الأقسام

قصص تاريخية

... ...

قصص فانتازيا

... ...

قصص رعب

... ...

قصص رومانسية

... ...

قصص مخصصه لك

    قصص المختلط

      قصة حياة طالبة في الثانوية

      حياة طالبة في الثانوية

      بقلم,

      مدرسيه

      مجانا

      في تالتة ثانوي وعايشة بشخصيتين. من بره هي البنت الفرفوشة كابتن فريق التشجيع، ومن جوه هي مرعوبة. إيما مخبية سر كبير وخايفة لو اتعرف هيدمر كل حاجة حواليها. حياتها بتتعقد أكتر لما تضطر تاخد حصة مع "مس كلارك"، الم درست الجديدة القاسية. الرواية عن صراعها عشان تحافظ على قناعها ومحدش يكشف حقيقتها.

      إيما

      بتمثل إنها سعيدة ومشهورة، لكنها في الحقيقة عايشة في رعب دائم بسبب سر بتخبيه عن كل الناس (متعلق بميولها وحقيقتها).

      كايلي

      صاحبة إيما الانتيم. بنت متحمسة وطاقتها عالية، بس مش واخدة بالها خالص من صراع إيما الداخلي.

      مس كلارك

      درست العربي. ست شكلها جميل لكنها حادة وقاسية ومسيطرة جداً، وبتمثل تهديد كبير لإيما.
      رواية حياة طالبة في الثانوية
      صورة الكاتب

      مع تزييق أبواب الأوتوبيس وهي بتتفتح، أعصابي سابت وبقت على آخرها. فردت ابتسامة على وشي، ورحت ناحية صاحبتي الانتيم كايلي اللي كانت مستنياني عند باب المدرسة.
      
      "إيما، أنا هنا!" ندهت عليّ، وهي بتشاور بحماس، وشعرها اللي لونه زي الخزامى بيطير مع ديل الحصان بتاعها. خدت نفس عميق ووقفت جنبها، بحاول أكون متحمسة زيها على قد ما أقدر، رغم إن الخوف كان بياكل فيا من جوه.
      
      "إيه الحماس ده؟ آخر أول يوم لينا في ثانوي!" كايلي قالتها وهي مبسوطة أوي، وماخدتش بالها من ابتسامتي المصطنعة. بصيت على لبس التشجيع بتاعنا، الأسود في أزرق، اللي زي بعض بالظبط. اللبس ده كان رمز للشخصية اللي بوريها للدنيا - إيما السعيدة، الفرفوشة اللي بتحب تكون محط الأنظار.
      
      يا ريتها بس كانت تعرف الحقيقة. مع الأسرار اللي عندي دي، كلمة واحدة غلط ممكن تبوظ كل حاجة. وكايلي عمالة ترغي عن خططنا لسنة تالتة، ابتسامتي اختفت، وعينيا كانت بتدور وسط الزحمة على أي حد ممكن يمثل خطر.
      
      الجرس الأول ضرب، معناه إننا ندخل الفصل. كايلي شبكت دراعها في دراعي، وفضلت ترغي بسرعة الصاروخ. كنت بهز راسي وأضحك في الأوقات الصح، ومتبتة في حالتها الطبيعية دي كأني بتشبث بقشة في بحر القلق اللي أنا غرقانة فيه.
      
      وكايلي عمالة ترغي، أنا زقيتنا ناحية الفصل. قعدنا في كراسينا اللي متعودين عليها ورا، يا دوب مع رنة جرس التأخير.
      
      نوا، اللي كانت قاعدة قدامي، لفت وابتسمت لي ابتسامة عريضة. "سنة تالتة، مصدقة؟" قالت وهي بتزق خصلة شعر شقرا هربانة ورا ودنها.
      
      ابتسمت لها، وحسيت براحة زي كل مرة بسبب طبعها الهادي ده. "مجنونة. تفتكري مستر ستيفنسون هيعيط تاني زي السنة اللي فاتت؟"
      
      نوا ضحكت، وفي نفس اللحظة دخل مدرسنا الأصلع، وعينيه مدمعة جاهزة. "صباح الخير يا أحلى دفعة تالتة! أوعدكم إني مش هتأثر أوي..." وقالها وهو بيشهق.
      
      الفصل كله كشر، بس أنا لمحت كايلي منورة من الفرحة. حمدت ربنا إن فيه واحدة فينا على الأقل متحمسة. ونوا بدأت تحكي في حكاية، أنا بصيت حواليا بقلق، عينيا جت على كل وش. لحد دلوقتي، مفيش حد منهم شايف اللي أنا خايفة يكون باين أوي - البنت اللي مخبية حقيقتها، يوم ورا يوم، ومستنية كل ده يتكسر زي الإزاز.
      
      مستر ستيفنسون بدأ يوزع علينا الجداول. قلبي اتقبض وأنا ببص على الجدول بتاعي، كنت مرعوبة من اللي ممكن أشوفه مكتوب.
      
      "إحنا مع بعض في حصة الحساب،" نوا قالت وهي مبسوطة. أهو على الأقل حاجة كويسة نبدأ بيها.
      
      كايلي شاورِت وقالت إننا مع بعض في التاريخ كمان. بس أنا قلبي وقع في رجليا لما شفت الحصتين التانية والرابعة. حصة العلوم لوحدي ماشي، أقدر أستحملها، لكن العربي...
      
      "وقعتي مع مس كلارك؟" نوا سألتني، أول ما شافت وشي اتقلب. هزيت راسي وأنا مقهورة.
      
      "يادي النيلة، ملكة التلج. أنا مع مستر وايت، ده طيب أوي!" كايلي قالتها وهي بتزقزق. طبعاً هي تاخد المدرس الكويس وأنا أترمي للوحوش.
      
      مسكت الجدول في إيدي جامد، وكنت حاسة إني هعيط. كل اللي قدرت أعمله إني أبتسم ابتسامة ضعيفة لكايلي وهي بتقولي إننا هنتغدى مع بعض. بس من جوايا، الرعب كان مالي قلبي.
      
      لما مستر ستيفنسون قال إننا ممكن نتكلم شوية لحد ما الجرس يضرب، كايلي لفت لنوا بحماس.
      
      "بجد بقى، إنتي ليه مجربتيش تدخلي فريق التشجيع لحد دلوقتي؟ هتبقي تحفة!" فضلت تزن عليها.
      
      نوا هزت كتفها. "بصراحة مش جوي. أنا دحيحة علوم أكتر، إنتي عارفة."
      
      كايلي بصتلي وشاورت. "بس أنا وإيما ممكن نساعدك تتمرني! هتبقى حاجة جامدة أوي لو إحنا التلاتة بقينا مع بعض في الفريق."
      
      ابتسمت ابتسامة ضعيفة وأنا بفكر في الموضوع. على قد ما بحب التشجيع، فكرة إني أعمل استعراض قدام الناس بترعبني.
      
      "عشاني يا نوا، والنبي؟" كايلي عملت لها نظرة "القطة البريئة" بتاعتها. نوا بصتلي، وللحظة شكيت إنها ممكن تكون شافت اللي ورا ابتسامتي أنا كمان. بس في الآخر ضحكت.
      
      "خلاص خلاص، هفكر في الموضوع. بس مفيش وعود ها!"
      
      وهما بيتكلموا بحماس عن الاختبارات، أنا فضلت مبحلقة في الجدول بتاعي تاني. كان نفسي أكبر همومي تكون حاجة بسيطة زي التشجيع—مش إني أكون مخبية حتة من نفسي عن المدرسة دي كلها كل يوم.
      
      كايلي لفت لي بلهفة. "قوليلي يا إيم، شفتي كوبر كان جامد إزاي الصبح؟"
      
      رسمت على وشي أكبر ابتسامة مصطنعة. "بصراحة مخدتش بالي، كنت مركزة ألحق الفصل في ميعاده." الكدبة طلعت من بقي بسهولة.
      
      في الحقيقة، فكرة إني أصاحب ولاد كانت بتزود الرعب اللي جوايا. بس كايلي مكنش لازم تعرف ده - مفيش أي حد كان ينفع يعرف.
      
      "إنتي مش واخدة بالك من حاجة خالص،" قالت وهي بتهزر. "أنا لازم أظبطك معاه. فكري بس، كابتن فريق التشجيع والواد الكورة!"
      
      ابتسامتي اتشدت. على قد ما الموضوع ده ممكن يبان مغري لأي بنت تانية، أنا مكنتش شايفة نفسي مع كوبر ولا مع أي ولد. بس هزيت راسي كأني موافقة زي كل مرة، عشان أكمل التمثيلية.
      
      في اللحظة دي الجرس ضرب، وأنقذني من أي خطط تانية للعب دور الخاطبة. شديت شنطتي وأنا حاسة براحة.
      
      الحصة التالتة قربت تخلص، كايلي ونوا بصوا لبعض وابتسموا قبل ما كل واحدة تروح في طرقة مختلفة. بس أنا رجلي كانت بتجر وأنا بقرب من ناحية فصول العربي.
      
      قلبي نزل في رجليا لما لمحت مس كلارك واقفة على باب فصلها، ناشفة زي التمثال بالبدلة السودة بتاعتها المعتادة. شعرها الأشقر التلجي وعينيها الزرقا الحادة مكنش فيهم أي ذرة دفا.
      
      والطلبة بيعدوا من قدامها، كانت بتهز راسها هزة خفيفة، ومبحلقة في كل واحد فيهم كأنه تحت ميكروسكوب. كنت تقريبًا حاسة بنظراتها وهي بتشرحني حتة حتة وبتطلع كل حتة مهزوزة فيا من بعيد.
      
      
      
      
      
      
      خدت نفس مهزوز وخطيت خطوة لوحدي تحت مراقبة مس كلارك. عينيها الزرقا الجامدة ركزت عليّ، وأنا اتجمدت في مكاني، حسيت إني مكشوفة على الآخر، ومتفصصة قدامها عشان تفتش فيا.
      
      غصبت نفسي أبص في عينها وأرسم ابتسامة خفيفة، والقناع العميق بتاعي طلع على وشي بسهولة وأنا داخلة عرين الأسد بتاعها.
      
      أول ما الجرس صرصر، مس كلارك عدت من الباب بخطوات ناشفة، وسابت الباب يتقفل وراها بخبطة عملت صدى.
      
      في لحظة، الفصل كله سكت ومبقاش فيه ولا نفس. بصت علينا واحد واحد بنظرة نقدية قبل ما تتكلم بنبرة حادة وصوت عالي:
      
      "إنتو في سنة تالتة، يعني المفروض عارفين النظام. مش هسمح بأي رغي تافه أو تشتيت. ده فصل عربي مستوى رفيع، وأنا متوقعة الامتياز وبس."
      
      كام واحد بصوا لبعض بقلق. أنا فضلت باصة في الأرض، وكنت حاسة بتركيزها الثاقب وهو بيشرح كل حتة فيا بعقله.
      
      "إحنا هندرس الكلاسيكيات بعمق ونقد قاسي. أنا مش بطبطب على الشغل التعبان." سكتت شوية، والتهديد كان واضح في سكوتها. "مفهوم؟"
      
      ردت همهمات متفرقة "أيوه يا مس كلارك" بخوف. عينيها لفت علينا بتهديد. ضميت كفوفي المعرقة في جيب الجيبة بتاعتي.
      
      "لما أنده على اسمك، رد وقول حاضر." وبدأت مس كلارك تقرا الأسماء من الكشف. عينيا معرفتش تمنع نفسها إنها تلاحظ جمالها الطبيعي. عضم خدودها العالي، وجسمها الرفيع المستخبي ورا لبسها الرسمي.
      
      أول ما الفكرة دي نطت في دماغي، هزيت راسي عشان أطردها، قرفانة من نفسي تماماً. هو أنا ليه مينفعش أكون طبيعية؟
      
      "إيما هارت." سمعت اسمي بيتنادى، والنرفزة طالعة من صوتها. بصيت في عينيها الزرقا التلج.
      
      رفعت إيدي ببطء، "حاضرة."
      
      مس كلارك مبصتليش تاني وهي بترجع تبص في اللوحة اللي في إيدها. "لو مكنتيش سرحانة، كنتي سمعتيني من أول مرة."
      
      لما خلصت ندهة الأسماء، مس كلارك بدأت توزع علينا المنهج من أول الفصل. كل حركة بتعملها كانت بتشع تحكم ودقة.
      
      لما آخر ورقة اتوزعت، مس كلارك وقفت عدل عشان تكلمنا من ورا المنصة بتاعتها. شبطت في أطراف الكرسي بتاعي من غير ما أحس تحت هيبتها اللي تفرض نفسها.
      
      "أنا مابقبلش شغل متأخر،" قالت بحزم، وكلامها كان متقطع وناشف. "مفيش حاجة اسمها إعادة امتحان لو سقطت. الواجب اللي متعملش أو اتنسى هيتاخد عليه صفر، من غير أي أعذار."
      
      عينيها التلج عدت علينا واحد واحد وهي بتكمل. "الامتحانات عليها خمسة وأربعين في المية من درجتك. الامتحان النهائي عليه خمسين في المية."
      
      الصمت خيم على الفصل بسبب سياستها اللي مفيهاش هزار. كنا عارفين كويس أوي قد إيه مهم إننا نكسب رضاها عشان نعدي.
      
      نظرة مس كلارك الخارقة اتثبتت عليّا ثانية زيادة قبل ما تتحرك. "أنا بقترح، عشان مصلحتكم، إن كل واحد في الأوضة دي يذاكر بجدية تامة."
      
      قشعريرة مشيت في جسمي من التهديد اللي مابين السطور. غلطة واحدة مع الم درست دي، وهيبقى محكوم عليّ بالسقوط تحت مراقبتها اللي مبتعرفش الرحمة.
      
      إيديا فضلت تفرك في بعض بقلق لما جيف رفع إيده بابتسامة خفيفة، كان واضح إنه بيحاول يلطف الجو. مس كلارك ثبتت عليه نظرة حديدية.
      
      "عايز إيه؟" زهمت فيه، واضح إنها مش في مزاج لأي تهريج.
      
      "هو المنهج فيه أي حاجة عن إنك ملكة النكد؟" لما جيف قال النكتة البايخة دي، أنا كنت شايفة المصيبة جاية بس مقدرتش أعمل حاجة غير إني أتفرج برعب.
      
      عينين مس كلارك برقت، وهدوءها اتكسر وطلع غضب يا دوب مستخبي. جسمي كله اتشنج وهي بتشاور بصباعها على الباب بعنف.
      
      "بره!" صوتها هز الفصل زي طلقة مدفع. عضلاتي كانت بتصرخ فيا عشان أهرب وأنا مكورة على نفسي تحت قوة غضبها الكاملة.
      
      جيف وشه اصفّر، وكش تحت غضبها اللي يسلخ الجلد. نط من مكانه، وجري على الباب قبل ما نظرتها الحارقة تحوله لرماد.
      
      ساد صمت يرن بعد ما هرب، ومحدش كان قادر حتى ياخد نفسه. مس كلارك غمضت عينيها، وواضح إنها بتحاول تسيطر على نفسها. لما فتحتهم تاني، نظرتها كانت بتهدد بعذاب بطيء لأي حد غبي كفاية إنه يتحدى سلطتها تاني.
      
      صدري اتقبض من الرعب الخالص. قوة الست دي كانت مطلقة - وإنك تثير غضبها ممكن يجيبلك دمار شامل.
      
      ولما غضب مس كلارك المسموم بدأ يهدى بالتدريج، الفصل فضل متجمد في مكانه في ترقب وخوف. عينيها الحديدية مسحت الأوضة تاني.
      
      "حد تاني عنده أي حاجة يحب يضيفها؟" سألت بصوت تلج.
      
      غمضت عيني جامد، ودعيت إن مفيش حد يكون بالسذاجة دي إنه يصحّي غضبها تاني بالسرعة دي. جسمي كله كان عامل زي الفريسة اللي حاسة بمزاج المفترس المتقلب، ومستعدة تهرب مع أول إشارة لعدوان جديد.
      
      صمت تام يصم الودان هو اللي رد على سؤالها. محدش اتجرأ يبص في عينها وهي بتتحدى، ولا طبعاً يتكلم من غير إذنه. كنا كلنا مصدومين من استعراض القوة الخام ده، وخايفين أوي إننا نلاقي نفس مصير جيف.
      
      زي ما تكون رضيت عن طاعتنا واحنا مرعوبين، مس كلارك هزت راسها هزة ناشفة ورجعت لوقفتها المتسلطة في أول الفصل. بس دقات قلبي السريعة فضلت ماشية مع إيقاع التهديد اللي لسه في عينيها: اعترض طريقي، وهتشيل العواقب.
      
      

      سنة في القديسة مارثا - قصه للكبار

      سنة في القديسة مارثا

      بقلم,

      للمراهقين

      مجانا

      بنت متمردة ومشاكلها كتير، أهاليها (أبوينها الاتنين) زهقوا منها وقرروا يبعتوها مدرسة داخلية في إنجلترا غصب عنها عشان تتعدل. بتوصل هناك وهي كارهة المكان، وبتحس بالوحدة وإن أهلها اتخلوا عنها. بتقابل زميلتها في الأوضة "ميجان" اللي شكلها لطيفة بس مصدومة من ماضيها. وبتقابل المُشرفة الأمريكية "آنسة بوين" اللي شكلها حلو بس شديدة، وبيبدأ بينهم تحدي من أول يوم.

      إيفي

      بتعمل مشاكل كتير (اترفدت قبل كده بسبب خناقات وبيع مخدرات). بتحس إنها اتسابت واتخذلت، وبتحاول تبين إنها قوية ومبتعيطش، بس هي مرتبطة جدًا بأبوها "تومي" وأخوها "أوين".

      آنسة بوين

      مُشرفة السكن ومُدرسة التاريخ والإنجليزي. أمريكية زي إيفي، جميلة جدًا وهادية، بس في نفس الوقت صارمة ومش بتسمح لإيفي تتجاوز حدودها (بترفض تقولها "إيفي" وبتصمم على "إيفلين" عشان تعلمها الاحترام).

      ميجان

      زميلة إيفي في الأوضة. بنت لطيفة وودودة، بس على نياتها شوية ومتربية كويس، واتصدمت لما عرفت ماضي إيفي.
      سنة في القديسة مارثا - قصه للكبار
      صورة الكاتب

      أنا زودتها أوي المرة دي. الحدود اتكسرت، والمرة دي، يمكن، باظت لدرجة مينفعش تتصلح.
      
      أبويا كان باين عليه التعب وهو بيدعك صدغه الأسمر، عينيه مقفولة، وكتافه واقعة. إيده اليمين كانت ماسكة الجواب، مكرمشاه ومطبقاه في قبضته اللي عمالة تضيق أكتر. رفع وشه للحظة لما أبويا التاني دخل الأوضة، وراح واقع على الكنبة جنبه وهو بيهز راسه. هو كمان، كان باين عليه مهزوم. بلعت ريقي، وحسيت بتوتر غريب وخيبة أمل من نفسي. هما طول عمرهم بيحاولوا على قد ما يقدروا يدوني أحسن عيشة ممكنة. كانوا عايزين أكتر من أي حاجة إن أنا وأخويا نكون مبسوطين. بس زي ما قلت، أنا زودتها أوي المرة دي؛ أنا خليتهم يبعدوا عني.
      
      "إيفلين،" أبويا بدأ كلامه. يا نهار أبيض، إنه يستخدم اسمي الكامل دي عمرها ما كانت علامة كويسة. "أنتي بالعافية كملتي تلات شهور في المدرسة دي. الموضوع ده مبقاش نافع خلاص."
      
      كشرت حواجبي. "أغلب الوقت أنا اللي كنت بستفز. يعني أنتوا بجد متوقعين مني أقعد ساكتة وأستحمل كل القرف اللي بيترمى في وشي ده؟"
      
      "احترمي كلامك،" أبويا التاني، كريستوفر، اتنهد، وهو بيرفع راسه شوية عشان يبصلي لأول مرة الليلة دي. "يا إيفي، إحنا مش هنفضل نوديكي مدارس و يجيلنا كل يوم جوابات وتليفونات إنك بتتخانقي أو بتعملي مصايب. ده مش عدل علينا ومش عدل على المدرسة." قلبت عينيا. ولا كأن المدرسة هممها. "دي آخر سنة ليكي في المدرسة، أنتي محتاجة تركزي بجد دلوقتي. واحد صاحبي في الشغل كان عنده مشاكل مع بنته من كام سنة فاتوا. كانت في نفس سنك وقتها، وبتتصرف بالظبط بنفس الطريقة. هو ومراته لقوا مدرسة شكلها كده بتساعد العيال اللي زيك. دي مدرسة داخلية، في ديفون."
      
      "ديفون؟" سألت. "فين دي كمان إن شاء الله؟" أياً كان مكانها فين، أكيد مكان زي الزفت وممل.
      
      كريستوفر عض على طرف شفته اللي تحت، وشوية قلق بدأوا يظهروا على ملامحه. "دي في الريف، في إنجلترا." هو قال آخر كلمتين بصوت أوطى شوية من الباقي، كأنه كان بيتمنى إنهم يعدوا من وداني من غير ما أسمعهم، وهما تقريبًا عملوا كده.
      
      وشي وقع للحظة بس قبل ما أستجمع نفسي ورجعت بضهري على الكرسي، ورجلي على رجل. "طبعًا، طب كويس أراهن إنك هتتبسط أوي هناك يا بابا. هبقى مستنية منك كارت بوستال،" ابتسمت، وصوتي كان بارد وساخر، رغم إن قلبي كان بيدق جامد تحت ضلوعي.
      
      تنهيدة تانية، المرة دي من تومي. "يا إيفي، إحنا اتكلمنا مع المدرسة وهما أكتر من مبسوطين إنهم ياخدوكي. هتبدئي الفصل الدراسي في سبتمبر وهتقعدي هناك طول السنة. أنا آسف، بس الموضوع ده مفيش فيه نقاش."
      
      جزيت على سناني، وفكي قفل. كنت حاسة بغضب مولع نار بيجري في عروقي كأن سد اتكسر فجأة وكل حاجة بتهرب بسرعة رهيبة. هما بيبعتوني بعيد. أهلي بيبعتوني بلد تانية لمدة سنة. هو أنا للدرجة دي وحشة؟ هو أنا بجد، بجد أستاهل ده؟ أنا اتخانقت، وشربت سجاير، وعملت مشاكل وسببت لأهلي صداع دايم، بس هو عادي إن الواحد يتخلى عن عياله؟ أنا اتسابلي مرة قبل كده، ودلوقتي بيحصل تاني.
      
      "مش هتقدروا تجبروني،" عرفت أرد من بين سناني، وإيديا مقفولة في حجري. كنت حاسة ضوافري بتغرز في جلدي، بس مكنش فارق معايا. "هتعملوا إيه يعني، هتجروني لإنجلترا من قفايا؟ أنا مش عيلة صغيرة."
      
      "أنتي ممكن تخلي الموضوع سهل علينا وعليكي، أو ممكن تخليه صعب جدًا. في كل الأحوال، أنتي رايحة. إحنا هناخدك قبل ما الدراسة تبدأ بأسبوع في آخر أغسطس، بس عشان تاخدي على المكان."
      
      هزيت راسي، وعينيا كانت بتلف في الأرض، بحاول أحبس الدموع اللي بتحرق عيني ومخلية الرؤية مشوشة. أنا مبعرفش أعيط قدام أي حد. ده بيخليني ضعيفة، وأنا عمري ما هعمل كده. أهلي كانوا دايمًا بيحاولوا يقنعوني إن العياط عادي، بس حتى وأنا موجوعة أكتر حاجة، عمري ما خليت دمعة واحدة مالحة تنزل من عيني. مقدرش أوطي نفسي للدرجة دي.
      
      "إيفي،" صوت واطي جه من عند الباب. مَرفعتش راسي، عشان خايفة دموعي تبان، بس أنا كنت عارفة الصوت الخجول ده بتاع مين. أخويا الصغير أوين دخل شوية كمان جوه الأوضة وأنا سامعة خطواته بتقرب. "أرجوكي اعملي كده. أنا مش عايزك تبقي شقية تاني. أنا بزعل أوي لما بتقعي في مشاكل." كنت سامعة الرعشة في صوته، وده كان هيموتني من الحزن.
      
      دقيقة عدت في سكوت، وكان سكوت يصم الودان.
      
      هو إني أوجع عيلتي كان أسهل من إني أسافر بعيد عشان أبدأ حياة مختلفة لمدة سنة؟ لأ، مكنش أسهل خالص. مفيش حاجة تتقارن بالألم الوحيد بتاع إنك تبقى عارف قد إيه خيبت أمل الناس اللي بتحبهم. مفيش حاجة خالص.
      
      "ماشي،" قلت في الآخر، وصوتي مبحوح ومخنوق. "أنا هروح. هجرب، هجرب بجد. بس لو كرهت المكان بعد أول فصل دراسي، ممكن أرجع البيت؟"
      
      شفت الراحة وهي بتغمر عيون أهلي. أبويا خد نفس ببطء قبل ما يهز راسه. "ماشي يا بنتي. بس أرجوكي، اوعدينا إنك هتدي الموضوع ده فرصة بجد."
      
      عضيت على شفتي، وبصيت في الأرض قبل ما أرفع راسي وأقابل نظرتهم. "أوعدكم."
      
      وده كان الوعد اللي غيّر حياتي.
      
      
      
      
      
      "ريحة المكان زي الزفت."
      
      كنت حاسة بأبويا بيقلب عينيه جنبي وإحنا قاعدين ورا في عربية الأجرة، ومعديين في الريف الإنجليزي تحت شمس أغسطس. بصراحة، أنا كنت مستغربة إن السما مكنتش بتمطر جامد أول ما وصلنا، لإنه شكل إنجلترا دي مشهورة بجوها الوحش، بس زي ما السواق بلغني بسرعة، "الجو الحلو ده مش هيطول يا حبيبتي، أنتي بس استني وشوفي."
      
      على يميني، أبويا لف عشان يبصلي. هو جه معايا إنجلترا، في حين إن أبويا التاني، كريستوفر، فضل هناك عشان ياخد باله من أوين. هما مكنوش شايفين إنها فكرة كويسة إنه ييجي معانا؛ أوين عيل لزقة أوي، ودايمًا كنت بلاقيه متعلق في رجلي زي الجرو. الموضوع كان صعب عليه، إنه يضطر يقول سلام، وبصراحة، كان صعب عليا أنا كمان، مع إن ده مكنش حاجة أنا مبسوطة إني أعترف بيها.
      
      "دي أكيد ريحة البقر،" أبويا قال وهو بيقلب عينيه مرة تانية. "اسمعي، إحنا قربنا نوصل، بس أنا بس كنت عايزك تعرفي قد إيه أنا وأبوكي فخورين بيكي إنك كملتي في الموضوع ده. أنا عارف إن ده هيبقى صعب عليكي، خصوصًا أول كام أسبوع. بس افتكري دايمًا إن إحنا على بُعد مكالمة تليفون، ماشي يا بنتي؟"
      
      ابتسمت نص ابتسامة وهو بيبعتر شعري وباسني من قورتي. ابتسامتي اختفت لما رجعت بصيت للشباك تاني، والقلق بيزيد جوايا. أنا كنت مصممة إني مبينش إني متضايقة أوي؛ كنت عارفة إن ده هيزعله بس. أنا وتومي كنا دايمًا قريبين من بعض؛ أنا بحب أبويا التاني طبعًا، بس هو كان دايمًا مشغول يا إما بالشغل يا إما بأوين. تومي كان موجود عشاني في أي وقت كنت بحتاجه، وأنا عارفة قد إيه كان موجوع إنه مضطر يبعتني بعيد. هو كان أحسن صاحب ليا، ومن غيره، مكنش عندي أي حد تاني.
      
      فقت من سرحاني لما لفينا من على زاوية ووقفنا قدام مبنى ضخم، شكله قديم أوي. أنا كرهته خلاص. بره كان فيه كام مجموعة بنات واقفين، لابسين قمصان بيضا مدخلينها في جيبات كاروهات أبيض في أسود طولها لحد الركبة. بقي اتفتح من القرف وأنا ببص على الزي الموحد. السواق فتحلي الباب قبل ما يلف يروح شنطة العربية عشان يجيب شنطي، اللي حطها جنب العربية. لفيت لأبويا، اللي كان بيبصلي بلمعة توسل في عينيه.
      
      "متحكميش عليه من دلوقتي يا إيفي. مين عارف، يمكن تحبي المكان هنا أوي يا بنتي." هو فتح بابه ونزل، ولف من ورا العربية لحد ما جه جنبي. مد إيده وأنا مسكتها غصب عني، وأنا بحط رجلي على الممر اللي كله زلط.
      
      واحدة ست طويلة، شكلها في نص الخمسينات، قربت مننا وهي مبتسمة. كان شعرها غامق، ماعدا الخصل الفضية اللي ضاربة فيه، ومدت إيدها لأبويا، وهي بتسلم عليه. "أكيد حضرتك مستر لويس."
      
      أبويا هز راسه. "أرجوكي، قولليلي تومي. شكرًا جدًا إنك اديتي لبنتنا الفرصة دي. إحنا بجد متشكرين."
      
      "أكيد،" ردت بابتسامة تانية، وعينيها جت عليا. مدت إيدها ليا المرة دي، وقالت، "إيفلين، يا لها من سعادة. أنا مدام فينشلي." سلمت عليها، بس مردتش الابتسامة، وبدلًا من ده اتجنبت أبص في عينيها وقعدت أبص حواليا في أرض المدرسة. "أنا هسيبك تقولي سلام لأبوكي. سعدت بلقائك يا مستر لويس." ومع الكلمة دي، لفت ومشت بعيد بالراحة.
      
      بصيت لأبويا، وأنا برمش وبعضعض في خدي من جوه عشان أمنع نفسي من العياط. هو فتح بقه عشان يتكلم، بس أنا رميت دراعاتي حوالين رقبته، وحضنته جامد. شميت ريحته المألوفة لآخر مرة وغمضت عيني جامد للحظة، قبل ما أبعد.
      
      "أشوفك قريب يا بنتي،" هز راسه، ودمعة في عينه وهو بيبوسني من خدي ولف، وركب في الكنبة اللي ورا في العربية.
      
      "سلام يا بابا،" همست وهو بيقفل الباب والسواق بيدور الموتور. اتفرجت على العربية وهي بتلف وترجع تاني في الطريق الريفي الملتوي لحد ما اختفوا عن عيني. حسيت فجأة بإحساس عميق بالوحدة مسيطر عليا وأنا واقفة وكل حاجتي في شنط على الأرض قدام عينيا.
      
      "إيفلين؟"
      
      رفعت وشي، وشفت مدام فينشلي واقفة قدامي مرة تانية.
      
      "أنا مش هعمل نفسي إن الموضوع ده مش هيكون صعب، بس أنتي هتتعودي على الدنيا هنا،" هي حاولت تطمني، بس أنا حسيت بالعكس تمامًا. "تعالي ورايا، هوريكي أوضة سكنك وهناك هتقابلي قائدة السكن بتاعتك. هي هتعملك جولة في باقي المدرسة. سيبي شنطك، حد هيطلع يجيبهم لأوضتك كمان لحظة." هي بدأت تمشي وأنا مشيت وراها جنبها.
      
      "قائدة سكن؟" سألت.
      
      مدام فينشلي هزت راسها بابتسامة. "كل جناح فيه حوالي عشر غرف سكن. كل جناح متعين عليه مدرسة واحدة، وعندها أوضة هناك. هما هيبقوا موجودين عشان يجاوبوا على أي أسئلة، يحلوا أي مشاكل، ويتأكدوا إن الكل ماشي على القواعد. لو أنتي مش متأكدة من حاجة أو عندك مشكلة، قائدة السكن بتاعتك هي أول حد تروحيله." هي طلعت ورقة من سترتها الكحلي، فردتها و بصت في الكلام بسرعة. "أه أيوة، أنتي في جناح نايتنجيل. ده مش بعيد أوي، تعالي ورايا يا آنسة لويس."
      
      "نايتنجيل؟"
      
      "ده اسم الجناح بتاعك. كل جناح متسمي على اسم ست مهمة في التاريخ. في حالتك، الجناح بتاعك متسمي على اسم فلورنس نايتنجيل. أفترض إنك سمعتي عنها؟"
      
      هزيت راسي.
      
      "كويس. بصي يا آنسة لويس، هنا في مدرسة القديسة مارثا للبنات، إحنا بنقبل بنات من كل الخلفيات. بس، إحنا عندنا هدف واحد ليهم كلهم: إننا نضمن إنهم يسيبوا المدرسة دي وهما شابات متزنات، ومحترمات وعندهم فرصة في مستقبل مشرق. فاهمة؟" مرة تانية، هزيت راسي. "إحنا عندنا قواعد هنا يا إيفلين. ممكن تاخد شوية وقت، بس أنتي هتتعلمي تلتزمي بيها."
      
      "شكله سجن ده،" تمتمت، وأنا بتنهد بصوت عالي.
      
      إحنا كنا جوه المبنى دلوقتي، طالعين على سلم ماهوجني ملفوف. في الآخر، وصلنا لباب، اتفتح على طرقة طويلة، فيها حداشر باب متوزعين على الجناب. هي خدتني لتالت باب على إيدنا الشمال، وفتحته بمفتاح وبعدين حطته في إيدي.
      
      "خلي ده معاكي. لو ضيعتي مفتاحك، هتضطري تدفعي 5 جنيهات عشان واحد بداله."
      
      قلبت عينيا. "لا سمح الله."
      
      جوه الأوضة كان فيه سريرين، واحد على كل جنب في الأوضة. السرير اللي على اليمين كان باين عليه متاخد خلاص، وعليه مجموعة مخدات ألوانها فاقعة متوزعة عند راس السرير. كان فيه دولابين، برضه على كل جنب في الأوضة، ووحدة أدراج على شمال الباب. مراية بطول الجسم كانت متعلقة على الحيطة جنب الشباك، وسجادة بيضا صغيرة مفروشة على الأرضيات الخشب.
      
      "شكله كده سريرك هو اللي على الشمال. خدي راحتك، وأنا هبلغ قائدة السكن بتاعتك إنك وصلتي. هيبعتولك جدولك قريب. الحصص هتبدأ الأسبوع الجاي." هي لفت ومشت ناحية الباب، قبل ما تقف لحظة وتلف تاني. "أهلًا بيكي في القديسة مارثا يا آنسة لويس."
      
      استنيت لحد ما الباب قفل و عمل صوت تكة عشان أروح ناحية السرير الشمال، وقعدت عليه ورفعت ركبي على صدري. سندت راسي على الحيطة، وغمضت عيني وخدت نفس عميق.
      
      "اجمدي بقى يا إيفي،" همست لنفسي، وأنا بعض شفتي وبترجى نفسي متعيطش. "بطلي هبل بقى."
      
      خمس دقايق أو حاجة عدوا قبل ما حد يخبط على الباب تلات مرات. رمشت بسرعة، وأنا بتمنى عينيا متبانش إنها مدمعة، قبل ما أقول بصوت واطي "ادخل."
      
      
      
      
      
      الباب اتفتح، وواحدة ست دخلت. كانت لابسة فستان أسود ضيق لحد ركبتها، وكعب عالي أسود. شعرها البني الكتير كان نازل على كتفها اليمين في موجات ناعمة. عينيها الغامقة جت في عينيا، ولقيت نفسي ببحلق فيها، مستغربة إزاي واحدة بالشكل ده ممكن تشتغل في مكان كئيب زي ده. جمالها كان مفيش عليه كلام.
      
      شيلت عيني من عليها، وفوقّت نفسي من السرحان، ووجهت أفكاري لمسارات أأمن وأنا بحاول أصدق إني لسة كنت معجبة بواحدة غالبًا يعني مدرسة. هي راحت ناحية سريري، وابتسامة مرسومة على شفايفها الوردية اللي بتلمع. "أنتي إيفلين، صح؟" أنا اتفاجئت من لهجتها. أمريكية؟
      
      "إيفي، في الحقيقة،" رديت ببرود.
      
      هي مابانش عليها إنها اتفاجئت من نبرتي. "عمومًا، دي حاجة لطيفة إن فيه واحدة أمريكية زيي موجودة هنا. أنا آنسة بوين، قائدة السكن بتاعتك. أنا كمان هدرسلك تاريخ ولغة إنجليزية."
      
      "تمام."
      
      آنسة بوين فضلت تبصلي كأنها بتدرسني لكام لحظة، وعينيها بتلف على وشي. "عندك مانع لو قعدت؟" هي شاورت على المكان الفاضي جنبي على السرير.
      
      هزيت كتفي. "لو مصممة يعني."
      
      هي قعدت جنبي، وحطت رجلها الشمال على اليمين وعدلت جسمها عشان تبقى في وشي. راسها مالت شوية شمال، وابتسامتها اختفت. بدلًا من ده، نظرة تفهم وراحة زحفت ورا عينيها. "الموضوع صعب، مش كده؟"
      
      "مش أوي."
      
      للحظة، هي سكتت. "مش لازم تكدبي عليا يا إيفلين. أنا عارفة أكتر من أي حد الموضوع ده ممكن يكون صعب قد إيه."
      
      "إيفي. اسمي إيفي."
      
      تنهيدة طلعت من شفايفها. "يلا، خليني أفرجك على المكان."
      
      غصب عني، مشيت وراها وهي بتفرجني على المدرسة، ورتني الملعب الكبير اللي بره، والفناء، وقاعة الأكل، والفصول اللي هستخدمها. أربعين دقيقة عدوا لما أخيرًا وصلنا أوضتي تاني، في الوقت ده كله أنا كنت تمتمت بإجمالي تلات كلمات للست دي، كلهم كانوا يا أه يا لأ.
      
      "أوضتي أهي،" هي شاورت على الباب اللي في أول الطرقة، على بعد كام متر بس من أوضتي. "لو احتجتي أي حاجة، خبطي بس. العشا الساعة خمسة، يعني قدامك حوالي نص ساعة تظبطي دنيتك. شنطك المفروض تكون في أوضتك خلاص. ماشي يا إيفلين؟"
      
      "هو أنتي عندك زهايمر؟ كام مرة كمان لازم أقولك إنه إيفي؟ اسمي إيفي،" زعقت بغضب. كان نفسي أهزها. أنا يادوب بقالي هنا خمس دقايق وحد قاصد يعصبني.
      
      وش آنسة بوين كان هادي ومفيش عليه أي تعبيرات. اتنهدت تنهيدة صغيرة. "الواحد بيستخدم الاسم اللي الشخص بيفضله لما يكون فيه احترام متبادل بينكم. أنا مش شايفة أي حاجة من دي دلوقتي يا إيفلين." هي لفت ودخلت أوضتها، وسابتني واقفة في الطرقة، لوحدي ومتعصبة على الآخر.
      
      وأنا راجعة أوضتي، لمحت بنت، غالبًا زميلتي في الأوضة، قاعدة على سريرها، وبتقلب في مجلة. هي رفعت وشها لما دخلت، وهي بتحط شعرها الأشقر المحمر اللي طوله لحد كتفها ورا ودنها.
      
      "أهلًا،" هي رحبت بابتسامة، ورمت المجلة على جنب وقامت وقفت. "أنا ميجان. أفهم من كده إنك زميلة الأوضة الجديدة اللي عمالين يقولولي عليها؟"
      
      هزيت راسي. "إيفي. وأه، شكلها أنا."
      
      هي ابتسمت ابتسامة عريضة، وأنا كشرت ومكنتش فاهمة. "معلش، أصل غير آنسة بوين، إحنا مبيجلناش أمريكان هنا. لهجتك جامدة."
      
      "شكرًا،" تمتمت، بأكبر ابتسامة قدرت أطلعها.
      
      لما شفت شنطي جنب سريري، بدأت أفك حاجتي، وأعلق هدومي في الدولاب وأطبق باقي حاجتي في الأدراج.
      
      "المهم، أنتي هنا ليه؟" سألت ميجان وهي بتفتح مجلة جديدة وبتبدأ تقرا في أول صفحة.
      
      ميجان بصتلي. "هنا ليه إزاي؟"
      
      "أيوة، قصدي عملتي حاجة وحشة؟"
      
      هي ضحكت، كأني قولت نكتة. "لأ. أهلي شداد شوية، بس أنا عمري ما عصيتهم. دي مش مدرسة بتاعة العيال بتوع المشاكل بس، أنتي عارفة. ده مكان ليه اسم كبير أوي. هما متخصصين طبعًا في إنهم يخلوا العيال الزبالة يمشوا على الصراط المستقيم، بس إحنا مش بيجيلنا منهم كتير،" هزت كتفها، وهي بتلف على جنبها وبتضيق عينيها. "طب وأنتي عملتي إيه؟"
      
      "أنا اترفدت من آخر مدرستين ليا."
      
      عينين ميجان وسعت. "يا نهار أسود. ليه؟"
      
      هزيت كتفي. "مخدرات، خناق، سجاير، قلة أدب عامة، كده يعني. كل الهري المعتاد ده."
      
      ميجان اتعدلت في قعدتها، وتعبيرات وشها كانت هتخليني أضحك. "مخدرات؟ أنتي بتشربي مخدرات؟ يا إلهي، من وسط كل الناس أتحط في أوضة مع واحدة مدمنة."
      
      "إيه، أنا مش مدمنة يا حاجة،" رديت وأنا بقلب عينيا. "لأ، أنا مش بشرب مخدرات. أنا بس كنت ببيعها شوية. فلوس سهلة، بصراحة. بس المدرسين معجبهمش الموضوع أوي؛ اترفدت في ساعتها."
      
      "يا إلهي،" قالت وهي متنحة، مع إني مكنتش شايفة إن الموضوع كبير أوي. "المهم، أحسنلنا نمشي. العشا كمان خمس دقايق. ممكن تقعدي معايا لو حبيتي."
      
      هزيت كتفي. "ماشي." كان إحساس غريب إن حد يعرض عليا أقضي وقت معاه. الناس دايمًا كانوا بيعوزوني بس لما يكونوا محتاجين حاجة. كان إحساس صعب إن الواحد يبقى مستغل.
      
      العشا كان عادي جدًا. أنا قعدت جنب ميجان وبنت تانية من جناح نايتنجيل اسمها كلاريس، كانت باين عليها لطيفة، بس يمكن رغاية شوية. الساعة ستة، كان مسموحلنا نرجع أوضنا، أو، بما إن الدراسة لسة مبدأتش، نروح نقعد مع الناس في الأوضة المشتركة. مع إن ميجان كانت رايحة هناك مع كلاريس، وعزمت عليا أروح معاهم، أنا رفضت، وقلتلها إني لسة عندي حاجات مفكتهاش. مكنش عندي، بس أنا كنت هموت على شوية هدوء وسلام.
      
      وأنا داخلة الجناح بتاعنا، لمحت آنسة بوين جاية في نفس الاتجاه من طرقة تانية. اتقابلنا عند الباب في نفس اللحظة، وهي فتحتلي الباب عشان أعدي.
      
      "شكرًا،" هزيت راسي.
      
      "العفو،" آنسة بوين ردت. "إيه رأيك في العشا؟"
      
      مكنتش فاهمة هي ليه أصلًا مهتمة، فهزيت كتفي. "كان كويس." لفيت بعيد، ومسكت أوكرة باب أوضتي.
      
      "الدنيا هتبقى أسهل،" قالت من ورايا.
      
      وقفت لكام لحظة. ولما لفيت، بابها قفل وعمل تكة. آنسة بوين كانت مشيت. رحت على الركن في الأوضة المعتمة اللي نورها مطفي، ومتعبتش نفسي أنور أي نور، وقعدت وضهري لازق في الحيطة السقعانة. تيار هوا خفيف من الشباك خلى جلدي يقشعر، وأنا اترعشت. حالة جبارة من الإحساس بالهجران بلعتني كلها؛ أنا كنت لوحدي مرة تانية.
      
      

      حب في الصيف - روايه رومانسيه

      حب في الصيف

      بقلم,

      رومانسية

      مجانا

      بنت في ثانوي خلصت دراستها ومستنية إجازة الصيف. عندها تلات أصحاب ولاد مقربين (جاستن، بول، وتايلر) وهما كل حاجة ليها. علاقتها بوالدها متوترة جدًا، على عكس علاقتها القوية بمامتها وأخوها الكبير "لوكا". بتروح رحلة مُخيم صيفي مع أصحابها، ودي رحلة سنوية بالنسبالهم. بتتصدم لما تكتشف إن "ثيو"، الولد اللي كانت معجبة بيه في الإعدادي، موجود معاها في نفس الرحلة.

      جاستن

      واحد من أعز أصحاب ليا (أكبر منها بسنة). دمه خفيف وبيحب يهزر ويرخم على ليا كتير، خصوصًا هو وتايلر.

      تايلر

      أعز صاحب لـ "ليا" (قابلته في نفس الرحلة من 3 سنين). قريب منها جدًا وهي بتسند عليه دايمًا، وجاستن بيحب يصورهم مع بعض.

      لوكا

      أخو ليا الكبير. في الكلية وبيخاف عليها جدًا وبيحميها، وعلاقتهم قوية.
      حب في الصيف - روايه رومانسيه
      صورة الكاتب

      ممكن ينجزوا شوية لو سمحوا. أنا عايزة أخرج من هنا. بلا بلا بلا. المدرسة مهمة أنا عارفة بس ده آخر يوم قبل الصيف فمين هيهتم يعني.
      
      "ماشي... بصوا أنا بتمنالكم كلكم صيف سعيد وخلوا بالكم من نفسكم" مُدرسة الإنجليزي بتاعتي بتقول، وده خلى كل واحد يجري بره الفصل، بينما أنا خدت وقتي. أنا معنديش أي أصحاب قريبين في فصل الإنجليزي ده، فمحدش استناني أصلاً، وأنا عايزة أودع مدرسة الإنجليزي بتاعتي بشكل كويس لأني بحبها جداً. هي إنسانة "رايقة" ومتفهمة أوي. إحنا دايمًا كنا بنتكلم لما كانت بتشوفني متضايقة.
      
      "مع السلامة يا ميس ويلسون" أنا بشاورلها. "مع السلامة يا ليا. صيف سعيد!" هي ابتسمت. "شكراً ليكي، وإنتي كمان!" قلت وأنا بخرج من الأوضة.
      
      مشيت في الطرقة ولمحت وشين أعرفهم. جاستن وبول، أعز أصحابي. "لياااا" جاستن حَياني. "مفيش غيرها" ضحكت وأنا بحضنهم هما الاتنين.
      
      هما أكبر مني بسنة، وده معناه إنهم في تانية ثانوي وأنا في أولى ثانوي، بصوا، بعد الصيف هما هيبقوا في تالتة ثانوي وأنا في تانية، بس إنتوا فاهمين قصدي.
      
      أنا بحبهم هما الاتنين أوي. عمري ما كان عندي حد بيهتم بيا كده قبلهم. هما بيخافوا عليا جداً وبيحموني وساعدوني أعدي بحاجات كتير أوي.
      
      خرجنا بره واستنينا المدرسين ييدونا شهاداتنا.
      
      ~
      
      "شكراً!" قلت لواحد من المدرسين اللي إدانا شهاداتنا.
      
      مشيت لحد جاستن وبول اللي كانوا خلاص خدوا شهاداتهم.
      
      "وريني كده" بول قال وهو بيحاول يخطف الشهادة بتاعتي بس أنا سحبتها بسرعة عشان ميطولهاش. "أنا حتى لسه مبصتش عليها بنفسي" ضحكت وبصيت على الشهادة.
      
      "بص... هي أكيد مش أحسن سنة ليا بس يعني ماشي حالها" بصيت على كل الدرجات وإديتهالوا عشان يشوف.
      
      "بجد؟" رفعلي حاجب واحد بعد ما بص على درجاتي. "إيه؟" قلت وأنا مستغربة.
      
      "إنتي أصلاً معندكيش درجات وحشة"
      
      "أنا مقلتش إن عندي درجات وحشة. أنا بس قلت إنها مكنتش أحسن سنة ليا" غمزتله.
      
      "إنتوا عملتوا إيه؟" سألتهم هما الاتنين. "مش أوي بس مين يهتم. أنا نجحت، ده المهم." جاستن قال وهو بيبتسم. "بتاعتي شبه بتاعتك كده. يمكن أحسن شوية" بول بصلي بخبث. "اخرس، كلنا عارفين إنك دحيح".
      
      "أنا أكيد مش دحيح"
      "لأ إنت دحيح"
      "لأ"
      "أيوة"
      "لأ"
      "لأ"
      "أيوة"
      "ها! مسكتك" أنا هللت لأني خدعته. "يخربيتك" هو قَلَب عينيه بس كان بيبتسم في نفس الوقت.
      
      ~
      
      "أنا جيت" زعقت وأنا داخلة من الباب. "أهلاً يا حبيبتي، المدرسة كانت عاملة إيه؟" مامتي قربت مني. "زي كل مرة" ضحكت. هي بتسألني السؤال ده كل يوم وكل مرة بديها نفس الإجابة.
      
      أنا بحب مامتي أوي. هي بقت أعز صاحبة ليا السنة اللي فاتت. علاقتنا مكنتش دايمًا كويسة. مرينا بخناقات كتير على مر السنين ومش خناقات مؤذية. إحنا أساساً مكنّاش طايقين بعض. بس أنا مبسوطة أوي إننا عرفنا نرجع لبعض.
      
      "جعانة؟" هي سحبتني من أفكاري. "آه أوي، أنا هموت من الجوع".
      "عملتلك الأكل اللي بتحبيه" ابتسمتلي وحطت الأكل على السفرة.
      
      "ها، عملتي إيه في الشهادة؟".
      عملت إشارة بإيدي لأني بقي مليان أكل ومش عارفة أتكلم.
      
      "تمام كده" ضحكت. "كانت كويسة. مش أحسن سنة ليا بس أنا مبسوطة" ابتسمت. "ده كويس. أنا مبسوطة إنك راضية عن درجاتك." هزيت راسي وخلصت أكلي.
      
      قعدنا نتكلم عن الصيف وعن بكرة لحد ما بابا رجع من الشغل.
      
      "أهلاً" قرب مننا. "أهلاً" قلت من غير ما أبص له. "أهلاً" مامتي قالت بنفس النظرة بتاعتي بس بشكل مش ملحوظ أوي.
      
      "إيه أخبار شهادتك؟" سألني. "كويسة. مش الأحسن بس أنا مبسوطة بيها" قلت للمرة التالتة النهاردة. "ليه مش الأحسن؟ مذاكرتيش كفاية؟" بصلي بجدية.
      
      "لأ ذاكرت"
      
      "أومال ليه مش الأحسن؟"
      
      "معرفش يا بابا بس ده مش مهم أصلاً لأني نجحت وده أهم حاجة" قلت وأنا بقلب عيني في سري. بصلي مرة كمان قبل ما يطلع فوق يغير هدوم الشغل.
      
      أنا بكرهه. أنا عارفة إن "كره" كلمة قاسية أوي، وأنا غالباً مش بكرهه بس دلوقتي أنا حاسة إني بكرهه. هو بيعصبني جداً كل مرة بيتكلم معايا.
      
      "ليا بطلي تفكير فيه وافردي إيدك" مامتي سحبتني من أفكاري. بصيت على إيدي وفعلاً لقيتها مقفولة جامد. أنا حتى مخدتش بالي.
      
      ~
      
      "مين؟" سمعت خبط على الباب. "ادخلي نامي يا حبيبتي. إنتي لازم تصحي بدري بكرة" مامتي قالت. "هنام كمان تلاتين دقيقة" رديت.
      
      "ماشي. وضبتي كل حاجة؟ شفتي القايمة بتاعتك؟ عايزاني أشوفهالك؟".
      
      "أيوة عملت كده ولأ مش لازم. أنا متأكدة إن معايا كل حاجة" ضحكت. "كويس. أنا داخلة أنام بقى، تصبحي على خير" قالت وخرجت من الأوضة. "وإنتي من أهله".
      
      أنا متحمسة أوي لبكرة. أنا لازم بجد أنام دلوقتي لأني ظابطة المنبه على ٦ الصبح ومش عايزة أبقى تعبانة.
      
      
      
      -------
      
      
      "ليا، إحنا لازم نمشي" مامتي بتزعقلي من تحت.
      "أنا جاية" رديت عليها بصوت عالي وأنا نازلة على السلم بشنطتي. دي تقيلة أوي يا إلهي.
      
      "أساعدك؟" مامتي ضحكت وهي شايفاني بكافح عشان أنزل السلم. "أيوة لو سمحتي" ابتسمتلها بامتنان.
      
      خدت شنطة الضهر بتاعتي لرحلة الأتوبيس وشيّكت لو معايا كل حاجة. سماعات، أكل، شنطة مكياج صغيرة، فلوس، تليفون... أيوة معايا كل حاجة.
      
      "قلتي مع السلامة لباباكي وأخوكي؟" مامتي وقفتني قبل ما أخرج. "استني، هو لوكا هنا؟" بصتلها باستغراب. "هو وصل من ساعة".
      
      جريت لفوق ودخلت أوضة أخويا باندفاع. "لوكا!" ابتسمت أوي. "أنا افتكرتك هتمشي من غير ما تقولي مع السلامة" هو ضحك. حضنّا بعض جامد.
      
      لوكا كان في الكلية فمشفتوش من زمان. هو وحشني أوي بجد. حاجة تحزن أوي إننا معندناش حتى يوم واحد نقضيه مع بعض قبل ما يرجع الكلية تاني لأني طالعة رحلة وهرجع لما يكون هو راجع كليته تاني.
      
      "طيب أنا لازم أمشي دلوقتي بس إنت وحشتني وممكن نبقى نتكلم فيديو" ابتسمت. "اتسطي ومتعمليش حاجة غبية! لو فيه أي مشاكل كلميني!" قال بوش جد. "متقلقش" ابتسمت، إديته حضن أخير ونزلت تاني.
      
      أخويا بيخاف عليا أوي. لازم دايمًا أبعتله رسالة لما أكون خارجة عشان يقدر ييجي ياخدني لما أحب أمشي أو لو أنا في مشكلة. هو مش صارم وبيمنعني من حاجات، هو بس بيبقى عايز يعرف أنا بعمل إيه عشان يقدر يحميني أو يديني نصيحة. أنا بحبه.
      
      ~
      
      "إحنا فاضل لنا قد إيه سايقين؟" بصيت لمامتي من الكرسي اللي جنبها. "إحنا بس هناخد الملف ده وهنبقى وصلنا." شاورِت براسها ناحية الملف الجاي.
      
      المكان اللي إحنا رايحينه ده فيه أتوبيسين راكنين. الأتوبيسات دي عشان الرحلة. الرحلة دي رحلة إجازة صيف للمراهقين من سن ١٥ لـ ١٩ سنة. الدنيا بتبقى "رايقة" أوي في الرحلة دي عشان معانا مشرفين لطاف حتى بيسمحولنا نشرب كحوليات.
      
      من تلات سنين وأنا بروح الرحلة دي مع جاستن وبول وتايلر، اللي هو برضه أعز صاحب ليا على فكرة. أنا قابلتهم من تلات سنين في الرحلة دي مع صاحبتي المفضلة القديمة. إحنا حبينا بعض تلقائي ووعدنا بعض إننا هنروح الرحلة دي كل سنة لحد ما كلنا نتخرج.
      
      أنا فقدت التواصل مع صاحبتي المفضلة بس كسبت تلاتة أصحاب جداد فمبقتش مهتمة.
      
      "إحنا وصلنا" مامتي ركنت العربية وبصتلي. "إيه؟" ضحكت. "متعمليش حاجة غبية!" قالت بقلق. "أنا مش بوعد بحاجة" قلت وأنا بضحك.
      
      "لو فيه أي حاجة غلط، كلميني." قالت بنفس النبرة اللي لوكا اتكلم بيها. "يا إلهي لوكا فعلاً شبهك بالظبط" ابتسمت وقلبت عيني. "يالا روحي هاتي حاجتك من شنطة العربية وروحي لأصحابك" هي كمان قلبت عينيها.
      "بحبك يا ماما. باي!" بستها من خدها وخدت شنطتي.
      
      لفيت مرة كمان وشاورتلها قبل ما أروح في الناحية اللي فيها تايلر وجاستن وبول.
      
      ~
      
      "أخيراً" رَميت نفسي على كرسي الأتوبيس جنب تايلر وجاستن. إحنا قاعدين في آخر صف عشان نقدر كلنا نقعد جنب بعض. تايلر قاعد جنب الشباك، وأنا قاعدة جنبه، وجاستن قاعد جنبي، وبول على الشباك التاني جنب جاستن.
      
      "محدش عرف المكان لسه؟" تايلر بص لنا. "لأ" قلت بخيبة أمل.
      
      كل سنة الرحلة بتروح مكان جديد ومحدش بيتقاله فين. لو هكون صريحة، أنا عندي علاقة حب وكره مع موضوع المفاجأة ده. ممتع إنك تبقى متحمس بس لو اتحمست زيادة عن اللزوم بيبقى شيء مزعج.
      
      فتحت تليفوني وقعدت أقلب في انستجرام. شفت بوستات جديدة كتير أوي من ناس في سني وهما بيحتفلوا أو بس مستمتعين بالصيف.
      
      قعدت أقلب في الستوريهات وأغلبها بعملها تخطي لحد ما شفت اسم مستخدم مألوف. رجعت للستوري وشفت صورة ليه وهو قاعد في عربية. هو كان منزل حاجات تانية في الستوري بتاعته بس قبل ما أكمل فيهم قعدت أفكر أنا أعرف الراجل ده منين. كاليب... كاليب... أوه... كاليب. ده صاحب ثيو. أنا ليه متابعاه؟ معرفش، أنا بس متابعاه. أنا حتى مش متابعة ثيو.
      
      المهم، كملت تقليب في الستوري بتاعته ووقفت تاني عند صورة ليه هو وثيو واتنين صحابهم التانيين. هما فين؟ مش إني مهتمة يعني بس المكان شكله مألوف. في الخلفية فيه أتوبيسات وناس تانية... إيه ده. لأ، لأ، لأ. مش ممكن يكونوا...
      
      "ليا إنتي كويسة؟" يخربيت. تايلر خد باله من صدمتي الواضحة. أقول إيه؟ أقول لهم؟ أنا بكره الموقف ده.
      
      "ليا؟" حط إيده على كتفي. "جاستن، إنت معاك قايمة الأسماء بكل الناس اللي في الرحلة دي، صح؟" سألته من غير ما أرد على تايلر.
      "أيوة، ليه؟"
      "ممكن تشوف لو فيه واحد اسمه ثيو في القايمة؟"
      "آه، اديني ثانية" طلع القايمة من شنطته وبدأ يدور على الاسم.
      
      "أه أهو. أيوة فيه واحد اسمه ثيو في الرحلة دي" بصلي. آآآآه. ليييييه. حطيت راسي بين إيديا.
      
      "ليا مين ثيو ده؟" تايلر بصلي باستغراب. "إحنا كنا أصحاب كويسين أوي في الإعدادي وأنا كنت معجبة بيه بس هو اضطر ينقل مدرسة تانية ومن ساعتها مشوفناش بعض تاني، ولما حصل وشوفنا بعض، اللي هو كان مرة أو مرتين في أربع سنين، كان الموضوع محرج أوي" اتكلمت بسرعة.
      
      "يعني إحنا هنعيش توتر محرج كتير في الرحلة دي؟" جاستن ضحك. "ده ميضحكش. أنا جيت هنا عشان أتبسط مش عشان أقلق بخصوص ولد" قلبت عيني بس ابتسمت عشان هو فعلًا موقف يضحك شوية. "أنا شايف ابتسامتك" تايلر ابتسم بخبث. "أنا أكيد مش ببتسم" بصيت بعيد وأنا ببتسم أكتر. "أكيد" تايلر قلب عينيه.
      
      "ممكن ننام بقى؟ أنا تعبان" بول قال وهو مش مهتم بكل الموقف ده. قلبت عيني وسندت راسي على كتف تايلر وهو حط دراعه حواليا.
      
      "ممكن تحاول متنامش على صدري مباشرة؟" بصيت لجاستن اللي كان لسه بيظبط نومته عليا. هو بصلي وأنا عرفت فوراً هو هيقول إيه. "أنهي صدر" ابتسم بخبث.
      
      الهزار ده عمره ما بيبوظ بالنسبة للولاد. بيعملوا كده كل ما تجيلهم الفرصة. الموضوع إن أنا أصلاً صدري مش صغير، أنا ممكن أقول إنه متوسط، مش صغير أوي ومش كبير أوي.
      
      "ليا يا إلهي، بطلي تفكير زيادة. إنتي صدرك مش صغير" جاستن قلب عينيه وضحك. "أنا مكنتش بفكر في كده" بصيت بعيد لأني اتقفشت. "أمم" غمض عينيه وهو بينهي الكلام.
      
      غمضت عيني أنا كمان ونمت بسرعة.
      
      ~
      
      "اخرسوا بقى، هي لسه نايمة!" صحيت على صوت تايلر وهو بيزعق بهمس. "فيه إيه؟" بصيت حواليا. "برافو عليكم" تايلر قلب عينيه وهو بيبص لجاستن وبول قبل ما يبصلي ويبتسم.
      
      لمحت بطرف عيني فلاش ولفيت راسي ناحية جاستن اللي كان لسه واخد صورة ليا ولتايلر. "بجد يا جاستن؟" قلبت عيني.
      
      هو بيعمل كده كل مرة أنا وتايلر نبان فيها كأننا مرتبطين أو حاجة. هو حتى عنده مجلد صور على تليفونه فيه كل الصور اللي خدها لينا. الراجل ده غريب.
      
      ~
      
      لبقية السكة كلنا لعبنا ألعاب، وسمعنا مزيكا، أو اتكلمنا. محدش فينا كان مركز مع اللي بره أوي لحد ما قربنا نوصل للمكان.
      
      "يا جماعة أعتقد أنا عرفت إحنا رايحين أنهي مكان" بول بص من الشباك. عملنا زيه وشوفنا شجر. إحنا كنا حرفيًا في وسط غابة.
      
      "مُخيم؟" خمنت. "أوه أرجوكم بلاش مخيم" جاستن قال.
      
      الأتوبيس وقف بس كل اللي شايفينه شجر. الموضوع محير أوي.
      
      خدنا حاجتنا ونزلنا من الأتوبيس. بعدين جبنا بقية شنطنا ووقفنا جنب الناس التانية اللي من الأتوبيس بتاعنا. أنا بتساءل هو الأتوبيس التاني فين.
      
      "انتباه لو سمحتم!" واحد من المشرفين زعق. "إحنا لازم نمشي حوالي ١٠ دقايق عشان نوصل للمكان فياريت امشوا ورايا" قال وبدأ يمشي في الأول.
      
      أنا مشيت ورا الباقيين بس كنت بكافح عشان ألاحقهم بسبب شنطتي التقيلة. "ليا؟" بول دور عليا لما خد باله إني مبقتش جنبهم. لف وشه وابتسم.
      
      "كان ممكن تقولي حاجة" قرب مني وساعدني في شنطتي. "شكراً" ضحكت.
      
      ~
      
      إحنا وصلنا من ساعتين للمخيم، أيوة هو طلع مخيم فعلاً. إحنا دلوقتي قاعدين بنتغدى بعد ما كلنا عملنا التجهيزات للأسابيع الجاية.
      
      أنا لسه بتساءل برضه هو الأتوبيس التاني فين. "إنتوا عارفين الأتوبيس التاني فين؟" بصيت لتايلر وجاستن وبول. "أنا سمعت إنهم اتزنقوا في زحمة" بول قال من غير ما يشيل عينه من على طبقه. "أوه ماشي، شكراً" رديت.
      
      بعد ساعة، إحنا لسه قاعدين بره على الترابيزات وبنتكلم عشان الجو حلو أوي ودلوقتي معندناش حاجة نعملها.
      
      أنا مش مشاركة في أي حوار دلوقتي فكنت بس بسمع للحوارات التانية لحد ما جاستن كلمني.
      
      "ليا أنا سمعت إن الأتوبيس التاني وصل" بصلي وهو بيبتسم بخبث. كشرت حواجبي باستغراب. بول وتايلر بصولي هما كمان ورفعوا حاجبهم. "إيه؟" بصتلهم باستغراب.
      
      خدت ثانية قبل ما أفهم بس لما فهمت، عينيا وسعت. الأتوبيس التاني وصل وده معناه إن ثيو هيدخل في أي ثانية. أنا أكيد مش مستعدة أشوفه. مش دلوقتي، مش النهاردة.
      
      الولاد قعدوا يضحكوا بس أنا بصيتلهم بصة خليتهم يسكتوا. "ليا متقلقيش. إنتي لابسة سويت شيرت واسع ولو لبستي الكابيشو بتاعه كمان، هتبقي في أمان." تايلر طمني وحط دراعه حوالين كتافي. ابتسمتله بامتنان وحطيت راسي على كتفه.
      
      "لو فضلتوا تعملوا كده، أنا هيبقى عندي صور ليكم أكتر من صوري في المعرض عندي" جاستن قال وخد صورة تانية.
      
      "أنا اتخنقت" قلبت عيني وحطيت راسي بين إيديا.
      
      بقية اليوم قضيناه في المنطقة اللي حوالين المخيم ودخلنا ننام بدري بعد السمر حوالين النار.
      
      

      Pages