الأقسام

قصص تاريخية

... ...

قصص فانتازيا

... ...

قصص رعب

... ...

قصص رومانسية

... ...

قصص مخصصه لك

    قصص المختلط

      روايه الجميله وراعي البقر

      الجميله وراعي البقر

      بقلم,

      تاريخية

      مجانا

      بنت اسمها نويمي، أبوها السكير والمفلس بيبيعها لراجل غريب عشان يسدد ديونه بعد الحرب. بتسافر معاه بالقطر لبلد جديدة في الغرب الأمريكي، وهناك بتقابل الراجل اللي اشتراها، "راعي بقر" وسيم وغامض اسمه ريفن بلاكستون. بتكتشف إن البيعة دي عبارة عن جوازة غصب عنها لازم تتم فوراً في الكنيسة. بعد مراسم باردة، بتسيب أبوها وتمشي مع جوزها الجديد لمصير مجهول. نويمي بتقرر إنها لازم تكون قوية وتنجو بحياتها الجديدة مهما كانت صعبة.

      نويمي

      رغم الظروف اللي هي فيها. أبوها "باعها" عشان يسدد ديونه. هي خايفة بس مصممة تكمّل وتعدي من الأزمة دي، وعندها كبرياء خلاها متخافش تواجه "ريفن".

      ريفن بلاكستون

      "راعي البقر" اللي اشترى نويمي. راجل وسيم بشكل قاسي، وشه مليان ندوب، وغامض جداً. باين عليه إنه مسيطر والناس بتخاف منه. بارد ومبيتكلمش كتير، لكنه أظهر جانب حنين لما هدأ نويمي وقت نوبة الهلع بتاعتها

      والد نويمي

      راجل سكير ومفلس رجع من الحرب. باع بنته مقابل الفلوس عشان يسدد ديونه. شخصية ضعيفة ومنهارة، وكل اللي همه الفلوس والويسكي.
      الجميله وراعي البقر
      صورة الكاتب

      نويمي
      
      القعقعة المنتظمة لقضبان القطار تتردد أصداؤها عبر المقعد الخشبي تحتي، اهتزاز ثابت يرتجف في عمودي الفقري ويصل إلى عظامي. الهواء داخل عربة القطار ثقيل بروائح أجساد لم تُغسل، وصوف رطب، وتبغ محروق لاذع، لكن كل ده مكنش مهم—طالما عيناي مُثبتتان على الدنيا التي تجري مسرعة خلف نافذة عربة الطعام.
      
      الزجاج بارد على أطراف أصابعي وأنا أضغط يدي عليه، أراقب المشهد المهزوز يتكشف مثل صفحات قصة لم أقرأها من قبل.
      
      السماء زرقاء باهتة، من النوع الذي يبدو وكأنه مشدود أكثر من اللازم، والأرض تحتها تمتد في موجات لا نهاية لها من العشب الذهبي، مرقطة ببقع من الخضرة العنيدة. ثم، يبطئ القطار مع اقترابه من منعطف، وتصبح الدنيا أوضح.
      
      أنفاسي اتحبست لما رأيت ما أمامي.
      
      هناك، على ضفاف النهر الأزرق الصغير، تقف ذئبة رمادية مع جرويها، فراؤهم الفضي يتموج في الريح، رطب وملتصق بالطين العالق ببطونهم. كانوا يمزقون البطون الطرية لسمك نفق على الشط، أسنانهم الصغيرة تنهش اللحم بشراهة وهو يلمع في ضوء آخر النهار.
      
      الذئبة الأم تقف فوقهم، عضلاتها مشدودة تحت فرائها، أذنيها منتصبة نحو القطار. عيناها الذهبيتان تلتفتان إلى النوافذ، إلى القطار المتباطئ، وتتثبت في عينيا لثانية وجيزة بينما تمر عربتي بجانبها. شعرت بشيء يقبض جوه صدري.
      
      كانت تراقبني حتى اختفت عن نظري. ليس خوفاً، ولا فضولاً، ولكن كتحذير.
      
      هي تعرف أن عليها إبقاء صغارها قريبين منها، لحمايتهم من الأخطار التي تتربص بهم داخل البرية وخارجها.
      
      حاجة كان نفسي حد يعملها علشاني.
      
      أطلق القطار صُفارة طويلة ومجوفة، تشق الهواء زي السكينة لتُعلمنا أننا على بعد أميال قليلة من وجهتنا، فرفعت الذئبة الأم رأسها أعلى، وفتحات أنفها اتسعت.
      
      هي عارفة الصوت ده معناه إيه. وإحنا معنانا إيه. دفعت جرويها أقرب إلى الغابة خلفها، بعيداً عن الضجيج، بعيداً عن السكة التي تفصل البرية عن البشر اللي مسميين نفسهم أسيادها.
      
      هنا، هي فريسة. مبقتش مفترسة.
      
      وإحنا اللي بقينا المفترسين.
      
      الفكرة جعلت معدتي تتقلب. أصابعي انكمشت على الزجاج. الذئبة لم تهرب. وقفت مكانها، متثبتة في الأرض، تحدق في الوحش الحديدي الذي يحملني بعيداً عن كل شيء عرفته يوماً. أتساءل إن كانت تشعر بنفس الشد في صدرها، نفس الوجع المتململ الذي يخبرها أن تهرب قبل فوات الأوان.
      
      ثم، بينما بدأت آخر عربة في القطار بالمرور، خفضت رأسها واختفت وسط العشب الطويل، وجرويها يتبعانها كالظلال. اللحظة راحت، ابتلعتها حركة القطار الأمامية التي لا ترحم، لكنها بقيت عالقة في عظامي.
      
      أتساءل إن كانت ستفكر بي الليلة تحت ضوء القمر، بنفس الطريقة التي أعرف أنني سأفكر بها.
      
      القطر اهتز وبطّأ سرعته، عجلاته الحديدية تصدر صريراً فوق القضبان، وأبي يتمايل على الشباك المقابل لي، رأسه تخبط خبطة مكتومة في الإزاز. تمتم بشيء غير مفهوم، كلماته متهدجة وضائعة وسط القعقعة المنتظمة لعربة القطار.
      
      ريحة الويسكي فايحة منه في موجات، تقيلة وتخنق، تقلب معدتي أسوأ من تأرجح القطر نفسه. أدرت وجهي نحو النافذة مرة أخرى، أبلع ريقي ضد الغثيان، لكن هذا لم يساعد. لا شيء يساعد.
      
      مبقتش عارفة عدى كام كاس شربه منذ صعودنا. يرفع قزازته بين المحطات، يعيد ملأها كلما وجد يداً أخرى مستعدة لتناوله زجاجة. لقد كان مخموراً منذ عودته من الحرب—راجل مهزوم لم يتبق له شيء سوى زجاجة في يد وديون في الإيد التانية.
      
      لكن المرة دي... الوضع أوحش.
      
      ربما العار هو الذي يغرقه الآن، يسحبه أعمق في الزجاجة، أو ربما هذا هو ما أصبح عليه.
      
      راجل أجوف باع بنته تمن لخطاياه.
      
      أمسك بالحافة البالية لمقعدي، أصابعي تغوص في الخشب المتشقق، بحاول أخلي إيديا تبطل تترعش.
      
      مش من الخوف.
      
      أبداً مش من الخوف.
      
      ولكن من تقل كل ده—تقل جسده المائل في غيبوبة ويسكي، وتقل القطار الذي يسحبني أبعد وأبعد عن كل ما عرفته في حياتي، وتقل ما ينتظرني في آخر السكة.
      
      في الخارج، المشهد سحابة ضباب، يجري في خطوط من الذهب والأخضر. ولّت تلك الأشجار الكثيفة الباكية وحرارة لويزيانا البطيئة التي تقطع النَفَس. لا مزيد من مياه المستنقعات تلطش على حواف الطرق المرصوفة بالطوب، لا مزيد من أشجار السرو الصلعاء تقف كحراس صامتين في الضباب.
      
      هذا المكان مختلف.
      
      مفتوح.
      
      واسع.
      
      الهوا هنا ممتد عبر تلال متدحرجة لا نهاية لها، السماء كبيرة وباهتة، كما لو أنها مُسحت من عليها الألوان. في الأفق، ترتفع قمم الأشجار كأسنان مسننة، قممها الخضراء تتلاشى في الضباب.
      
      أتساءل كيف سيكون الشعور لو تسلقت إلى قمة إحداها، ونظرت إلى العالم بالأسفل وشعرت بأنني صغيرة، بس حرة.
      
      داخل القطار، الدكك الخشب ناشفة تحتي، حوافها ناعمة من كتر استعمال المسافرين الذين سبقوني—أناس كان لديهم مكان يذهبون إليه، مكان يهربون إليه، مثلي تماماً. القطار يتأرجح، والأرضية تحت حذائي تهتز مع صوت 'تك-تك' القضبان الثابت، صوت أصبح مألوفاً أكثر من اللازم.
      
      يجب أن أكون خائفة. لكني لا أعرف إن كنت حتى أتذكر كيف يبدو هذا الشعور. لا يوجد سوى هذا التنميل الباهت، يتسلل كشبورة بطيئة، ينعّم حواف كل شيء قبل أن يجرح بعمق.
      
      ربما عقلي بيحمي نفسه. ربما يعرف أنه من الأفضل ألا يدعني أشعر بكل شيء مرة واحدة. العقل ده حاجة غريبة.
      
      أخرجت نفَساً، بطيئاً وثابتاً، ضاغطةً بظهري على مسند الدكة الصلب. لم يتبق لي شيء من أمي سوى الكتاب الذي أعطتني إياه—لا ممتلكات، لا رسائل، لا أثر لها سوى ما هو محفور جوه عضمي.
      
      بس لسه كلامها معايا.
      
      وأنا أتمسك به كما لو كان آخر شيء يبقيني واقفة على حيلي.
      
      اسمك نويمي هالي، وإنتي هتعدي من ده.
      
      لذا...
      
      اسمي نويمي هالي، وأنا هعدي من ده.
      
      أفكر في اليوم الذي كان أبي بيستعرضني فيه في ذلك البار المعتم المليان دخان في نيو أورلينز—الطريقة التي انحنى بها الرجال، ضحكهم التقيل بالويسكي، ابتساماتهم تلتوي كالنسور التي تحوم حول فريسة طازة. كيف رفع تلك اللوحة، يمررها من طاولة إلى أخرى، تاركاً عينيهم الجعانة تاكلني حتى قبل أن تفعل أيديهم ذلك.
      
      كنت شيء، صفقة، فرسة معروضة في مزاد. أصابعهم لمست ذراعي، خصري، شعري، يختبرونني، كما لو كان لهم الحق.
      
      لسه مش مصدقة إنه عملها. بس برضه، لأ، مصدقة.
      
      لقد خسر كل شيء—كبرياءه، حربه، وعقله. أنا كل اللي فاضل له عشان يتاجر بيه.
      
      القطر اتنتع، الوحش الحديدي يئن تحتنا بينما تصرخ العجلات على القضبان. اندفعت للأمام، ممسكة بالمقعد حتى لا أسقط في الممر.
      
      أبي بالكاد اتحرك، فقط تمتم بشيء تحت أنفاسه وترك رأسه يرجع لورا على النافذة الرطبة.
      
      ثم، صمت.
      
      الموتور طلع نَفَس طويل فيه صوت هسيس، وعرفت أننا وصلنا.
      
      رمشت بعيني، أجر نفسي من سحابة الذكريات، أصابعي متيبسة وهي تبتعد عن المقعد.
      
      إندبندنس، ميزوري. راح خلاص الحر المِعقَّد اللي بيخنق بتاع لويزيانا. مكان جديد، كابوس جديد.
      
      خارج النافذة، تمتد البلدة أمامي—كلها تراب، ودوشة، وتغلي بالحياة.
      
      رصيف القطار كان بحراً من الحركة من حيث أراقب عبر النافذة. رجال يرتدون برانيط عريضة ومعاطف عليها خطوط تراب بيتمطعوا بالقرب من المحطة، بعضهم يصرخ لبعضهم البعض فوق هسيس البخار، وآخرون يراقبون الركاب الوافدين بفضول باهت بينما ينتظرون في طابور للنزول من القطار. نساء يرتدين فساتين قطن باهتة يمسكن بأيدي أطفالهن، وجوههن مجهدة، وشعرهن مسحوب في كعكة مشدودة تحت قبعاتهن. أطفال بيجروا بين الصناديق والشنط، أقدامهم الحافية تطير التراب وهم ينسلون عبر الحشد.
      
      رجل مشمر دراعاته لحد كوعه يرمي شكاير تقيلة على عربة، صوت خبطة الغلال على الخشب بالكاد مسموع وسط جلبة الركاب المستعجلين الذين يحاولون النزول بسرعة. عربة حنطور تقف بالقرب من نهاية الرصيف، فريق خيولها يدب في الأرض بزهق، يهشون الذباب المتجمع في الحرارة بذيولهم. رائحة العرق، ورائحة التراب التي تسبق المطر، والروث تملأ الهواء، تختلط بالرائحة الحادة لدخان فحم الموتور الذي أجلس فيه.
      
      بلعت ريقي بصعوبة، أحاول استيعاب كل هذا، لكن الموضوع كان ضخم—أكبر من اللازم، أسرع من اللازم، وغير مألوف.
      
      الأرض تبدو أوسع هنا، تمتد في كل اتجاه، جامحة ومفيش ليها آخر.
      
      مفيش مكان أستخبى فيه.
      
      باب القطار انفتح بصوت صرير، وبدأ الركاب يجروا رجليهم للخارج، أحذيتهم تحتك بألواح الرصيف الخشبية البالية. لم أتحرك. لسه شوية. أبي تحرك أمامي، يفرك وجهه، لكني بالكاد لاحظته.
      
      بدلاً من ذلك، ضغطت بكف إيدي على الشباك، أشعر بالزجاج البارد تحت أطراف أصابعي، نبضي ثابت وبطيء. ها هي. نهاية قفص وبداية قفص تاني.
      
      اسمي نويمي هالي، وأنا هعدي من ده.
      
      تبعت أبي وهو بيترنح وهو قايم من مكانه عندما خفت الطوابير عند كلا الطرفين، مشيته مش متزنة وبيطوح وهو يشق طريقه نحو المخرج.
      
      الرصيف كان مليان دوشة—أناس يصرخون، قعقعة معدنية للشنط وهي تُسحب من القطار، صهيل الخيول المتململ المربوطة قريبة جداً من بعضها—لكن كل هذا بدا بعيداً، مكتوماً، كما لو كنت بتفرج عليها من ورا لوح إزاز تخين.
      
      يداي تشتدان حول أحزمة الحقيبتين الصغيرتين اللتين أحملهما، عقل صوابعي وجعاني من شدة قبضتي عليهما. أركز على الوزن، الضغط، أي شيء ليبقيني ثابتة.
      
      وبعدين شفته.
      
      كان يقف عند طرف الرصيف، بعيد عن الفوضى دي، طويل وثابت، كما لو أن العالم من حوله لا يلمسه بالطريقة التي يلمس بها أي شخص آخر. آخر شعاع شمس قبل ما تمطر يقطع وجهه تحت حافة قبعة رعاة البقر السوداء المليئة بالتراب، ينعكس في عينيه الرمادي الغامق اللي زي لون العاصفة. كانت عيناه تتنقلان فوق الركاب الوافدين، بلا اهتمام، بانفصال.
      
      لحد... ما جت عليا.
      
      للحظة، نسيت أتنفس.
      
      وجهه كان كله زوايا حادة وملامح خشنة، فك قوي يؤدي إلى رقبة تحمل ندوباً قديمة—ندوب تمتد من تحت خط فكه، تختفي تحت ياقة معطفه المتهالك. كانت مشرشرة، ومش متساوية، من النوع الذي تتركه المعارك والزمن.
      
      لم أرها من قبل، ليس في النور الخافت بتاع البار في لويزيانا عندما كان يربط قناعاً على فكه، مخبيها عن الأنظار. لكن هنا، تحت السماء المظلمة، كان مستحيل تجاهلها.
      
      حتى مع وجودها—أو ربما بسببها—كان أكتر راجل وسيم بشكل مدمر شوفته في حياتي.
      
      شعره، بني غامق ومموج، يلف قليلاً حيث بيطل من تحت قبعته، الهوا بعتره وهو يحمل رائحة الخيول والتراب عبر المحطة.
      
      كان هناك شيء في الطريقة التي يقف بها، شيء خطير، ولكن ليس بالطريقة التي كان عليها الرجال في بلدي. مش بالطريقة اللي بتخليني أقشعر.
      
      لأ، ده مختلف.
      
      هذا رجل لا يحتاج أن يرفع صوته لكي يسيطر على أوضة، لا يحتاج أن يمد إيده على مسدسه عشان الناس تخاف منه. إنه رجل يحمل سمعته في وقفته، في الثقة الهادئة التي لا تهتز لشخص عدى من حاجات أسوأ من اللي الناس بتتهامس عليها.
      
      
      
      
      
      
      ودلوقتي، هو بيبصلي.
      
      تقل نظرته بعت قشعريرة حادة في ضهري، تحذير، وسؤال. المفروض أشيح بنظري بعيد، بس معملتش كده. مقدرتش.
      
      لأني إزاي معرفش، عارفة—إن ده الراجل اللي اتبعتله. أنا عارفة العيون دي. دي العيون اللي بصت جوه روحي وشافت حاجة تستاهل تتشرى.
      
      هو متحركش وإحنا بنقرب، مغيَّرش وقفته ولا رفع قبعته للتحية. هو بس بيتفرج، بعيونه الرمادية الباردة دي علينا، ومحدش يقدر يقراها.
      
      قلبي اتخبط في صدري، دقة حادة ومش منتظمة، واضطريت أفكر نفسي أتنفس—أفكر نفسي إن ده حقيقي.
      
      أنا مش هخاف.
      
      أنا هعدي من ده.
      
      اسمي نويمي هالي.
      
      "خمسة آلاف،" أبويا قالها بلسان تقيل، وهو بيشاور بإيده بكسل في الهوا وإحنا بنقف عند طرف الرصيف الخشبي.
      
      نظرة الراجل اتنقلت ليا، ببطء وتقييم، وفجأة حسيت إني قليلة أوي. مش زي ما حسيت زمان في نيو أورلينز، لما الرجالة كانوا بيبصولي كأني حاجة تتاخد، تتقلب، تتمتلك. ده مختلف. عينيه مش بتبص ببجاحة—دي بتوزن، بتضغط عليا زي قوة من قوى الطبيعة، زي الهوا التقيل قبل ما العاصفة تهب.
      
      "ده كان الاتفاق،" قال كده، صوته واطي وثابت، من النوع اللي يستقر جوه الصدر زي حاجة مابتتهزش.
      
      ده بعت فيا رعشة، مش من الخوف، ولا من القرف—من حاجة تانية خالص. حاجة مفيش ليها اسم عندي.
      
      أجبرت نفسي أرفع وشي، أقابل نظرته عين في عين.
      
      عينيه كانت زي الهدوء اللي قبل العاصفة—سحب رعد مستنية تمطر، غامقة وملهاش آخر، وللحظة، حسيت إني بغرق، بتسحب لتحت بتيار مقدرش أقاومه. هو وسيم، بس مش بطريقة تخليك تطمن. فيه حاجة خشنة فيه، حاجة مش متساوية، كأنه اتنحت من الصخر واتساب في الهوا يعتق. بس فيه حاجة تانية كمان—حاجة مكسورة. حاجة تخليني عايزة أبص بعيد، حتى وإنا بجبر نفسي معملش كده.
      
      "أيوة،" أبويا تمتم، وهو بيفوق وبيتلفت، عقله خلاص راح للكاس اللي جاي. "هي بتاعتك أول ما آخد الفلوس."
      
      راعي البقر هز راسه، مرة واحدة بس. "تعالي معايا،" قالها، صوته مبيسمحش بأي نقاش. بعدين لف ومشي، حتى مكلفش نفسه يشوف أنا وأبويا ماشيين وراه ولا لأ.
      
      فضلت واقفة مكاني، رجليا تقيلة على ألواح الرصيف البالية، الخشب تحتي لسه بيترعش من تقل القطر.
      
      أهي دي.
      
      أهي دي حياتي دلوقتي.
      
      بصيت ورايا على أبويا، بدور على—إيه؟ لحظة تردد؟ إنه يفكر تاني؟ بس هو حتى مستخسرش فيا دي. كان خلاص بيترنح ورا اللي اشتراني، خلاص بيمد إيده على تمنه، خلاص بينساني. الغصة اللي في زوري زادت، ناشفة ومبتروحش، بس بلعتها. مفيش حاجة فاضلالي في نيو أورلينز. مفيش غير الوجع. مفيش غير وعود مكسورة.
      
      خدت نفس بطيء، فردت كتافي، ونزلت من على الرصيف.
      
      راعي البقر مشي قدامي بخطوات واسعة وليها هدف، معطفه بيتحرك مع كل خطوة. جزمته بتخبط في الأرض بثقة راجل متعود الناس تمشي وراه، متعود يتطاع، متعود يأمر.
      
      أبويا كان ماشي جنبه، مع إن خطواته كانت أقل ثبات، بيطوح شوية مع كل حركة. وأنا؟ كنت بجر نفسي وراهم، خطواتي سريعة أوي، ومش منتظمة، وأنا بحاول ألاحق خطوة راجلين خلاص قرروا مصيري.
      
      مسكت شنطي جامد أوي، حياتي كلها في الشنطتين الصغيرين دول، وزنهم تافه جنب الحقيقة الأتقل اللي ضاغطة عليا.
      
      حقيقة إني ماشية في اتجاه مستقبل مختارتوش.
      
      مستقبل ملك لراجل حتى معرفش اسمه.
      
      خلاص، هيفضل راعي بقر لحد ما يحس إنه عايز يعرف نفسه. راعي البقر... بتاعي، غالباً.
      
      بلدة إندبندنس بانت قدامي، مفرودة ومتململة، بعيدة كل البعد عن سكون بيتي الرطب.
      
      الشوارع كانت زحمة حركة، لخبطة متشابكة من الناس والحيوانات، عربيات كارو وعربيات بحصنة، أصوات بتزعق تعلى على بعض. فريق خيول عدى بيجرجر، حوافرهم بتطير التراب في سحب تقيلة وبتدور، دخلت في زوري. ست واقفة جنب فرشة السوق، شايلة ابنها على وسطها وهي بتفاصل مع بياع بيبيع فروع لافندر ناشفة. قريب منهم، مجموعة رجالة مأنتخين جنب ورشة الحداد، بيمسحوا العرق من على وشهم وهما بيتكلموا بصوت واطي، عينيهم بتيجي على راعي البقر اللي قدامي—وبعدين يبصوا بعيد بسرعة.
      
      لاحظت وقتها، إزاي الزحمة بتتغير حواليه، إزاي الناس بتوسعله من غير ما يطلب. شوية بيبصوا لفوق، فضول بيلمع في ملامحهم قبل ما يبصوا بعيد، كأن مجرد النظرة في عينه ممكن تحرقهم. وناس تانية مبتاخدش الريسك ده أصلاً، بيفضلوا موطيين راسهم، انتباههم متركز في أي حتة تانية غير عليه.
      
      وبرضو، هو مبطأش.
      
      أجبرت نفسي أفضل ماشية، بزاوغ بين الناس، بتفادى البراميل والصناديق وكيمان روث الخيل اللي سايبها مرور اليوم. إندبندنس مفيهاش أي حاجة من بيتي. حاساها أكبر. أدوش. أقسى. مفيش شجر سرو هنا، مفيش غطا تقيل من الرطوبة بيضغط على جلدي. مجرد حر ناشف، وتراب، وإحساس طاغي إني مش تبع المكان ده.
      
      تقل الحقيقة دي استقر جوه صدري. صوابعي قفشت على سيور شنطي، وعقل صوابعي وجعتني.
      
      أنا لوحدي بجد.
      
      الفكرة خبطت فيا، حاجة مفاجئة وساحقة، ولثانية واحدة يائسة، كنت عايزة أجري. ألف وأرجع، ألاقي القطر، أهرب قبل ما يفوت الأوان.
      
      بس الأوان فات خلاص.
      
      عشان أبويا مبصش وراه.
      
      عشان راعي البقر فضل ماشي.
      
      عشان مفيش مكان تاني أروحه.
      
      فأجبرت رجليا تتحرك، خطوة ورا التانية، ماشية ورا اللي اشتراني واللي باعني في اتجاه عربية مستنية في آخر الشارع الزحمة.
      
      لما وصلنا للعربية، الراجل اللي بيشع خطر ده لفلي وهو بيفتح الباب. ملامحه متتقريش، عيونه الرمادي متتقريش، وحتى معزمنيش أطلع. متكلمش. هو بس اتفرج عليا—مستني.
      
      اترددت، صوابعي بتقفش على سيور شنطي. نفسي اتحبس في زوري، غصة اتكونت مش عارفة أبلعها. معرفش المفروض أعمل إيه—أستنى أوامر، أطلب إجابة، أجري؟ بس بعدين، لمحتها—لمعة نفاد الصبر في عينيه، حادة وعدت بسرعة. رجليا اتحركت قبل ما أفكر أحسن.
      
      اتسلقت عشان أطلع العربية، كفوفي اتزحلقت على الإطار الخشب الخشن وأنا قربت أفقد توازني. المقعد كان ناشف تحتي، وقعدت مفردوة ضهري أوي، نبضي بيدق جوه ضلوعي.
      
      أنا مش تبع هنا.
      
      أبويا طلع ورايا، اتسلق بتردد أقل بكتير. اتنهد وهو بيستقر على المقعد المنجد اللي قصادي، رزمة فلوس في إيده. صوابعه قفشت عليها كأنها طوق نجاة، كأن تقل الورق ده أهم من تقل اللي هو عمله.
      
      راعي البقر اتحرك بسلاسة، قفل الباب وراه قبل ما ينط على قدام العربية كأنه عملها ألف مرة قبل كده.
      
      بإيد واحدة، أبويا مد إيده في صديريته وطلع قزازة جلد سودة، فك غطاها بصباعه قبل ما ياخد شفة بطيئة ومقصودة. عروق رقبته اتحركت وهو بيشرب، إيده التانية ماسكة رزمة ورق فلوس—خمسة آلاف دولار.
      
      نص التمن اللي قاله.
      
      التمن اللي التانيين مجرؤوش يدفعوه.
      
      "المراسم هتبقى إمتى؟" صوت أبويا وصل من الشباك الصغير اللي بينا، واطي وثابت، كأنه عارف الإجابة خلاص.
      
      قصادي، هو لحس شفايفه، ريقه بيجري على منظر الفلوس. "القسيس مستنينا في الكنيسة،" راعي البقر رد، يادوب اتكلم قبل ما اللجام يطرقع في إيديه والعربية تندفع لقدام.
      
      الكلام خبطني زي قلم على وشي ورصاصة في بطني.
      
      كنيسة.
      
      قسيس.
      
      جواز.
      
      لأ.
      
      لأ، لأ، لأ.
      
      جسمي اتصرف قبل ما عقلي يستوعب. إيديا اتمدت على باب العربية، صوابعي بتشد، بتخربش في الأوكرة وأنا بزق فيه. مش عايز يفتح بسرعة، مش عايز يخليني أخرج قبل ما الهوا في العربية يقفل عليا.
      
      هوا.
      
      أنا محتاجة هوا.
      
      المكان ضيق أوي، صغير أوي، قريب أوي—أبويا قصادي، وراجل غريب سايق، ومعلومة إني بتاخد، إني خلاص اتاخدت، ضاغطة عليا زي تقل سحق.
      
      شديت أقوى، الباب أخيراً فتح، وكنت هقع من العربية وهي ماشية، سندت على إيديا وأنا بخبط في الأرض.
      
      الخبطة لسعت، جلدي اتسلخ على تراب الطريق الناشف. قومت وقفت على رجلي وأنا بطوح، كل عصب في جسمي بيصرخ فيا أجري، أجري، أجري.
      
      الكلام مش راضي يسكت في دماغي.
      
      قسيس مستني.
      
      مراسم.
      
      جواز.
      
      ده مش حقيقي. مستحيل يكون حقيقي.
      
      الرؤية غبشت على الأطراف، رئتي بتقفش، صدري بيعلى ويوطى بسرعة أوي، مش منتظم. إيديا بتترعش على ركبي وأنا موطية لقدام، بحاول أدخل الهوا لجسمي تاني مع كل شهقة. بس الهوا مش راضي يدخل.
      
      غمضت عيني جامد.
      
      مش قادرة أتنفس.
      
      صوت جزم بتخبط على التراب بالكاد سجلته وسط رعبي، بس بعدين—إيد. دافية وثابتة، بتضغط برفق على ضهري، بتمسح بحركات دائرية بطيئة. لمسة مش خشنة، مش غصب.
      
      
      
      
      
      
      
      
      ...مجرد... هناك.
      
      أنتفض مبتعدة عنها في الحال. جسدي يتحرك قبل أن أفكر، أتعثر للخلف بينما نظري يرتفع فجأة، صدري ما زال يعلو ويهبط، ويداي مقبوضتان. وها هو ذا.
      
      راعي البقر.
      
      راعي البقر الخاص بي.
      
      هو لا يتحرك، لم يمد يده إلي مرة أخرى. هو ببساطة يراقب، عيناه الرماديتان كالعاصفة ثابتتان، لا تتزحزحان.
      
      "للداخل من أنفك،" قال، آخذاً نفساً عميقاً وحابساً إياه. انتظر. يراقب. يتوقع.
      
      ترددت، جسدي ما زال حبيس الذعر، لكن شيئاً ما في الطريقة التي يتحدث بها—الثقة الهادئة في صوته—جعلتني أستمع.
      
      استنشقت بحدة من أنفي، أحاول حبسه كما يفعل، لكن أنفاسي ارتجفت في صدري، ضلوعي تؤلمني من شدة دقات قلبي.
      
      "للخارج من فمك." زفر ببطء، شفتاه تنفرجان بما يكفي لخروج النَفَس. عيناه لم تترك عيني أبداً. "ركزي على دقات قلبك،" قال، بهدوء ولكن بحزم. "اشعري بها في صدرك. وأجبريها أن تبطئ."
      
      بلعت ريقي بصعوبة. يداي ما زالتا ترتعشان، رأسي ما زال يدور، لكني أومأت.
      
      نَفَس آخر للداخل. أبطأ هذه المرة.
      
      آخر للخارج.
      
      وببطء، بدأ الثقل يرتفع.
      
      أراقبه وأنا أتنفس، أراقبه وهو يراقبني. لم يستعجلني، لم يضغط. فقط انتظر، كما لو أن لديه كل الوقت في العالم.
      
      "خذي وقتك كما تحتاجين،" تمتم، ولا أعرف لماذا، لكني أستمع إليه.
      
      أومأت مرة أخرى، وآخر نَفَس عميق يملأ رئتي. الغثيان في معدتي هدأ، وعندما وجدت صوتي أخيراً، كان بالكاد أعلى من الهمس.
      
      "مرحباً، يا راعي البقر؟"
      
      انعقد حاجبه قليلاً عند سماع الاسم، شفتاه ارتعشتا عند الزوايا. "راعي البقر؟"
      
      "حسناً،" قلت، مخرجة آخر ما تبقى من ذعري، "أنا لا أعرف اسمك. لذا، 'راعي البقر' سيفي بالغرض حتى تشعر بأنك 'رجل نبيل' بما يكفي لتقدم نفسك."
      
      تلك الارتعاشة كادت أن تتحول إلى شيء أكثر. شبه ابتسامة، سريعة وعابرة، سريعة لدرجة أنني كدت ألا أراها.
      
      وهكذا، اختفت، متلاشية بينما يدس يديه في جيوب معطفه ويستدير عائداً نحو العربة.
      
      توقف عند المقدمة، متوقفاً بما يكفي ليقابل نظرتي مرة أخرى.
      
      "ريفن بلاكستون،" قال. "لكن 'راعي البقر' سيفي بالغرض."
      
      ريفن بلاكستون.
      
      ريفن بلاكستون.
      
      ثم سحب نفسه إلى مقعد السائق، وتحركنا مرة أخرى عندما أجبرت ساقاي على الصعود مجدداً إلى العربة.
      
      ريفن طرقع باللجام عندما أصبحت بالداخل، واندفعت الخيول للأمام، تسحبنا بعيداً عن المحطة وإلى قلب إندبندنس.
      
      العربة تهتز تحتي، تترجرج مع كل حفرة غير مستوية في الطريق الترابي، العجلات تصر احتجاجاً. أصوات المحطة—الصياح، قعقعة الأمتعة، صفارة القطار المغادر—تتلاشى خلفنا، يبتلعها همهمة البلدة المتنامية.
      
      إندبندنس حية بطريقة لم تكن عليها نيو أورلينز أبداً.
      
      الشوارع فوضى متشابكة من الحركة، أناس وعربات ينسلون بين بعضهم البعض في رقصة غير معلنة تبدو على بعد خطوة واحدة خاطئة من الفوضى. الهواء كثيف بالغبار، الذي تثيره الحركة المستمرة للحوافر وعجلات العربات، رائحة الخيول، التبغ، وشيء يُقلى على نار مكشوفة تختلط معاً.
      
      نساء بقبعات باهتة يمشين على الأرصفة الخشبية، تنانيرهن تحتك بالخشب وهن يحملن سلالاً من البضائع الجافة والقماش. رجل يقف خارج صالون حلاقة، يميل قبعته للخلف وهو يدخن غليوناً، يراقب تدفق الحركة بلا مبالاة. مطرقة حداد ترن في دقات ثابتة وموزونة، مرسلة شرارات تتطاير في الضوء الخافت. بالقرب، يركض أطفال بين الصناديق المكدسة خارج المتجر العام، أقدامهم الحافية تثير الغبار وهم يضحكون ويطاردون بعضهم البعض في الشارع.
      
      من خلال العربات المارة والفرسان على ظهور الخيل، أختلس النظر إلى مؤخرة قبعة ريفن، محاولة فهم الرجل الذي يسيطر الآن على مصيري. جسده يغطيه السواد، وقفته متيبسة، كتفاه العريضان مستقيمان بطريقة تدل على العادة، وليس التفكير—كأنه تعلم ألا يسمح لنفسه أبداً بأن يكون أي شيء سوى منغلق. لا يكشف عن أي شيء.
      
      الندوب التي تشق طريقها أسفل رقبته، مختفية تحت ياقة قميصه الأسود، لها قصتها الخاصة. قصة لا أعرف إن كنت أريد سماعها. قصة لا أعرف إن كان سيرغب يوماً في روايتها.
      
      الثقل في صدري يشتد، شيء بارد يلتف في أعماق بطني، لكني أدفعه. أجد صوتي، رغم أنه يخرج أهدأ مما قصدت.
      
      "هل ستزورني، يا أبي؟"
      
      أبي بالكاد يتفاعل. ضحك بخفوت تحت أنفاسه، يقلب نقوده مرة أخرى، يسوي الأوراق النقدية كأنها أثمن شيء حمله في حياته. لست أنا. أبداً لست أنا.
      
      "عشرة آلاف،" تمتم، وهو يعدها للمرة الثالثة. "عشرة آلاف لعينة."
      
      "يا أبي؟" صوتي يرتجف، ليست النبرة الواثقة التي قصدت استخدامها. خرجت كأنين.
      
      لا أعرف لماذا أسأل. لا أعرف لماذا أتوسل.
      
      لقد كان أباً فظيعاً عندما تجاهلني، وعندما كان ينتبه، كان أسوأ. أسوأ بكثير.
      
      رعشة تسري في عمودي الفقري، ذكرى تشق طريقها إلى السطح، ذكرى أدفنها مرة أخرى قبل أن تتمكن من التجذر.
      
      ربما أنظر إلى كل هذا بشكل خاطئ. ربما هذا ليس كابوساً على الإطلاق.
      
      ربما بيعي لغريب هو حلم متنكر. حلم إذا جعلته كذلك.
      
      تغوص الشمس أكثر، تسكب الذهب فوق أسطح المنازل، ترسم ظلالاً طويلة على الأرض. يصبح الهواء أبرد، أثقل، وأفقد نفسي في إيقاع العجلات، الخبط الثابت للحوافر، المسار البطيء المتعرج عبر الشوارع.
      
      ثم، فجأة، نتوقف.
      
      التوقف المفاجئ يرسلني مندفعاً للأمام، راحتا يدي تصطدمان بحجري بينما أحاول إمساك نفسي. باب العربة يُفتح، وريفن هناك، يقف في ضوء الشمس المتلاشي.
      
      تنتقل عيناه إلى أبي أولاً، وشيء يمر على وجهه—ومضة من الاشمئزاز، الغضب، سريعة لدرجة أنها اختفت قبل أن أتمكن من التأكد من أنها كانت موجودة أصلاً. ثم تستقر نظرته علي، وللحظة، لا أستطيع التنفس.
      
      "هل ترغبين في التوقف عند الخياطة من أجل فستان،" يسأل، صوته ثابت، عيناه الرماديتان لا يمكن قراءتهما، "أم أنك راضية بملابسك؟"
      
      ألقي نظرة على فستاني—مجعد، باهت، مغبر، تذكير بالماضي الذي أُنتزع منه. ماضٍ لا أعرف إن كان يجب أن أتمسك به أم أتركه يموت.
      
      صوته موزون، ثابت—ولكن ليس لطيفاً. لا يوجد فيه سخرية، لا رقة، مجرد سؤال بسيط، قرار عملي.
      
      راعي البقر ذو الندوب الذي اشتراني للتو يعطيني خياراً.
      
      اعتقدت أن حقي الإنساني في الاختيار قد أُلقي به من نافذة القطار من نيو أورلينز إلى سانت لويس.
      
      أهز رأسي. "لا، يا راعي البقر. سأ—"
      
      لكن ريفن كان يستدير مبتعداً بالفعل، يخطو بالفعل نحو أبواب الكنيسة الطويلة، ساقاه الطويلتان تلتهمان المسافة كما لو كان مستعجلاً لإنهاء هذا الأمر.
      
      "القسيس من هذا الطريق."
      
      أدير عيني نحو ظهره، وأنا أعلم جيداً أنه لا يهتم إن فعلت. ثم، أتبعه.
      
      الكنيسة مذهلة، غارقة في آخر درجات ألوان الشمس الدافئة المتسربة عبر الأبواب الزجاجية الملونة، تضيء الألوان الزاهية للقديسين والشهداء كنار مقدسة. الجدران مبطنة بنقوش معقدة لملائكة ونبوءات، المقاعد الخشبية مصقولة بفعل الزمن، صفوف فوق صفوف تؤدي إلى منبر رخامي فخم. خلفه، يلوح أرغن ذو أنابيب ضخم، وجوده مهيب وجميل في آن واحد.
      
      راهبات يتحركن في المكان، بعضهن يركعن أمام نقوش حجرية للإله والسيدة العذراء، أيديهن مشبوكة في صلاة، ورؤوسهن منحنية. أخريات يحملن أغطية، يرتبن الشموع، يتهامسن بعبادتهن لإله تخلى عني منذ زمن طويل.
      
      صوت جزمة ريفن يتردد صداه على الأرضية الحجرية، وأجبر نفسي على اتباعه، حتى بينما ترتجف ساقاي تحتي.
      
      أبي يتعثر خلفي، ما زال متمسكاً بالشيء الوحيد الذي كان يهمه يوماً—نقوده.
      
      عند المنبر، يظهر القسيس. أثوابه بيضاء، مطرزة بالذهب، شعره رمادي وخفيف، وعيناه البنيتان لطيفتان، ولكنهما ثقيلتان—كما لو أنه رأى الكثير من حفلات الزفاف التي ما كان يجب أن تحدث.
      
      "أهلاً بكما،" يقول، صوته هادئ. "هل أنت مستعد للبدء، يا سيد بلاكستون؟"
      
      ريفن يومئ. بحزم. بشكل نهائي.
      
      أبي يتمايل على قدميه، عيناه المحتقنتان بالدم بالكاد تسجلان اللحظة قبل أن يومئ هو الآخر، موافقاً بغباء على كل ما سيأتي.
      
      أستنشق بحدة، صدري ضيق جداً، نبضي عالٍ جداً.
      
      وبعد ذلك، أومأت.
      
      لا عودة الآن.
      
      كلمات المراسم تغمرني، لكني لا أسمعها. أنا غارقة في ذكريات أمي، في الطريقة التي كانت تحتضنني بها، كيف كانت رائحتها تشبه الورود والكتان النظيف، كيف ما كانت لتسمح أبداً بحدوث هذا لو كانت على قيد الحياة.
      
      صوت القسيس يسحبني مرة أخرى.
      
      "هل تقبلين بهذا الرجل زوجاً شرعياً لك، ليكون لك وتحافظي عليه، من هذا اليوم فصاعداً، في السراء والضراء، في الغنى والفقر، في المرض والصحة، لتحبي وتعتزي به، حتى يفرقكما الموت؟"
      
      لا أستطيع التنفس.
      
      أبي حتى لا يرفع نظره. لا يهتم.
      
      ألتقي بنظرة ريفن، ولأقصر لحظة، أرى شيئاً هناك.
      
      ندم؟ شفقة؟
      
      تلاشت بالسرعة التي ظهرت بها.
      
      "أقبل،" أهمس، صوتي بالكاد مسموع، ولكنه نهائي بطريقة ما.
      
      يلتفت القسيس إلى ريفن، تعابيره رسمية. "هل تقبل بهذه المرأة زوجة شرعية لك، لتكون لك وتحافظ عليها، من هذا اليوم فصاعداً، في السراء والضراء، في الغنى والفقر، في المرض والصحة، لتحب وتعتز بها، حتى يفرقكما الموت؟"
      
      جاء رد ريفن فورياً، بلا عاطفة.
      
      "أقبل." صوته منخفض، ثابت، ولم يكن هناك أي تردد. كانت عبارة بسيطة، لكنها تحمل ثقل الحتمية، وكأنه قد قبل هذا المصير قبل وقت طويل من أن أعرف أنه قادم.
      
      وبعد ذلك—
      
      يومئ القسيس، مغلقاً الكتاب ورافعاً يديه للمباركة. "بالسلطة المخولة لي من الكنيسة وولاية ميزوري، أعلنكما الآن زوجاً وزوجة. يمكنك تقبيل العروس."
      
      صمت.
      
      ريفن لا يتحرك. لا يلمسني.
      
      يحدق بي للحظة طويلة، ثم يستدير على كعبه ويمشي مبتعداً.
      
      وهكذا، أنا متزوجة.
      
      متزوجة، ولكن لم أُقبَّل عند المذبح.
      
      متزوجة، ولكن لم يُطلب يدي للزواج أبداً.
      
      متزوجة، ولكن لم يُقل لي 'أحبك' أبداً.
      
      في الخارج، بدأت الشمس في الغروب، وأصبح الهواء أبرد، أثقل. العربة تنتظرنا حيث تركناها، الخيول تدب بأقدامها بنفاد صبر.
      
      ريفن يساعدني على الصعود هذه المرة، لكنه لا يتكلم.
      
      هو ببساطة يصعد إلى مقعده، يمسك باللجام، وبدون كلمة، نمضي.
      
      بعيداً عن الكنيسة. بعيداً عن كل شيء.
      
      نترك أبي في المحطة، لكني أعرف—شبحُه سيطاردني أطول مما فعل وجوده.
      
      بينما تختفي البلدة خلفنا، تبتلعها التلال المظلمة والغابات الكثيفة، أدرك شيئاً واحداً.
      
      لا عودة للوراء.
      
      الطريق أمامنا طويل، متعرج، وغير مؤكد.
      
      وفي نهايته، ينتظرني في الظلال، راعي البقر الوسيم ذو الملامح الخشنة المسمى ريفن بلاكستون.
      
      اسمي نويمي هالي، وأنا سأنجو من هذا.
      
      تصحيح.
      
      اسمي نويمي بلاكستون، وأنا سأنجو من هذا.
      
      

      قصة حب توكسيك

      حب توكسيك

      بقلم,

      رومانسية

      مجانا

      اكتشفت خيانة مزدوجة من أقرب اتنين ليها، حبيبها "جيك" وصاحبتها الانتيم "جاسمين". بدل ما تنهار، رد فعلها كان غريب جدًا وشاركتهم في اللحظة دي. لكن الموضوع ده مخلصش، لأن آمبر سابت جرحها يكبر جواها. بعد سنتين، رجعت عشان تنتقم، وقررت تردلهم الصاع صاعين. القصة كلها عن إزاي الخيانة بتتحول لرغبة في انتقام بارد، ورد الدين بنفس الطريقة بالظبط.

      آمبر

      بتبدأ كواحدة مضغوطة من الشغل وحياتها، لكنها بتكشف عن جانب مظلم وجريء لما بتتصدم. بتتحول من ضحية لواحدة بتخطط ببرود عشان تاخد حقها بعد سنين.

      جيك

      حبيب آمبر (في الأول). هو اللي خانها مع صاحبتها الانتيم، وكان هو بداية المشكلة كلها.

      جاسمين

      صاحبة آمبر "الانتيم". شاركت في الخيانة الأولى، وكملت حياتها واتخطبت، ومكنتش عاملة حساب لرجعة آمبر وانتقامها.
      قصة حب توكسيك
      صورة الكاتب

      كان البيت هادئًا بشكل غريب، ولكن هذا هو الحال دائمًا يوم الجمعة. والدا فاليري كانا خارج المنزل لقضاء الليلة، كان لديهما هذه العادة بالخروج في موعد كل ليلة لتقوية رباط الزواج أو حاجة زي كده، لكن فاليري كانت تظن أنهما في الحقيقة يحاولان إنجاب طفل آخر، بس مش مهم، لم يكن الأمر يهمها قيد أنملة، كانت في سنتها الأخيرة في المدرسة الثانوية وستغادر قريبًا إلى الجامعة لذا هي نوعًا ما تفهمت يأسهما، كانا خائفين من الوحدة ولكن لو تُرِكَ الأمر لها، لكانت نصحتهما أن يجيبوا كلبًا أو أي حيوان أليف ليؤنس وحدتهما أثناء غيابها، ولكن لا يهم.
      
      بمجرد أن ذهب والدا فاليري وتأكدت تمامًا أن سيارتهما غادرت لقضاء الليلة. أحضرت طبقًا من آيس كريم الشوكولاتة والفراولة من الثلاجة وقسمت نصفًا متساويًا من كل نوع ثم أمسكت بكل ما يمكن أن تجده من مأكولات سريعة وصعدت إلى سريرها على بطنها أولاً وبدأت تأكل بنَهَم (بتلت) وهي تقرأ رواية.
      
      كانت الرواية من نوع جريء جدًا، وهو نوع أثار اهتمامها. كلما قرأت أكثر، كلما انجذبت أعمق في صفحات الكتاب الذي بدأت في قراءة هذا النوع من الكتب مدفوعة بالفضول ثم بالهوس. لم تتفاجأ عندما وجدت نفسها مبتلة وحلمتيها أصبحتا صلبتين كالحصى أثناء قراءة الكتاب.
      
      كما ترى، لم تكن فاليري شخصًا يُثار بسهولة، وإلا لما كانت لا تزال عذراء في سن الثامنة عشرة الكبير هذا. ولا، لم يكن الأمر أنها لم تجرب وتختلط بالأشخاص، فقد تبادلت القبلات مع أكثر الشباب إثارة وأكثر الفتيات إثارة ولكن تلك الشرارة مكنتش موجودة، كان الأمر في أحسن الأحوال ما يمكن أن تسميه كلام فاضي.
      
      لقد نعتوها بالكثير من الأسماء، باردة، عديمة الإحساس وكل ذلك، لكنها لم تكن مستعدة لفقدان عذريتها دون الشعور بأي شيء سوى الألم المفاجئ ولا شيء آخر بعد ذلك، ولهذا السبب كان اكتشاف أن مجرد كتاب قد أثارها أمرًا مبهجًا للغاية.
      
      كان هذا هو الجزء المفقود من حياتها الجنسية الذي كانت تبحث عنه، وقد وجدته في منتصف إحدى الصفحات. ببطء ربتت على ساقيها على السرير الكبير وسمحت لأصابعها بتتبع مدخلها الرطب. وبينما كانت هناك، ركزت اليد الأخرى على قرص وعجن نهديها متوسطي الحجم، وشعرها الأحمر الداكن أُلقيَ للخلف في متعة بينما وصلت ببطء إلى ذروتها وهي ترتعش حتى هدأت المشاعر، وهي ترتجف وضعت أصابعها بين شفتيها ولحست عصارتها.
      
      هنا وفي تلك اللحظة قررت أنها عايزة أكتر. ليالي وليالي من القراءة عن نمط الحياة هذا قد أثرت عليها، أرادت شيئًا أكثر من لمس نفسها، أمسكت بقميص وشورت وارتدتهما مع سترة داكنة بغطاء رأس وشرعت في الذهاب إلى متجر قريب حيث طلبت علبة حفاضات للكبار، دفعت نقدًا لتجنب كشفها، فوالداها كانا يراقبان بطاقتها الائتمانية بجنون (عنيهم على الفيزا بتاعتها).
      
      لحسن الحظ، كان أمين الصندوق منغمسًا في نفسه جدًا لدرجة أنه لم يلاحظ حقًا ما اشترته. قام بتغليف العلبة وسلمها إلى فاليري ثم استدار ليلتقط هاتفه ويواصل الدردشة. ممتنة لعدم لفت الانتباه، سارت بخطى سريعة عائدة إلى منزل عائلتها وهي تتنفس بعمق لتهدئة قلبها الذي كان بيدق جامد، وصلت إلى المنزل وبدأت في فك الغلاف.
      
      استغرقت العودة إلى شقتها ساعة كاملة، ببطء خلت موبايلها صامت لتجنب أي مكالمة، ليس الأمر أنها كانت تتوقع أي شخص، فوالداها كانا في موعدهما وجعلاها قاعدة ألا يتصلا بها أو يزعجاها، وهي كانت هادئة وخجولة أكثر من اللازم ليكون لديها صديقة أو حتى صديق، ورومان، صديقها المقرب الجذاب، كان في موعد وغالبًا مع واحدة، لذا فإن إمكانية قدومه لرؤيتها كانت صفرًا مطلقًا.
      
      كانت تشعر بدوار من الإثارة وهي تمزق ببطء غلاف الحفاض وتخلع شورتها وسروالها الداخلي وتلصقه عليها. أعجبت بنفسها في مرآتها الكاملة، فمؤخرتها الممتلئة أصلاً بدت أكثر امتلاءً. خلعت ملابسها بالكامل وبدأت المشي إلى غرفة الأطفال القديمة حيث لا يزال والداها يحتفظان ببعض ألعاب طفولتها القديمة.
      
      كان والداها أغنياء ودلعوها، طفلتهما الوحيدة، بشكل كامل وشامل. كان لا يزال لديها علب (سكاتات) لهايات غير مفتوحة لم يستخدمها والداها عندما كانت رضيعة. فتحت واحدة، وأمسكت بواحدة وردية وعادت ببطء إلى غرفتها وهي تشعر بأنها جريئة وغريبة الأطوار.
      
      صعدت إلى سريرها وأنهت الأكل على كل تلك المأكولات السريعة، ثم انتظرت، لم تستطع الانتظار لاستخدام حفاضها لأول مرة على الإطلاق، مر الوقت ببطء ومثانتها لم تكن عايزة تفضى بعد، فذهبت لتأخذ زجاجة ماء، لكنها شعرت بوعي ذاتي كبير لدرجة أنها مش قادرة تسيب نفسها، لقد تدربت على استخدام الحمام طوال حياتها وفقدان هذا التدريب لن يكون سهلاً. محبطة، فعلت أفضل شيء تالي، سارت إلى خزانة الأدوية وأمسكت بعلبة مُليّن.
      
      ثم خطرت لها فكرة أخرى، بالعودة إلى غرفة أطفالها القديمة، أمسكت بزجاجة رضاعة (ببرونة) وغسلتها كويس وملأتها بالحليب من الثلاجة ثم سخنتها قليلاً في الميكروويف ثم فتحت علبة المليّن بداخلها ثم أخذتها إلى غرفة نومها واستلقت على ظهرها وبدأت ترضع بلطف من الزجاجة، مش مستعجلة خالص.
      
      لا بد أنها غفت شوية، وعندما استيقظت تحولت بكسل من الزجاجة إلى اللهاية (السكاتة)، بدا الأمر كله وكأنه حدث في لحظة. التقطت هاتفها ورأت عدة مكالمات فائتة من رومان وست رسائل، آخرها كان يسألها إذا كانت في المنزل وحدها وأنه في الطريق (أنا جاي). في حالة من الذعر، قفزت من السرير لتذهب لإزالة حفاضها أو على الأقل ارتداء شيء فوقه عندما حدث ذلك.
      
      انزلقت نافذتها وفُتحت ودخل منها رومان، ليمسك بها وهي منحنية، ومؤخرتها المغطاة بالحفاض مرفوعة ليراها العالم. ملابسها الملقاة بعشوائية تناثرت على الأرض مع علبة حفاضات، لكن ذلك لم يكن الأسوأ. استدارت بسرعة لتواجهه واللهاية (السكاتة) في فمها، ونهديها يتأرجحان، ومما زاد الطين بلة أنها خسرت المعركة، وبينما حدق صديقها المقرب منذ الأزل في عينيها وهي في عينيه، أحدهما يعكس الصدمة والآخر مليء بالذعر والخوف، بدا الزمن وكأنه توقف.
      
      انحرف نظره إلى أسفل بينما هي عملتها على نفسها وتبولت في حفاضها، وعيناها لم تغادرا عينيه ولو لمرة واحدة. كان الأمر مهينًا، ومحرجًا للغاية، ولكن الغريب في الأمر أنه كان مثيرًا، عرفت أنها ستكون مبتلة. استدارت وركضت إلى حمامها وأغلقت الباب بعنف.
      
      دعونا نعود إلى البداية حيث بدأ كل شيء.........
      
      
      ------------------
      
      
      هتعملي إيه لو دخلتي لقيتي صاحبتك الانتيم بتمارس الجنس مع حبيبك؟ هتصرخي؟ تزعقي؟ تمشي؟ هتسيبيه؟ تسميهم؟ تحرقيهم؟ تعيطي؟ تضربيهم بالنار؟ تعمليلهم بلوك؟ ترمي عليهم حاجات ولا تنضمي ليهم؟
      
      أنا جيت عشان أتكلم وألعب معاكم يا جماعة بالفصل ده، أنا هنزل فصل جديد من القصة دي كل يوم حد. أنا بكتب الفصل الجاي والموضوع بتاعه هو السؤال اللي فوق ده، مستنية ردودكم، حابة أسمعها ومتنسوش تصوتوا، شكرًا على القراءة، أوه، وإحنا رقم واحد في (مُهانة) شكرًا جزيلًا ليكم على ده.
      ❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣
      
      بداية القصة
      
      وجهة نظر آمبر
      
      الشغل مكنش مرهق أكتر من كده قبل كدة، ما بين ضغط الأوردرات اللي ملهاش آخر، والرد على الزباين الرخمين، والخبز، كان الموضوع ممل بشكل لا يطاق، وأنا وجيك عندنا مشاكل جدية في علاقتنا.
      
      أنا بحب جيك بجد، متفهمونيش غلط، بس الموضوع بيبقى ضاغط أوي ما بين الدراسة، والمحافظة على شغلي، وإننا نلاقي وقت لينا. مش هكدب، مش إني مش بحس بالذنب وأنا بكنسله مرة ورا مرة، بس أنا حاسة إن علاقتنا بتنطفي.
      
      الشمس سطعت على شعري الأسود الحريري اللي فيه خصل زرقاء واللي كان معدي وسطي، وده خلاه يلزق في وشي. قميصي الحريري لزق في ضهري من الحر الشديد. كنت متضايقة جدًا وكل اللي كنت عايزاه إني أروح البيت. أقف تحت الدش لوقت طويل، وأتكور في سريري وأنام.
      
      بعد يوم طويل وممل في الشغل، وصلت البيت أخيرًا، حطيت المفتاح في القفل. البيت كان برد بشكل جميل، والموسيقى المألوفة كانت طالعة من الاستريو، وشي اتكرمش في عبوس، أنا حذرت جيك كذا مرة من عادته الزفت دي إنه مش بيقفل أجهزته قبل ما ينام.
      
      صوت كعبي كان بيعمل صوت وأنا طالعة السلم، بس الموسيقى العالية تحت كانت مغطية عليه، في العادي كنت بوطي الصوت أو أقفله خالص بس لسبب ما معملتش كده.
      
      من غير ما أخبط. فتحت الباب على مصراعيه وعيني أول حاجة جت على صاحبتي الانتيم وهي بتأنوح وحبيبي بيلحسلها.
      
      أنا اتصدمت، وحسيت بالمرارة بس في نفس الوقت اتشدّيت للموضوع بشكل لا يصدق، مكنتش أعرف إن الواحد ممكن يحس بشعورين عكس بعض كده في نفس الوقت. المنظر اللي قدامي كان مثير. أنا دايمًا كنت بتخيل إني أضاجع بنت، أوه، متطلقوش أحكام. في اللحظة دي، جاسمين رفعت عينيها ولقتني وعينينا اتقابلت وفضلت معلقة.
      
      بدت مصدومة للحظة وكل حاجة حصلت في ثانية. "آمبر هنا، هي همست بصوت مرعوب لحبيبي".
      
      هو بص فوق ووشه أحمر، والعرق ملزق شعره الأشقر. بدأ يعتذر، بس الكلام نشف على شفايفه بسبب الابتسامة الخبيثة اللي على شفايفي وأنا بتفرج عليهم بعيون خضرا كسلانة. كملوا يلا. أنا قولت وأنا بقلع فستاني ببطء، وفضلت بس بملابسي الداخلية وانضميت ليهم على السرير. وبوست حبيبي بوسة عميقة على شفايفه.
      
      كان طعمه حلو زي الزبادي اليوناني، غالبًا بسبب إنه كان بياكل جاسمين، مع طعمه المميز بتاعه. لفيت لجاسمين وبوستها هي كمان. وحسيت بإحساس غريب بالابتلال والإثارة.
      
      بصوت أجش، بصيت لحبيبي وقولتله يضاجعها وأنا بتفرج. هما لسه كانوا زي اللي دايخين ومذهولين من قلة غضبي واستيائي.
      
      الاتنين بدأوا ينفذوا، الحقيقة إني مريت بيوم صعب ومكنش عندي وقت أكون متقلبة، والحقيقة تتقال، هما الاتنين كانوا أصحابي، الفرق الوحيد إني كنت بضاجع واحد ومش بضاجع التانية، بس دلوقتي إحنا على وشك نكون أصحاب بمنافع.
      
      زحلقت إيدي بين فخادي المبلولين ولعبت مع نفسي وأنا بتفرج عليهم بعيون نص مفتوحة وهما الاتنين بيأنوا. بعدين قلعت ملابسي الداخلية تمامًا ووقفت قدام صاحبتي الانتيم، بصة واحدة مني، ودفنت بقها في منطقتي الحساسة بتمص وتلحس، ضرباتها كانت قوية والأصوات بدأت تطلع مني وقتها، صوابعي لقت نهودي وأنا بلعب بيهم وقريب أوي آهاتنا ملت الهوا زي صوت متخطط له، وممتزجة ببعض بشكل فكاهي. مع دفعة واحدة سريعة من لسانها على لحمي المبلول، وصلت لواحدة من أقوى هزات الجماع في حياتي.
      
      الرعشة هزتني وأنا انهرت على الكرسي، في نفس اللحظة اللي حبيبي وصاحبتي الانتيم خلصوا فيها، إحنا التلاتة رقدنا على السرير بننهج من التعب، كنت على وشك أغرق في نوم متقطع لما قرروا يبدأوا يتكلموا تاني بيحاولوا يشرحوا، رفعت إيدي بضعف وقولتلهم إني عايزة أتصرف كأن ده محصلش، وهما وافقوا بسهولة.
      
      حاولوا يتكلموا معايا، بس أنا مكنتش في المود وكنت محتاجة أنام وبس، وببطء، غرقت في النوم ومعرفش هما مشيوا إمتى. طبعًا جيك فضل حبيبي وجاسمين صاحبتي الانتيم وأنا اتصرفت كأن كل حاجة تمام. كان فيه جزء مجنون مني مش عايز يسيب الموضوع ده.
      
      ❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣
      تسريع زمني سنتين وتلات شهور بعد كده.....
      ❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣
      
      أنا لسه متخرجة قريب من الجامعة وجالي شغل كسكرتيرة وزي ما القدر عايز، مديري مكنش حد غير خطيب جاسمين. عشان أكون صريحة، أنا مخطتش لده ولا كنت عايزة انتقم ولا أي حاجة، بس بما إن كل حاجة جت مع بعضها بالشكل ده، أنا خليت ميعادي سري عن صاحبتي الانتيم وحبيبي وبدأت أشتغل على إن مديري يحبني. قبل وقت طويل، بقينا عشاق.
      
      يوم السبت المشهود ده، أنا نظمت مناسبة صغيرة عشان أفاجئ الكل. وظبطت التوقيت بالظبط، اللحظة اللي حبيبي وصاحبتي الانتيم كانوا داخلين فيها كانت بالظبط اللحظة اللي خلصت فيها مص لمديري، وهو كان بيرد الجميل.
      
      راسي كانت مرجعة لورا، وشفايفي مفتوحة بمتعة وقميصي مفتوح بعشوائية. صوت آهاتي علي أكتر بالظبط لما هما الاتنين فتحوا الباب. الابتسامة الخبيثة كبرت على شفايفي والترقب لكل ده وصلني لأقوى هزة جماع حسيت بيها في حياتي.
      
      إحنا الاتنين لفينا نبص على الضيوف اللي مش مرغوب فيهم وشوفت وش مديري بقى مذهول لما لمح خطيبته. جاسمين كان عندها الجرأة إنها تحاول تصرخ فيا، بس أنا بكل هدوء سكتها، كلامي صدمها تمامًا.
      
      "إحنا صحاب الانتيم فاكرة، اللي بيتشاركوا كل حاجة. المفروض تكوني مبسوطة أوي إنك تشاركيني خطيبك، بعد كل حاجة أنا شاركتك حبيبي عن طيب خاطر." مع الكلمات دي، طبعت بوسة على شفايف مديري المصدوم، قفلت زراير فستاني ومشيت وقلبي بيدق جامد في صدري بس لأول مرة، كنت قادرة أتنفس بجد!
      
      عشر أصوات للفصل الجاي، أنتم تقدروا تعملوها، أنا واثقة فيكم يا جماعة.
      
      

      حب في الصيف - روايه رومانسيه

      حب في الصيف

      بقلم,

      رومانسية

      مجانا

      بنت في ثانوي خلصت دراستها ومستنية إجازة الصيف. عندها تلات أصحاب ولاد مقربين (جاستن، بول، وتايلر) وهما كل حاجة ليها. علاقتها بوالدها متوترة جدًا، على عكس علاقتها القوية بمامتها وأخوها الكبير "لوكا". بتروح رحلة مُخيم صيفي مع أصحابها، ودي رحلة سنوية بالنسبالهم. بتتصدم لما تكتشف إن "ثيو"، الولد اللي كانت معجبة بيه في الإعدادي، موجود معاها في نفس الرحلة.

      جاستن

      واحد من أعز أصحاب ليا (أكبر منها بسنة). دمه خفيف وبيحب يهزر ويرخم على ليا كتير، خصوصًا هو وتايلر.

      تايلر

      أعز صاحب لـ "ليا" (قابلته في نفس الرحلة من 3 سنين). قريب منها جدًا وهي بتسند عليه دايمًا، وجاستن بيحب يصورهم مع بعض.

      لوكا

      أخو ليا الكبير. في الكلية وبيخاف عليها جدًا وبيحميها، وعلاقتهم قوية.
      حب في الصيف - روايه رومانسيه
      صورة الكاتب

      ممكن ينجزوا شوية لو سمحوا. أنا عايزة أخرج من هنا. بلا بلا بلا. المدرسة مهمة أنا عارفة بس ده آخر يوم قبل الصيف فمين هيهتم يعني.
      
      "ماشي... بصوا أنا بتمنالكم كلكم صيف سعيد وخلوا بالكم من نفسكم" مُدرسة الإنجليزي بتاعتي بتقول، وده خلى كل واحد يجري بره الفصل، بينما أنا خدت وقتي. أنا معنديش أي أصحاب قريبين في فصل الإنجليزي ده، فمحدش استناني أصلاً، وأنا عايزة أودع مدرسة الإنجليزي بتاعتي بشكل كويس لأني بحبها جداً. هي إنسانة "رايقة" ومتفهمة أوي. إحنا دايمًا كنا بنتكلم لما كانت بتشوفني متضايقة.
      
      "مع السلامة يا ميس ويلسون" أنا بشاورلها. "مع السلامة يا ليا. صيف سعيد!" هي ابتسمت. "شكراً ليكي، وإنتي كمان!" قلت وأنا بخرج من الأوضة.
      
      مشيت في الطرقة ولمحت وشين أعرفهم. جاستن وبول، أعز أصحابي. "لياااا" جاستن حَياني. "مفيش غيرها" ضحكت وأنا بحضنهم هما الاتنين.
      
      هما أكبر مني بسنة، وده معناه إنهم في تانية ثانوي وأنا في أولى ثانوي، بصوا، بعد الصيف هما هيبقوا في تالتة ثانوي وأنا في تانية، بس إنتوا فاهمين قصدي.
      
      أنا بحبهم هما الاتنين أوي. عمري ما كان عندي حد بيهتم بيا كده قبلهم. هما بيخافوا عليا جداً وبيحموني وساعدوني أعدي بحاجات كتير أوي.
      
      خرجنا بره واستنينا المدرسين ييدونا شهاداتنا.
      
      ~
      
      "شكراً!" قلت لواحد من المدرسين اللي إدانا شهاداتنا.
      
      مشيت لحد جاستن وبول اللي كانوا خلاص خدوا شهاداتهم.
      
      "وريني كده" بول قال وهو بيحاول يخطف الشهادة بتاعتي بس أنا سحبتها بسرعة عشان ميطولهاش. "أنا حتى لسه مبصتش عليها بنفسي" ضحكت وبصيت على الشهادة.
      
      "بص... هي أكيد مش أحسن سنة ليا بس يعني ماشي حالها" بصيت على كل الدرجات وإديتهالوا عشان يشوف.
      
      "بجد؟" رفعلي حاجب واحد بعد ما بص على درجاتي. "إيه؟" قلت وأنا مستغربة.
      
      "إنتي أصلاً معندكيش درجات وحشة"
      
      "أنا مقلتش إن عندي درجات وحشة. أنا بس قلت إنها مكنتش أحسن سنة ليا" غمزتله.
      
      "إنتوا عملتوا إيه؟" سألتهم هما الاتنين. "مش أوي بس مين يهتم. أنا نجحت، ده المهم." جاستن قال وهو بيبتسم. "بتاعتي شبه بتاعتك كده. يمكن أحسن شوية" بول بصلي بخبث. "اخرس، كلنا عارفين إنك دحيح".
      
      "أنا أكيد مش دحيح"
      "لأ إنت دحيح"
      "لأ"
      "أيوة"
      "لأ"
      "لأ"
      "أيوة"
      "ها! مسكتك" أنا هللت لأني خدعته. "يخربيتك" هو قَلَب عينيه بس كان بيبتسم في نفس الوقت.
      
      ~
      
      "أنا جيت" زعقت وأنا داخلة من الباب. "أهلاً يا حبيبتي، المدرسة كانت عاملة إيه؟" مامتي قربت مني. "زي كل مرة" ضحكت. هي بتسألني السؤال ده كل يوم وكل مرة بديها نفس الإجابة.
      
      أنا بحب مامتي أوي. هي بقت أعز صاحبة ليا السنة اللي فاتت. علاقتنا مكنتش دايمًا كويسة. مرينا بخناقات كتير على مر السنين ومش خناقات مؤذية. إحنا أساساً مكنّاش طايقين بعض. بس أنا مبسوطة أوي إننا عرفنا نرجع لبعض.
      
      "جعانة؟" هي سحبتني من أفكاري. "آه أوي، أنا هموت من الجوع".
      "عملتلك الأكل اللي بتحبيه" ابتسمتلي وحطت الأكل على السفرة.
      
      "ها، عملتي إيه في الشهادة؟".
      عملت إشارة بإيدي لأني بقي مليان أكل ومش عارفة أتكلم.
      
      "تمام كده" ضحكت. "كانت كويسة. مش أحسن سنة ليا بس أنا مبسوطة" ابتسمت. "ده كويس. أنا مبسوطة إنك راضية عن درجاتك." هزيت راسي وخلصت أكلي.
      
      قعدنا نتكلم عن الصيف وعن بكرة لحد ما بابا رجع من الشغل.
      
      "أهلاً" قرب مننا. "أهلاً" قلت من غير ما أبص له. "أهلاً" مامتي قالت بنفس النظرة بتاعتي بس بشكل مش ملحوظ أوي.
      
      "إيه أخبار شهادتك؟" سألني. "كويسة. مش الأحسن بس أنا مبسوطة بيها" قلت للمرة التالتة النهاردة. "ليه مش الأحسن؟ مذاكرتيش كفاية؟" بصلي بجدية.
      
      "لأ ذاكرت"
      
      "أومال ليه مش الأحسن؟"
      
      "معرفش يا بابا بس ده مش مهم أصلاً لأني نجحت وده أهم حاجة" قلت وأنا بقلب عيني في سري. بصلي مرة كمان قبل ما يطلع فوق يغير هدوم الشغل.
      
      أنا بكرهه. أنا عارفة إن "كره" كلمة قاسية أوي، وأنا غالباً مش بكرهه بس دلوقتي أنا حاسة إني بكرهه. هو بيعصبني جداً كل مرة بيتكلم معايا.
      
      "ليا بطلي تفكير فيه وافردي إيدك" مامتي سحبتني من أفكاري. بصيت على إيدي وفعلاً لقيتها مقفولة جامد. أنا حتى مخدتش بالي.
      
      ~
      
      "مين؟" سمعت خبط على الباب. "ادخلي نامي يا حبيبتي. إنتي لازم تصحي بدري بكرة" مامتي قالت. "هنام كمان تلاتين دقيقة" رديت.
      
      "ماشي. وضبتي كل حاجة؟ شفتي القايمة بتاعتك؟ عايزاني أشوفهالك؟".
      
      "أيوة عملت كده ولأ مش لازم. أنا متأكدة إن معايا كل حاجة" ضحكت. "كويس. أنا داخلة أنام بقى، تصبحي على خير" قالت وخرجت من الأوضة. "وإنتي من أهله".
      
      أنا متحمسة أوي لبكرة. أنا لازم بجد أنام دلوقتي لأني ظابطة المنبه على ٦ الصبح ومش عايزة أبقى تعبانة.
      
      
      
      -------
      
      
      "ليا، إحنا لازم نمشي" مامتي بتزعقلي من تحت.
      "أنا جاية" رديت عليها بصوت عالي وأنا نازلة على السلم بشنطتي. دي تقيلة أوي يا إلهي.
      
      "أساعدك؟" مامتي ضحكت وهي شايفاني بكافح عشان أنزل السلم. "أيوة لو سمحتي" ابتسمتلها بامتنان.
      
      خدت شنطة الضهر بتاعتي لرحلة الأتوبيس وشيّكت لو معايا كل حاجة. سماعات، أكل، شنطة مكياج صغيرة، فلوس، تليفون... أيوة معايا كل حاجة.
      
      "قلتي مع السلامة لباباكي وأخوكي؟" مامتي وقفتني قبل ما أخرج. "استني، هو لوكا هنا؟" بصتلها باستغراب. "هو وصل من ساعة".
      
      جريت لفوق ودخلت أوضة أخويا باندفاع. "لوكا!" ابتسمت أوي. "أنا افتكرتك هتمشي من غير ما تقولي مع السلامة" هو ضحك. حضنّا بعض جامد.
      
      لوكا كان في الكلية فمشفتوش من زمان. هو وحشني أوي بجد. حاجة تحزن أوي إننا معندناش حتى يوم واحد نقضيه مع بعض قبل ما يرجع الكلية تاني لأني طالعة رحلة وهرجع لما يكون هو راجع كليته تاني.
      
      "طيب أنا لازم أمشي دلوقتي بس إنت وحشتني وممكن نبقى نتكلم فيديو" ابتسمت. "اتسطي ومتعمليش حاجة غبية! لو فيه أي مشاكل كلميني!" قال بوش جد. "متقلقش" ابتسمت، إديته حضن أخير ونزلت تاني.
      
      أخويا بيخاف عليا أوي. لازم دايمًا أبعتله رسالة لما أكون خارجة عشان يقدر ييجي ياخدني لما أحب أمشي أو لو أنا في مشكلة. هو مش صارم وبيمنعني من حاجات، هو بس بيبقى عايز يعرف أنا بعمل إيه عشان يقدر يحميني أو يديني نصيحة. أنا بحبه.
      
      ~
      
      "إحنا فاضل لنا قد إيه سايقين؟" بصيت لمامتي من الكرسي اللي جنبها. "إحنا بس هناخد الملف ده وهنبقى وصلنا." شاورِت براسها ناحية الملف الجاي.
      
      المكان اللي إحنا رايحينه ده فيه أتوبيسين راكنين. الأتوبيسات دي عشان الرحلة. الرحلة دي رحلة إجازة صيف للمراهقين من سن ١٥ لـ ١٩ سنة. الدنيا بتبقى "رايقة" أوي في الرحلة دي عشان معانا مشرفين لطاف حتى بيسمحولنا نشرب كحوليات.
      
      من تلات سنين وأنا بروح الرحلة دي مع جاستن وبول وتايلر، اللي هو برضه أعز صاحب ليا على فكرة. أنا قابلتهم من تلات سنين في الرحلة دي مع صاحبتي المفضلة القديمة. إحنا حبينا بعض تلقائي ووعدنا بعض إننا هنروح الرحلة دي كل سنة لحد ما كلنا نتخرج.
      
      أنا فقدت التواصل مع صاحبتي المفضلة بس كسبت تلاتة أصحاب جداد فمبقتش مهتمة.
      
      "إحنا وصلنا" مامتي ركنت العربية وبصتلي. "إيه؟" ضحكت. "متعمليش حاجة غبية!" قالت بقلق. "أنا مش بوعد بحاجة" قلت وأنا بضحك.
      
      "لو فيه أي حاجة غلط، كلميني." قالت بنفس النبرة اللي لوكا اتكلم بيها. "يا إلهي لوكا فعلاً شبهك بالظبط" ابتسمت وقلبت عيني. "يالا روحي هاتي حاجتك من شنطة العربية وروحي لأصحابك" هي كمان قلبت عينيها.
      "بحبك يا ماما. باي!" بستها من خدها وخدت شنطتي.
      
      لفيت مرة كمان وشاورتلها قبل ما أروح في الناحية اللي فيها تايلر وجاستن وبول.
      
      ~
      
      "أخيراً" رَميت نفسي على كرسي الأتوبيس جنب تايلر وجاستن. إحنا قاعدين في آخر صف عشان نقدر كلنا نقعد جنب بعض. تايلر قاعد جنب الشباك، وأنا قاعدة جنبه، وجاستن قاعد جنبي، وبول على الشباك التاني جنب جاستن.
      
      "محدش عرف المكان لسه؟" تايلر بص لنا. "لأ" قلت بخيبة أمل.
      
      كل سنة الرحلة بتروح مكان جديد ومحدش بيتقاله فين. لو هكون صريحة، أنا عندي علاقة حب وكره مع موضوع المفاجأة ده. ممتع إنك تبقى متحمس بس لو اتحمست زيادة عن اللزوم بيبقى شيء مزعج.
      
      فتحت تليفوني وقعدت أقلب في انستجرام. شفت بوستات جديدة كتير أوي من ناس في سني وهما بيحتفلوا أو بس مستمتعين بالصيف.
      
      قعدت أقلب في الستوريهات وأغلبها بعملها تخطي لحد ما شفت اسم مستخدم مألوف. رجعت للستوري وشفت صورة ليه وهو قاعد في عربية. هو كان منزل حاجات تانية في الستوري بتاعته بس قبل ما أكمل فيهم قعدت أفكر أنا أعرف الراجل ده منين. كاليب... كاليب... أوه... كاليب. ده صاحب ثيو. أنا ليه متابعاه؟ معرفش، أنا بس متابعاه. أنا حتى مش متابعة ثيو.
      
      المهم، كملت تقليب في الستوري بتاعته ووقفت تاني عند صورة ليه هو وثيو واتنين صحابهم التانيين. هما فين؟ مش إني مهتمة يعني بس المكان شكله مألوف. في الخلفية فيه أتوبيسات وناس تانية... إيه ده. لأ، لأ، لأ. مش ممكن يكونوا...
      
      "ليا إنتي كويسة؟" يخربيت. تايلر خد باله من صدمتي الواضحة. أقول إيه؟ أقول لهم؟ أنا بكره الموقف ده.
      
      "ليا؟" حط إيده على كتفي. "جاستن، إنت معاك قايمة الأسماء بكل الناس اللي في الرحلة دي، صح؟" سألته من غير ما أرد على تايلر.
      "أيوة، ليه؟"
      "ممكن تشوف لو فيه واحد اسمه ثيو في القايمة؟"
      "آه، اديني ثانية" طلع القايمة من شنطته وبدأ يدور على الاسم.
      
      "أه أهو. أيوة فيه واحد اسمه ثيو في الرحلة دي" بصلي. آآآآه. ليييييه. حطيت راسي بين إيديا.
      
      "ليا مين ثيو ده؟" تايلر بصلي باستغراب. "إحنا كنا أصحاب كويسين أوي في الإعدادي وأنا كنت معجبة بيه بس هو اضطر ينقل مدرسة تانية ومن ساعتها مشوفناش بعض تاني، ولما حصل وشوفنا بعض، اللي هو كان مرة أو مرتين في أربع سنين، كان الموضوع محرج أوي" اتكلمت بسرعة.
      
      "يعني إحنا هنعيش توتر محرج كتير في الرحلة دي؟" جاستن ضحك. "ده ميضحكش. أنا جيت هنا عشان أتبسط مش عشان أقلق بخصوص ولد" قلبت عيني بس ابتسمت عشان هو فعلًا موقف يضحك شوية. "أنا شايف ابتسامتك" تايلر ابتسم بخبث. "أنا أكيد مش ببتسم" بصيت بعيد وأنا ببتسم أكتر. "أكيد" تايلر قلب عينيه.
      
      "ممكن ننام بقى؟ أنا تعبان" بول قال وهو مش مهتم بكل الموقف ده. قلبت عيني وسندت راسي على كتف تايلر وهو حط دراعه حواليا.
      
      "ممكن تحاول متنامش على صدري مباشرة؟" بصيت لجاستن اللي كان لسه بيظبط نومته عليا. هو بصلي وأنا عرفت فوراً هو هيقول إيه. "أنهي صدر" ابتسم بخبث.
      
      الهزار ده عمره ما بيبوظ بالنسبة للولاد. بيعملوا كده كل ما تجيلهم الفرصة. الموضوع إن أنا أصلاً صدري مش صغير، أنا ممكن أقول إنه متوسط، مش صغير أوي ومش كبير أوي.
      
      "ليا يا إلهي، بطلي تفكير زيادة. إنتي صدرك مش صغير" جاستن قلب عينيه وضحك. "أنا مكنتش بفكر في كده" بصيت بعيد لأني اتقفشت. "أمم" غمض عينيه وهو بينهي الكلام.
      
      غمضت عيني أنا كمان ونمت بسرعة.
      
      ~
      
      "اخرسوا بقى، هي لسه نايمة!" صحيت على صوت تايلر وهو بيزعق بهمس. "فيه إيه؟" بصيت حواليا. "برافو عليكم" تايلر قلب عينيه وهو بيبص لجاستن وبول قبل ما يبصلي ويبتسم.
      
      لمحت بطرف عيني فلاش ولفيت راسي ناحية جاستن اللي كان لسه واخد صورة ليا ولتايلر. "بجد يا جاستن؟" قلبت عيني.
      
      هو بيعمل كده كل مرة أنا وتايلر نبان فيها كأننا مرتبطين أو حاجة. هو حتى عنده مجلد صور على تليفونه فيه كل الصور اللي خدها لينا. الراجل ده غريب.
      
      ~
      
      لبقية السكة كلنا لعبنا ألعاب، وسمعنا مزيكا، أو اتكلمنا. محدش فينا كان مركز مع اللي بره أوي لحد ما قربنا نوصل للمكان.
      
      "يا جماعة أعتقد أنا عرفت إحنا رايحين أنهي مكان" بول بص من الشباك. عملنا زيه وشوفنا شجر. إحنا كنا حرفيًا في وسط غابة.
      
      "مُخيم؟" خمنت. "أوه أرجوكم بلاش مخيم" جاستن قال.
      
      الأتوبيس وقف بس كل اللي شايفينه شجر. الموضوع محير أوي.
      
      خدنا حاجتنا ونزلنا من الأتوبيس. بعدين جبنا بقية شنطنا ووقفنا جنب الناس التانية اللي من الأتوبيس بتاعنا. أنا بتساءل هو الأتوبيس التاني فين.
      
      "انتباه لو سمحتم!" واحد من المشرفين زعق. "إحنا لازم نمشي حوالي ١٠ دقايق عشان نوصل للمكان فياريت امشوا ورايا" قال وبدأ يمشي في الأول.
      
      أنا مشيت ورا الباقيين بس كنت بكافح عشان ألاحقهم بسبب شنطتي التقيلة. "ليا؟" بول دور عليا لما خد باله إني مبقتش جنبهم. لف وشه وابتسم.
      
      "كان ممكن تقولي حاجة" قرب مني وساعدني في شنطتي. "شكراً" ضحكت.
      
      ~
      
      إحنا وصلنا من ساعتين للمخيم، أيوة هو طلع مخيم فعلاً. إحنا دلوقتي قاعدين بنتغدى بعد ما كلنا عملنا التجهيزات للأسابيع الجاية.
      
      أنا لسه بتساءل برضه هو الأتوبيس التاني فين. "إنتوا عارفين الأتوبيس التاني فين؟" بصيت لتايلر وجاستن وبول. "أنا سمعت إنهم اتزنقوا في زحمة" بول قال من غير ما يشيل عينه من على طبقه. "أوه ماشي، شكراً" رديت.
      
      بعد ساعة، إحنا لسه قاعدين بره على الترابيزات وبنتكلم عشان الجو حلو أوي ودلوقتي معندناش حاجة نعملها.
      
      أنا مش مشاركة في أي حوار دلوقتي فكنت بس بسمع للحوارات التانية لحد ما جاستن كلمني.
      
      "ليا أنا سمعت إن الأتوبيس التاني وصل" بصلي وهو بيبتسم بخبث. كشرت حواجبي باستغراب. بول وتايلر بصولي هما كمان ورفعوا حاجبهم. "إيه؟" بصتلهم باستغراب.
      
      خدت ثانية قبل ما أفهم بس لما فهمت، عينيا وسعت. الأتوبيس التاني وصل وده معناه إن ثيو هيدخل في أي ثانية. أنا أكيد مش مستعدة أشوفه. مش دلوقتي، مش النهاردة.
      
      الولاد قعدوا يضحكوا بس أنا بصيتلهم بصة خليتهم يسكتوا. "ليا متقلقيش. إنتي لابسة سويت شيرت واسع ولو لبستي الكابيشو بتاعه كمان، هتبقي في أمان." تايلر طمني وحط دراعه حوالين كتافي. ابتسمتله بامتنان وحطيت راسي على كتفه.
      
      "لو فضلتوا تعملوا كده، أنا هيبقى عندي صور ليكم أكتر من صوري في المعرض عندي" جاستن قال وخد صورة تانية.
      
      "أنا اتخنقت" قلبت عيني وحطيت راسي بين إيديا.
      
      بقية اليوم قضيناه في المنطقة اللي حوالين المخيم ودخلنا ننام بدري بعد السمر حوالين النار.
      
      

      رحلة الشيطان - رواية فلسفية

      رحلة الشيطان

      بقلم,

      رومانسية

      مجانا

      أخصائية علاج صدمات نفسية، بتقضي حياتها تساعد الستات اللي نجوا من علاقات مؤذية، خصوصاً مع رجالة "البايكرز". بتقابل لوجان، ريس نادي موتوسيكلات بيوعدها إنه "مختلف" وإنه هيحترمها بجد. بتقع في حبه رغم كل تحذيراتها الداخلية وخبرتها المهنية. لكن بتكتشف في الآخر إنه كان بيكدب عليها طول الوقت. القصة دي عن الخيانة، والصراع بين العقل اللي عارف الحقيقة والقلب اللي اختار يصدق الكدبة.

      ريمي

      أخصائية علاج صدمات. ست قوية، ذكية، وشافت كتير بحكم شغلها، وعارفة كويس خطورة رجالة نوادي الموتوسيكلات. بتحاول تقاوم لوجان، لكن "صبره" وطريقته "المختلفة" في كسبها بتكسر دفاعاتها، فبتقع في حبه وهي فاكراه صادق.

      لوجان

      ريس نادي "رحلة الشيطان" (Devil's Ride MC). شخص جذاب، صبور، واستراتيجي جدًا. عرف إزاي يوقعها بالظبط بإنه يمثل دور "البايكر المحترم" اللي عنده مبادئ، عكس كل اللي هي متعودة تشوفه. لكن في الحقيقة، هو متلاعب كبير وكداب وخاين.
      رحلة الشيطان
      صورة الكاتب

      ساحة انتظار العربيات بره النادي كانت نصها مليان
      منورة نور خافت تحت زنة لمبة شارع بايظة.
      
      مكنش المفروض آجي.
      
      قلت لنفسي كده تلات مرات وأنا بركن. خمس مرات في آخر ساعة، قاعدة ألف حوالين المكان ده زي الشبح البائس، على أمل إن شكله يتغير من زاوية تانية.
      
      كنت بتمنى ألاقي سبب ميخلنيش أدخل، وكنت بتمنى بغباء إني أكون غلطانة. بس حاجة جوايا كانت بتقولي إني لازم أعرف.
      
      صوابعي قفشت على عجلة القيادة، ومفاصلي ابيضّت. بحاول أهدي قلبي... ونَفَسي. دي مش أنا. أنا مش النوع ده من الستات.
      
      بس لوجان مكنش بيرد على رسايلي. ومكلمنيش. تاني. يا ليلة سودة.
      
      أكيد مفيش حاجة. كنت بقول لنفسي كده كل ليلة الأسبوع ده. إنه مشغول. وإن شغل النادي أهم حاجة، بس أنا باجي بعده على طول. هو قالي إن الدنيا هتمشي كده. بس هو هيفضل بتاعي، وأنا بتاعته.
      
      إلا إن "مفيش حاجة" دي مبتخليش معدتك تتقلب ولا تهمس لك بحقايق إنت مش عايز تسمعها. "مفيش حاجة" مبتخليكش تفضل صاحي، فاكر ستات تانيين كانوا بيعيطوا قدامك على كراسي العلاج... ستات كانوا لابسين جروح في قلوبهم وكدمات على جلدهم، بيلوموا نفسهم إنهم حبوا رجالة خلوا الإخلاص إحساس أشبه باللعبة.
      
      المفروض مكنتش أبقى واحدة منهم. أنا كنت أعقل من كده. أنا أعقل من كده.
      
      بس أنا برضه كنت عارفة لوجان. أو كنت فاكرة إني عارفاه.
      
      أول مرة اتقابلنا، قالي إن النادي بتاعه مختلف. وإنه هو مختلف. وعدني بالاحترام، والولاء، ومستقبل أقدر أصدق فيه. ويا رب، ده كان بيطاردني بجد. ورد في العيادة، ومكالمات بس عشان يسمع صوتي، ويقعد يسمعني وأنا بشتكي من ثقافة راكبي الموتوسيكلات كأنه هيموت ويثبت لي إني غلطانة.
      
      هو كسرني بالصبر. كان بيظهر. مكنش بيتراجع. واجه تدقيقي وعدم اهتمامي، وبعدين وقعنا. وقعنا جامد أوي... أو أنا افتكرت إننا وقعنا. بس دلوقتي، وأنا قاعدة في ساحة الانتظار دي... بسأل نفسي إذا كان هو عمى عينيّ تماماً... إذا كان باع لي كدب متزوق. إذا كنت أنا سمحت له.
      
      بطّلت الموتور ونزلت في البرد. كان المفروض ييجي ياخدني الليلة عشان سهرتنا. عشان كده لبست له. فستان أسود خفيف وجميل، من الفساتين المفضلة عنده. كان ماسك على جسمي بالظبط زي ما بيحب. مكنش شكلي زي بنات النادي... ولا شكلي زي كتير من "الحريم الكبار" بتوعهم برضه. كنت دايمًا بحس إن شكلي زي بنت الجيران. بس لوجان كان دايمًا يقول إني بخطف أنفاسه، وإني مميزة، إني مثالية. سبت شعري الكستنائي الطويل نازل على طبيعته بموجات ناعمة. حطيت مكياج كفاية عشان أحس إني حلوة. مكنتش بشوفه كتير الفترة الأخيرة، وكان واحشني. كان المفروض الليلة دي تبقى مميزة.
      
      صوت البيز العالي خبطني حتى قبل ما أوصل للباب. الدخان كان بيطلع موجات من شباك مكسور، مختلط بالهوا المر. المزيكا كانت بترج في جزمتي البوت وأنا بزق الباب وأدخل.
      
      النادي كان عبارة عن هيجان من الحر والعرق والصوت. ريحة الجلد، والبيرة، والبرفان الرخيص كانت لازقة في كل حاجة. بار واطي ممتد على طول حيطة، بيلزق ومنور تحت لمض حمرا. أجسام بتتحرك في كل حتة... بيرقصوا، بيضحكوا، بيحتكوا ببعض. تجسيد للفوضى وهي واخدة راحتها على الآخر.
      
      زمان كنت بشوف ده ساحر، بطريقة فيها خطورة. كنت بقول لنفسي إني أقدر أستحمل العالم ده، عالمه هو، عشان بحبه. عشان هو وعدني إنه مختلف.
      
      واحدة شقرا طويلة لابسة توب قصير أوي عدت من جنبي. همست لصاحبتها: "مراته"، بنبرة مليانة سُكر وسِم.
      
      التانية ردت بابتسامة شماتة: "مش رسمي يعني".
      
      بلعت ريقي بصعوبة وكملت مشي. مش عارفة هفهم إزاي في يوم من الأيام فكرة إن لازم يبقى فيه ستات تحت الطلب لأي "أخ" عشان يستمتع بيهم من غير أي عواقب. وأنا ماشية وسط الدخان والهمسات، حسيت إن اللي بشوفه ده هو بالظبط اللي كنت متخيلاه عن أي نادي، عن أسلوب حياة الأخوة راكبي الموتوسيكلات... بس إزاي معرفش هو أقنعني إن الدنيا هنا مختلفة. إن النادي بتاعه مختلف. هو مختلف.
      
      عديت ترابيزة البلياردو، عديت الطرقة اللي النور فيها بقى أخفت، عديت بنات لازقين في ضهور لابسة "شارات" كأنهم حلي مستنيين حد يلبسهم. الهوا بقى أتقل، مش بس بالدخان، لأ بريحة عرق وجنس واضحة.
      
      صوت ضحك، وهمهمات، وخبط إزايز كان بيرن من الصالة اللي ورا.
      
      بطريقة ما، كنت لسه بحاول أقنع نفسي إن القلق ده كله في دماغي. إن عنده شغل في النادي لازم يخلصه، وإني قلقانة على الفاضي.
      
      وبعدين شفته.
      
      لوجان. لوجان بتاعي. أو الراجل اللي كنت فكراه بتاعي.
      
      كان ممدد على كرسي جلد زي ملك على عرشه. فاتح رجليه. إزازة بيرة متشعلقة من صوابعه. بنت لابسة "كروب توب" قاعدة على حجره، بتضحك في رقبته، وإيديها بتتسحب تحت قميصه. دراعه كان حواليها كأنه مكانه الطبيعي. كأنها هي مكانها الطبيعي.
      
      راسه رجعت لورا، وضحك على حاجة هي قالتها. بقه، البق اللي كنت فكراه بتاعي، اللي همس لي بكلمة "للأبد" في ودني... البق ده ابتسم ابتسامة واسعة وشريرة.
      
      اتجمدت في مدخل الأوضة، النَفَس اتخطف مني كأني خدت لكمة في ضلوعي.
      
      وبعدين جه الصوت.
      
      "لوجان دايمًا أول واحد يجرّب الجداد،" واحدة قالت من ورايا، صوتها خفيف وساخر.
      
      "بيقول مبيقدرش يلتزم غير لما يدوق المنيو كله،" واحدة تانية ردت عليها.
      
      ضحك. عادي. سهل. كأن ده عادي. كأن ده مش اللي كنت خايفة منه. كأن ده مش اللي هو أقسم لي إنه مبيحصلش في النادي بتاعه.
      
      فضلت مبحلقة له، من غير ما أرمش. مستنياه يزقها من عليه، يقول إن اسمها مش اسمي. يعمل أي حاجة تثبت إن ده مش زي ما أنا شايفة.
      
      هو حتى مبصش.
      
      كنت عايزة أصرخ. أعيط. أشدها من عليه وأسأله إذا كان فاكر الوعود اللي وعدها، الكلام اللي همسه على جلدي. كنت عايزة أتخانق وأخربش وأنهار قدامهم كلهم.
      
      بس كل اللي عملته إني اتنفست. كل اللي عملته إني فضلت أبص وهو بيقول لها تركبه. فضلت واقفة، نفسي مقطوع، بتأتأ في الكلام والبنات بتوع النادي ورايا بيتريقوا ويهزروا. عارفين إيه، طز في القرف ده، عمري ما كنت عايزة أقول عليهم الاسم اللي بيتقال لهم بس في اللحظة دي هما كانوا بالظبط الاسم الفظيع ده... عاهرات النادي. هما كانوا بياكلوا القرف ده أكل.
      
      كانوا بيكركروا وأنا بالعافية باخد نفسي. سطحي. متقطع.
      
      اتفرجت على اللي على حجره وهي بتعمل زي ما قال لها، تفك له الحزام، تفتح السوستة، تمد إيدها في بنطلونه وتطلع... بتاعه بإغراء. اتفرجت عليها، من غير...، وهي بتقعد عليه كأنه ولا حاجة. شفتها بتبدأ تتهز... تبدأ تركب. شفتها بتتأوه كأن دي أحسن حاجة جربتها في حياتها. وهو... لوجان بتاعي، حبيبي، اللي كان المفروض يبقى للأبد... كان عادي بيشرب من إزازته وهو بيتكلم مع أخ ليه على الكنبة بره المشهد. ده كان مجرد يوم تاني في حياته، وأكيد هو كده... هو خدعني تمامًا، دمرني تمامًا.
      
      أنا بس اتفرجت.
      
      عشان في اللحظة دي... اللحظة دي بالظبط، أنا عرفت.
      
      خلاص. انتهى.
      
      هو كدب. طول الوقت ده. عن النادي. عن هو مين. عن أنا إيه بالنسبة له.
      
      رجعت لورا قبل ما يشوفني، إيدي على بقي والمرارة طالعة لحد زوري.
      
      زقيت وسط الأجسام، بالعافية شايفاهم، صوت كعبي بيرن على الخرسانة زي طلقات رصاص في وداني.
      
      حد نده اسمي، يمكن الرئيس. "ريمي؟"
      
      موقفتش. مقدرتش. المرارة والدموع كانوا بيهددوا إنهم ينفجروا. مكنتش هقدر أخليهم يشوفوني وأنا منهارة. مكنش ينفع يكسبوا.
      
      ملفتش.
      
      متنفستش غير لما هوا الليل خبطني كأنه كف على وشي.
      
      موصلتش حتى لعربيتي. رجلي بس فضلت ماشية. بعيد عن الأنوار. بعيد عن الدوشة. بعيد عنه. يا ابن الكلب.
      
      ولما بعدت كفاية ومحدش يقدر يسمعني، أخيرًا سبت نفسي.
      
      الدموع نزلت بسرعة، جامدة، بشعة. اتكعبلت ورجّعت في شجيرة على الرصيف. سبت نفسي أرجع أتحكم في نفسي تاني...
      
      وبعدين جريت.
      
      
      
      
      
      (استرجاع للأحداث - قبل أحد عشر شهرًا)
      
      كنت قد تأخرت عشر دقائق بالفعل عن موعد الإغلاق عندما لاحظت سيارتها متوقفة في ساحة الانتظار. المصابيح الأمامية مضاءة. المحرك يعمل. هي لم تتأخر أبدًا، ولم تفوت موعدًا قط، ولا مرة واحدة خلال الستة أشهر التي كنت أراها فيها.
      
      عبست ووقفت، ودفعت الملفات التي كنت أراجعها جانبًا. كان هناك شيء غير مريح.
      
      اقتربت من النافذة الأمامية وحدقت عبر الزجاج. كانت في مقعد السائق، قابضة على عجلة القيادة وكأنها الشيء الوحيد الذي يمنعها من الانهيار. كانت عيناها مثبتتين على شيء ما أو شخص ما خارج الإطار.
      
      توتر بطيء ومتصاعد ضغط على صدري. كانت خائفة.
      
      في تلك اللحظة سمعتهم.
      
      دراجات نارية. زئير المحركات العميق جاء من أسفل الشارع. وبعد ذلك رأيتهم. ثلاثة منهم، ربما أربعة. سترات جلدية، بنيان ضخم، دخان يتصاعد من فم أحدهم وكأنه جزء من جلده.
      
      راكبو الدراجات. "إخوة" من نادي دراجات نارية بلا شك.
      
      لم يكونوا يغلقون عليها الطريق، ليس بالضبط. لكنهم كانوا بينها وبين الباب الأمامي لعيادتي وهذا كان كافيًا. أمسكت بمعطفي.
      
      بحلول الوقت الذي خرجت فيه، كان البرد يضرب كالصفعة. الشتاء جاء مبكرًا هذا العام.
      
      "يا جماعة،" ناديت، صوتي متزن ولكن حازم. "دي ملكية خاصة. ياريت تمشوا من هنا."
      
      أطول واحد استدار، والجلد على سترته أصدر صريرًا. كُتب على سترته "نادي رحلة الشيطان" ووجهه كان ينذر بالمشاكل.
      
      قال بابتسامة ماكرة: "بناخد حد بس يا حلوة". "معرفش إن المكان ده بيقفل بدري للدكاترة النفسانيين."
      
      لم أرمش. "أنا مش دكتورة نفسانية. أنا أخصائية علاج صدمات. فرق كبير. وإنتوا على ممتلكاتي."
      
      "صدمات، هاه؟" قالها، وابتسامته اتسعت كأنها نكتة داخلية. "أعتقد إنك بتشوفي بنات كتير مبتقدرش تستحمل شوية انبساط."
      
      هذا كان كافيًا. الدم غلي في عروقي.
      
      "أنا بشوف ستات كتير نجوا من رجالة زيك،" قلت بهدوء. "دلوقتي، اتحركوا. إنتوا بترعبوا العميلة بتاعتي."
      
      بدأ يضحك، لكن صوتًا آخر اخترق الهواء.
      
      "ابعد يا ديزل."
      
      راكب الدراجة الذي بجانبه كان قد اتخذ خطوة للأمام، لكن نظره كان مثبتًا عليّ، ليس عدوانيًا، فقط... فضوليًا. مسيطرًا.
      
      بدا أكبر سنًا مما توقعت، ربما في أوائل الثلاثينيات. فك حاد، لحية قصيرة مشذبة، شعر داكن يتجعد عند الأطراف بينما هو محلوق على الجانبين. ندبة رأسية طويلة تمتد من فكه نزولاً إلى ياقة قميصه، بالكاد مرئية في الظل. الوشوم غطت معظم ذراعيه ورقبته. سترته تطابق الآخرين، "رحلة الشيطان"، لكن الهالة المحيطة به بدت مختلفة.
      
      "إنتي الأخصائية بتاعتها؟" سأل.
      
      فقط حدقت به.
      
      "هي كويسة؟"
      
      "مرعوبة،" قلت. "وبحاول أدخلها جوه. وده أسهل لو مكنتوش بتتسكعوا قدام بابي الأمامي."
      
      حدق بي للحظة طويلة، ثم التفت للآخرين. "يلا نمشي."
      
      بتذمر، انطلق الآخرون، هدير دراجاتهم عاد للحياة. في غضون ثوانٍ، خلت ساحة الانتظار.
      
      إلا هو.
      
      بقي في الخلف، ألقى نظرة سريعة على السيارة قبل أن يسير نحوي.
      
      قال: "مكنش قصدنا نخوفها."
      
      لم أرد.
      
      نظر إليّ، نظر إليّ حقًا، ثم مد يده.
      
      "لوجان مادوكس."
      
      لم آخذها.
      
      ابتسم بسخرية. "كنت متوقع. دي كانت جرأة منك، على فكرة."
      
      "أنا مش هنا عشان أسلي راكبي دراجات عندهم غرور هش."
      
      ضحك بخفة. "ده اللي إنتي فاكراه؟"
      
      "أنا شايفة إني شفت ستات كتير أوي بيسيبوا نوادي الدراجات وهما متكسرين حتت. أعتقد إني سمعت نحيب كفاية عشان أميّز الخوف من على بعد ميل. وأعتقد إنك لو كنت محترم بأي شكل، كنت مشيت خلاص."
      
      شيء ما برق في عينيه. اهتمام؟ تسلية؟ لم أهتم.
      
      "حسنًا،" قالها، وهو يتراجع خطوة بطيئة. "يمكن أشوفك تاني، يا دكتورة."
      
      "اسمي ريمي،" قلت ببرود. "ولأ، مش هتشوفني."
      
      في وقت لاحق من تلك الليلة، وجدت كيسًا ورقيًا واحدًا خارج بابي عندما غادرت. بداخله كان شاي لم أطلبه، من المقهى أسفل الشارع. على الكوب: "خمّنت إنك مبتشربيش قهوة. أتمنى تكون دي الجرأة الصح."
      
      قلبت عيني بزهق لدرجة كدت أرى نجومًا.
      
      لكنني أخذت الشاي على أي حال.
      
      ترك الشاي على عتبة بابي ثلاث مرات أخرى بعد ذلك. لا يوجد اسم. مجرد ملاحظات صغيرة غبية.
      
      "برضه مش قهوة."
      "فكرت إنك ممكن تحتاجي حاجة دافية."
      "للدكتورة اللي مبتضحكش."
      
      رميت الأول. احتفظت بالثاني، لكنني لم أشربه. شربت الثالث.
      
      الرابع جاء مع لوح بروتين ملصق على الجانب وخرشبة: "سمعت إن الأخصائيين بينسوا ياكلوا هما كمان."
      
      عصبني قد إيه كان مهتم بالتفاصيل. وعصبني أكتر إنه مكنش بيضغط، مكنش بيبص بصات قذرة، مكنش بيظهر وهو بيزوّد سرعة دراجته زي الديك المنفوش. مجرد هدوء... استمرارية... إصرار بطريقة لا تشعر بالتهديد.
      
      لقد رأيت كل أنواع المتلاعبين. الساحرين. اليائسين. اللي بيغرقوا بالاهتمام في البداية. اللي بيشككوكِ في نفسك. النرجسيين اللعينين.
      
      لكن لوجان كان شيئًا آخر. كان استراتيجيًا. لم يستعجل. لعب اللعبة الطويلة. وجزء مني، الجزء الذي كان وحيدًا، متعبًا، يتوق للتصديق، بدأ يتساءل عما إذا كان ربما هو ليس لعبة على الإطلاق.
      
      قلت لنفسي إنه أمر غير ضار عندما لوحت له خارج المقهى بعد أسبوع.
      
      قلت لنفسي إنني كنت مجرد مهذبة عندما سألته إذا كان يريد الجلوس.
      
      قال: "كنت مستنيكي تطلبي."
      
      بدأ يظهر أكثر بعد ذلك.
      
      دائمًا محترم. دائمًا صبور.
      
      لم يغازل أبدًا نساء أخريات عندما أكون موجودة. لم يلمسني أبدًا دون إذن. لم يتجاوز الحدود أبدًا.
      
      وهذا جعل الأمر أسوأ.
      
      لأنني لم أستطع وضعه في نفس الدرج مع الآخرين. لم يكن قاسيًا. لم يكن مهملاً. لم يكن متسلطًا. كان... منتبهًا. خفيًا. ينتظرني لأقوم بالخطوة الأولى.
      
      كلما راقبته أكثر، بدأت أعتقد أنه ربما كان مختلفًا حقًا.
      
      في إحدى الليالي، رأيته خارج ملجأ النساء، يصلح السياج الخلفي بعد أن دمرته عاصفة.
      
      "حد طلب منك تعمل كده؟" سألته.
      
      هز رأسه. "قلت أكيد حد محتاج يتعمل."
      
      لم يبحث عن المديح. لم ينشر عن ذلك. فقط فعله.
      
      جدراني تشققت قليلاً تلك الليلة.
      
      أول مرة تلامسنا، كان بالصدفة. يده لامست يدي وهو يسلمني مجموعة من المفاتيح الاحتياطية التي عرض نسخها لجراج المركز المجتمعي، الذي ساعد في إعادة تأهيله.
      
      انتفضت.
      
      ليس لأنني كنت خائفة. ولكن لأنني أدركت كم كنت أرغب في المزيد من ذلك.
      
      لم يضغط. فقط نظر إليّ لثانية طويلة وقال: "مش لازم تخافي مني يا ريمي."
      
      همست: "هي دي المشكلة. أنا مش خايفة."
      
      كان يجب أن أعرف حينها أن أهرب في الاتجاه الآخر.
      
      بعد بضعة أسابيع، جلسنا في شاحنته أثناء عاصفة. كان المطر يضرب الزجاج الأمامي، والعالم في الخارج أصبح ضبابيًا ورماديًا.
      
      "أنا مش شاطر في حاجات كتير،" قال بهدوء. "بس أنا شاطر في ده. إني أكون موجود. وإني أحاول."
      
      حدقت في درج التابلوه، متظاهرة بأنني لا أشعر بحرارة وجوده بجانبي.
      
      "ليه أنا؟" سألت. "إنت ممكن تاخد أي واحدة. بنات النادي واقفين طابور."
      
      "عشان إنتي الوحيدة اللي بصيتيلي كإني لازم أتعب عشان أوصلك."
      
      في تلك اللحظة مد يده إلى يدي، ببطء، بصبر، وكأنه يقدم طوق نجاة.
      
      وأنا... أنا تركته يمسكها.
      
      تقابلنا بعد ليلتين، خارج شقتي. يده احتضنت مؤخرة رقبتي وكأنني شيء هش. شيء نادر.
      
      كانت تلك القبلة من النوع الذي يجعلك تنسى كل سبب قلته لـ "لأ". كل سبب يجعلك تستمر في قولها. كل قبلة أخرى قبلها.
      
      من هنا بدأت الكذبة الحقيقية.
      
      ليس منه، بل مني.
      
      لأنني كنت أعرف أفضل، كنت أعرف دائمًا أفضل.
      
      ورغم ذلك... استسلمت.
      
      

      أحلام على الميناء - روايه رومانسية

      أحلام على الميناء

      بقلم,

      رومانسية

      مجانا

      شابة غنية من بليموث، لكنها "زهقانة" من حياتها المملة والناس اللي حواليها. هي بتقضي وقتها كله في قراية روايات رومانسية عن المغامرات والقراصنة، وبتحلم تعيش حياة زيهم. هي بتكره فكرة الجواز التقليدي من واحد غني وممل. فجأة، أختها "كاتي" اللي وحشتها أوي بتوصل زيارة مع عيلتها. واضح إن كاتي عندها كلام مهم عايزة تقوله لإليزا بخصوص حياتها.

      إليزا

      شابة عندها خيال واسع جدًا، وبتحب المغامرة، ورافضة نمط الحياة التقليدي الأرستقراطي. بتحلم بالبحر والمخاطر والحب الحقيقي.

      السيدة بينز

      والدة إليزا وكاتي. سيدة مجتمع همها الأول إن بناتها يتجوزوا جوازات غنية تليق بوضعهم الاجتماعي.

      هاري

      زوج كاتي. راجل طيب ومحب لعيلته.
      أحلام على الميناء - روايه رومانسية
      صورة الكاتب

      يوليو 1810
      بليموث، إنجلترا
      
      كانت الليدي تبكي وهي راكعة عند قبر حبها الحقيقي الوحيد. 
      وضعت يدًا رقيقة ترتدي قفازًا فوق شاهد القبر وتمنت عودة أيام الماضي.
      
      لم يسمع صرخاتها سوى المحيط، حيث كان القبر يطل على موطن حبيبها الحقيقي. هل كان هناك في الخارج؟ هل يستطيع سماعها؟ لقد تأخرت يومًا واحدًا فقط. فات الأوان لتوديعه. فات الأوان لتعترف بحبها للمرة الأخيرة.
      
      أن يجعلها حبه فارغة وممتلئة في نفس الوقت، كان شيئًا ستتحمله بكل سرور.
      
      مسحت إليزا بينز عينيها وهي تغلق روايتها. آه، يا لها من مأساة جميلة! أن تقع في حب رجل جامح، عشقه الوحيد هو البحر، وتفوز بقلبه، وفي الآخر يتحطم حبهم بسبب الجدري. هي نفسها ماكانتش تقدر تكتبها أحسن من كده.
      
      نزلت إليزا من سريرها وعبرت غرفة نومها إلى أرفف كتبها الخاصة. والدتها لم تكن تسمح بوضع كتب إليزا في المكتبة. لم تكن تحب أن يعتقد الضيوف أنهم جميعًا يقرؤون "روايات مايعة"، كما كانت تسميها. وضعت إليزا الكتاب مرة أخرى على الرف، بجانب العشرات من الكتب الأخرى التي تملكها.
      
      كل كتب إليزا كان فيها حاجة مشتركة. كلها كانت تدور في مكان بعيد ورومانسي. هي كانت تفضل قصص المغامرات، النوع اللي يخلي خيالها يسرح بعيدًا عن المكان اللي جسمها موجود فيه. كانت بتعشق الرومانسية العاطفية والجامحة اللي بتعيشها الشخصيات. قصص حب بين الطبقات، والرتب، وبين المجرمين والأبرياء. العاطفة والإحساس كانوا بيبقوا أحسن بكتير بالطريقة دي. وكانت تحب إنها تنتهي بمأساة، وبقلب مكسور، وبخسارة.
      
      لم يكن هناك طريقة أفضل للشعور بالحب من الشعور بفقدانه، أو على الأقل هذا ما فهمته من خلال كتبها.
      
      مش وكأن إليزا كانت تعرف حاجة عن ده.
      
      كانت تكره إنهاء أي كتاب. كانت تكره العودة إلى الواقع. الحياة كانت ممتعة أكتر بكتير على متن سفينة قراصنة، أو على جزيرة مهجورة.
      
      حياة إليزا كانت عبارة عن استعراض لا نهائي من الملل. والداها، ربنا يباركلهم، استعادوا ثروتهم، وبسبب كده بقوا في قمة مجتمع بليموث. وده كان معناه حفلات ورقصات مملة بالعشرات مع نفس الرجالة المملين اللي كل همهم زوجة غنية عشان تجيب لهم ورثة.
      
      إليزا بطلت تعدّ كام واحد اتقدم لها ورفضته. هي بصراحة معملتش أي مجهود عشان تلفت الانتباه. هو اللي كان بيلحقها في كل مكان تروحه. والدتها نفسها كانت مستغربة إزاي إليزا دايمًا "مكشرة" في التجمعات الاجتماعية. لكن إغراء الفلوس كان جذاب أكتر من الست اللي معاها الفلوس دي، عشان كده أغلب الرجالة ماكانش يفرق معاهم شكلها إيه، أو بتتصرف إزاي.
      
      كم كانت تتوق للمغامرة. كم كانت تتوق لحياة مثيرة أكتر من حياتها. كم أرادت قرصانًا جريئًا وجذابًا يخطفها إلى أراضٍ بعيدة.
      
      أن تتزوج واحدًا من هؤلاء السادة المملين بشكل فظيع كان قدرها، هي كانت عارفة. كتبها دايمًا كانت بتنتهي كده. لكنها كانت عايزة الرومانسية قبل ما تقبل المأساة! كانت عايزة شغف وخطر وإثارة.
      
      عبرت إليزا غرفة نومها وراحت عند الشباك وقعدت على الكرسي اللي قدامه. غرفة نومها كانت في وضع مثالي يطل على البحر. كانت تقدر تشوف لمسافة بعيدة أوي، كأن الأفق مالهوش نهاية. يا ترى إيه إحساس إن الواحد يبحر ناحية الأفق ده؟ يبحر لأي مكان هو عايزه، ويمشي ورا روحه من غير ما يهتم بالعواقب؟
      
      يا لها من مغامرة حلوة أوي.
      
      إليزا كانت بتبص من الشباك ده بقالها حوالي أربع سنين. البيت اللي هي عايشة فيه دلوقتي كان أكبر بكتير من الكوخ اللي كان عندهم في ويلشاير. كان عندهم أوض كتيرة لدرجة إن أغلبها كان فاضي لأنهم ببساطة ماكانش عندهم عفش كفاية يملوها.
      
      كان عندهم خدم كمان، وعشان كده أوضة نوم إليزا كانت دايمًا متوضبة على الآخر، وده كان شيء بيضايقها جدًا. عمرها ما كانت بتعرف تلاقي أي حاجة.
      
      إليزا كانت فاكرة قد إيه كانت متحمسة لما اتنقلوا لبليموث. بغباء، كانت فاكرة إنها هتكون مغامرة. بليموث مدينة مينا، في الأول والآخر. أكيد هيكون فيه سفن، وقراصنة! كانت متشوقة أوي للمغامرات اللي ممكن تحصل في بليموث.
      
      لكنها كانت غلطانة جدًا. بليموث كانت فعلًا مدينة مينا، لكن هي مابقاش ليها أي علاقة بيه. والدتها رتبت وضعهم بسرعة وسط المجتمع، واتحكم على إليزا إنها تشرب شاي مع ناس هي مش طايقاهم، وترقص مع ناس بتكرهم.
      
      إليزا بينز كانت "لُقطة"، على ما يبدو.
      
      عمرها ما نزلت لرصيف المينا. عمرها حتى ما ركبت سفينة، ناهيك عن إنها تغادر المينا للبحر المفتوح. إيه فايدة البص على المحيط إذا ماكانش المقصود منه التعذيب؟
      
      سندت إليزا راسها على إزاز الشباك واتنهدت. "يومًا ما"، فكرت، "في يوم من الأيام". هي مقدر لها أكتر من اللي والدتها عايزاه لها.
      
      السيدة بينز كانت عايزة لإليزا بالظبط نفس اللي كاتي حصلت عليه. زوج غني وله لقب، وعزبة حلوة شبه القصر، و"عزوة" بتكبر من الأرستقراطيين الصغيرين.
      
      على قد ما كانت بتحب أختها، إليزا كانت تفضل ترمي نفسها من شباك أوضتها على إنها تستسلم للحياة دي من غير ما ييجي حاجة قبلها.
      
      إليزا قالت لوالدتها الكلام ده لما رفضت واحد من العرسان الكتير، لكن السيدة بينز كل اللي عملته إنها وبختها عشان "بتأفور".
      
      كانت دايمًا تقول لها: "بطلي أفورة بقى. إنتي بتهزري. شيلي راسك من الكتب دي وانزلي لدنيا الواقع."
      
      باب أوضة نوم إليزا اتفتح فجأة.
      
      "إليزا!" قالت السيدة بينز بحماس. "تعالي بسرعة. هما وصلوا بدري!"
      
      ابتسمت إليزا ابتسامة صادقة تمامًا. رغم إنها عمرها ما كانت هتتمنى حياة كاتي لنفسها، ده ماكانش معناه إن إليزا ماكانتش بتشتاق لها كل يوم. هما كبروا مع بعض، وكانوا لازقين في بعض من سن تسعة لتسعة عشر سنة. البُعد عن بعض كان إحساسه غلط، ولما كاتي كانت بتيجي تقعد معاهم، كل حاجة كانت بترجع مظبوطة.
      
      إليزا نطت من كرسيها وجريت طلعت من أوضتها، وعدت من جنب والدتها. هي كانت أصغر، وأسرع، من السيدة بينز، وهي تقريبًا طارت لحد السلم اللي بيطل على بهو المدخل بتاع قصرهم الكبير.
      
      
      
      
      وبالفعل، كانت كاتي واقفة هناك، محاطة بزوجها المحب، وابنتيهما الرائعتين. لم تلاحظ كاتي وجود إليزا بعد، وابتسمت إليزا بفخر وهي تشاهد كاتي توجه الخدم بحقائبهم بينما تخلع عباءة السفر عن ليزي الصغيرة.
      
      كانت وقفتها مختلفة الآن. كاتي كانت دايمًا تبدو صغيرة أوي قبل كده. طبعًا، هي مطولتش كتير في القامة، لكن في الاتزان. كانت واقفة بثقة، وكأنها تنتمي للمكان، وهو شيء كانت إليزا تعلم أنها لم تشعر به لسنوات عديدة.
      
      "كاتي!" صرخت إليزا وهي تستأنف سباقها وكادت أن تتعثر وهي نازلة على الدرج الكبير نحو أختها.
      
      صاحت كاتي بسعادة بينما مد هاري يده بحكمة ليأخذ ليزي حتى تتمكن الفتاتان من تحية بعضهما البعض كما يجب. طارت إليزا بين ذراعي كاتي وضمتها إليها بقوة.
      
      لقد مرت شهور منذ آخر مرة كانا فيها معًا. بيني إيفريت كان عندها الجرأة إنها تتجوز وده أخد كاتي وهاري وأطفالهم بعيدًا لعدة أشهر. لكنهم عادوا أخيرًا.
      
      قالت كاتي وهي تحضن إليزا: "وحشتيني أوي!".
      
      مش قد ما إليزا افتقدتها.
      
      ابتعدت كاتي وتفحصت وجه إليزا. "إنتي كويسة؟ كله تمام؟"
      
      عينا كاتي الواسعتان، ذات اللون الأزرق الباهت، لم تخفيا شيئًا. إليزا كانت شايفة إنها قلقانة عليها، ويمكن كان معاها حق. لكن مفيش حاجة كتير تقدر تعملها بخصوص ده. "أيوة،" ردت عليها، "أنا كويسة." هي كانت بصحة جيدة، وبالتالي دي مكنتش كدبة.
      
      كانت السيدة بينز قد وصلت إلى البهو، فلفتت انتباه كاتي. ذهبت كاتي بسرعة لتحضنها، ثم حيّا هاري إليزا.
      
      بدا وكأنه مر دهر، على الوقت اللي كانت والدتها بتخطط فيه إن هاري يكون من نصيبها. مجرد التفكير في أنه كان يمكن أن يتزوج أي واحدة تانية غير كاتي بدا سخيفًا الآن. لم تر من قبل زوجًا مخلصًا أكتر منه، ولا حتى والدها. لكنها استنتجت، أنه لا أحد يستحقه غير كاتي.
      
      "إزيك يا إليزا؟" سأل هاري، وهو يميل ليقبل خدها كتحية.
      
      "كويسة،" ردت. "رحلتكم كانت عاملة إيه؟"
      
      ضحك ضحكة خفيفة. "عمرك سافرتي مع أطفال؟" سألها.
      "لأ."
      "ماتجربيش." ضحك، قبل أن يضم ليزي بمرح.
      
      "طيب خليني أشيل بنات أختي،" حثت إليزا، "قبل ما ماما تخطفهم."
      
      لبى هاري طلبها وأعطاها الطفلة برفق. حسنًا، هي مابقتش طفلة رضيعة أوي. ليزي كبرت كتير منذ آخر مرة رأتها إليزا. بقى شكلها زي شخص صغير دلوقتي!
      
      ما زالت تضحك كلما تفتكر رد فعل السيدة بينز لما اتعمدت ليزي باسم لويزا إليزابيث، وفي الآخر يتقال لها ليزي. السيدة بينز كانت شايفة إن "الليدي لويزا" يبدو جميلًا ورسميًا، و"الليدي ليزي" يبدو "شعبيًا". إليزا كانت متأثرة جدًا في سرها لأنها هي وابنة أختها تحملان نفس الاسم.
      
      ليزي كانت شبه مامتها. عيون تبدو أكبر شوية من اللازم على وشها المدور، ونفس درجة اللون الأزرق المدهشة. إليزا كانت تأمل، رغم ذلك، ألا تكبر عينيها بالكامل أبدًا (أي تظل واسعة). عيون كاتي الواسعة كانت واحدة من أكتر الحاجات اللي إليزا بتحبها فيها.
      
      ريتشل كانت متشبثة في ساق والدها، خجولة شوية عن إنها تتقدم. كانت شبه هاري في الغالب، بشعر بني مموج بشكل مثالي، مربوط بشرايط بيضا، وعيون بنية حذرة، لكنها دافئة.
      
      "ريتشل، إنتي مش فاكرة خالتو إليزا؟" شجعها هاري. "إنتو الاتنين كنتوا أعز أصحاب آخر مرة زرنا فيها."
      
      نزلت إليزا على ركبتيها بحرص وهي ما زالت تحمل ليزي. "لأ، لأ!" أعلنت إليزا. "أعتقد إنك جبت الطفلة الغلط يا هاري. دي مش شكل ريتشل الصغيرة خالص! إنت جبت قرصانة صغيرة وسطنا! بصوا عليها، بعصابة عين وكل حاجة، جاية تسرق ثروتنا!" صرخت إليزا بشكل مسرحي.
      
      بدأت ابتسامة تنتشر على وجه ريتشل.
      
      "أرجوكي، ماتربطيش إيدي، أيتها القرصانة المخيفة. أنا هعمل كل اللي إنتي عايزاه!" وهي تضبط وضع ليزي على خصرها بحرص، مدت إليزا معصميها إلى ريتشل.
      
      فك هاري بسرعة واحدة من شرايط شعر ريتشل وحثها على الذهاب وربط معصمي إليزا ببعضهما. وهي تضحك، تقدمت ريتشل وربت الشريطة حول معصمي إليزا بـ"عوجة".
      
      "أنا بحب لعبة السجينة!" هتفت بحماس، وهي تفتكر لعبتهم.
      
      إليزا كانت بتحب اللعبة دي هي كمان، وكانت مبسوطة إن ريتشل افتكرتها. في زيارتهم الأخيرة، ربطت إليزا نفسهم هما الاتنين في كراسي في المكتبة باستخدام حبال الستاير، وعملوا نفسهم إن أسماك قرش بتحوم حواليهم. طبعًا، أسماك القرش كانت مخدات والدتها الغالية. وعشان كده، كان عليهم، بصفتهم سجناء، يهربوا من أغلالهم، وينطوا على كل سمكة قرش عشان يتأكدوا إنها ماتت.
      
      الريش اللي بيطير من المخدات كان معناه إنهم ماتوا. السيدة بينز مكنتش مبسوطة. لكن ريتشل كانت قضت وقت رائع.
      
      لفت ريتشل ذراعيها حول رقبة إليزا فدفنت إليزا وجهها في شعر ابنة أختها قبل أن تقبل رأسها.
      
      كاتي، وهاري، والسيدة بينز كانوا جميعًا يراقبون تفاعلهم بتعبيرات مستمتعة.
      
      "خلاص، خدتي حضنك يا إليزا. خليني أنا كمان آخد حفيداتي. تعالوا ادوا بوسة لجدتكم، يا ريتشل ولويزا،" نادت عليهما بحماس، وعلى سبيل المزاح.
      
      ذهبت ريتشل إلى السيدة بينز وبعدها أعطت إليزا الطفلة لوالدتها.
      
      "أنا هروح أشوف السيد بينز،" أعلنت كاتي. "أنا متأكدة إنه في مكتبه." ثم التفتت إلى إليزا، وأضافت بهدوء: "إحنا محتاجين نتكلم بجد يا إليزا."
      
      --------
      
      
      وهكذا تبدأ! أتساءل عما إذا كانت إليزا من النوع الذي يستمع إلى النصائح الهادئة والعقلانية، أم أنها ستفعل شيئًا غبيًا ومتهورًا تمامًا؟
      
      الوقت هيقول!
      
      أتمنى أن تكونوا قد استمتعتم بهذه البداية! أنا متحمسة لآخذ إليزا في رحلة، وأساعدها في طريقها إلى أي مكان قد ينتهي بها المطاف إليه ;)
      
      من فضلكم قولوا لي أفكاركم حتى الآن!!
      
      علقوا
      --
      	
      

      قصه ساحرة التحرير

      ساحرة التحرير

      بقلم,

      رومانسية

      مجانا

      كيفيلجيم، رئيسة التحرير اللي الناس مسمّياها "الساحرة"، عايشة حياة كلها شغل على حساب خطيبها سليم اللي متضايق من إهمالها. بتصحى الصبح تروح كافيه الكورنيش عشان تاخد قهوتها، وبتتصادف مع راجل غريب بتقول عليه "غبي وأعمى" بسببه قهوتها بتدلق. الصدفة بتقلب لمفاجأة صادمة لما الراجل ده، عمر، بيطلع هو رئيس التحرير الجديد اللي رئيسها جيهان عيّنه عشان يساعدها في الشغل.

      سليم

      خطيب كيفيلجيم، مهندس معماري. بيحبها بس زهق من إهمالها للشغل على حساب حياتهم الخاصة، وبكرة بيحتفلوا بذكرى مرور أربع سنين على ارتباطهم.

      كيفيلجيم

      رئيسة تحرير شاطرة جدًا بس بتتعامل بغرور مع الموظفين اللي مش بيحبوها. مدمنة شغل ودايمًا بتتأخر، ودا مسبب مشاكل في علاقتها العاطفية.

      عمر

      رئيس التحرير الجديد اللي هييجي يساعد كيفيلجيم. بيظهر في الأول كراجل غريب بيعلق عليها بكلام يضايقها، بس بيكتشفوا إنهم هيشتغلوا سوا.
      ساحرة التحرير
      صورة الكاتب

      أنا بفكر أكتب ده بقالي كتير. أتمنى إنها تعجبك. قراءة ممتعة.
      
      كيفيلجيم عندها تلاتين سنة ومرتبطة بـ سليم بقالها أربع سنين. هي بتشتغل رئيسة تحرير تنفيذي في أكبر وأشهر شركة نشر كتب في إسطنبول. الموظفين اللي شغالين في شركة النشر دي مش بيحبوها بسبب طريقتها ومعاملتها ليهم كأنهم خدم. هما مسميينها لقب "الساحرة".
      
      الصبح، وزي كل يوم بعد الفطار في البيت، بتروح كافيه جنب الكورنيش. بتطلب لاتيه كبير بحليب الشوفان.
      
      كيفيلجيم: إزيك يا كرم.
      
      كرم: أهلًا يا كيفيلجيم. لاتيه بحليب شوفان زي كل مرة؟
      
      كيفيلجيم: أنت عارفني كويس أوي.
      
      كرم: كمان هتاخدي تشيز كيك على حساب المحل.
      
      كيفيلجيم: آه، مفيش داعي.
      
      كرم: جربيها وقوليلي بكرة رأيك في طعمها.
      
      كيفيلجيم: ماشي.
      
      كرم عمل القهوة سفري وقدملها معاها قطعة كيك. هي ركبت عربيتها وراحت الشغل. بعد دقايق وصلت قدام شركة النشر. نزلت من العربية وادّت المفاتيح للعامل عشان يركنها. لما دخلت، موظفة الاستقبال فورًا كتبت على شات الموظفين إن كيفيلجيم وصلت الشغل.
      
      "الساحرة في الطريق"
      
      كل الموظفين قطعوا كلامهم ووقفوا اللي كانوا بيعملوه وجريوا بسرعة على مكاتبهم. كيفيلجيم خدت الأسانسير (المصعد) لحد الدور السابع، اللي فيه مكتبها. مشيت في ممر طويل. الكل كان بيبصلها. وهي معدية، سمعت "صباح الخير" خافتة.
      
      دخلت مكتبها، علّقت البالطو (المعطف) بتاعها على الشماعة وقعدت على مكتبها. حطت شنطتها على الدولاب اللي وراها وخدت رشفة قهوة. كانت شايفة المدينة كلها تقريبًا من مكتبها. كيفيلجيم كانت بتحب تبص عليهم الصبح، أول ما بتوصل الشغل. ده كان بيهديها.
      
      تليفونها رن.
      
      كيفيلجيم: أيوه؟ أنا جاية.
      
      راحت على مكتب رئيسها. المساعدة بتاعته دخلت وقالتله إن كيفيلجيم وصلت.
      
      المساعدة: الأستاذ جيهان مستنيكي.
      
      كيفيلجيم: شكرًا.
      
      دخلت المكتب وقفلت الباب بالمفتاح.
      
      جيهان: اتفضلي اقعدي. محتاجين نتكلم.
      
      كيفيلجيم: فيه حاجة غلط؟
      
      جيهان: أنتِ عارفة أنا بقدرك قد إيه. أنتِ الأفضل في شغلك.
      
      كيفيلجيم: أنا مبسوطة أوي إني سمعت كده.
      
      جيهان: أنا بفكر بقالي كتير إني أوسّع شركتنا.
      
      كيفيلجيم: ليه؟
      
      جيهان: عايز أخفف عنك شوية. أنتِ بتيجي الشغل كل يوم الساعة سبعة الصبح، وساعات بتمشي بعد تسعة بليل. أنتِ بتضيّعي حياتك الخاصة.
      
      كيفيلجيم: مين قال كده؟
      
      جيهان: أنا اللي بقول كده. بفكر في ده بقالي كتير، وقررت إني أعيّن رئيس تحرير تاني.
      
      كيفيلجيم: أعيّن؟ إمممم... طيب... مين ده؟
      
      جيهان: متقلقيش. أنتِ رقم واحد عندي. محدش هيحل محلك، هو بس هيساعدك. رئيس التحرير التاني هيستلم جزء من العملاء بتوعك.
      
      كيفيلجيم: مـ-ماشي. موافقة. (قالت ده بابتسامة مصطنعة)
      
      جيهان: عظيم! أنا سعيد أوي إنك وافقتي. كنت خايف من ده.
      
      كيفيلجيم: طيب، مين ده؟
      
      جيهان: هو هيكون هنا بكرة الصبح، وساعتها هتقابليه. أنا متأكد إنكم هتحبوا بعض.
      
      كيفيلجيم: هو؟ أتمنى.
      
      عدت كام ساعة. كيفيلجيم بصت على كام كتاب وصلها من المؤلفين وعملت شوية تصحيحات. كانت الساعة خمسة بليل. الكل مشي. هي كان عندها كام حاجة كمان محتاجة تخلصها. سليم كلمها.
      
      سليم: يا حبيبتي، أنتِ فين؟
      
      كيفيلجيم: في الشغل.
      
      سليم: تاني؟ أنتِ عارفة الساعة كام؟
      
      كيفيلجيم: للأسف. عندي كام حاجة محتاجة أخلصها.
      
      سليم: هاجي أخدك كمان ساعة.
      
      كيفيلجيم: مش هقدر أخلّص ده في ساعة.
      
      سليم: أنا عايز أخرجك نتعشى النهاردة.
      
      كيفيلجيم: دي حاجة حلوة، بس مش هقدر. لازم أخلّص ده النهاردة. ده مهم.
      
      سليم: أنا مهم عندك؟ طول الوقت شغل وبس.
      
      كيفيلجيم: متقولش كده. طبعًا أنتَ مهم عندي.
      
      سليم: أنتِ عارفة بكرة إيه؟
      
      كيفيلجيم: أ-أنا عارفة.
      
      سليم: كويس. طيب، خلي ليلتك سعيدة (قالها بسخرية) وأنا هاجي أخدك بكرة الضهر.
      
      كيفيلجيم: بس...
      
      سليم: مفيش بس. هاجي أخدك الساعة اتناشر. كوني جاهزة. بحبك. باي!
      
      كيفيلجيم: ماشي. أنا كمان بحبك. باي.
      
      قفلت التليفون واتنهدت.
      
      "أنا هتجنن."
      
      هي مع سليم بقالها أربع سنين. هو مهندس معماري. اتقابلوا صدفة في واحد من حفلات توقيع مؤلف كتاب نشرته كيفيلجيم. كان "حب من أول نظرة". كل حاجة كانت كويسة أوي.
      
      قضوا وقت طويل مع بعض، خرجوا اتعشوا... لحد فترة كده. لما هي بقت واحدة من كبار رؤساء التحرير، جالها عملاء جداد كتير. بدأت تشتغل لحد وقت متأخر ومبقاش عندها وقت لسليم. في الأول هو كان متقبل ده، بس مع الوقت بدأ الموضوع يضايقه.
      
      كيفيلجيم روّحت البيت. طلعت الخمرة (النبيذ) من الدولاب وصبّت شوية في كاسها. طلعت البلكونة وقعدت على الكرسي.
      
      "رئيس التحرير الجديد... يا ترى مين؟ أنا عارفة كل رؤساء التحرير في إسطنبول. طيب، بطلّي تفكير. كيفيلجيم، متفكريش في ده. اللي يحصل يحصل. هو مش هيحل محلك."
      
      كيفيلجيم كان عندها قلق بخصوص بكرة. من ناحية، رئيس التحرير الجديد، ومن ناحية تانية، سليم. هي وسليم بيحتفلوا بذكرى مرور أربع سنين على ارتباطهم بكرة. افتكرت إنها منستش (لم تشتري) أي هدايا. كيفيلجيم قامت من على كرسيها، خدت شنطتها وطلعت من البيت. راحت المول (الغاليري) ودخلت محل بدل رجالي. دخلت وبصت حواليها.
      
      
      
      
      
      
      
      
      مساعد المحل: أقدر أساعدك في حاجة؟
      
      كيفيلجيم: عندكم أزرار قمصان (كبكات)؟
      
      مساعد المحل: أيوه، عندنا. اتفضلي معايا. هوريكي اللي موجود.
      
      كيفيلجيم بصت على التشكيلة اللي عندهم في المحل. نوعين من أزرار القمصان لفتوا نظرها.
      
      كيفيلجيم: ممكن يتنقش حروف (أحرف) على أزرار القمصان دي؟
      
      مساعد المحل: طبعًا.
      
      كيفيلجيم: هتاخد وقت قد إيه؟
      
      مساعد المحل: ساعة واحدة.
      
      كيفيلجيم: يا سلام! (بمعنى: رائع!)
      
      مساعد المحل: عجبك أي نوع فيهم؟
      
      هي شاورت على نوع واحد.
      
      مساعد المحل: تمام. فهمت صح؟ دي هدية؟
      
      كيفيلجيم: أيوه.
      
      مساعد المحل: إيه الحروف اللي محتاجينها؟
      
      كيفيلجيم: S و K.
      
      مساعد المحل: أزرار القمصان هتكون جاهزة بعد ساعة تيجي تستلميها. محتاج اسمك عشان أعمل الأوردر.
      
      كيفيلجيم: كيفيلجيم.
      
      مساعد المحل: شكرًا ونشوفك كمان ساعة.
      
      كيفيلجيم: شكرًا ليك.
      
      راجل كلّمها.
      
      الرجل: أزرار قمصان هدية؟
      
      كيفيلجيم: مش فاهمة.
      
      الرجل: هدية بسيطة.
      
      كيفيلجيم: وإيه اللي يهمك في كده؟
      
      الرجل: ولا حاجة، أنا بس بقول. لو كنت مكانك، كنت اشتريت حاجة طالعة من قلبي.
      
      كيفيلجيم: لو عايز، ممكن تشتري لحبيبتك أي حاجة تعجبك.
      
      الرجل: تفتكري عندي حد؟
      
      كيفيلجيم: ببص عليك، أكيد لأ.
      
      ضحك.
      
      كيفيلجيم: لو سمحت، خلي بالك من نفسك.
      
      الرجل: هعمل كده.
      
      هي كانت متعصبة. وهي ماشية، قالت حاجة بصوت واطي.
      
      كيفيلجيم: غبي.
      
      كيفيلجيم راحت الكافيه الصبح عشان تجيب قهوة.
      
      كرم: أهلًا يا كيفيلجيم. الكيكة عجبتك؟
      
      كيفيلجيم: أهلًا. أيوه، كانت تحفة.
      
      كرم: كويس إني عرفت. نفس القهوة بتاعت كل مرة؟
      
      كيفيلجيم: لأ. عايزة إسبريسو النهاردة.
      
      كرم: تمام.
      
      دفعت وراحت عند كاونتر القهوة. بعد شوية، كرم إدّاها كوباية القهوة. وهي بتلف عشان تطلع، خبطت في راجل والقهوة اتدلقت على هدومها.
      
      كيفيلجيم: يا لهوي! بص أنت ماشي فين!
      
      الرجل: أنتِ اللي تبصي أحسن!
      
      رفعت راسها وبصتله. ده نفس الراجل اللي كان في المحل إمبارح بالليل لما اشترت هدية سليم. ابتسمت بعصبية.
      
      كيفيلجيم: أنت؟
      
      الرجل: يا لها من صدفة.
      
      كيفيلجيم: مكنش كفاية إنه غبي، طلع أعمى كمان.
      
      الرجل: نعم؟
      
      كيفيلجيم: ولا حاجة. هدومي اتبهدلت بسببك.
      
      الرجل: أنا آسف، بس أنتِ اللي مكنتيش بتبصي قدامك.
      
      كيفيلجيم: نفسي اليوم ده يخلص. آآآه!
      
      الرجل: فيه أي طريقة أقدر أصلّح بيها الغلط ده؟
      
      كيفيلجيم: لأ. ابعد عني يا أستاذ...
      
      البارمان (عامل القهوة) ناداه عشان يستلم القهوة.
      
      البارمان: عمر، قهوتك جاهزة.
      
      قرب وخد الكوباية. هي ابتسمت.
      
      كيفيلجيم: طيب، يا أستاذ عمر. أتمنى منشوفش بعض تاني أبدًا.
      
      عمر: أتمنى كده، يا مدام...؟
      
      كيفيلجيم: باي!
      
      عمر: اسمك؟ اسمك إيه؟
      
      هي مشيت وهي مبتسمة. كيفيلجيم بصت في ساعتها وسافرت بسرعة على البيت. كانت مستعجلة عشان متتأخرش على الشغل. كيفيلجيم روّحت وراحت أوضة نومها. فتحت الدولاب واختارت بنطلون أسود، وجاكيت وتوب (بلوزة) قصير.
      
      بعد نص ساعة، كانت في الشغل. ركبت الأسانسير وطلعت الدور السابع. إدت البالطو والشنطة بتاعتها لواحدة من المساعدات وراحت على مكتب رئيسها. خبطت على الباب ودخلت. كان جوه الأستاذ جيهان وراجل. الأستاذ جيهان وقف وحيّاها.
      
      جيهان: أهلًا بيكي كيفيلجيم. قابلِي رئيس التحرير الجديد وزميلك. كيفيلجيم، ده الأستاذ عمر أونال.
      
      عمر لف ناحيتها وهما الاتنين اتصدموا. كيفيلجيم قالت لنفسها: "هي دي مقلب؟" (هل هذه مزحة؟). ابتسمت ابتسامة مزيفة، ومشيت لحد عنده وسلامت عليه.
      
      كيفيلجيم: أهلًا بيك، أنا كيفيلجيم أرسلان.
      
      عمر: سعيد إني قابلتك يا كيفيلجيم. أنا فرحان إني عرفتك.
      
      نهاية الفصل
      
      
      

      Pages