غير مرغوب بي | رواية حزينة
غير مرغوب بي
بقلم,
اجتماعية
مجانا
بنت اسمها "أميليست" عايشة في جحيم حرفيًا مع عيلتها. أبوها وإخواتها بيعاملوها كأنها خدّامة وبيضربوها ويهينوها كل يوم. حتى في المدرسة بتتعرض لأسوأ أنواع التنمر ومحدش واقف جنبها. بس أميليست مش لوحدها، هي عندها اضطراب هوية انفصالي. جواها شخصيتين تانيين "سافاير" و"بيرل" بيحاولوا يحموها ويكملوا معاها.
أميليست
بنت ضعيفة ومضطهدة من أهلها ومن زمايلها في المدرسة، بتنام في البدروم وبتتعرض لعنف جسدي ونفسي مستمر.سافاير
شخصية تانية جوه أميليست. هي الجريئة والقوية، وبتحب الأكل جدًا. هي اللي بتظهر عشان تاكل لما أميليست تجوع أوي.ليلي
زميلة أميليست في المدرسة، بتتنمر عليها وبتلبسها مصايب (زي مشكلة الاحتجاز) وبتناديها "المسترجلة".
          أميليست. تأوهت وأنا أسمع والدي ينادي علي. بصيت في ساعتي وأدركت إني نمت أربع ساعات بس. تنهدت، بعد كل المذاكرة اللي لازم أعملها دي، مكنش عندي وقت كتير للنوم. "أميليست!" وقفت ورحت لأبويا بسرعة. قلبي كان بيدق جامد وكنت حاسة إن كفوفي بتعرق. يا خراب، أرجوك ما تضربنيش دلوقتي. أعتقد إن لسه بدري أوي على كده. كشرت، يمكن يكون بدري. بس غالبًا لأ. زي ما أنا عارفة أبويا، هو بيحب يضربني كل ما تجيله فرصة. قربت من أبويا وراسي في الأرض. على حسب كلامه، مكنش ينفع أبص في عينيه عشان إحنا مش متساويين. حاجة غبية أوي لو سألتني. ضربني بالقلم على وشي. مقولتش حاجة وهو مكمل ضرب فيا. أول ما تعب، إداني بوكس في بطني وشلوط في فخادي. "أيتها العاهرة الصغيرة الغبية". مسكني من شعري. "أمك مبقتش راضية تنام معايا وده بسببك، يا عاهرة!" ضربني بالقلم جامد، وقعني على الأرض. كحيت دم وأتألمت. عمل صوت زَأرة كده وسابني ومشي. اتنهدت وأنا بقوم أقف. "نضفي البيت، يا كلبة!" سمعت أبويا بيزعق. أخويا، هانز، دخل و "بالغلط" خبط في الفازة، ووقّعها. "أوه، آسف. مخدتش بالي." ابتسم بخبث وهو بيبصلي. اتجاهلته ورحت جبت المقشة. كشر وزقني. "بصيلي وأنا بكلمك، يا كلبة." وضربني بالقلم. أخدت نفس عميق قبل ما أبصله. راح ضربني بالقلم تاني. إيه القرف ده، ماله الكلب ده؟ ضحك، "بهزر طبعًا، يا غبية. واحدة خدّامة زيك متبصش لأمير زيي." إداني شلوط في بطني قبل ما يسيب الأوضة. أمير؟ طبعًا. إحنا عايشين في البيت الصغير ده ومحدش من جيراننا حتى بيعبرنا. إزاي يقول على نفسه أمير وهو حتى مبيعرفش يتهجى عدل؟ البنات أصلًا مش طايقينه. أنا حتى شفته بيحاول يظبّط واحدة بس اترفض. يا بجاحة أمه الكلب ده. اهدي وإلا ممكن تعملي تبديل. اتجاهلت صوت سافاير وبدأت أنضف. أول ما خلصت تنضيف، بصيت على شغلي واتنهدت. كل حاجة مترتبة ونضيفة، كويس. "إزيك يا عاهرة." بصيت لأختي. "هيجيلنا ضيوف هنا وأحسنلك متورينيش وشك المقرف ده." مسكت كبشة من شعري. "يا حتة الزبالة القبيحة." سابتني وأنا جريت بسرعة على أوضتي.. أو البدروم. أنا بنام في البدروم عشان أبويا قال إن الخدّامين ملهومش أوض عدلة. فأنا أهوه، قاعدة على مرتبتي الصغيرة من غير مخدات. اتعودت أنام كده. برد وساعات بصحى بالليل أتأكد لو الفيران بتحاول تاكلني. ساعات بستخدم كتبي كمخدات. عشان على الأقل أحس إني نايمة زي ما العيال العادية بتنام. حياتي طول عمرها كده. من ساعة ما اتولدت، اتسميت 'الطفلة غير المرغوب فيها'. كان المفروض اسمي يبقى عاهرة ودي كانت فكرة أمي. الدكاترة معجبهمش الاسم وغيروه لأميليست. لما أفكر فيها، هما نفس الدكاترة اللي منعوا أمي من إنها تعمل إجهاض. كان نفسي يسيبوها عشان مكنتش أتعذب دلوقتي. بطني قرقرت وأنا اتأوهت. مأكلتش أي حاجة من امبارح. لو طلعت فوق ودخلت المطبخ، عيلتي ممكن تشوفني. هيتعصبوا وهيضربوني علقة موت تاني. غمضت عينيا وحسيت بنفسي عايمة. كأن عقلي بيبعد. سافاير. فتحت عينيا ودلكت صدغي. عظيم، دلوقتي بقى عندي صداع. على قد ما بحب أكون في عالمنا الداخلي، بس مقدرش أسيب أميليست تموت من الجوع. لو عملت كده أنا كمان هموت. في الآخر، أنا عايشة جوه دماغها. وقفت وطلعت فوق. لما فتحت الباب، بصيت بصة سريعة وشوفت عيلة أميليست مع شوية ناس تانيين. قررت أطلع وخلاص. لحسن الحظ، وصلت المطبخ من غير ما حد يلمحني. دلوقتي، وقت الأكل. خدت المكرونة الإسباجيتي اللي في التلاجة بسرعة وبدأت أكلها تحت الترابيزة. أكيد شكلي زي المتوحشين دلوقتي بس ده مش مهم. المهم إني هموت من الجوع. أول ما خلصت أكل، نضفت الطبق وحطيته في الدولاب. دلوقتي، هرجع إزاي؟ هما كلهم مش مركزين خالص وده كويس. جريت بسرعة على البدروم. الحمد لله على كده. اتنهدت ورقدت على المرتبة. ده اللي لازم أعمله عشان أميليست. كوني شخصيتها التانية، لازم أهتم باحتياجاتها ولازم أتأكد إنها في أمان. معرفش أنا جيت هنا إزاي ومش فاكرة إمتى. كل اللي فكراه إني صحيت جوه الجسم ده. في الأول، كان صعب. أميليست افتكرت إنها اتجننت عشان بتسمع أصوات ناس جوه دماغها. ولما جت بيرل، شخصيتها التانية، قررت تروح للدكتور. طبعًا، أميليست كان لازم تعمل ده بالليل. ولما الدكتور قالها إن عندها اضطراب الهوية الانفصالي، كانت عايزة تموت. أنا وبيرل أقنعناها تبطل تحاول تقتل نفسها. بالنسبة لحياتي أنا، مش فاكرة كتير. حتى معرفش شكلي إيه بس كل ما أكون في العالم الداخلي مع الباقيين، بيقولوا إن عندي أنياب وده غريب. إنتي بتفكري كتير أوي. عارفة، ده مضايقك؟ لأ. بس إنتي بتفكري في الماضي كتير أوي. آسفة. فين بيرل؟ هي معايا. روحي نامي وبعدين نبقى نتكلم. قررت أسمع كلام أميليست. غمضت عينيا وريحت جسمي. دايمًا كان عندي صعوبة في النوم عشان كده بتأكد إني أريح جسمي. بالطريقة دي، أقدر أخيرًا أستسلم للنوم. وبدأت أستسلم. أميليست. يوم دراسي تاني معناه يوم تاني من التنمر. كان لازم أمشي عشرين دقيقة عشان أروح المدرسة. أبويا عنده عربية بس بيقول إن العبيد ميستاهلوش يركبوا عربيات. مع إنه دايمًا بيوصل إخواتي لمدرستهم. إخواتي بيروحوا مدرسة خاصة عشان أمي قالت إنهم يستاهلوا التعليم. أنا بروح مدرسة حكومية. مدرستي مش أحسن حاجة بس هي أوحش حاجة. المدرسين مش بيعترفوا بالتنمر والحمامات قذرة. كل حاجة في المدرسة دي زي الزفت. اتنهدت وأنا مكملة رحلتي للجحيم. يا ترى إيه إحساس إن حد يوصلني للمدرسة. أو إيه إحساس إن يكون عندي أصحاب. إيه، إحنا أصحابك، صح؟ ضحكت ضحكة خفيفة. أنا محتاجة أصحاب مش جوه دماغي، يا بيرل. أنا عارفة. الأصحاب زفت. أنا متأكدة إنهم مش كده، يا سافاير. أنا تمام إني معنديش أي أصحاب. طالما معايا أحجاري الكريمة. ضحكت. إحنا بنسمي نفسنا أحجار كريمة. في الآخر، أسامينا جت من أحجار كريمة. في الأول افتكرت إنها صدفة لما سافاير وبيرل قالولي أساميهم. صدفة كبيرة أوي بصراحة. بس دلوقتي، بدأت أفكر إنه قدر. بعد ما مشيت للي حسيت إنه دهر، وصلت المدرسة. اتنهدت ومشيت ناحية المدخل. هيبقى حلو لو مخبطتش في ليلي واللي معاها. كفاية أوي إنهم فاكرين إني بحبها. أنا بس بالغلط مسكت صدرها. بصراحة، أعتقد هي اتعصبت بس لما قولتلها إن صدرها صغير. يعني وشها احمر وضربتني بالقلم فأعتقد هو ده السبب. من ساعة حادثة الصدر دي، هي قالت لكل الناس إني معجبة بيها. كملت مشي في الطرقات وراسي في الأرض. بس طبعًا، الدنيا بتكرهني. قبل ما أوصل لخزنتي، حسيت بقبضة جامدة بتخبط في وشي. وقعت على الأرض. "أهي البنت المسترجلة!" يا نهار أسود، دي ليلي. ممكن تحاولي على الأقل تمثلي إنك خايفة أكتر؟ ده مش هيفيد، يا سافاير. اتجاهلت الأصوات اللي في دماغي وأنا بقوم أقف. إزاي بنت صغيرة كده تدي بوكس جامد كده؟ ابتسمت ابتسامة خبيثة وشاطتني في رجلي، وقعتني على قفاي. ابتسمت بخبث، "اتسطبي في الاحتجاز." احتجاز؟ من إمتى وأنا باخد احتجاز؟ لما لاحظت تعبيرات الارتباك على وشي، ابتسامتها الخبيثة وسعت أكتر. قعدت على الأرض وصرخت، "أميليست، إزاي تعملي كده!" صريخها وراه زعيق اللي معاها. المتفرجين وقفوا يتفرجوا، وشوية منهم انضموا للزعيق. "إيه اللي بيحصل هنا؟!" بصيت للأستاذة جنسن. حواجبها كشرت وهي بتبص على المنظر. ليلي طلعت عيطة مزيفة، "أميليست زقتني وبدأت تزعقلي!" كشرت، "هي كدابة! بصيلي، أنا اللي عندي كدمات!" دي كانت الحقيقة. ليلي مكنش عندها حتى خدش واحد وأنا عندي كدمات. واحدة من اللي مع ليلي برقتلي، "إنتي طول عمرك عندك كدمات، ده ميتحسبش!" "آه! كاحلي! أ-أعتقد أميليست كسرته." ليلي قالت كده، وعينيها بتغمض بشكل درامي. الأستاذة جنسن بصتلي بغضب في عينيها. مقولتش حاجة عشان كان واضح خلاص مين اللي كسب. اتنهدت وقومت وراسي في الأرض. لو بصيت لـ ليلي، مش هشوف غير ابتسامتها الخبيثة وعينيها المنتصرة. وشها كان هيتريق عليا عشان كده فضلت ساكتة. وشي كان عليه نظرة جامدة وأنا بواجه الأستاذة جنسن. وهي بتقلّب عينيها، قالت، "معنديش وقت للهبل ده. إنتي-" شاورت عليا، "احتجاز. دلوقتي كله على فصله!" ومع الكلمتين دول، مشيت وهي بتمتم، "عار مقرف." ليلي شاطتني في بطني، "سلام، يا مسترجلة." مشيت وهي بتضحك، هي واللي معاها. المتفرجين مشيوا، وسابوني على الأرض. مع تنهيدة، وقفت وبدأت أمشي لفصلي. ~ قعدت في الفصل الفاضي. كان فيه مدرس بره فحتى لو كنت عايزة أهرب من الاحتجاز، مقدرش. بس أدركت إن وجودي هنا أحسن من رجوعي البيت. لو كنت أقدر أصلًا أسميه بيتي الحقيقي. أنا مش بالضرورة شايفة إن البيت لازم يكون مكان. ساعات، بيكون شخص. أو حاجة، أي حاجة أو أي حد غالي على قلبك. ده نوع البيت بتاعي. بيتي هو المكان اللي فيه الأكل. قلبت عينيا. طبعًا، هو كده. لأ دي إهانة شوية. ضحكت وكنت لسه هرد على سافاير لما المدرس دخل. "هتمشي بدري." زمجر وهو بيبصلي بقرف. مقولتش حاجة وأنا باخد شنطتي وبخرج. اتنهدت، "مشوار طويل تاني." وأنا ببدأ مشي رجوعي للجحيم، مقدرتش أمنع إحساس إن فيه حد بيراقبني. جسمي كله قشعر بس اخترت أتجاهل الإحساس. أيا كان مين، هو غالبًا راجل سكران. بس وأنا مكملة مشي، برضه مقدرتش أتخلص من الإحساس ده. اتجاهلته مرة تانية. "سكرانين ولاد كلب." تمتمت، ومخلية عينيا قدامي. مفيش داعي أخاف من حاجة مش موجودة. مش جريمة إنك تبقي موسوسة. خلاص، امسكي إنتي طيب. لأ شكرًا. مش المفروض إنكم تحموني من أي نوع من الخطر؟ على حد علمي، أنا هنا بس عشان الأكل. أنا مش عارفة دوري بالظبط. أنا آسفة. حامية؟ راعية؟ أي حاجة؟ مضطهدة؟ لأ. أكيد مش ده. أي حاجة إلا ده. إحنا بجد معندناش فكرة. أتأوهت. عظيم، افتكرت إن الناس اللي عندها اضطراب هوية انفصالي عندهم شخصيات تانية بأدوار محددة أوي. أعتقد الموضوع مختلف من شخص للتاني. يبقى أنا كده لازقة مع شخصيتين عشوائيتين. واحدة بأنياب ضخمة وده مش طبيعي وواحدة عينيها ساعات بتبقى دهبي وده برضه مش طبيعي. دلوقتي وأنا بفكر في الموضوع.. عمركم فكرتوا في نفسكم كشخصيات تانية مش بشرية؟ لأ. أنا مش عايزة أصنف نفسي بصراحة. أنا مجرد بنت دماغها رايقة. ليه هنبقى شخصيات تانية مش بشرية؟ أنتوا مش طبيعيين. دي قلة أدب. عفوًا، إحنا بني آدمين طبيعيين تمامًا. في الواقع، أعتقد أنا حابة أكون تنين. افتكرتك مش بتصنفي نفسك؟ إيه. غيرت رأيي. قلبت عينيا على سافاير. كنت عايزة أجادل معاهم أكتر بس لما شفت أبويا قدام بيتنا، بيبصلي بقرف، اتجمدت في مكاني. بدأ يقرب مني وأنا واقفة متثبتة في الأرض. أرجوك، مش دلوقتي. أرجوك لأ. كنت عارفة إن توسلاتي مفيش منها فايدة لما ابتسملي. لما كنت طفلة، كنت بصدق إن الابتسامات لحاجة كويسة. المفروض الابتسامات تظهر الفرحة وتنشر اللطف. بس ابتسامة أبويا كانت بتوضح العكس. ابتسامته.. كان فيها إحساس مشؤوم. كانت بتخلي مشاعر مش مريحة تطلع في بطني بتخليني قرفانة. "ادخلي جوه، يا بنتي."
                
تعليقات
إرسال تعليق