روايه عمليات 141
عمليات 141
بقلم,
أكشن
مجانا
واحد من فرقة عمليات خاصة "141"، زمايله بيتهموه بالخيانة فجأة. بيفضلوا يعذبوه لمدة أسبوعين عشان يجبروه يعترف، وهو رافض يتكلم لأنه بريء. في الآخر، بيكتشفوا إنه اتدبس وإنهم عذبوا صاحبهم على الفاضي. بيحاولوا ينقذوه وهو بيموت في المستشفى، في نفس الوقت اللي زميلهم الرابع بيرجع وميعرفش حاجة. القصة كلها عن إحساسهم الرهيب بالذنب والندم على اللي عملوه في أقرب واحد ليهم.
أنت
لعسكري اللي اتظلم. اتهموه بالخيانة وعذبوه، ورغم كده فضل صامد. هو دلوقتي بين الحياة والموت.برايس
الكابتن. هو اللي أمر بالاستجواب، وحاسس بندم وعار فظيع بعد ما عرف الحقيقة.جوست
الملازم. كان قاسي في الاستجواب، وعينيه بقت مليانة ندم بعد ما اكتشف براءتك. 
          الخَدَر. هو ده كل اللي بقيت تحس بيه. أيام ورا أيام قضيتها راكع على خرسانة باردة، دراعاتك مشدودة فوقك بجنازير، جسمك متغطي بدم ناشف متجلط من الإصابات الكتيرة اللي مالية جسمك. أول حاجة فقدت الإحساس فيها كانت كتافك، من كتر ما هي مرفوعة في وضع واحد لوقت طويل. اللي بعده كان ركبك، من كتر ما انت محمل وزنك عليها، مش قادر تفردهم عشان تسمح للدم يمشي فيهم. وبعدها كان ضهرك، مفتوح ومين عارف بكام جرح غويط، محدش عبره ومحدش اهتم بيه، بغض النظر عن كمية الدم اللي صبغت الأرض تحتك. لسوء الحظ، انت لسه بتقدر تحس بالبرد. خصوصًا لما جردل مية متلجة بيترمي عليك كل ما يا دوب تلحق تغمض عينك وتنام. قشعريرة عنيفة بتسري في جسمك كله، زي ما يكون دبابيس وإبر ماشية تحت جلدك. فكك قافش جامد وانت بتحاول تمنع سنانك من التكتكة. مش قادر تستعيد أي دفا تاني حتى لما المية بتنشف، لأنك متقلع كل هدومك ماعدا البوكسر الأسود بتاعك. مفيش أي حاجة مغطية جسمك تساعدك إنك متتجمدش. انت شبه متأكد إنك لو قدرت تشوف نفسك، إن شفايفك واحتمال صوابع إيديك ورجليك هيكون لونهم مزرق. لما باب جحيمك الشخصي بيتفتح انت مبتتحركش. مجرد إنك مبحلق في الأرض قدامك بعيون زايغة وميتة. الكلام اللي بيطلع من بق معذبينك - اللي كانوا في يوم من الأيام زمايلك - ببساطة بيدخل من ودن ويطلع من التانية. عارف إنهم بيسألوا نفس الأسئلة اللعينة اللي بيزنوا عليك بيها من أول يوم. بعت المعلومات لمين؟ خنت الـ ١٤١ ليه؟ انت في صف مين بالظبط؟ انت من زمان بطلت تحاول تترجاهم عشان يصدقوا براءتك. مفيش أي حاجة هتقولها هتقنعهم إنك مش الخاين اللي هما مفترض بيدوروا عليه. إن أكيد في حد دبسك، لأنك عمرك ما هتخون فرقتك - عيلتك. الناس اللي قضيت سنين بتحارب وتهزر جنبهم. ناس من كام أسبوع بس كنت مستعد تضحي بحياتك عشانهم. انت مابتتأثرش لما بُونية بترزع في خدك، بتفتح تاني الجرح اللي كان قشر واللي اتسببتلك فيه من أول يوم. دي خامس مرة يتفتح تاني، ويخلي الدم الدافي يسرسوب على خدك قبل ما ينقط على صدرك العريان، وينضم لخطوط الدم المتجلط من الأيام اللي فاتت. إيد خشنة لابسة جوانتي بتمسك فكك بقبضة قوية ومبترحمش، بتجبر وشك إنه يترفع من وضعه الواطي. رؤيتك مزغللة، عينيك مش مركزة وانت بتبص في الفراغ من ورا الشخص اللي مقرفص قدامك. مش قادر تشوف النظرة اللي في عينيه وهو بيلاحظ قد إيه عينيك ميتة. إزاي النور اللي كان بيشع منهم انطفى من زمان. إزاي مفيش أي علامة مقاومة باقية فيك. كأنك استسلمت خلاص. لأنك فعلًا استسلمت. انت بطلت تحاول تقنعهم ببراءتك. انت بطلت تحاول تهرب. انت بطلت تسمع لأسئلتهم المكررة واللي مبتخلصش. انت بطلت تتفاعل مع التعذيب اللي بيعرضوك ليه كل يوم. انت بطلت تفكر إنك ممكن تخرج من الأوضة دي عايش. والسبب الوحيد إنك لسه ماسك نفسك هو إنك رافض تموت وهما لسه فاكرينك خاين. انت رافض تموت لحد ما يكتشفوا إنك كنت بتقول الحقيقة طول الوقت - وإن حد دبسك. انت رافض تموت لحد ما تشوف نظرات الندم في عينيهم وهما بيدركوا إن كان لازم يسمعولك. وشك اتساب لما الشخص اللي كان ماسكه يأس إنه يخليك ترد عليه. انت بطلت ترد تقريبًا في اليوم التالت، وده كان من حوالي تمن أيام. ومهما عملوا فيك دلوقتي، انت رافض تقول أي حاجة. "إحنا ليه لسه بنعمل كده؟" "سوب" بيسأل، وهو مربع إيديه على صدره وهو واقف في مكتب "برايس". "هو مقالش أي حاجة من أكتر من أسبوع." "عشان معندناش اختيار تاني." "جوست" بيرد، وهو بيفرد ويقفل إيده اللي بالجوانتي وهو ببيبص على دمك اللي ملطخها. "هو خاين. ولحد ما يعترف، إحنا مكملين." "برايس" بياخد نفس طويل وهو بيميل لقدام في كرسيه، كيعانه مسنودة على مكتبه وهو بيضغط بصوابعه على صدغه. الموقف ده كله موتره أكتر من اللازم، وهو بس عايزه يخلص. ومش هيخلص غير لما انت أخيرًا تعترف بكل حاجة. بعد كام لحظة بينزل إيديه، عينه بتمشي على الباقيين في الأوضة. "إحنا مكملين لحد ما نلاقي إجابات. غيروا التكتيك لو لازم. بس متوقفوش لحد ما يتكلم." بعد كام يوم، الأمور أخيرًا بتتغير. بس مش بالطريقة اللي أي حد كان متوقعها. انت راكع على الأرض زي كل يوم فات، غرقان في الدم من جروح جديدة وجروح اتفتحت تاني. "جوست" واقف قدامك، بيزعق في وشك سؤال ورا سؤال. لو مجاوبتش خلال كام دقيقة، "سوب" بيعاقبك. السكينة اللي في إيده غرقانة بدمك، السائل الأحمر بينقط من النصل على الخرسانة وهو واقف فاضي مستني "جوست" يسأل سؤال تاني. أول ما الراجل المقنع بيفتح بقه عشان يسأل تاني، الباب بيتفتح برزع. "فكوه." "برايس" بيأمر أول ما بيدخل الأوضة. "سوب" بيفتح بقه عشان يسأله بس بيقف لما يلاحظ النظرة اللي على وشه. وشه شاحب، عينيه واسعة، كأنه لسه شايف عفريت. بيقرر إنه ميسألوش، وبدلًا من ده بيتحرك عشان يفك الجنازير من على معاصمك. أول ما بتتفك انت بتقع لقدام، "برايس" بيلحقك فورا وهو بيسند جسمك المرتخي. الاعتذارات بتتدفق من بقه وهو حاضنك، إيديه بتترعش وهو بيحاول يتجنب الإصابات الكتيرة اللي مغطية جسمك. مبتحصلش غير لما المسعفين بيجروك لبره إن "برايس" أخيرًا بيبص للباقيين، بالعافية قادر يتكلم من الغصة اللي في زوره وهو بيقول الكلمات اللي بتغير كل حاجة. "كان بريء. واحد كلب تاني هو اللي دبسه. كان بيقول الحقيقة طول الوقت." وده اللي بيخلي التلاتة يندموا فورًا على الأسبوعين اللي فاتوا. أسبوعين من التعذيب كان ممكن يتجنبوهم لو كانوا بس إدوك حتى فرصة صغيرة. لو كانوا حققوا أكتر، أو سمعوك. بدلًا من ده، هما فورًا نطوا على تعذيبك في محاولات عشان ياخدوا إجابات. ويمكن هما قسوا عليك أوي كده لأن فكرة إنك انت بالذات تخونهم وجعتهم أوي، لدرجة إنهم مقدروش يمسكوا نفسهم عن إنهم يعوزوا يوجعوك هما كمان. أفراد الـ ١٤١ كانوا بيجروا في طرقات المستشفى العسكري بعد ما أخيرًا جالهم تصريح يشوفوك، بعد ساعات من الانتظار وهما على أعصابهم. لكن، يا دوب وهما بيلفوا عند أوضتك، جرس إنذار كأنه ضرب. الممرضات والدكاترة كلهم جروا على أوضتك، وصوت خافت بيقول "قلبه بيقف!" ده كان كل اللي سمعوه قبل ما الباب يترزع في وشهم. التلاتة اتجمدوا في مكانهم من الفزع. كان اتقالهم إنك مستقر. نايم، آه، بس مستقر. لكن دلوقتي انت بتموت على بُعد خطوات منهم، ومفيش أي حاجة في إيديهم يعملوها. "إيه اللي بيحصل؟" صوت "جاز" خطف انتباههم بعيد عن باب أوضتك المقفول. هو كان لسه راجع من مهمة لوحده، بعد ما "لاسويل" بلغته باقي الفرقة فين. "جاز" المسكين معندوش أي فكرة عن أي حاجة كانت بتحصل وهو مش موجود. وباقي أفراد الـ ١٤١ مكنوش حتى فكروا إيه اللي هيحصل لما هو يرجع. في الأول كانوا عاملين حسابهم إنهم هيفهموه إنك طلعت خاين. بس بعد كده اتضح إنك مكنتش، وإنهم عذبوك على الفاضي. ودلوقتي انت في الأوضة التانية، بتموت أو يمكن ميت خلاص. ولا مرة جت في بالهم فكرة "جاز" أو هيقولوله إيه لحد اللحظة دي. عين "جاز" عدت على التلات رجالة بسرعة، وهو بيلاحظ مين اللي ناقص. "هو فين؟ هو كويس؟" الباقيين مالحقوش حتى يردوا، وباب أوضتك اتفتح على مصراعيه. السرير بتاعك اتدفع لبره الأوضة، أصوات عالية بتزعق، وإيدين مرتبكة بتزقه في الطرقة، وممرضة قاعدة على السرير فوقك وهي بتعمل ضغط على صدرك في محاولات إنها تخليك عايش لوقت كافي لحد ما توصلوا لعمليات الطوارئ. "جاز" كان بيتفرج على المنظر وعينيه مبرقة، بالعافية قادر يلمح جسمك من وسط الناس اللي محوطينك وهما بياخدوك. هو تقريبًا مكنش هيلمح وشك الغايب عن الوعي والمغرق دم، لكنه لمحه، والصورة اتحفرت في دماغه في ساعتها. "إيه..." كلامه اتقطع لما خد باله من النظرات اللي على وشوش زمايله. "برايس"، الكابتن بتاعه اللي دايمًا صارم ومحترف، شكله على وشك الانهيار. "جوست"، الملازم اللي نادرًا ما بيبين وشه أو مشاعره، الندم باين في عينيه. و"سوب"؟ ده كان منهار خلاص، بيعيط بصوت عالي وهو ساند ضهره على الحيطة قبل ما يتزحلق يقعد على الأرض، وماسك راسه بين إيديه وهو بيتهز قدام وورا. "جاز" فضل ساكت، بيستوعب رد فعل كل واحد فيهم. هو عارف إنهم مطلعوش في مهمة... وانت أكيد مروحتش في مهمة لوحدك. وكونك في الـ ١٤١ لوحده بيخلي كل العساكر التانيين يحترموك ويخافوا منك، وده معناه إن مفيش حد عنده الجرأة الكافية إنه يأذيك لأي سبب... ده غير إنه مش قادر يتخيل أصلًا إن في حد ممكن يكرهك. خصوصًا وانت بالانطلاق والود ده. وهو واحدة واحدة بيوصل لاستنتاج واحد، فكه قفش على بعضه جامد، وبالعافية بيخلي سؤاله اللي جاي يطلع. "انتوا عملتوا فيه إيه؟" "برايس" وشه اتعصر أول ما سمع السؤال، وعياط "سوب" علي أكتر وهو بينكمش على نفسه زيادة. "جوست" ببساطة اتخشب، عضلاته شدت كأنه خايف يعمل أي حركة. "جاز" عرف إن استنتاجه كان صح من غير ما هما يأكدوله بالكلام. "برايس" عدى إيده على بقه، وخد نفس عميق قبل ما يتكلم، وهو بيحاول يمنع صوته إنه يتهز. "إحنا لازم نتكلم في مكان لوحدنا." الأربع رجالة اتكدسوا في أوضة فاضية، و"جوست" اضطر يجر "سوب" بنفسه من على الأرض عشان يدخل معاهم. وأول ما الباب اتقفل وراهم، "جاز" ربع إيديه على صدره وهو مبحلق في الكابتن بتاعه. الراجل اللي كان بيحترمه ويثق فيه، بس دلوقتي هو مش متأكد إذا كان الراجل ده يستاهل المشاعر دي ولا لأ. "برايس" قعد على كرسي في ركن الأوضة، وسند كيعانه على رجليه. هو عارف إن الحوار ده هيبقى صعب، وإنه لو مكنش قاعد، غالبًا كان هيقع على الأرض من العار. غمض عينيه، بيجمع أفكاره قبل ما يبدأ يشرح. "من حوالي أسبوعين وزيادة، جالنا بلاغ إنه خاين... إنه كان بيدي معلومات للأعداء. كان المفروض نشكك في الكلام ده... كان المفروض نحقق عشان نشوف الكلام ده حقيقي ولا لأ. بدلًا من ده، إحنا نطّينا على طول على استجوابه. إحنا حسينا بالخيانة، وكنا عايزين إجابات. لمدة أسبوعين، إحنا عذبناه في محاولات عشان ناخد منه إجابات." "برايس" سكت للحظة، وصور ليك وانت راكع غرقان في دمك بتعدي في دماغه. هز راسه عشان يطرد الصور دي من دماغه قبل ما يكمل. "بعد أسبوعين، أخيرًا اتكشف إنه كان بريء. وإن واحد تاني هو اللي دبسه. هو عمره ما عمل أي حاجة من الحاجات اللي اتهمناه بيها." إيديه قفشت في بعضها، وعقل صوابعه ابيضت، وهو بيطلع الجملة الجاية من بين سنانه. "كان لازم نصدقه لما قال إنه بريء." "جاز" فضل مبحلق في الكابتن بتاعه، مش عارف حتى يقول إيه. من ناحية، هو فاهم هما عملوا كده ليه. هما صدقوا إنك خنت الـ ١٤١، وحسوا بالغضب والزعل بسبب ده، فلجأوا إنهم يطلعوا غضبهم فيك. ومن الناحية التانية، كان لازم يشككوا في الأمور أكتر. انت جزء من الفرقة لسنين، بتحارب وتهزر جنبهم. دايمًا في ضهرهم وموجود لما بيحتاجوك. إشمعنى هتختار دلوقتي إنك تخونهم؟ بعد ما قعدت معاهم السنين دي كلها؟ الباقيين كان لازم يركنوا مشاعرهم على جنب ويفكروا في الموضوع بعقل أكتر بدل ما ينطوا على طول على تعذيبك. عنيه عدت على الباقيين، وهو بيشوف نظرات الندم واليأس اللي على وشهم. "كويس،" قال لنفسه، "خليهم يحسوا بالذنب على اللي عملوه فيك." من غير ما ينطق ولا كلمة، لف وخرج من الأوضة، والباب اترزع جامد وراه.
.png) 
                 
           
           
           
           
          