شبح دار الرعاية - روايه رعب

شبح دار الرعاية

بقلم,

رعب

مجانا

بنت عندها 16 سنة في دار رعاية، وعندها سر محدش يعرفه: هي بتشوف الأشباح. هي دايمًا مطنشاهم عشان خايفة الناس تقول عليها مجنونة، بس المرة دي الوضع مختلف. أختها في الدار "سالي" اختفت، والكل فاكرها هربت، لكن ماتي شافتها شبح مقتول. ماتي بتحاول تعرف مين اللي قتلها، بمساعدة ظابط شاب، بس المشكلة إن القاتل خد باله منها. دلوقتي هي في سباق مع الزمن عشان تكشف الحقيقة قبل ما تبقى هي الضحية الجاية.

سالي

أخت ماتي في دار الرعاية. بتختفي في ظروف غامضة، وبتظهر لماتي كشبح مقتول (عليها شريط لاصق وفيه خرم رصاصة في راسها)، وده اللي بيبدأ القصة.

جيك

حبيب ماتي الجديد. واد "مز" وكابتن فريق الكورة، لكنه مش مغرور زي الباقي لأن أهله "على قد حالهم"، وبيشتغل عشان يساعدهم. هو الوحيد اللي بيبتدي يكسر حواجز ماتي.

تومي

حبيب ميج. واد "غلس" وعينيه زايغة، وكان بيحاول يوقع ماتي.
شبح دار الرعاية - روايه رعب
صورة الكاتب

روج بلون الكرز: تمام.
مكياج عيون سموكي: تمام.
بنطلون جينز ضيق: تمام.
طفلة ميتة في المراية: تمام.

بالنسبة لماتي هاثاواي اللي عندها ستة عشر سنة، ده روتينها اليومي العادي. هي بتقدر تشوف الأشباح من ساعة ما مامتها حاولت تقتلها وهي عندها خمس سنين. ومستحيل تكون عايزة حد يعرف إنها بتقدر تكلم العفاريت. كونها طفلة في أسرة بديلة صعب كفاية من غير ما يتقال عليها غريبة أطوار كمان.
في العادي، هي بتتجاهل الأشباح وهما بيمشوا. لكن المرة دي فيه مشكلة صغيرة. الشبح اللي هي شايفاه هو أختها في الأسرة البديلة، سالي. الكل فاكر إنها مجرد واحدة تانية هربت. لكن ماتي عارفة الحقيقة... هي ميتة، مقتولة. الأطفال اللي في الأسر البديلة بيخلوا بالهم من بعض وماتي حاسة إنها لازم تساعد سالي، بس هي مش هتقدر تعمل ده لوحدها. ورغم عدم اقتناعها، هي بتتعاون مع ضابط شرطة شاب وسوا بيبدأوا يكتشفوا حقيقة اختفاء سالي.
دلوقتي القاتل حط عينه عليها. الموضوع اتحول لسباق عشان تشوف هتقدر تلاقي الحقيقة قبل ما القاتل السفاح يلاقيها ولا لأ.



الجزء الأول: أسرار

روج بلون الكرز محطوط على شفايف ممتلئة ومبوزة بامتياز، تمام. مكياج عيون سموكي، تمام. اللون العسلي بيضيع تأثير السموكي شوية، بس لسه شكلهم حلو أوي. خصلات شعر سودة نازلة على سترة صوف بيضا بأسلوب مغري، تمام. طفلة عندها خرم في دماغها، تمام. بنطلون جينز ضيق... خرم في دماغها؟!!

لفيت راسي بسرعة وبحّلقت للطفلة. مستحيل يكون عندها أكتر من تمن أو تسع سنين. شعرها الأشقر ملموم لورا ديل حصان. فستانها الصيفي يجنن، مليان ورد أقحوان صغير ومعاه شبشب أزرق ماشي معاه. هي زي القمر لو قدرت تتجاهل بشرتها الباهتة والخرم، اللي شبه خرم الرصاصة. مش وكأني شفت واحد عن قرب في الستاشر سنة بتوعي، بس أنا بتفرج على مسلسلات تحقيقات الجرايم. والبطل بتاع المسلسل جامد رغم إنه راجل كبير.

"ماتي، خلصتي جوه ولا لسه؟"

بقلب عينيا بسبب الزن اللي في صوت سالي. هي غيرانة أوي عشان متعزمتش على حفلة ميجان جونسون. مش عشان هي كانت هتروح يعني، بس مش دي الفكرة. المهم هي العزومة نفسها.

"ممكن تساعديني؟"

دي الطفلة. عينيا رجعت لها تاني. لأ. أنا هتجاهلها وهي هتمشي، زي كل مرة. أيوة، دي القاعدة بتاعتي من وأنا عندي خمس سنين. كفاية إني بشوف الأشباح، مش عايزة كمان أخليهم يعرفوا.

"ماااااتيييي!!!!"

"خلاص! حاضر!" صرخت. يا ربي، مش قادرة تصبر خمس دقايق كمان؟

"أرجوكي."

"آآآي!" الطفلة الميتة لمستني وده وجعني. حسيت كأن سكينة قطعتني واتنفضت. عمرها ما بتبقى حاجة لطيفة لو لمسوك. أنا مش بحس بوجعي، أنا بحس بوجعها هي، أغلبه وجع وارتباك. وبسمع... حاجات. "مامي، مامي، فين الدبدوب؟" الطفلة مش عارفة إنها ماتت؟

"ماتي، إنتي شفتي صرصار ولا حاجة؟"

قادرة أسمع القلق في صوت سالي. هي عندها فوبيا من الصراصير. الخرابة اللي كانت عايشة فيها هي ومامتها كانت مليانة صراصير. هي قالت لي مرة إنها صحت ولقت واحد في بقها. قرف أوي.

"أرجوكي، أرجوكي، ممكن تساعديني؟"

ما تبصلهاش يا ماتي. ما تقوليش ولا كلمة. هي عايزة تلمسني تاني، بس أنا اتسحبت لورا وجريت على الباب. أنا حاسة بيها ورايا. هي مرتبكة عشان مش بكلمها. مش مشكلة. بعدين فتحت الباب. "الحمام كله ليكي يا سالي."

"هو فيه صرصار جوه؟" سألت وهي بتبص للأوضة بخوف.

"لأ ده مجرد فار،" قلت وأنا بتزحلق في الطرقة، وقفت عشان آخد الجاكيت بتاعي. دي كانت نذالة مني، حتى بمعاييري. سالي بتخاف من الفيران برضه، بس لو الشبح فضل قاعد جوه... مقدرش أغامر. سالي مش شيفاها، بس مين عارف الطفلة الميتة دي ممكن تعمل إيه؟

دي حياتي المتلخبطة باختصار. أيوة، ماتي لويز هاثاواي — البنت اللي في رعاية وبتقدر تشوف الميتين. مش حاجة هتكلم عنها في أي حوار عادي، طبعاً. مستحيل أسيبهم يحطوني في مستشفى المجانين. محدش – وأنا أعني محدش – يعرف سري. وده بالظبط اللي ناوية أحافظ عليه – سر، سري جداً.

أنا بره، ومفيش أي أشباح. ممتاز.

لما اللي هيوصلني وصل بعد كام دقيقة، كنت كلي ابتسامات. أوه، أيوة. جيك أوينز ده واد مز أوي – أحلى واد سيلت عليه في حياتي. كل بنت في المدرسة بتسيح حواليه. مين يقدر يلومهم؟ هو كابتن فريق الكورة الطويل العريض اللي عينيه زرقا زي السما، وابتسامته تسيّح حتى مس وين، مدرسة الإنجليزي المتكبرة اللي لسه عايشة في السبعينات. وهو بتاعي أنا لوحدي.

"ماتي، شكلك يجنن النهاردة،" قال بصوته العميق اللي بيدفيني كله.

غمزتله وقعدت في العربية. الجو تلج بره وأنا متجمدة، بس مش هبين إني بردانة. البنت دي ملبستش عشان تدفى، لبست عشان تغري. ليه إحنا البنات بنعذب نفسنا عشان نبان حلوين، مش متأكدة إن حد فينا يقدر يجاوب. الولاد مش بيتعبوا نص التعب اللي بنتعبوا عشان يبهروا. كل اللي بيعملوه إنهم يرموا أي حاجة على نفسهم وبيبقى شكلهم حلو. ده ظلم أوي.

حفلة ميج في مصنع مهجور – مش في بيتها، زي آخر مرة، لما البوليس جه وأهلها عاقبوها لمدة شهر. اضطرت تعمل خدمة مجتمعية كمان، ودي حاجة أكيد كانت مقرفة. قالوا إن ده هيبني شخصيتها ويعلمها المسؤولية. أه. أياً كان. لما اليوم ده يجيلي، هيطلع لي جناحات وأطير.

كل اللي يهم ميجان هو إنها تصرف فلوس باباها وتخلي حبيبها، تومي جيمس، مبسوط. ميجان هي أشهر بنت في مدرستنا بلا منازع – رئيسة المشجعات، بشعر وبشرة مثاليين. أنا بس أتمنى أبقى نص حلاوتها. المهم، نرجع لتومي. عينيه زايغة وبتروح في أماكن المفروض ما تروحش فيها. ميجان تستاهل أحسن منه بكتير، بس هي مدلوقة عليه. غباء، بس مش شغلي.




الحفلة كانت شغالة على ودنها لما وصلنا. كل الناس كانت رايحة جاية، بتضحك، وبتتكلم وبتشرب. جيك حط دراعه حوالين كتفي وأنا قربت منه أوي. الجو تلج! ليه ميج قررت تعمل حفلة بره في عز الشتا ده، أنا مش فاهمة. رحنا جري على النار الكبيرة اللي مولعينها ورا. جيك جاب لنفسه بيرة، بس أنا رفضت.

أنا أبداً، أبداً مش بشرب في الحفلات. الحاجة الوحيدة اللي ممكن أشربها هي مية أكون مالياها بنفسي من الحنفية. أنا مش غبية كفاية عشان أحط نفسي في موقف حد يحط لي مخدر ويغتصبني. جيك واد محترم، بس أنا أعرفه من أسبوعين بس، ومعرفش بيبقى عامل إزاي لما بيسكر. أنا واحدة ناصحة. عمري ما باخد مجازفات زي دي.

"ماتي!" ميج شاورت لي بإزازة البيرة بتاعتها. هي خلاص ابتدت تسكر؛ عينيها مزغللة شوية. شايفين؟ مش ناصحة. دي تبقى كابوس في مسلسل تحقيقات. متفهمونيش غلط. أنا بجد، بجد بحب ميج. هي من أول الناس اللي تقبلوني لما جيت هنا الشهر اللي فات. البنت دي عندها دولاب مليان هدوم ممكن أبيع عضو من أعضائي عشانها، بس اختياراتها الشخصية مش دايمًا أحسن حاجة. هي حبيبة البلد، البنت الدهب اللي الكل متوقع منها تعمل حاجات عظيمة. أعتقد هي فاكرة إن مفيش حاجة وحشة ممكن تحصل لها أبداً.

"أهلاً." ابتسمت وهزيت راسي لما تومي عرض عليا بيرة.

"إيه يا ماتي، خدي لك حاجة، فكي شوية،" تومي اتحايل. عينيه كانت على صدري. واد غلس صحيح. ميج مخدتش بالها وأنا كنت متشكرة. أنا بكره إنها تتضايق مني بسبب حبيبها الأهبل ده.

"سيبها في حالها يا تومي،" جيك بصله بغضب. هو خد باله تومي كان باصص فين. "أنت عارف إن ماتي مش بتشرب."

"اهدأ يا عم. أنا بس بحاول..."

قلبت عينيا على نفخة الرجولة اللي ابتدت تظهر. نغير الموضوع. "ميج، هي مش آفا اللي هناك دي لابسة حاجات مضروبة؟"

"عارفة! مش مصدقة إنها فكرت إنها ممكن تضحك علينا وتقول إن الجزمة دي ماركة. يعني، بجد." ميج هزت راسها. "والشنطة... يا لهوي! مفيش حاجة بتضايقها أكتر من التقليد. هي مهووسة موضة بأسوأ معنى للكلمة. هي ناوية تروح مدرسة تصميم في نيويورك بعد التخرج.

"وحتى خياطة الشنطة كلها غلط." أنا مش خبيرة موضة، بس سمعت إن الخياطة ممكن تثبت إذا كانت الحاجة أصلية ولا لأ.

"دي بشعة!" ميج ضحكت. "مش مصدقة إنها فاكرة إن حد هيصدق الهبل ده."

"يمكن أهلها مش أغنيا ودي كل اللي تقدر تجيبه؟" جيك سأل، وصوته كله سخرية. أهل جيك تقريبا فقرا. أبوه دايمًا عاطل عن العمل ومامته شغالة في فندق محلي. جيك هيشتغل شغلانة مؤقتة الصيف ده عشان يدفع الفواتير. ده واحد من الأسباب اللي خلتني أحبه من الأول. هو مش زي ولاد الثانوي العاديين. هو فاهم إن الحياة صعبة، وإنك لازم تعمل اللي عليك.

لازم أعترف إن تعليق ميج كان لئيم شوية. مش كل الناس باباها العمدة ويقدر يلبسهم ماركات غالية. بصوا لي أنا. أنا بلبس هدوم من محلات رخيصة. أنا مش بدعي إني حاجة تانية غير اللي أنا عليه. يمكن عشان كده أنا وميج بنتفق أوي.

ميج اتنهدت. "ده كان تعليق زي الدبش، صح؟" هي واحدة من ألطف الناس اللي عرفتهم، بس لما بتسكر، البنت ممكن تبقى لئيمة شوية.

"حبة صغيرين،" قلت لها، "بس أنا اللي ابتديت." أنا كنت بحاول أوقف خناقة محتملة بين تومي وجيك، بس انتهى بيا الأمر إني بقلل من حد تاني. حسيت إني وحشة. ده إحساس جديد عليا. أنا في العادي مش بسمح لنفسي أتعلق بالناس كفاية عشان أحس بحاجة ناحيتهم، بس وجودي جنب جيك وعيلته خلاني أبدأ أعيد التفكير في عقليتي بتاعة "أنا-ونفسي-وبس". مش معنى كده إني معنديش سبب يخليني أبعد الناس عني، بس جيك ابتدى يسيحني شوية. مش عارفة أنا حابة ده ولا لأ.

"عارفة هتعملي إيه في الخطاب بتاعك يوم الجمعة يا ماتي؟" حد سأل من ورايا. لفيت. يا فرحتي. سام جينسون. أنا وهي بنتنافس على المكان الوحيد لسنة تانية في فريق المناظرات. أنا محتاجاه عشان المنحة الدراسية؛ هي عايزاه بس عشان أنا عايزاه.

من أول يوم، أنا وسام كرهنا بعض. هي شايفة نفسها وأنا لساني طويل. لو حطيتنا في حلبة ههبدها على مناخيرها اللي في السما دي في ثانيتين ونص. هي بجد فاكرة إني هقول لها أنا هعمل إيه؟ بس... بالنظر لإني واقفة مع ناس يا إما سكرانين أو عدوا المرحلة دي، هي أكيد افترضت إني أنا كمان كده.

"أكيد عارفة،" قلت لها، "بس هتضطري تستني ليوم الجمعة عشان تسمعيه." ابتسمت لها ابتسامة لطيفة واتحضنت تحت دراع جيك. سام واقعة في حب جيك. أنا اكتشفت ده من صاحبتها ميمي. الحضن ده ضايقها أكتر ومشت وهي بتدبدب. غارت. أنا بجد مش عايزة أخش في خناقة قطط النهاردة.

"إنتي عارفة إن المكان ده بتاعك،" جيك وشوشني في ودني. "أنا سمعتك وإنتي بتتمرني. متقلقيش."

"هو أنا شكلي قلقانة؟" شميت ريحة جيك الغنية. ريحته نضيفة وفيها ريحة خشب. مش عارفة إيه نوع الكولونيا اللي بيحطها، بس هي إدمان. أنا ممكن أقف هنا للأبد مستمتعة بدفا النار، ومبسوطة بدراع جيك حواليا. ده أقرب حاجة وصلتلها إني أكون، يعني، يمكن مش سعيدة أوي، بس أعتقد "راضية" هي الكلمة الصح. ده إحساس جديد تاني عليا، بس هو إحساس أنا حباه شوية.

"لأ،" جيك ابتسم لي وهو باصص لتحت، "بس شكلك يتاكل أكل."

ابتسمت وهو بيوطي راسه وباسني لحد ما صوابع رجلي اتنت. جيك بيبوس أحسن من أي ولد قابلته في حياتي. مش إني شمال يعني، أنا مش بلف مع الولاد. أنا لسه بكر، بس بستمتع بجزء البوس في المواعدة. بوسات جيك بتخليني عايزة أعيد التفكير في موضوع "مش بلف مع الولاد" ده، وده قلقني. مش إنه قال حاجة، بس لو قال، هضطر أفكر بجد، بجد أوي ومش عارفة إجابتي هتكون إيه. هي دايمًا كانت "لأ" قبل كده، بس أنا عمري ما قابلت ولد عجبني أوي كده برضه.

"شوفوا لكم أوضة،" تومي قال بتذمر، وقطع اللحظة بتاعتنا.

أنا وجيك إحنا الاتنين ضحكنا على قرفه الواضح. هو كان بيحاول يوقعني بعد ما وصلت المدرسة بأقل من ساعة في أول يوم ليا. تومي عمره ما فهم ليه أنا منطتش على الفرصة إني أخليه يوصل للي هو عايزه. ليه ميج مستحملة قرفه ده؟ تاني، مش شغلي.

النكتة اللي كانت على طرف لساني ماتت لما بنت دخلت في ضوء النار. هي كانت مدياني ضهرها، لابسة قميص نوم رمادي مبهدل، وإيديها مربوطة ورا ضهرها. شعر بني طويل ملزق ومتعقد بحاجة غامقة لزجة.

مش هنا. أرجوك يا رب، أرجوك يا رب، أرجوك يا... مش هنا.

أنا عايزة أشيل عينيا من عليها، بس مش قادرة. هي لفت وشها ليا؛ عينيها كانت تايهة ومرعوبة. كان فيه خرم رصاصة صغير في راسها، تقريبًا في نفس المكان اللي كان في الطفلة الميتة التانية اللي شفتها من شوية. بقها كان متغطي بشريط لاصق، فمش قادرة تتكلم، بس أنا مش محتاجاها تتكلم. أنا عارفاها.

دي سالي.

تعليقات