش فرحانة بنفسك أوي كده، فاهمة...؟"
      
      "تمام!" لفيت فجأة قدام البنات، ووقفتهم بابتسامة مزيفة على وشي. أنا مكنتش قادرة أستحمل أكتر من كده. "مين عندها أي أفكار نعمل إيه بعد كده؟ مكتبة؟ ميلك شيك؟"
      
      أي حاجة تخلي البنت دي تسكت، فكرت بوقاحة.
      
      "في الحقيقة الميلك شيك فكرة حلوة،" بيلا جارتني، "أنا أعرف مكان معين-"
      
      "أهلاً يا حلوين! ما تيجوا هنا وتركبوا معانا- قصدي معانا!"
      
      صوت مفاجئ قاطع بيلا وخلانا إحنا التلاتة نلف.
      
      بقرف، شفت مجموعة من ست خنازير بيبصوا علينا، بيفلّونا بعينيهم. واحد منهم غمزلي وأنا صوت قرفي طلع غصب عني.
      
      "مقرف."
      
      "إيه القذر ده،" جيسيكا قالت باحتقار، ولأول مرة أتفق مع البنت دي.
      
      "يلا بينا، نمشي من هنا،" قلت بحماية، وأنا بشد دراع بيلا.
      
      "أه،" جيسيكا وافقت، بس بيلا متحركتش.
      
      "استني، أنا شكلي عارفة الرجالة دول،" قالت، وهي بتشد إيدها مني، وده صدمني أنا وجيسيكا.
      
      إيه الجنان ده؟
      
      "بيلا؟ بيلا!" ندهت على اسمها بقلق بس جيسيكا منعتني أروح وراها. بعجز، اتفرجت عليها وهي بتركب ورا واحد من الرجالة على موتوسيكل وبيختفوا.
      
      "يا شيخة، إيه الهبل ده!" شديت نفسي من جيسيكا بغضب. "ليه مسكتيني؟ أنا كنت هروح وراها!"
      
      "إيه، وتروحي تموتي إنتي كمان؟ أنا مش هطلع في برنامج جرايم مرتين!"
      
      نفخت بضيق، وبصتلها بغل وبصيت بقلق على المجموعة. هما كانوا لسه مبحلقين فيا، بس حاجة جوايا قالتلي منزليش هناك.
      
      "يلا يا بيلا، يلا بقى..."
      
      دعيت إنها ترجع سليمة. أبويا، ده غير جيك وتشارلي، كانوا هيقطعوا رقبتي لو مرجعتش.
      
      "يلا بقى..."
      
      فجأة، صوت زئير موتور خلّى قلبي يطير.
      
      بيلا رجعت بسرعة في مدى الرؤية، لسه سليمة، ونزلت من على موتوسيكل الراجل لما وقف.
      
      بمكسوف، مشيت ناحيتنا بس كان شكلها مرتاح أكتر ما هي خايفة.
      
      "بيلا! يا إلهي الحمد لله!"
      
      حضنتها جامد وبعدها على طول ضربتها على دراعها، وده خلاها اتنفضت. جيسيكا كانت واقفة وراها بإحراج.
      
      "إيه يا بنتي، إيه الهبل ده؟ إنتي عايزة تموتي ولا إيه؟!"
      
      "أيوة، أنا وراي افتكرناكي هتطلعي في برنامج جرايم ولا حاجة!" جيسيكا اتدخلت. "إنتي كان في دماغك إيه بالظبط؟!"
      
      "كانت... مغامرة،" بيلا قالت بحماس، وده خلانا إحنا الاتنين فاغرين. "أنا عايزة أعملها تاني. أنا محتاجة..."
      
      سكتت في نص الكلام وأنا تابعت عينيها وهي بتبص في الفراغ. مكنش باين إن فيه حاجة هناك، بس كان فيه ابتسامة خفيفة على وش بيلا والضلمة بتبتسم لها هي كمان.
      
      اتنهدت.
      
      الموضوع ده هيبقى أصعب مما افتكرت.
      
      
      
      
      
      
      صحيت تاني يوم الصبح على رسالة.
      
      جيك: بيلا عاملة إيه؟ لسه زي الزومبي؟ :ب
      
      قلبت عينيا.
      
      راي: متقولش كده يا غبي. والوقت لسه بدري أوي إنك تبعت رسايل
      
      موبايلي اهتز بعد أقل من دقيقة.
      
      جيك: مش بدري للناس الطبيعيين زينا
      
      جيك: مش كل الناس بتنام لحد الضهر
      
      أنا: ماشي. سلام
      
      جيك: بحبك إنتي كمان
      
      أنا: غور من وشي
      
      أنا: بحبك إنت كمان
      
      اتنهدت وأنا بسيب الموبايل، وببص على الساعة. اتضايقت لما أدركت إن جيك كان عنده حق.
      
      كانت الساعة قربت تيجي اتناشر ونص اليوم كان ضاع خلاص. بس عشان أكون صريحة، أنا لمت بيلا وتصرفاتها الغريبة بتاعة إمبارح بالليل. التوتر ممكن يبقى حمل كبير على الواحد.
      
      بس بمناسبة الموضوع ده، لبست بسرعة ونزلت للدور اللي تحت. كان يوم التلات عشان كده كنت عارفة إن تشارلي مشي. بس كنت بتمنى إن بيلا متكونش اتسحبت وخرجت هي كمان.
      
      "بيلز؟ إنتي هنا؟"
      
      ياااه هو أنا بضحك على مين. بيلا هتروح فين بإرادتها، خصوصًا دلوقتي؟
      
      أكيد مش مع عصابة موتوسيكلات تانية، أتمنى يعني.
      
      "أيوة أنا هنا! أنا بره!"
      
      نزلت ومشيت ولقيت الباب الأمامي مفتوح، وكان فيه صوت "بيب بيب" غريب جاي من بره. كان صوته زي ونش سحب، وللحظة اتساءلت إذا كانوا جم أخيرًا عشان ياخدوا الخردة اللي أبويا باعها لها.
      
      "بيلا؟ إيه اللي-"
      
      أوه.
      
      أوه.
      
      الموضوع كان أسوأ. أسوأ بكتير، بكتير أوي من ونش سحب. في الحقيقة، أنا كنت متأكدة إنه لو تشارلي كان هنا، كان هيقبض على راي بيكرتون حالاً لإنه بيحمّل مش موتوسيكل واحد، لأ تلاتة، في شنطة عربية بيلا.
      
      بُقي اتفتح من الصدمة.
      
      "كده كويس يا راي! شكرًا!" بيلا ندهت على الراجل العجوز، اللي ابتسم وعملها علامة "تمام" بإيده.
      
      بعدها رجعت لجوه البيت، مطرح ما كنت مستنياها وبُقي لسه مفتوح.
      
      "بيلا،" سألتها ببطء، وهي بتبصلي ببراءة، "إنتي. عملتي. إيه؟"
      
      "اشتريت تلات موتوسيكلات من راي. قلتله يحملهم على العربية عشان أقدر أخدهم لجيكوب يمكن يصلحهم." عضت على شفتها.
      
      أخدت نفس ببطء.
      
      "إنتي... إنتي اشتريتي موتوسيكلات؟ عشان أخويا يصلحهم؟"
      
      جيك، لو إنت مشترك في الموضوع ده، أنا هقتلك.
      
      "أرجوكي متقوليش لتشارلي!" بيلا نطقت بسرعة وهي ملاحظة تعبيراتي. "هو أصلًا قلقان كفاية."
      
      "إنتي محظوظة إني مقولتلوش على اللي حصل إمبارح بالليل، لكن ده!" بصيت لبيلا ومش مصدقة. "لو تشارلي أو أبويا عرفوا إحنا الاتنين هنتعاقب! ده غير جيك! قصدي، هو أصلًا يعرف؟"
      
      "أنا كنت مخططة أقوله لما أوصل هناك،" بيلا قالت بكسوف.
      
      "يعني إنتي حتى مستأذنتيش الأول قبل ما تجنديه كده؟"
      
      "ما هو طول الوقت عمال يتفاخر بمهاراته! وبيقولي إنك شاطرة إنتي كمان. وإنتي طول عمرك كان نفسك في موتوسيكل،" بيلا حاولت تزقني، وهي عارفة إنها صح.
      
      أنا فعلًا كنت عايزة، بس بيلي كان هيقطع رقبتي لو اشتريت واحد، أو حتى فكرت أصلح واحد.
      
      بس برضه...
      
      اتنهدت. "إنتي محظوظة إني بحبك يا بيلا سوان،" استسلمت. "بس ولا كلمة لتشارلي أو بيلي، مفهوم؟"
      
      بيلا ابتسمت ابتسامة عريضة. "بُقي مقفول."
      
      \* \* \*
      
      "أبويا هيقتلنا إحنا الاتنين،" جيك قال أول ما وقفنا بالموتوسيكلات.
      
      "أهلاً بيك إنت كمان يا أخويا،" قلت بسخرية، وأنا بنط من عربية بيلا وباخده بالحضن.
      
      "أهلاً جيك،" بيلا ابتسمتله ابتسامة خفيفة وهي بتنط من العربية هي كمان. "أنا جبتلك هدية."
      
      "شايف،" جيك رفع حاجب ورجع حضني. "مكانش ليه لازمة. تشارلي وبيلي هيقتلونا."
      
      "ده بس لو عرفوا،" وضحتله. "بس لو حد فتَن،" بصيتله بغل.
      
      جيك قلب عينيه. "أنا مش هفتن،" قال وهو بيزقني. "أنا بس مستغرب ليه جبتوهم هنا، بالذات."
      
      "أصل الكلام اللي داير في البلد إنك ميكانيكي جامد،" بيلا بدأت.
      
      "بجد؟" جيك حاول ميبتسمش. أنا قلبت عينيا على فرحته الواضحة أوي دي. "وإيه كمان؟"
      
      "ما أنا كنت بتمنى... إنك يمكن تساعدنا نصلحهم؟"
      
      كان فيه لمعة معينة في عينيها وهي بتبص لأخويا، لمعة مكنتش موجودة حتى معايا. بيلا وجيك، حسنًا، أعتقد ممكن تقول إنهم بيلفوا ويدوروا حوالين بعض من زمان أوي. وأنا كان عندي فضول أعرف إيه اللي هيحصل بينهم الصيف ده.
      
      "أنا؟" جيك عمل نفسه مبهور. "لأ... قصدي أنا-"
      
      "يا إلهي ما توافق وتخلص بقى؟" قاطعته وأنا بنفخ بضيق. "يلا، قدامك شوية موتوسيكلات تصلحها!"
      
      "أعتقد قصدك إحنا،" جيك صححلي، وهو بيضيق عينيه ناحيتي. "ومتقاطعينيش كده تاني. عيب تقاطعي اللي أكبر منك."
      
      نفخت. "الحاجة الوحيدة اللي إنت متفوق عليا فيها هي الطول يا بلاك. إنت يا دوب أكبر مني."
      
      "أكبر منك بحداشر شهر، وده معناه إن بالقانون أنا اللي أقولك تعملي إيه."
      
      رفعتله صباعي الأوسط. "ده بعينك."
      
      فك جيك وقع.
      
      بيلا كانت بتبصلنا ببساطة وابتسامة عريضة على وشها، مستمتعة.
      
      

      عالم سحري - رواية فانتازيا

      عالم سحري

      بقلم,

      فانتازيا

      مجانا

      في عالم سحري مقسوم، بس الخير والشر مش واضحين زي ما إحنا فاكرين. القصة بتمشي في خطين: الأول عن "جماعة العنقاء" ومشاكلهم مع "المختار" الضعيف، وظهور سر قديم إن هاري بوتر ممكن يكون لسه عايش. الخط التاني عن "هادريان"، القائد الغامض في الجانب المظلم، اللي بيعاني من ذنب قتل سيريوس بلاك بعد ما اكتشف خيانته. حبيبة هادريان، دافني، بتحاول تفضل جنبه وتدعمه رغم الندبة الكبيرة اللي خدتها وهي بتحميه ورغم قسوته عليها. الرواية كلها عن الخيانة، والأسرار المدفونة، والحب في وسط الحرب، ومين فيهم اللي على حق.

      ألباس

      القائد العجوز اللي بيحاول يلم الليلة، بس مخبي أسرار كتير وغلط غلطات كبيرة.

      جيمس

      أبو "المختار"، عصبي ومتعجرف، رافض يصدق إن ابنه التاني (هاري) ممكن يكون عايش وضده.

      سيفيروس

      غامض وكلامه دبش، مش طايق جيمس بوتر بس شايف الحقيقة اللي محدش عايز يشوفها.
      عالم سحري - رواية فانتازيا
      صورة الكاتب

      مكان غير معلن [٢٠ يونيو]
      
      ألباس دمبلدور حدق في الطاولة الخشبية الثقيلة التي كان يجلس إليها، نظره مُثبت على الخدش الكبير الذي يمتد عبر الخشب ذي المظهر العتيق. لقد مرت أربع ساعات منذ وصوله، ولم يتوصلوا بعد إلى حل يمكن للجميع الاتفاق عليه.
      
      حسنًا، فكر في نفسه بتهكم، الاتفاق كان طلبًا كبيرًا. ربما كان عليه أن يهدف إلى مجرد التحمل، فهذا بحد ذاته سيكون من الصعب تحقيقه.
      
      أغمض عينيه بينما استمرت الأصوات من حوله في الارتفاع أكثر وأكثر. لم يكن متأكدًا مما إذا كان العمر قد بدأ يلحق به أخيرًا، أو ما إذا كان الجدال الدائري الذي لا ينتهي الذي جُر إليه - لكنه ببساطة لم يعد لديه الصبر لهذا بعد الآن.
      
      خبط بقبضته على الطاولة، مما جعلها تهتز بشكل غير مستقر من القوة الهائلة وراء يده. توقفت الجلبة التافهة على الفور، وعندما فتح دمبلدور عينيه مرة أخرى، رأى الجميع يحدقون به في مفاجأة.
      
      شبك ألباس يديه فوق الطاولة. "أتمنى أن تسامحوني على إخافتكم"، تمتم بهدوء، مدركًا تمامًا أن الجميع اضطروا إلى الانحناء للأمام فقط لسماعه. "لكني كنت بحاجة لجذب انتباهكم."
      
      "حسنًا، لقد حصلت عليه الآن"، قال سيفيروس سناب بحدة، وهو يتفحص أظافره المشذبة بعناية بلا مبالاة. "ما هي التفاهات السخيفة المليئة بالاستقامة التي تنوي إضافتها إلى هذه المشادة؟"
      
      تنهد، "سيفيروس-"
      
      "اخرس يا سنايفيليس"، قاطعه جيمس بوتر في نفس الوقت. "محدش طلب منك تيجي."
      
      "في الواقع، أنا الذي طلبت من سيفيروس حضور هذا الاجتماع"، كشف دمبلدور، وهو يلقي نظرة صارمة على طالبه السابق المفضل، "على الرغم من أنني أقدر ولائك يا جيمس، يجب أن أطلب منك أن تضع مخاوفك الشخصية جانبًا من أجل التعاون."
      
      "المفروض ميكنش هنا"، أصر جيمس، وهو يطوي ذراعيه بعناد على صدره، "إنه من آكلي الموتى. أي شيء نناقشه سيذهب مباشرة إلى آذان سيده الثمين."
      
      "لا يجب أن تتحدث عن أمور لا تعرف عنها شيئًا يا بوتر"، حدق سناب.
      
      "أمور لا أعرف عنها شيئًا؟" كرر جيمس بنبرة هادئة بشكل خادع. لمعت عيناه وهو يصرخ، "ابني هو المختار."
      
      "أنا مدرك لذلك بشكل مؤلم"، أدار سناب عينيه. "يا ميرلين، ساعدنا جميعًا."
      
      "سيفيروس"، قاطع ألباس ما كان من المؤكد أنه سيكون جدالًا طويلاً وتافهًا بين زميلي الدراسة السابقين، "دعونا نحاول إبقاء هذا النقاش مقتصرًا على البالغين."
      
      "هذه هي المشكلة"، سخر سناب، مُضيقًا عينيه على أعضاء الجماعة الآخرين حول الطاولة. "لقد كنت تركز على الأشياء الخاطئة لفترة طويلة جدًا يا ألباس. المختار هو الساحر الوحيد الذي تنبأت النبوءة بأنه سيهزمه. لكن ألكسندر بوتر على وشك أن يصبح بالغًا، وقدراته السحرية بالكاد توازي قدرات طالب في السنة الرابعة. إذا أرسلناه لمحاربة سيد الظلام، فلن يقتل نفسه فحسب، بل سيدمر فرصنا في الفوز بالحرب."
      
      "إياك أن تتجرأ على الحديث عن ابني-"
      
      "وإلا ماذا يا بوتر؟" ابتسم أستاذ الوصفات. "لو كنت في مكانك-"
      
      "أوه، كنت ستحب ذلك، أليس كذلك؟" ضحك جيمس ساخرًا منه. "أنا متأكد من أنك كنت ستحب العودة إلى المنزل لـ ليلي كل ليلة وتلعب دور الزوج الحنون"، انخفض صوته إلى همسة وهو يغمز. "يمكنك الحصول عليها، إذا أردت. بعد أن أصيبت بالجنون وحاولت قتلي، لم تعد ترضيني تمامًا بنفس الطريقة. أنا متأكد من أنها ستدعك أخيرًا تحصل على فرصة الآن. كما تعلم، إذا كنت تحب المجنونات."
      
      قبض سناب يده في قبضة تحت الطاولة، رافضًا الانجرار للطعم. صر على أسنانه وحافظ على صوته متحكمًا به بشكل ملحوظ وهو يقول، "ربما كنت قد أزعجتها عندما أرسلت طفلك الآخر إلى موت محقق على يدي أختها."
      
      "كفى حديثًا عنه!" زأر جيمس، ناهضًا من مقعده فجأة وكاد يقلب كرسيه، "لقد سمعت ما فيه الكفاية!"
      
      "جيمس"، بدأ دمبلدور بفضول، "ماذا أيضًا سمعت عن... ابنك الآخر؟"
      
      تأوه جيمس بصوت عالٍ وفرك يده المتعبة على وجهه، "يبدو أن ألكسندر يعتقد أن هاري لا يزال على قيد الحياة"، تردد للحظة قبل أن يضيف على مضض، "إنه يعتقد أنه رأى هاري في مناوشة قسم الأسرار. يعتقد أن هاري كان واحدًا من آكلي الموتى."
      
      "هذا بالتأكيد تعقيد"، استنشق دمبلدور بحدة عند كلماته.
      
      "تعقيد؟" عبس جيمس. "لماذا يكون تعقيدًا؟ هاري مات، أليس كذلك؟"
      
      تصلبت عينا ألباس دمبلدور، وشعر جيمس بكتفيه يتوتران لمجرد التغير في تعبيره.
      
      "أنا-أنا أيضًا اعتقدت أنني رأيت هاري"، تحدث ريموس لوبين لأول مرة في تلك الليلة، مُبقيًا نظره مثبتًا على يديه في حجره. "أقسم أنه كان هو من رأيته في تلك الليلة في الغابة المحرمة، منذ حوالي عامين."
      
      "ريموس، لقد كنت مصابًا بشدة في هيئتك كمستذئب"، أشار جيمس، ملوحًا بيده دون اكتراث. "ابني أيضًا كان قد تعرض لإصابات عديدة وحتى كان لديه ارتجاج في المخ عندما ادعى أنه رأى شقيقه. من الواضح، لا بد أنكما تخيلتما كل شيء لأن هاري مات."
      
      ساد لحظة من الصمت الثقيل قبل أن ينحنح ألباس دمبلدور، "أخشى أنني ربما ارتكبت خطأ في حجب بعض المعلومات عنكم جميعًا."
      
      تجمد جيمس. "مـ-ماذا تقول يا ألباس؟"
      
      رفع سيفيروس سناب حاجبًا. "أعتقد أنه يقول إن ابنك لا يزال على قيد الحياة يا بوتر."
      
      "لا"، قال دمبلدور بحدة، "أنا ببساطة أعترف بأنه قد يكون هناك احتمال ضئيل للغاية بأن هاري بوتر قد لا يكون ميتًا."
      
      "ابدأ من البداية يا ألباس"، صرخ جيمس بوتر، شاعرًا بقلبه ينبض بشكل أسرع في صدره. هل يمكن أن تكون ليلي على حق طوال هذا الوقت؟ فكر ببؤس.
      
      "منذ أكثر من عشر سنوات، لاحظت لأول مرة أن اسم هاري بوتر قد مُحي من كتاب الطلاب السحريين الذين سيتلقون قبولًا في هوجوورتس عند عيد ميلادهم الحادي عشر"، كشف دمبلدور. "في الماضي، كان هذا يعني عادةً أن الطفل قد توفي للأسف."
      
      "عادةً؟" كرر جيمس، "ماذا أيضًا يمكن أن يعني؟"
      
      "جثته"، قال سيفيروس سناب بهدوء، ولم يكرر نفسه إلا عندما حثه دمبلدور. "هل رأيت جثة الطفل يومًا؟"
      
      أغمض دمبلدور عينيه لثانية. "لا"، اعترف. "لم أكن أريد إثارة قلق جيمس وليلي في ذلك الوقت. كان ألكسندر لا يزال طفلاً صغيرًا ولم أكن أريد أن يؤثر موت شقيقه على تدريبه."
      
      "أنت-أنت لم تحقق في وفاة هاري لأن..."، توقف ريموس وأخذ نفسًا عميقًا، كما لو كان يحاول تهدئة نفسه. على الرغم من هذا، ارتفع صوته وهو يصرخ، "لم تكن تريد تعطيل تدريب ألكسندر؟!"
      
      "أعترف بأنني ارتكبت خطأ في التقدير، ولكن عندما حاولت في النهاية البحث في الحادث بعد بضع سنوات، كانت أخت ليلي غير متعاونة بشكل لا يصدق"، زم دمبلدور شفتيه الرقيقتين. "رفضت حتى الاعتراف بوفاته، مدعية أنه اختفى ببساطة."
      
      "اختفى"، ردد سناب، "ليس ميتًا."
      
      "إذن هو-هو يمكن أن يكون حيًا بالفعل؟" شعر جيمس فكه يهبط، "كيف يمكن أن يكون ذلك ممكنًا. هل غير هويته؟ اختار اسمًا مختلفًا؟"
      
      "الوزارة سيكون لديها سجل بذلك"، عرض آرثر ويزلي من مكان أبعد على الطاولة، "إذا تبنته عائلة أخرى، فسيكون مطلوبًا منهم الكشف عن ذلك."
      
      "إلا إذا لم يفعلوا"، شخر سناب. "الكثير من العائلات تتجاوز قوانين الوزارة بشكل يومي. يعتقد الجمهور أن لوائح الوزارة متطلبة للغاية."
      
      "القواعد موجودة لسبب ما"، قال دمبلدور بثبات. "لا يمكننا تغيير الماضي."
      
      "إذا كان هاري لا يزال على قيد الحياة"، فغر ريموس فمه علانية في وجه أستاذه السابق، "هذا يعني أن ليلي لم تكن مجنونة. هذا يعني أنني كنت على حق طوال هذا الوقت. هاري لا يزال يمكن أن يكون هناك؛ يمكن أن يكون أي شخص!"
      
      "لن أذهب لأستجوب كل طفل في هوجوورتس في سن ألكسندر وأسأله عما إذا كان ابني المفقود منذ زمن طويل"، كشر جيمس. "هذا سخيف! حتى لو كان هاري لا يزال على قيد الحياة، فهذا لن يغير شيئًا."
      
      تصلب سناب في مقعده، "هل أنت غبي يا بوتر؟"
      
      "اخرس أيها الـ..."
      
      "سيغير كل شيء"، جادل سناب. "سيعني أن ابنك يقاتل في الجانب الآخر من هذه الحرب. إلى أي مدى تعتقد أنه سيكون غاضبًا من عائلتك؟" توقف مؤقتًا ليترك الفكرة تترسخ، "غاضب بما يكفي ليجعل تدميرك مهمة حياته، على الأرجح."
      
      "ليلي كانت على حق"، تنفس ريموس. "لقد ادعت دائمًا أن ابنها لا يزال على قيد الحياة وكانت على حق بعد كل هذا الوقت"، اتسعت عيناه، "علينا أن نخرجها من أزكابان! هي ليست-"
      
      "قطعًا لا"، قاطع جيمس صديقه. "هي في السجن لأنها حاولت تسميمي، أم أنك لا تتذكر هذا الجزء؟"
      
      "أنا لا ألومها"، قال سناب ببطء.
      
      "هي لن تغادر تلك الزنزانة"، صر جيمس على أسنانه، "يمكنها أن تتعفن خلف تلك القضبان إلى الأبد بالنسبة لي. لن أخرجها فقط لأسمع هلاوسها الغبية عن ذلك الطفل."
      
      "ليلي-ليلي رأته؟" عقد آرثر ويزلي حاجبيه.
      
      "كل ما رأته هو هلاوسها الغبية"، أصر جيمس. "إنها مجنونة."
      
      "ولكن"، رفع ريموس حاجبًا، "ماذا لو لم تكن كذلك؟"
      
      
      
      
      
      
      
      قصر ريدل [٢٠ يونيو]
      
      عندما فتحت دافني جرينجراس عينيها، تفاجأت برؤية أن الظلام لا يزال مخيمًا بالخارج. ضوء القمر تسلل عبر النوافذ الكبيرة الممتدة من الأرض إلى السقف في غرفتها وأنار شحوب بشرتها في الليل. تثاءبت بهدوء، واستدارت على جنبها ومدت ذراعها بشكل غريزي نحو الجانب الآخر من السرير. عندما لامست أصابعها الملاءات الباردة بدلاً من الجسد الدافئ الذي كانت تتوقعه، تصلبت وجلست على الفور.
      
      أطلقت دافني أنينًا غير مسموع حيث جعلتها الحركة المفاجئة الدم يندفع إلى رأسها وضربها شعور بالدوار بقوة كاملة. دلكت صدغيها، وعبست وهي تلاحظ أن النصف الآخر من السرير ظل مرتبًا تمامًا، والملاءات لم تُلمس تمامًا كما كانت في الليلة السابقة.
      
      شعرت بأنفاسها تبدأ في التسارع، وأجبرت نفسها على البقاء هادئة وهي تدير نظرها إلى باقي الغرفة. على الرغم من أن الأضواء كانت مطفأة، إلا أن المدفأة كانت مشتعلة لسبب ما وكانت ألسنة اللهب تتراقص ببراعة، مما جلب دفئًا غير طبيعي للغرفة. على الرغم من الحرارة، سحبت دافني الملاءات أقرب إلى جسدها، وشعرت بالتوتر فجأة.
      
      واصلت مسح الغرفة الكبيرة بشكل غير عادي، وكادت أن تطلق تنهيدة ارتياح عندما لمحت الخيال المألوف المواجه للنافذة. على الرغم من أن الظلال أخفت وجهه، إلا أن دافني لا تزال تستطيع التعرف عليه من خلال كتفيه العريضين والخط الحاد لفكِّه. خفت قبضتها المشدودة على اللحاف الحريري قليلاً وهي تراقبه للحظة خاطفة.
      
      كان يحدق بحدة إلى حد ما خارج النافذة الضخمة، يرمش فقط عندما يرفع كوبًا كريستاليًا مما افترضت أنه ويسكي ناري إلى شفتيه. أخذ رشفة بطيئة من الكأس، ووجدت دافني نفسها شبه مفتونة بينما انخفضت تفاحة آدم خاصته قليلاً عندما ابتلع. تتبعت عيناها مسارًا بطيئًا عبر كتفيه القويين، وصولاً إلى حيث تلتقي مستويات جذعه العاري الصلبة مع بنطال البيجامة الحريري الذي يتدلى منخفضًا على وركيه.
      
      بهدوء، كما لو أنها لا تريد إزعاجه، دفعت دافني الملاءات التي كانت ملفوفة حول جسدها وانزلقت من السرير. أخذت لحظة لتثبيت نفسها ودفع الإحساس بالدوار قبل أن تمشي على أطراف أصابعها عبر أرضية الرخام الباردة. ترددت لثانية وجيزة، ولكن بعد ذلك اقتربت منه أكثر، ولفت ذراعيها حول خصره النحيل وأراحت خدها على كتفه.
      
      إذا كان قد تفاجأ بوجودها المفاجئ، فإنه لم يُظهر ذلك. كان صوته منخفضًا وموزونًا حيث قال ببساطة، "إنتِ صحيتي."
      
      "معرفتش أنام أكتر من كده"، همست دافني، وشعرت بدفء بشرته تحت لمستها. "الساعة كام؟"
      
      "الساعة تلاتة الفجر بس"، أجاب. شعرت بكتفيه يتوتران وهو يضيف، "إنتِ يادوب نمتي خمس ساعات. المفروض ترجعي للسرير."
      
      لامست شفتيها أذنه بمداعبة، "هتيجي معايا المرة دي؟"
      
      هز رأسه. "للأسف لسه عندي شوية شغل"، اعتذر، مبتعدًا عنها وفك ذراعيها من حول جسده.
      
      رمشت دافني. ومض انزعاج خفيف بداخلها بسبب رفضه المفاجئ وربّعت ذراعيها أمام صدرها، "إيه اللي ممكن يكون عندك تعمله الساعة تلاتة الفجر يا هادريان؟"
      
      "عندي بعض الخطط الجديدة لرسمها وتوجيه آخر لإرساله"، قال بغموض وهو يواصل تجنب نظرها والتحديق بالخارج. أخذ رشفة صغيرة من شرابه ووضعه مرة أخرى على الطاولة الصغيرة بجوار النافذة. "تعالي، هساعدك ترجعي السرير."
      
      تراجعت خطوة إلى الوراء وعبست في وجهه، "لأ، مش عايزة أرجع أنام."
      
      استدار ليواجهها وعقد حاجبيه بقلق، "إنتِ مرهقة يا دافني. إنتِ محتاجة شوية راحة."
      
      "أنا مش تعبانة"، أصرت. "إنت متعرفش أنا محتاجة إيه."
      
      ضغط هادريان على جسر أنفه وتنهد وهو يمد يده لذراعها، "دافني، متعمليش زي العيال. إنتِ مش كويسة."
      
      انتزعت دافني ذراعها من قبضته ووجهت له نظرة مهانة، "مالك؟ ليه بتحاول تبعدني عنك تاني؟" تصلبت عيناها، "أنا افتكرت إننا عدينا المرحلة دي."
      
      زم شفتيه في خط رفيع. "أنا مش فاهم إنتِ بتتكلمي عن إيه. أنا بس بحاول أتأكد إنك تخفّي كويس... إنتِ اتأذيتي جامد أوي، فاكرة؟"
      
      شعرت بنفسها تتصلب عند كلماته. "كان المفروض أعرف إن ده سبب تصرفك الغريب ده"، ضحكت بمرارة. انخفض نظرها إلى حيث لا تزال تشعر بالألم الخفيف من الندبة الضخمة التي تمتد عبر جذعها. على الرغم من أن الألم تلاشى تمامًا، إلا أن العلامة الحمراء الداكنة لا تزال تجعد جلدها وتجعلها تتجهم باشمئزاز. انكسر صوتها قليلاً وهي تقول، "إنت مش طايق الندبة."
      
      ظل تعبيره مغلقًا وكان الصمت الناتج يصم الآذان بالنسبة لها.
      
      أغمضت عينيها، وابتلعت ريقها بصعوبة. "فاهمة"، تمتمت. بدأت عيناها تؤلمها، ونظرت بسرعة نحو السقف، رافضة البكاء. لن تبكي حينها. لم تستطع.
      
      ولكن رغماً عنها، وجدت دافني أن حلقها مثقل بالعاطفة وهي تبدأ في الثرثرة، "أ-أنا آسفة يا هادريان. أنا عارفة إنها مش أكتر حاجة جذابة بس-بس يمكن تختفي مع الوقت؟ ممكن أقرأ عنها، أنا متأكدة إن فيه نوع من السحر المظلم بيشيل الندوب اللي زي دي. أكيد فيه. هبدأ أبحث فورًا ويمكن-"
      
      "دافني"، قاطعها بحدة، "بطلي كلام."
      
      "لأ!" صرخت. أخذت نفسًا عميقًا وحدقت فيه، "دي مجرد ندبة، ليه مضايقاك أوي كده؟" نوع مختلف تمامًا من الألم لوى ملامحها الجميلة في تجهم، "أ-أنا افتكرت إني أعني لك أكتر من كده."
      
      "دافني."
      
      "مش من حقك تبعدني عنك بسبب ندبة!" قطبت حاجبيها، "مكنش غلطي!"
      
      "دافني."
      
      "لأ، عارف إيه؟ مش من حقك تعمل فيا كده. مش من حقك تبعد عشان خايف. مش المرة دي."
      
      "دافني."
      
      "إيه؟" صرخت أخيرًا، وهي تنظر إليه بنظرة مجروحة في عينيها الزرقاوين العاصفتين. "إيه اللي ممكن يكون عندك تقولهولي يا هادريان؟"
      
      حدق بها بظلام، وظل صامتًا وهو ينتظرها حتى تهدأ. عندما تلاشت الحمرة الغاضبة ببطء من بشرتها وعادت أنفاسها المحمومة إلى وتيرتها الطبيعية، تقدم للأمام. اقترب منها أكثر فأكثر حتى شعرت بقلبها يكاد يتوقف عن النبض من قربه.
      
      علقت كلماتها في حلقها وهو يثبت نظره الحاد عليها ويلمس بأصابعه برفق المكان الذي يطل منه أعلى ندبتها من قميصه الفضفاض الذي كانت ترتديه. رفرفت جفونها عند الإحساس الذي كاد يكون دغدغة بينما مرر إبهامه فوق عظمة ترقوتها. يده لفت ببطء حول مؤخرة رقبتها وتشابكت أصابعه بشكل فضفاض في شعرها الذهبي الطويل.
      
      فجأة، سحبها بقوة على صدره فشهقت.
      
      كان قريبًا جدًا لدرجة أن جسدها انطبع تمامًا عليه، ولم تستطع تمييز متى انتهى جسدها وبدأ جسده. حدقت به بعيون غير متأكدة وهو يضم وجهها بكلتا يديه ويحدق بها بنظرة غير مألوفة على وجهه.
      
      قبل أن تتمكن حتى من أن ترمش أو تنطق بكلمة أخرى، انحنى وقبلها. بهدوء في البداية، ولكن بعد ذلك بكثافة تدريجية مدهشة جعلتها تغرس أصابعها في ظهر ذراعيه وهي تحاول يائسة سحبه أقرب. كان بإمكانها تذوق الأثر الخافت للويسكي الناري على لسانه بينما فرّق فمه العنيد شفتيها، مما جعلها تتشبث به بينما غيم شعور بالدوار على رأسها. عمق القبلة حتى عندما شعرت بيديه بخفة لا تطاق على وجهها، مما أرسل رعشات أسفل عمودها الفقري.
      
      أنين منخفض خرج من حلقه وابتعد فجأة، مما جعل دافني تكاد تسقط عليه مباشرة. شعرت بقلبها قريبًا من الانفجار من صدرها واضطرت لأخذ نفس عميق لتثبيت نفسها.
      
      تتبع عظمة خدها ببطن إبهامه وتنفس، "أبدًا متقوليش كده."
      
      "أقول... إيه؟" كررت في حيرة، ونسيت تمامًا ما كانا يتحدثان عنه سابقًا.
      
      أسقط يده ليلمس برقة فوق الندبة البارزة أسفل عظمة ترقوتها، "أبدًا متعتذريش عن ده. أبدًا متفكريش إن الندبة دي بتقلل منك في عينيا يا دافني"، كان صوته مرتعشًا وهو يهمس، "العلامة دي مجرد تذكير تاني بولائك. بتوضح قد إيه كنتِ مستعدة تروحي عشاني."
      
      دس هادريان خصلة شعر ذهبية طائشة خلف أذنها برفق وابتسم لها ابتسامة ناعمة، "لو فيه حاجة، فالندبة دي بتخليكي أجمل في عينيا دلوقتي. محدش اهتم بيا أوي كده قبل كده."
      
      ابتلعت دافني ريقها بصعوبة عند كلماته. عضت على شفتها ومدت يدها بتردد لتداعب خط فكه الحاد، "لو هي مش مضايقاك، ليه لسه زعلان أوي بسبب الندبة يا هادريان؟"
      
      "عشان مكنش المفروض تكون عندك أصلاً. مكنش المفروض تكوني في النوع ده من الخطر." تنهد، مبتعدًا عنها. مرر يده المتعبة عبر شعره وعاد إلى النافذة، والتقط كأسه من الويسكي الناري. "مكنش المفروض أحطك في النوع ده من الخطر. كل حاجة غلطتي. أنا السبب إن عندك الندبة دي. أنا السبب إنك كنتِ بتتألمي أوي كده." تجهم، "أنا السبب إن ديستني كانت على حافة الموت الصبح بدري. أنا السبب إن نص رجالنا في أزكابان دلوقتي."
      
      تجعدت شفتاه في سخرية وأضاف بهدوء شديد لدرجة أنها اضطرت إلى إرهاف أذنيها لسماعه، "أنا السبب إن سيريوس مات."
      
      تعثرت دافني في قدميها عند كلماته. رفعت رأسها ونظرت إليه بصدمة، "اللورد بلاك... مات؟" أسرعت نحوه وسحبت يده في يدها، "أوه، هادريان، إنت أكيد زعلان أوي."
      
      شخر هادريان. "أكيد كنت هزعل"، فكر بصوت عالٍ، وهو يأخذ رشفة من شرابه، "لولا حقيقة إني أنا اللي قتلته."
      
      دافني، يُحسب لها، بالكاد اهتزت عند هذا الكشف. ضغطت على يده بخفة وعبست، "أنا مش فاهمة... إنت كنت بتحب سيريوس. كان زي عمك ليك ولـ دراكو. إيه اللي حصل؟"
      
      هز هادريان كتفيه وكانت نبرته متحكمًا بها بشكل لا يصدق وهو يقول بأسنان مصطكة، "اتضح، إنه هو اللي كلم الأورورز. هو-هو مكنش في صفنا أبدًا. أنا افتكرت-" حول نظره واندفعت الكلمات بمرارة، "أنا افتكرت إنه كان هنا عشاني."
      
      هز رأسه وأفرغ ما تبقى من شرابه في فمه، وابتلع بصعوبة. كان صوته أجشًا وهو يهمس، "أنا وثقت فيه. بعد كل حاجة، هو وعد إنه هيقف جنبنا. بس بعدين هو بس-" توقف وتنهد بعمق، "هو مكنش في صفنا أبدًا. أنا كنت أعمى بحقيقة إن حد من ماضيا اهتم بيا لدرجة إني مشفتش خداعه. هو مهتمش بيا أبدًا."
      
      "هادريان"، قالت دافني بهدوء، "هو اهتم بيك. هو حبك جدًا. بس لازم تفتكر إنه كان راجل محطم. هو بس كان ممزق أوي بين ماضيه ومستقبله لدرجة إنه مقدرش يشوف قد إيه كان بيجرحك."
      
      "أنا قتلته"، رمش هادريان، كما لو أن الفكرة خطرت له للتو. اشتدت قبضته حول كأسه وكرر، "أنا قتلته من غير تفكير تاني."
      
      شعرت دافني بصدرها يضيق عند رؤية التعبير المتألم الذي ظهر على وجهه ووضعت يدها برفق على ظهره في مواساة صامتة.
      
      "هو كان الشخص الوحيد من حياتي اللي فاتت اللي رحبت بيه. اللي اهتميت بيه. أ-أنا عارف إن كان عنده أشباحه الخاصة بتطارده، بس هو وقف جنبي تقريبًا تلات سنين. ده تقريبًا نفس الوقت اللي قضيته مع عيلة بوتر. وأنا لسه قتلته"، اختنق هادريان. "أ-أنا لسه قاتله."
      
      تنهدت، "هو خانك يا هادريان. هو جرحك. لما الموضوع كان مهم، هو أدار ضهره ليك. متقدرش تلوم نفسك على أفعاله. ده مش غلطك."
      
      تأرجح نحوها ليواجهها، وصُدمت بالمنظر المفجع على ملامحه الحادة. فجأة رفع ذراعه وألقى بكأسه في المدفأة المفتوحة، وبالكاد جفل عندما زأرت ألسنة اللهب ردًا على ذلك.
      
      تراجعت دافني وحاولت أن تخطو نصف خطوة للوراء، لكنه أمسك بذراعيها وجذبها أقرب إليه. أصابعه كدمت بشرتها الشاحبة، لكنها قاومت الرغبة في التملص من قبضته القاسية، رافضة أن تشيح بنظرها عن النظرة الوحشية في عينيه.
      
      "هادريان"، حاولت استرضاءه، "أرجوك-"
      
      "ليه بتعملي كده يا دافني؟" طالب بمعرفة. هزها بين ذراعيه وكرر، "ليه بتفضلي تلاقيلي أعذار؟"
      
      رفعت حاجبًا له، "قصدك إيه؟"
      
      ضحك بظلام، "ليه بتفضلي تدافعي عني؟ أنا مش شخص كويس. حتى الناس اللي كان المفروض يدعموني من غير شروط مكنوش عايزين أي علاقة بيا. ليه بتفضلي تعملي كده؟"
      
      "أنا-"
      
      "أنا قاتل، على فكرة"، ذكرها، وهو يراقب بمتعة تكاد تكون مريضة وهي تتصلب. "أنا قتلت مش بس الأبرياء أو المذنبين، لكن حتى الناس اللي حبيتهم في وقت من الأوقات."
      
      ----- يتبع -----
      

      قصة البيت القديم - فانتازيا

      البيت القديم

      بقلم,

      فانتازيا

      مجانا

      طول عمرها حاسة إنها منسية وعايشة في ضل أختها "بيلا" اللي أمها "رينيه" بتفضلها. لما بيلا بتعمل حادثة غريبة، أمها بتستغل الفرصة عشان تسافر وتبعت ماريان تعيش مع أبوها "تشارلي" في بلدة "فوركس" الكئيبة. ماريان بتوصل هناك وهي حاسة بالغربة والظلم من أمها. الرحلة دي بتخليها تاخد قرار مهم. بتقرر إنها مش هتفضل "الضل" أو "المنسية" تاني، وإن السنة دي هي بداية إنها "تبقى حد" وتعمل لنفسها حياة خاصة بيها بعيد عن أختها.

      ماريان

      حاسة إنها "غلطة" أو "زيادة" في حياة أمها. ذكية وبتلاحظ التفاصيل (زي شكها في حادثة بيلا وشكل إدوارد الغريب)، وقررت تتمرد على دورها كشخص منسي.

      بيلا

      الأخت "المثالية" في عين أمها. تبدو ساذجة و"خرقا" (بتعمل حوادث كتير). مرتبطة بحبيبها الجديد "إدوارد" أكتر من أي حد.

      إدوارد

      شاب غامض ووسيم بشكل مش طبيعي. عينيه لونها "دهبي" غريب، وظهوره بيخطف كل الانتباه وبيخلي ماريان تحس إنها شفافة أكتر.
      قصة البيت القديم - فانتازيا
      صورة الكاتب

      رينيه كانت طول عمرها عايزة تخلص مني. دي مكنتش مجرد فكرة عابرة—أنا كنت متأكدة إن أمي يا دوب بتستحمل وجودي. هي عندها بيلا، طبعًا، بنتها المثالية، اللي تقدر تدلعها وتتباهى بيها، البنت اللي كانوا عايزينها. أما أنا، على الناحية التانية، حسيت إني جيت كدة على الهامش، غلطة عمرها ما اتصلحت.
      
      بيلا عملت حادثة. وقعت من شباك، وده كان ممكن يتصدق جدًا نظرًا لميلها الطبيعي للكوارث. أختي كانت دايمًا خرقا، ده شيء لا يمكن إنكاره. بس كان فيه حاجة في الموقف كله حاساها مش مظبوطة، كأني فايتني حتة مهمة من اللغز. مش وكأن شكوكي ليها أي وزن. أصلاً أنا مين عشان أشكك في رواية الأحداث اللي هما اختاروا يقدموها؟
      
      لما ماما وأنا رحنا زرنا بيلا في المستشفى، كان كأني بقيت شفافة تاني. ده كان إحساس مألوف، إحساس اتعلمت أعيش معاه. بس برضه، كان لطيف إني أشوف بيلا—وأشوف بابا.
      
      بينما أمي كانت عمالة تحوم حوالين بيلا، وقلقانة على إصاباتها، أنا وجهت انتباهي لتشارلي. أنا مشفتوش من أكتر من خمس سنين. يا ترى هو لسه سايب أوضتي زي ما هي؟ أشك. عادي. ده الطبيعي. بيلا كانت دايمًا هي نعمتهم الصغيرة، طفلتهم المعجزة، البنت اللي فضلوا يتمنوها طول علاقتهم.
      
      وبعدين جيت أنا.
      
      بيلا كانت متعودة تقولي، بهمس واعترافات نادرة ولحظات قسوة، إني أنا السبب في طلاقهم. رينيه كانت زهقت—زهقت من رعاية طفلين، زهقت من ثقل الحياة المنزلية. هي كانت دايمًا قلوقة، ست بتتمنى حاجة أكتر من الحياة اللي بنتها. رفضت تتربط، رفضت تتكبل بالالتزامات والمسؤوليات. كانت عايزة حرية، مغامرة، القدرة على إعادة اكتشاف نفسها من غير عبء الأولاد والزوج اللي معطلينها.
      
      في الآخر، الطلاق غالبًا كان أحسن حاجة حصلت.
      
      نظري تاه في أوضة المستشفى، وفي الآخر استقر على كرسي فاضي محطوط جنب سرير بيلا. دندنت لنفسي بهدوء، وخطيت لقدام عشان آخد الكرسي، كنت متشوقة إني أكسر المسافة اللي كبرت بينا عبر السنين. يمكن نقدر نتكلم، نتكلم بجد، زي ما الأخوات المفروض يعملوا.
      
      "آه، ما ينفعش تقعدي هنا يا ماريان،" بيلا قالت فجأة، نبرتها خفيفة، وتقريبًا بتعتذر. "إدوارد هيرجع قريب."
      
      آه.
      
      "بيلز، مش وقته،" تشارلي اتدخل، صوته فيه سلطة هادية. "إنتي آخر مرة اتكلمتي مع أختك امتى؟ اتكلمتوا بجد؟"
      
      بابا كان دايمًا في صفي—أو ع الأقل، أنا كنت فاكرة كدة. كان صعب أقولها وأنا متأكدة. أنا كنت بعيدة لفترة طويلة لدرجة إن صورته بدأت تبهت، ملامحه بقت مشبرة عند الأطراف زي صورة قديمة اتسابت في الشمس كتير. نكاته السخيفة، طريقته اللي شنبه كان بيتهز بيها لما يحاول ما يبتسمش—كل ده وحشني.
      
      "عادي يا بابا،" همست، ورسمت ابتسامة متكلفة. "أنا هقف."
      
      بيلا اترددت، وكأن كلام تشارلي بدأ يدخل دماغها. وبينما أنا كنت ساندة على الحيطة اللي في وش سريرها، هي اتكلمت أخيرًا. "عاملة إيه في الدراسة؟"
      
      هي قعدت تلعب في صوابعها، ونظرها بيتنقل بيني وبين باب الأوضة، واضح إنها مستنية وصول إدوارد.
      
      "مش مسلية زي دراستك،" رديت، وابتسامة خفيفة ظهرت على شفايفي. "ماما قالتلي إنك كان هيدوسك عربية؟"
      
      شفايف بيلا اتقفلت في خط رفيع. قبل ما ترد، رينيه قاطعتها، ووقفت للحظة عن رسايلها المحمومة لـ فيل. "دي مش حاجة نهزر فيها يا ماريان."
      
      كنت خلاص هتريّق. طبعًا. مش مسموحلي أهزر، مش مسموحلي ألطف الجو، مش مسموحلي أحس بأي حاجة غير المستوى المناسب من القلق. "آسفة،" همست، مع إني مكنتش عارفة أنا بتأسف لمين.
      
      الحوار دبل بعد كدة، ومات موتة بطيئة ومحرجة. بيلا رجعت ركزت انتباهها على معصمها الملفوف، والصمت نزل على الأوضة زي ضباب بيخنق.
      
      تشارلي ورينيه مكنوش من النوع اللي بيعرف يخلي الجو لطيف.
      
      في النهاية، السكون ده قطعه الرنين العالي لتليفون تشارلي. اتنهد بقوة، ومد إيده يجيبه. "آسف، لازم أرد. ده القسم."
      
      وطّى وباس بيلا على جبينها قبل ما يمشي بسرعة برة الأوضة، والتليفون لازق في ودنه خلاص.
      
      وبس كدة، الهدوء رجع تاني، تقيل وقوي، ممدود بينا زي مسافة مستحيل نعديها.
      
      وبس كدة، بدا وكأن وجود حد اتبدل بوجود حد تاني. مع خروج تشارلي، دخل ولد، ميجيش سبعتاشر أو تمنتاشر سنة، أوضة المستشفى بهدوء ورشاقة تكاد تكون غريبة. شعره اللي لونه برونزي كان منكوش كفاية إنه يبان طبيعي، كأنه عدى في عاصفة وخرج منها متماسك تمامًا. كان لابس بنطلون أسود وسويت شيرت رمادي—لبس كاجوال، بس كان فيه حاجة مقصودة، كأن حتى اختيارات لبسه مدروسة بدقة.
      
      ده أكيد إدوارد.
      
      الهوا في الأوضة اتغير أول ما دخل، كأنه جايب معاه مجال قوة خفي بيجبر الكل ينتبه. رينيه عمليًا نورت لما شافتهم هما الاتنين مع بيلا، عينيها بتلمع بنوع من الموافقة الأمومية.
      
      وبس كدة، أنا رجعت شفافة تاني. مجرد ضل على حيطة المستشفى، بختفي في الخلفية بينما الدنيا بتدور من غيري.
      
      
      
      
      
      
      عيون إدوارد كانت غريبة. لونها دهبي بشكل مش طبيعي، زي نور الشمس المحبوس في عسل. حاجة تقلق. غريبة. تقريبًا... مش طبيعية. بس وأنا إيه عرفني؟
      
      فضلت قاعدة طول حوارهم الطويل الممل ده، من النوع اللي تحس إنه شغال على موجة تانية أنا مش عارفة ألقطها. مكنش ليا، مجرد تفكير تاني إن بيلا بقى عندها دنيتها الخاصة دلوقتي، دنيا أنا مش جزء منها.
      
      أخيرًا، رينيه اتكلمت. "طيب، الأحسن نسيبك شوية. هنرجعلك قريب يا حبيبتي."
      
      وطّت، وحضنت بيلا بحرص، ومرجحتها بسيط وهي راقدة على سرير المستشفى. كان فيه حاجة حلوة ومُرة في حضنها ليها—كأنها بتتشبث بلحظة ضعيفة، وعارفة إن مش هيجيلها لحظات زيها كتير.
      
      وبعدين رينيه بصتلي.
      
      كنت مستنية سلام، أي إشارة حب عابرة، بس بدل كدة، هي شدت رسغي، وصوابعها لفت حواليه بمسكة ناعمة بس قوية. ومن غير ولا كلمة زيادة، راحت شاداني برة الأوضة، وخدتني لممر المستشفى اللي نوره يزغلل ومعقم بشكل مستحيل.
      
      أول ما خرجنا برة مدى سمع بيلا، هي اتنهدت، وعدت صوابعها في شعرها كأنها بتحضر نفسها لآخر أخبار حياتها. "أنا وفيل طالعين رحلة تانية—المرة دي نيويورك."
      
      عينيا لمعت. نيويورك. مدينة الفرص اللي ملهاش نهاية، اللي شوارعها مليانة حياة، واللي الأحلام بتتولد فيها في كل ركن. مكان أقدر أختفي فيه وسط الزحمة وأبقى واحدة تانية.
      
      بس هي راحت طافية شرارة الحماس دي قبل حتى ما تلحق تولع.
      
      "مش شايفاك المفروض تيجي يا حبيبتي،" كملت، صوتها كان حلو بس نهائي. "بيلا محتاجاكي تخلي بالك منها."
      
      النور اللي في عينيا رَعش واتطفى.
      
      إنك تبدأ خناقة مع رينيه كان سهل؛ إنك تخرج منها من غير عياط كان تقريبًا مستحيل. عشان كدة، هزيت راسي. وافقت. وبس كدة، اتعينت عشان أبقى الـ "بيبي سيتر" بتاعة أختي الكبيرة لأجل غير مسمى. سنة كمان، ويمكن أكتر. سنة كمان أبقى فيها الشخص المنسي، اللي بيتساب ورا.
      
      وهو ده اللي وصلني لهنا—شنطي في إيدي، واقفة في دوشة المطار وزحمته، مستنية أبويا.
      
      كان عندي أمل إنه يكون هنا أول ما طيارتي تنزل، بس طبعًا، هو كان عنده التزامات تانية. الشغل، غالبًا. هو كان دايمًا مشغول في قضية، دايمًا بيرد على نداء الواجب.
      
      قعدت أخبط برجلي في الأرض الرخام اللامعة. خبطة.
      
      اتنين.
      
      تلاتة.
      
      اتنهدت، ويئست. لفيت على كعبي، وبدأت أمشي ناحية المخرج، جهزت نفسي عشان آخد تاكسي وخلاص. بس أول ما كنت بفكر هعمل إيه، لمحتُه.
      
      تشارلي سوان، أبويا، واقف جنب المدخل بيشاورلي بإيد متخشبة واللي قدرت أخمن إنها ابتسامة تحت شنبه. كان ساعات صعب تفهمه.
      
      حسيت براحة وحاجة قريبة أوي من الحماس ملت صدري. مسكت شنطي بطاقة جديدة، واتحركت ناحيته، خطواتي كانت سريعة ومتحمسة.
      
      "إزيك يا بابا،" سلمت عليه، وصوتي طلع أهدى ما كنت عايزة. إني أشوفه تاني—أشوفه بجد—بعد كل الوقت ده كان إحساس غريب. مألوف، بس بعيد.
      
      "أهلًا يا بنتي،" رد، صوته كان خشن بس دافي. "يلا نحط حاجتك في العربية."
      
      ابتسامة كبيرة اترسمت على وشي. للحظة واحدة، حسيت فعلًا إن عندي ستاشر سنة. عيلة. عيلته هو.
      
      السكة في العربية لبيتي الجديد مكنتش محرجة بشكل مؤلم زي ما توقعت. أنا وتشارلي كنا شبه بعض في حاجات كتير—مش بنعرف نتعامل اجتماعيًا، وبنميل إننا نسمع أكتر ما نتكلم. بس رغم كرهنا إحنا الاتنين للرغي الفاضي، كنا بنتواصل بطريقتنا الخاصة. بارتياح. مش زي رينيه، اللي كل كلام معاها كان بيحسسني إني ماشية في حقل ألغام.
      
      أول ما دخلنا بالعربية مدخل البيت، عينيا وقعت على البيت اللي كنت في يوم من الأيام بسميه بيتي.
      
      كان زي ما هو. الدهان المقشر، البلكونة الخشب القديمة، ريحة الصنوبر المعروفة في الهوا. ورغم كدة، وأنا واقفة هناك، حسيت إني غريبة بتفرج على حياة حد تاني.
      
      الذكريات غرقت دماغي، من غير استئذان. أول سِنّة وقعتلي كانت في البيت ده. بناء بيوت من المخدات مع بيلا. الأسرار اللي كنا بنوشوش بعض بيها بالليل، بين أختين كانوا، وقتها، لسه حاسين إنهم أخوات.
      
      بس قصاد كل ذكرى حلوة، كان فيه واحدة وحشة. صدى البيبان اللي بتترزع. ريحة برفان أمي اللي كانت فاضلة وهي بتلم شنطها، وسايبة أبويا وراها. الإحساس الخانق إني اتسِبت أنا نفسي، اتحدفت زي طرد محدش عايزه لأن رينيه ببساطة مكنتش قادرة تبص في وشي بعد كدة.
      
      اتنهدت، ومسكت في حزام شنطتي جامد.
      
      أنا عمري ما حسيت إني بانتمي لأي مكان—لا في فينيكس، ولا في فوركس، وأكيد مش في ضل بيلا.
      
      قضيت عمري كله ماشية وراها، بحاول أملا الأماكن اللي هي سابتها. بس في الوقت اللي بيلا كانت فيه هادية، أنا كنت قلوقة. في الوقت اللي بيلا كانت حريصة، أنا كنت متهورة. أنا مكنتش شبهها في أي حاجة، ورغم كدة كانوا دايمًا بيقارنوني بيها.
      
      بس مش المرة دي.
      
      السنة دي، أنا وعدت نفسي، إني هغير ده.
      
      أنا مش هكون ضل. أنا مش هتنسي.
      
      أنا هبقى حد.
      
      

      Pages