رحلة الشيطان - رواية فلسفية

رحلة الشيطان

بقلم,

رومانسية

مجانا

أخصائية علاج صدمات نفسية، بتقضي حياتها تساعد الستات اللي نجوا من علاقات مؤذية، خصوصاً مع رجالة "البايكرز". بتقابل لوجان، ريس نادي موتوسيكلات بيوعدها إنه "مختلف" وإنه هيحترمها بجد. بتقع في حبه رغم كل تحذيراتها الداخلية وخبرتها المهنية. لكن بتكتشف في الآخر إنه كان بيكدب عليها طول الوقت. القصة دي عن الخيانة، والصراع بين العقل اللي عارف الحقيقة والقلب اللي اختار يصدق الكدبة.

ريمي

أخصائية علاج صدمات. ست قوية، ذكية، وشافت كتير بحكم شغلها، وعارفة كويس خطورة رجالة نوادي الموتوسيكلات. بتحاول تقاوم لوجان، لكن "صبره" وطريقته "المختلفة" في كسبها بتكسر دفاعاتها، فبتقع في حبه وهي فاكراه صادق.

لوجان

ريس نادي "رحلة الشيطان" (Devil's Ride MC). شخص جذاب، صبور، واستراتيجي جدًا. عرف إزاي يوقعها بالظبط بإنه يمثل دور "البايكر المحترم" اللي عنده مبادئ، عكس كل اللي هي متعودة تشوفه. لكن في الحقيقة، هو متلاعب كبير وكداب وخاين.
رحلة الشيطان
صورة الكاتب

ساحة انتظار العربيات بره النادي كانت نصها مليان
منورة نور خافت تحت زنة لمبة شارع بايظة.

مكنش المفروض آجي.

قلت لنفسي كده تلات مرات وأنا بركن. خمس مرات في آخر ساعة، قاعدة ألف حوالين المكان ده زي الشبح البائس، على أمل إن شكله يتغير من زاوية تانية.

كنت بتمنى ألاقي سبب ميخلنيش أدخل، وكنت بتمنى بغباء إني أكون غلطانة. بس حاجة جوايا كانت بتقولي إني لازم أعرف.

صوابعي قفشت على عجلة القيادة، ومفاصلي ابيضّت. بحاول أهدي قلبي... ونَفَسي. دي مش أنا. أنا مش النوع ده من الستات.

بس لوجان مكنش بيرد على رسايلي. ومكلمنيش. تاني. يا ليلة سودة.

أكيد مفيش حاجة. كنت بقول لنفسي كده كل ليلة الأسبوع ده. إنه مشغول. وإن شغل النادي أهم حاجة، بس أنا باجي بعده على طول. هو قالي إن الدنيا هتمشي كده. بس هو هيفضل بتاعي، وأنا بتاعته.

إلا إن "مفيش حاجة" دي مبتخليش معدتك تتقلب ولا تهمس لك بحقايق إنت مش عايز تسمعها. "مفيش حاجة" مبتخليكش تفضل صاحي، فاكر ستات تانيين كانوا بيعيطوا قدامك على كراسي العلاج... ستات كانوا لابسين جروح في قلوبهم وكدمات على جلدهم، بيلوموا نفسهم إنهم حبوا رجالة خلوا الإخلاص إحساس أشبه باللعبة.

المفروض مكنتش أبقى واحدة منهم. أنا كنت أعقل من كده. أنا أعقل من كده.

بس أنا برضه كنت عارفة لوجان. أو كنت فاكرة إني عارفاه.

أول مرة اتقابلنا، قالي إن النادي بتاعه مختلف. وإنه هو مختلف. وعدني بالاحترام، والولاء، ومستقبل أقدر أصدق فيه. ويا رب، ده كان بيطاردني بجد. ورد في العيادة، ومكالمات بس عشان يسمع صوتي، ويقعد يسمعني وأنا بشتكي من ثقافة راكبي الموتوسيكلات كأنه هيموت ويثبت لي إني غلطانة.

هو كسرني بالصبر. كان بيظهر. مكنش بيتراجع. واجه تدقيقي وعدم اهتمامي، وبعدين وقعنا. وقعنا جامد أوي... أو أنا افتكرت إننا وقعنا. بس دلوقتي، وأنا قاعدة في ساحة الانتظار دي... بسأل نفسي إذا كان هو عمى عينيّ تماماً... إذا كان باع لي كدب متزوق. إذا كنت أنا سمحت له.

بطّلت الموتور ونزلت في البرد. كان المفروض ييجي ياخدني الليلة عشان سهرتنا. عشان كده لبست له. فستان أسود خفيف وجميل، من الفساتين المفضلة عنده. كان ماسك على جسمي بالظبط زي ما بيحب. مكنش شكلي زي بنات النادي... ولا شكلي زي كتير من "الحريم الكبار" بتوعهم برضه. كنت دايمًا بحس إن شكلي زي بنت الجيران. بس لوجان كان دايمًا يقول إني بخطف أنفاسه، وإني مميزة، إني مثالية. سبت شعري الكستنائي الطويل نازل على طبيعته بموجات ناعمة. حطيت مكياج كفاية عشان أحس إني حلوة. مكنتش بشوفه كتير الفترة الأخيرة، وكان واحشني. كان المفروض الليلة دي تبقى مميزة.

صوت البيز العالي خبطني حتى قبل ما أوصل للباب. الدخان كان بيطلع موجات من شباك مكسور، مختلط بالهوا المر. المزيكا كانت بترج في جزمتي البوت وأنا بزق الباب وأدخل.

النادي كان عبارة عن هيجان من الحر والعرق والصوت. ريحة الجلد، والبيرة، والبرفان الرخيص كانت لازقة في كل حاجة. بار واطي ممتد على طول حيطة، بيلزق ومنور تحت لمض حمرا. أجسام بتتحرك في كل حتة... بيرقصوا، بيضحكوا، بيحتكوا ببعض. تجسيد للفوضى وهي واخدة راحتها على الآخر.

زمان كنت بشوف ده ساحر، بطريقة فيها خطورة. كنت بقول لنفسي إني أقدر أستحمل العالم ده، عالمه هو، عشان بحبه. عشان هو وعدني إنه مختلف.

واحدة شقرا طويلة لابسة توب قصير أوي عدت من جنبي. همست لصاحبتها: "مراته"، بنبرة مليانة سُكر وسِم.

التانية ردت بابتسامة شماتة: "مش رسمي يعني".

بلعت ريقي بصعوبة وكملت مشي. مش عارفة هفهم إزاي في يوم من الأيام فكرة إن لازم يبقى فيه ستات تحت الطلب لأي "أخ" عشان يستمتع بيهم من غير أي عواقب. وأنا ماشية وسط الدخان والهمسات، حسيت إن اللي بشوفه ده هو بالظبط اللي كنت متخيلاه عن أي نادي، عن أسلوب حياة الأخوة راكبي الموتوسيكلات... بس إزاي معرفش هو أقنعني إن الدنيا هنا مختلفة. إن النادي بتاعه مختلف. هو مختلف.

عديت ترابيزة البلياردو، عديت الطرقة اللي النور فيها بقى أخفت، عديت بنات لازقين في ضهور لابسة "شارات" كأنهم حلي مستنيين حد يلبسهم. الهوا بقى أتقل، مش بس بالدخان، لأ بريحة عرق وجنس واضحة.

صوت ضحك، وهمهمات، وخبط إزايز كان بيرن من الصالة اللي ورا.

بطريقة ما، كنت لسه بحاول أقنع نفسي إن القلق ده كله في دماغي. إن عنده شغل في النادي لازم يخلصه، وإني قلقانة على الفاضي.

وبعدين شفته.

لوجان. لوجان بتاعي. أو الراجل اللي كنت فكراه بتاعي.

كان ممدد على كرسي جلد زي ملك على عرشه. فاتح رجليه. إزازة بيرة متشعلقة من صوابعه. بنت لابسة "كروب توب" قاعدة على حجره، بتضحك في رقبته، وإيديها بتتسحب تحت قميصه. دراعه كان حواليها كأنه مكانه الطبيعي. كأنها هي مكانها الطبيعي.

راسه رجعت لورا، وضحك على حاجة هي قالتها. بقه، البق اللي كنت فكراه بتاعي، اللي همس لي بكلمة "للأبد" في ودني... البق ده ابتسم ابتسامة واسعة وشريرة.

اتجمدت في مدخل الأوضة، النَفَس اتخطف مني كأني خدت لكمة في ضلوعي.

وبعدين جه الصوت.

"لوجان دايمًا أول واحد يجرّب الجداد،" واحدة قالت من ورايا، صوتها خفيف وساخر.

"بيقول مبيقدرش يلتزم غير لما يدوق المنيو كله،" واحدة تانية ردت عليها.

ضحك. عادي. سهل. كأن ده عادي. كأن ده مش اللي كنت خايفة منه. كأن ده مش اللي هو أقسم لي إنه مبيحصلش في النادي بتاعه.

فضلت مبحلقة له، من غير ما أرمش. مستنياه يزقها من عليه، يقول إن اسمها مش اسمي. يعمل أي حاجة تثبت إن ده مش زي ما أنا شايفة.

هو حتى مبصش.

كنت عايزة أصرخ. أعيط. أشدها من عليه وأسأله إذا كان فاكر الوعود اللي وعدها، الكلام اللي همسه على جلدي. كنت عايزة أتخانق وأخربش وأنهار قدامهم كلهم.

بس كل اللي عملته إني اتنفست. كل اللي عملته إني فضلت أبص وهو بيقول لها تركبه. فضلت واقفة، نفسي مقطوع، بتأتأ في الكلام والبنات بتوع النادي ورايا بيتريقوا ويهزروا. عارفين إيه، طز في القرف ده، عمري ما كنت عايزة أقول عليهم الاسم اللي بيتقال لهم بس في اللحظة دي هما كانوا بالظبط الاسم الفظيع ده... عاهرات النادي. هما كانوا بياكلوا القرف ده أكل.

كانوا بيكركروا وأنا بالعافية باخد نفسي. سطحي. متقطع.

اتفرجت على اللي على حجره وهي بتعمل زي ما قال لها، تفك له الحزام، تفتح السوستة، تمد إيدها في بنطلونه وتطلع... بتاعه بإغراء. اتفرجت عليها، من غير...، وهي بتقعد عليه كأنه ولا حاجة. شفتها بتبدأ تتهز... تبدأ تركب. شفتها بتتأوه كأن دي أحسن حاجة جربتها في حياتها. وهو... لوجان بتاعي، حبيبي، اللي كان المفروض يبقى للأبد... كان عادي بيشرب من إزازته وهو بيتكلم مع أخ ليه على الكنبة بره المشهد. ده كان مجرد يوم تاني في حياته، وأكيد هو كده... هو خدعني تمامًا، دمرني تمامًا.

أنا بس اتفرجت.

عشان في اللحظة دي... اللحظة دي بالظبط، أنا عرفت.

خلاص. انتهى.

هو كدب. طول الوقت ده. عن النادي. عن هو مين. عن أنا إيه بالنسبة له.

رجعت لورا قبل ما يشوفني، إيدي على بقي والمرارة طالعة لحد زوري.

زقيت وسط الأجسام، بالعافية شايفاهم، صوت كعبي بيرن على الخرسانة زي طلقات رصاص في وداني.

حد نده اسمي، يمكن الرئيس. "ريمي؟"

موقفتش. مقدرتش. المرارة والدموع كانوا بيهددوا إنهم ينفجروا. مكنتش هقدر أخليهم يشوفوني وأنا منهارة. مكنش ينفع يكسبوا.

ملفتش.

متنفستش غير لما هوا الليل خبطني كأنه كف على وشي.

موصلتش حتى لعربيتي. رجلي بس فضلت ماشية. بعيد عن الأنوار. بعيد عن الدوشة. بعيد عنه. يا ابن الكلب.

ولما بعدت كفاية ومحدش يقدر يسمعني، أخيرًا سبت نفسي.

الدموع نزلت بسرعة، جامدة، بشعة. اتكعبلت ورجّعت في شجيرة على الرصيف. سبت نفسي أرجع أتحكم في نفسي تاني...

وبعدين جريت.





(استرجاع للأحداث - قبل أحد عشر شهرًا)

كنت قد تأخرت عشر دقائق بالفعل عن موعد الإغلاق عندما لاحظت سيارتها متوقفة في ساحة الانتظار. المصابيح الأمامية مضاءة. المحرك يعمل. هي لم تتأخر أبدًا، ولم تفوت موعدًا قط، ولا مرة واحدة خلال الستة أشهر التي كنت أراها فيها.

عبست ووقفت، ودفعت الملفات التي كنت أراجعها جانبًا. كان هناك شيء غير مريح.

اقتربت من النافذة الأمامية وحدقت عبر الزجاج. كانت في مقعد السائق، قابضة على عجلة القيادة وكأنها الشيء الوحيد الذي يمنعها من الانهيار. كانت عيناها مثبتتين على شيء ما أو شخص ما خارج الإطار.

توتر بطيء ومتصاعد ضغط على صدري. كانت خائفة.

في تلك اللحظة سمعتهم.

دراجات نارية. زئير المحركات العميق جاء من أسفل الشارع. وبعد ذلك رأيتهم. ثلاثة منهم، ربما أربعة. سترات جلدية، بنيان ضخم، دخان يتصاعد من فم أحدهم وكأنه جزء من جلده.

راكبو الدراجات. "إخوة" من نادي دراجات نارية بلا شك.

لم يكونوا يغلقون عليها الطريق، ليس بالضبط. لكنهم كانوا بينها وبين الباب الأمامي لعيادتي وهذا كان كافيًا. أمسكت بمعطفي.

بحلول الوقت الذي خرجت فيه، كان البرد يضرب كالصفعة. الشتاء جاء مبكرًا هذا العام.

"يا جماعة،" ناديت، صوتي متزن ولكن حازم. "دي ملكية خاصة. ياريت تمشوا من هنا."

أطول واحد استدار، والجلد على سترته أصدر صريرًا. كُتب على سترته "نادي رحلة الشيطان" ووجهه كان ينذر بالمشاكل.

قال بابتسامة ماكرة: "بناخد حد بس يا حلوة". "معرفش إن المكان ده بيقفل بدري للدكاترة النفسانيين."

لم أرمش. "أنا مش دكتورة نفسانية. أنا أخصائية علاج صدمات. فرق كبير. وإنتوا على ممتلكاتي."

"صدمات، هاه؟" قالها، وابتسامته اتسعت كأنها نكتة داخلية. "أعتقد إنك بتشوفي بنات كتير مبتقدرش تستحمل شوية انبساط."

هذا كان كافيًا. الدم غلي في عروقي.

"أنا بشوف ستات كتير نجوا من رجالة زيك،" قلت بهدوء. "دلوقتي، اتحركوا. إنتوا بترعبوا العميلة بتاعتي."

بدأ يضحك، لكن صوتًا آخر اخترق الهواء.

"ابعد يا ديزل."

راكب الدراجة الذي بجانبه كان قد اتخذ خطوة للأمام، لكن نظره كان مثبتًا عليّ، ليس عدوانيًا، فقط... فضوليًا. مسيطرًا.

بدا أكبر سنًا مما توقعت، ربما في أوائل الثلاثينيات. فك حاد، لحية قصيرة مشذبة، شعر داكن يتجعد عند الأطراف بينما هو محلوق على الجانبين. ندبة رأسية طويلة تمتد من فكه نزولاً إلى ياقة قميصه، بالكاد مرئية في الظل. الوشوم غطت معظم ذراعيه ورقبته. سترته تطابق الآخرين، "رحلة الشيطان"، لكن الهالة المحيطة به بدت مختلفة.

"إنتي الأخصائية بتاعتها؟" سأل.

فقط حدقت به.

"هي كويسة؟"

"مرعوبة،" قلت. "وبحاول أدخلها جوه. وده أسهل لو مكنتوش بتتسكعوا قدام بابي الأمامي."

حدق بي للحظة طويلة، ثم التفت للآخرين. "يلا نمشي."

بتذمر، انطلق الآخرون، هدير دراجاتهم عاد للحياة. في غضون ثوانٍ، خلت ساحة الانتظار.

إلا هو.

بقي في الخلف، ألقى نظرة سريعة على السيارة قبل أن يسير نحوي.

قال: "مكنش قصدنا نخوفها."

لم أرد.

نظر إليّ، نظر إليّ حقًا، ثم مد يده.

"لوجان مادوكس."

لم آخذها.

ابتسم بسخرية. "كنت متوقع. دي كانت جرأة منك، على فكرة."

"أنا مش هنا عشان أسلي راكبي دراجات عندهم غرور هش."

ضحك بخفة. "ده اللي إنتي فاكراه؟"

"أنا شايفة إني شفت ستات كتير أوي بيسيبوا نوادي الدراجات وهما متكسرين حتت. أعتقد إني سمعت نحيب كفاية عشان أميّز الخوف من على بعد ميل. وأعتقد إنك لو كنت محترم بأي شكل، كنت مشيت خلاص."

شيء ما برق في عينيه. اهتمام؟ تسلية؟ لم أهتم.

"حسنًا،" قالها، وهو يتراجع خطوة بطيئة. "يمكن أشوفك تاني، يا دكتورة."

"اسمي ريمي،" قلت ببرود. "ولأ، مش هتشوفني."

في وقت لاحق من تلك الليلة، وجدت كيسًا ورقيًا واحدًا خارج بابي عندما غادرت. بداخله كان شاي لم أطلبه، من المقهى أسفل الشارع. على الكوب: "خمّنت إنك مبتشربيش قهوة. أتمنى تكون دي الجرأة الصح."

قلبت عيني بزهق لدرجة كدت أرى نجومًا.

لكنني أخذت الشاي على أي حال.

ترك الشاي على عتبة بابي ثلاث مرات أخرى بعد ذلك. لا يوجد اسم. مجرد ملاحظات صغيرة غبية.

"برضه مش قهوة."
"فكرت إنك ممكن تحتاجي حاجة دافية."
"للدكتورة اللي مبتضحكش."

رميت الأول. احتفظت بالثاني، لكنني لم أشربه. شربت الثالث.

الرابع جاء مع لوح بروتين ملصق على الجانب وخرشبة: "سمعت إن الأخصائيين بينسوا ياكلوا هما كمان."

عصبني قد إيه كان مهتم بالتفاصيل. وعصبني أكتر إنه مكنش بيضغط، مكنش بيبص بصات قذرة، مكنش بيظهر وهو بيزوّد سرعة دراجته زي الديك المنفوش. مجرد هدوء... استمرارية... إصرار بطريقة لا تشعر بالتهديد.

لقد رأيت كل أنواع المتلاعبين. الساحرين. اليائسين. اللي بيغرقوا بالاهتمام في البداية. اللي بيشككوكِ في نفسك. النرجسيين اللعينين.

لكن لوجان كان شيئًا آخر. كان استراتيجيًا. لم يستعجل. لعب اللعبة الطويلة. وجزء مني، الجزء الذي كان وحيدًا، متعبًا، يتوق للتصديق، بدأ يتساءل عما إذا كان ربما هو ليس لعبة على الإطلاق.

قلت لنفسي إنه أمر غير ضار عندما لوحت له خارج المقهى بعد أسبوع.

قلت لنفسي إنني كنت مجرد مهذبة عندما سألته إذا كان يريد الجلوس.

قال: "كنت مستنيكي تطلبي."

بدأ يظهر أكثر بعد ذلك.

دائمًا محترم. دائمًا صبور.

لم يغازل أبدًا نساء أخريات عندما أكون موجودة. لم يلمسني أبدًا دون إذن. لم يتجاوز الحدود أبدًا.

وهذا جعل الأمر أسوأ.

لأنني لم أستطع وضعه في نفس الدرج مع الآخرين. لم يكن قاسيًا. لم يكن مهملاً. لم يكن متسلطًا. كان... منتبهًا. خفيًا. ينتظرني لأقوم بالخطوة الأولى.

كلما راقبته أكثر، بدأت أعتقد أنه ربما كان مختلفًا حقًا.

في إحدى الليالي، رأيته خارج ملجأ النساء، يصلح السياج الخلفي بعد أن دمرته عاصفة.

"حد طلب منك تعمل كده؟" سألته.

هز رأسه. "قلت أكيد حد محتاج يتعمل."

لم يبحث عن المديح. لم ينشر عن ذلك. فقط فعله.

جدراني تشققت قليلاً تلك الليلة.

أول مرة تلامسنا، كان بالصدفة. يده لامست يدي وهو يسلمني مجموعة من المفاتيح الاحتياطية التي عرض نسخها لجراج المركز المجتمعي، الذي ساعد في إعادة تأهيله.

انتفضت.

ليس لأنني كنت خائفة. ولكن لأنني أدركت كم كنت أرغب في المزيد من ذلك.

لم يضغط. فقط نظر إليّ لثانية طويلة وقال: "مش لازم تخافي مني يا ريمي."

همست: "هي دي المشكلة. أنا مش خايفة."

كان يجب أن أعرف حينها أن أهرب في الاتجاه الآخر.

بعد بضعة أسابيع، جلسنا في شاحنته أثناء عاصفة. كان المطر يضرب الزجاج الأمامي، والعالم في الخارج أصبح ضبابيًا ورماديًا.

"أنا مش شاطر في حاجات كتير،" قال بهدوء. "بس أنا شاطر في ده. إني أكون موجود. وإني أحاول."

حدقت في درج التابلوه، متظاهرة بأنني لا أشعر بحرارة وجوده بجانبي.

"ليه أنا؟" سألت. "إنت ممكن تاخد أي واحدة. بنات النادي واقفين طابور."

"عشان إنتي الوحيدة اللي بصيتيلي كإني لازم أتعب عشان أوصلك."

في تلك اللحظة مد يده إلى يدي، ببطء، بصبر، وكأنه يقدم طوق نجاة.

وأنا... أنا تركته يمسكها.

تقابلنا بعد ليلتين، خارج شقتي. يده احتضنت مؤخرة رقبتي وكأنني شيء هش. شيء نادر.

كانت تلك القبلة من النوع الذي يجعلك تنسى كل سبب قلته لـ "لأ". كل سبب يجعلك تستمر في قولها. كل قبلة أخرى قبلها.

من هنا بدأت الكذبة الحقيقية.

ليس منه، بل مني.

لأنني كنت أعرف أفضل، كنت أعرف دائمًا أفضل.

ورغم ذلك... استسلمت.

تعليقات